للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْبَائِنِ، وَالرَّجْعِيِّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَتَلْحَقُ الْكِنَايَاتُ الرَّوَاجِعُ بِهِ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الصَّرِيحُ مَوْصُوفًا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْبَيْنُونَةِ كَأَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ بَعْدَ أَنْتِ بَائِنٌ فَإِنَّهُ يَلْحَقُ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ لَحِقَ بَائِنًا، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا بِإِلْغَاءِ الْوَصْفِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْقُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى نَظْمِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ فِيمَنْ قَالَ لِمُخْتَلِعَتِهِ أَوْ مُبَانَتِهِ أَنْت طَالِقٌ بَائِنٌ أَوْ أَنْت طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، وَنَوَى الثَّلَاثَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ هِيَ ثَلَاثٌ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ وَاحِدَةٌ عِنْدَهُ اهـ.

وَوَجْهُ إشْكَالِهِ أَنَّهُ إذَا لَغَا الْوَصْفُ بَقِيَ قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ لَا تَصِحُّ فِيهِ نِيَّةُ الثَّلَاثِ، وَقَدْ حَكَمَ بِضَعْفِ مَا فِي الْقُنْيَةِ شَارِحُ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ الْمُصَحِّحَةِ لِنِيَّةِ الثَّلَاثِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُمْ أَلْغَوْا الْوَصْفَ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَأَلْغُوهُ لِيَقَعَ الثَّانِي وَلَمْ يُلْغُوهُ فِي نِيَّةِ الثَّلَاثِ احْتِيَاطًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَمْلِهِ عَلَى الرِّوَايَةِ الضَّعِيفَةِ كَمَا لَا يَخْفَى وَإِذَا لَحِقَ الصَّرِيحُ الْبَائِنُ كَانَ بَائِنًا لِأَنَّ الْبَيْنُونَةَ السَّابِقَةَ عَلَيْهِ تَمْنَعُ الرَّجْعَةَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْبَائِنُ يَلْحَقُ الصَّرِيحَ) كَمَا إذَا قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ أَنْت بَائِنٌ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ فَيَصِحُّ وَيَجِبُ الْمَالُ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْقُنْيَةِ رَقْمٌ لِشَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيِّ وَقَالَ طَلَّقَهَا عَلَى أَلْفٍ فَقَبِلَتْ ثُمَّ قَالَ فِي عِدَّتِهَا أَنْت بَائِنٌ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا اهـ. فَإِنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْبَائِنِ اللَّاحِقِ لِلصَّرِيحِ، وَإِنْ كَانَ بَائِنًا فَإِنَّهُمْ جَعَلُوا الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ مِنْ قَبِيلِ الصَّرِيحِ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ فَيَنْبَغِي الْوُقُوعُ وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ الشِّحْنَةِ

ــ

[منحة الخالق]

لَهَا فِي الْعِدَّةِ اعْتَدِّي يَنْوِي الطَّلَاقَ أَنَّهُ يَقَعُ إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْهُ بِمَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْقُنْيَةِ. . . إلَخْ) أَيْ يُشْكِلُ عَلَى إلْغَاءِ الْوَصْفِ أَقُولُ: وَذَكَرَ صَاحِبُ الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِهِ الْحَاوِي أَيْضًا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَعِبَارَتُهُ: قَالَ لِمُخْتَلِعَتِهِ أَوْ لِمُبَانَتِهِ أَنْت طَالِقٌ بَائِنٌ لَا يَقَعُ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ وَنَوَى الثَّلَاثَ لَا يَقَعُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هِيَ ثَلَاثٌ خِلَافًا لِزُفَرَ فَإِنَّهُ وَاحِدَةٌ عِنْدَهُ اهـ.

وَمَا عَزَاهُ لِلْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ مُوَافِقٌ لِمَا قَرَّرَهُ الْمُؤَلِّفُ عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً أَوْ لَا. . . إلَخْ مِنْ أَنَّ الْوَصْفَ مَتَى قُرِنَ بِالْعَدَدِ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْعَدَدِ وَكَذَا الْوُقُوعُ بِالْمَصْدَرِ عِنْدَ ذِكْرِهِ وَكَذَا الْوُقُوعُ بِالصِّفَةِ عِنْدَ ذِكْرِهَا كَمَا إذَا قَالَ أَنْت طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ كَانَ الْوُقُوعُ بِالْبَتَّةِ حَتَّى لَوْ قَالَ بَعْدَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا لَا يَقَعُ، وَلَوْ كَانَ الْوُقُوعُ بِاسْمِ الْفَاعِلِ لَوَقَعَ اهـ.

أَيْ لِأَنَّ الْوَصْفَ يَصِيرُ فَاصِلًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِاسْتِثْنَاءِ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا كَانَ الْوُقُوعُ بِالْوَصْفِ وَهُوَ هُنَا لَفْظُ بَائِنٍ كَانَ مِنْ الْبَائِنِ بَعْدَ الْبَائِنِ لَا مِنْ الصَّرِيحِ الْوَاقِعِ بِهِ الْبَائِنُ لَكِنْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ بَائِنٌ فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الصَّرِيحِ إلَّا أَنَّهُ يُجَابُ بِأَنَّ عَدَمَ احْتِيَاجِهِ إلَى النِّيَّةِ لِدَلَالَةِ الْحَالِ وَهِيَ ذِكْرُ الطَّلَاقِ الْمَوْصُوفِ بِلَفْظِ بَائِنٍ، وَالدَّلَالَةُ قَائِمَةٌ مَقَامَ النِّيَّةِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي تَعْرِيفِ الصَّرِيحِ لِأَنَّهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الدَّلَالَةِ الْقَائِمَةِ مَقَامَ النِّيَّةِ فَكَأَنَّهُ تَوَقَّفَ عَلَى النِّيَّةِ وَعَلَى هَذَا فَلَا حَاجَةَ إلَى دَعْوَى إلْغَاءِ الْوَصْفِيَّةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا خَالَعَهَا أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ) قَالَ فِي النَّهْرِ: قَوْلُهُ: أَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ: سَهْوٌ لِمَا مَرَّ أَنَّ هَذَا مِنْ الصَّرِيحِ لَا مِنْ الْبَائِنِ الَّذِي يَلْحَقُ الصَّرِيحَ (قَوْلُهُ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْقُنْيَةِ. . . إلَخْ) أَقُولُ: هَذَا الْفَرْعُ الْمَنْقُولُ فِي الْقُنْيَةِ وَكَذَا الْفَرْعُ الْآخَرُ الْمَنْقُولُ عَنْ الْخُلَاصَةِ مِنْ الْجِنْسِ السَّادِسِ الَّذِي اسْتَشْكَلَهُ الْمُؤَلِّفُ بَعْدُ يُفِيدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصَّرِيحِ هُنَا فِي قَوْلِهِمْ، وَالْبَائِنُ يَلْحَقُ الصَّرِيحَ هُوَ الرَّجْعِيُّ فَقَطْ بِخِلَافِ الصَّرِيحِ فِي قَوْلِهِمْ الصَّرِيحُ يَلْحَقُ الصَّرِيحَ فَإِنَّهُ الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الصَّرِيحَ، وَالْبَائِنَ وَإِذَا حُمِلَ الصَّرِيحُ هُنَا عَلَى الرَّجْعِيِّ فَقَطْ يَنْدَفِعُ الْإِشْكَالَانِ تَأَمَّلْ وَرَاجِعْ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْمُرَادُ بِالْبَائِنِ الثَّانِي مَا يَشْمَلُ الْبَائِنَ الصَّرِيحَ، وَالتَّعْلِيلُ بِصِدْقِ جَعْلِهِ خَبَرًا يَشْمَلُهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ عِبَارَةُ الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ الَّذِي هُوَ جَمْعُ كَلَامِ مُحَمَّدٍ فِي كُتُبِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ وَإِذَا طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي عِدَّتِهَا أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ خَلِيَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ أَوْ بَائِنٌ أَوْ بَتَّةٌ أَوْ شِبْهَ ذَلِكَ وَهُوَ يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا شَيْءٌ لِأَنَّهُ صَادِقٌ فِي قَوْلِهِ هِيَ عَلَيَّ حَرَامٌ وَهِيَ مِنِّي بَائِنٌ اهـ.

فَقَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً بَائِنَةً ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِالصَّرِيحِ الْبَائِنِ وَلَفْظُ طَلَّقَهَا يُفِيدُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَقُلْ وَإِذَا أَبَانَهَا وَبِقَرِينَةِ الْمُقَابَلَةِ الْمُقَابَلَةُ أَيْضًا فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَائِنَ لَا يَلْحَقُ الصَّرِيحَ الْبَائِنَ فَيَتَعَيَّنُ حَمْلَ الصَّرِيحِ هُنَا عَلَى الرَّجْعِيِّ كَمَا قُلْنَا، وَالْفَرْعَانِ الْمُشْكِلَانِ يَدُلَّانِ عَلَى ذَلِكَ وَبِمَا قُلْنَا يَنْدَفِعُ إشْكَالُهُمَا وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْلُ الزَّيْلَعِيِّ أَمَّا كَوْنُ الْبَائِنِ يَلْحَقُ الصَّرِيحَ فَظَاهِرٌ لِأَنَّ الْقَيْدَ الْحُكْمِيَّ بَاقٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِبَقَاءِ الِاسْتِمْتَاعِ اهـ.

إذْ لَا يَخْفَى أَنَّ بَقَاءَ الِاسْتِمْتَاعِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالرَّجْعِيِّ فَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالصَّرِيحِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الصَّرِيحَ الْبَائِنَ لَمْ يَصِحَّ التَّعْلِيلُ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة قُبَيْلَ الْفَصْلِ السَّادِسِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ أَوْ خَلَعَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَصِحُّ وَلَوْ طَلَّقَهَا بِمَالٍ ثُمَّ خَلَعَهَا فِي الْعِدَّةِ لَا يَصِحُّ اهـ.

وَانْظُرْ كَيْفَ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّجْعِيِّ، وَالْبَائِنِ الصَّرِيحِ حَيْثُ جَعَلَ الْخُلْعَ وَاقِعًا بَعْدَ الرَّجْعِيِّ غَيْرَ وَاقِعٍ بَعْدَ الْبَائِنِ الصَّرِيحِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>