للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِلَا خُسْرَانٍ يَلْحَقُ الزَّوْجَ فَوُجِدَ الشَّرْطُ فَأَبْرَأَتْهُ عَنْ الْمَهْرِ وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ وَأَوْقَعَتْ طَلَاقَهَا يَقَعُ الرَّجْعِيُّ وَلَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ، وَالنَّفَقَةُ كَمَا لَوْ كَانَ الْإِيجَابُ مِنْ الزَّوْجِ مَوْجُودًا قَبْلَ وُجُودِ الشَّرْطِ.

قَالَ لَهَا أَمْرُ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ بِيَدِك إنْ أَبْرَأْتنِي عَنْ مَهْرِك إنْ قَامَتْ عَنْ الْمَجْلِسِ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا، وَإِنْ أَوْقَعَتْ الطَّلَاقَ فِي الْمَجْلِسِ إنْ قَدَّمَتْ الْإِبْرَاءَ وَقَعَ، وَإِنْ لَمْ تُبَرِّئْهُ عَنْ الْمَهْرِ لَا يَقَعُ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ كَانَ بِشَرْطِ الْإِبْرَاءِ قَالَ لَهَا: إنْ لَمْ أُعْطِك دِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ فَأَمْرُك بِيَدِك فَاسْتَدَانَتْ وَأَحَالَتْ عَلَى زَوْجِهَا إنْ أَدَّى الزَّوْجُ الْمَالَ إلَى الْمُحْتَالِ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَيْسَ لَهَا إيقَاعُ الطَّلَاقِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ مَلَكَتْ الْإِيقَاعَ إنْ لَمْ تَصِلْ إلَيْك نَفَقَةُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَمْرُك بِيَدِك فَنَشَزَتْ بِأَنْ ذَهَبَتْ إلَى أَبِيهَا بِلَا إذْنِهِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهَا النَّفَقَةُ لَا يَقَعُ لِعَدَمِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا حِينَ تَمَّتْ الْمُدَّةُ إنْ لَمْ أُوصِلْ إلَيْك خَمْسَةَ دَنَانِيرَ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَأَمْرُك بِيَدِك فِي طَلَاقٍ مَتَى شِئْت فَمَضَى الْأَيَّامُ وَلَمْ يُرْسِلْ إلَيْهَا النَّفَقَةَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ أَرَادَ بِهِ الْفَوْرَ لَهَا الْإِيقَاعُ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْفَوْرَ لَا تَمْلِكُ الْإِيقَاعَ حَتَّى يَمُوتَ أَحَدُهُمَا جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِلَا جِنَايَةٍ فَطَلَبَتْ النَّفَقَةَ أَوْ الْكِسْوَةَ وَأَلَحَّتْ لَا يَكُونُ جِنَايَةً لِأَنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ يَدَ الْمُلَازَمَةِ وَلِسَانَ التَّقَاضِي، وَلَوْ شَتَمَتْهُ أَوْ مَزَّقَتْ ثِيَابَهُ أَوْ أَخَذَتْ لِحْيَتَهُ فَجِنَايَةٌ وَكَذَا لَوْ قَالَتْ لَهُ يَا حِمَارُ يَا أَبْلَهُ أَوْ لَعَنَتْهُ، وَلَوْ لَعَنَهَا فَلَعَنَتْهُ قِيلَ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِبَادِئَةٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: ١٤٨] ، وَالْعَامَّةُ عَلَى أَنَّهُ جِنَايَةٌ لِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ فِيهِ حَتَّى لَا يَكُونَ الثَّانِي جَانِيًا قَالَ لَهَا بَلِيدَةُ فَقَالَتْ لَهُ بَلِيدُ مِثْلُ ذَلِكَ فَهُوَ جِنَايَةٌ مِنْهَا إذَا صَرَّحَتْ بِهِ.

وَلَوْ شَتَمَتْ أَجْنَبِيًّا كَانَ جِنَايَةً وَكَذَا لَوْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا لِغَيْرِ مَحْرَمٍ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ، وَالْكَشْفُ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَقَالَ الْقَاضِي: لَا يَكُونُ جِنَايَةً لِأَنَّهُ لَيْسَ بِعَوْرَةٍ، وَلَوْ كَلَّمَتْ أَجْنَبِيًّا أَوْ تَكَلَّمَتْ عَامِدًا مَعَ الزَّوْجِ أَوْ شَاغَبَتْ مَعَهُ فَسَمِعَ صَوْتَهَا أَجْنَبِيٌّ فَجِنَايَةٌ وَخُرُوجُهَا مِنْ الْبَيْتِ بَعْدَ إيفَاءِ الْمُعَجَّلِ جِنَايَةٌ فِي الْأَصَحِّ وَقِيلَ جِنَايَةٌ مُطْلَقًا وَإِعْطَاؤُهَا شَيْئًا مِنْ بَيْتِهِ بِلَا إذْنِهِ حَيْثُ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْمُسَامَحَةِ بِهِ جِنَايَةٌ وَكَذَا دُعَاؤُهَا عَلَيْهِ وَكَذَا قَوْلُهَا الْكَلْبَةُ أُمُّك وَأُخْتُك بَعْدَ قَوْلِهِ جَاءَتْ أُمُّك الْكَلْبَةُ وَكَذَا قَوْلُهَا أَزْوَاجُ النِّسَاءِ رِجَالٌ وَزَوْجِي لَا، وَلَوْ دَعَاهَا إلَى أَكْلِ الْخُبْزِ الْمُجَرَّدِ فَغَضِبَتْ لَا يَكُونُ جِنَايَةً اهـ.

وَصَحَّحَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ مَا عَلَيْهِ الْعَامَّةُ مِنْ أَنَّ لَعْنَهَا بَعْدَ لَعْنِهِ جِنَايَةٌ، وَفِيهَا، وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا إنْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا عِنْدَ مَنْ يُتَّهَمُ بِهَا فَهُوَ جِنَايَةٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: لَا تَفْعَلِي كَذَا فَقَالَتْ أَفْعَلُ إنْ كَانَتْ قَالَتْ ذَلِكَ فِي فِعْلٍ هُوَ مَعْصِيَةٌ فَهُوَ جِنَايَةٌ وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَوَّضَ إلَيْهَا أَمْرَهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا ثُمَّ ادَّعَتْ عَلَى الزَّوْجِ أَنَّكَ تَزَوَّجْت عَلَيَّ فُلَانَةَ وَفُلَانَةُ حَاضِرَةٌ تَقُولُ زَوَّجْت نَفْسِي مِنْهُ وَشَهِدَ الشُّهُودُ بِالنِّكَاحِ يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا، وَلَوْ كَانَتْ فُلَانَةُ غَائِبَةً عَنْ الْمَجْلِسِ وَبَرْهَنَتْ هَذِهِ أَنَّك تَزَوَّجْت فُلَانَةَ عَلَيَّ وَصَارَ الْأَمْرُ بِيَدِي هَلْ يُسْمَعُ فِيهِ رِوَايَتَانِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِخَصْمٍ فِي إثْبَاتِ النِّكَاحِ عَلَيْهَا اهـ.

وَفِي الْفُصُولِ وَاقِعَةُ جَعْلِ أَمْرِهَا بِيَدِهَا إنْ تَزَوَّجَ عَلَيْهَا ثُمَّ وَهَبَتْ امْرَأَةٌ نَفْسَهَا مِنْهُ بِحَضْرَةِ شُهُودٍ وَقَبِلَ هُوَ فَصَارَتْ امْرَأَتَهُ وَقَالَ: عَنَيْت فِي التَّفْوِيضِ التَّلَفُّظَ بِلَفْظِ التَّزَوُّجِ هَلْ يُصَدَّقُ حَتَّى لَا يَصِيرَ الْأَمْرُ بِيَدِهَا قَالَ: مَا أَجَابَ بَعْضُ مَنْ تَصَدَّى لِلْإِفْتَاءِ بِلَا تَحْصِيلِ الدِّرَايَةِ، وَالرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَهَذَا غَلَطٌ مَحْضٌ وَخَطَأٌ صِرْفٌ وَأَجَبْت أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا لِأَنَّ نِيَّةَ الْخُصُوصِ فِي الْفِعْلِ لَا تَصِحُّ إذْ الْفِعْلُ لَا عُمُومَ لَهُ اهـ.

وَقَدْ بَحَثَ فِيهِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ فَلْيُرَاجَعْ.

وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ قَالَ لَهَا إنْ لَمْ تَصِلْ نَفَقَتِي إلَيْك عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَأَمْرُك بِيَدِك فَغَابَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ وَأَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهِ فَحَضَرَ قَالَ لَا يَبْقَى الْأَمْرُ بِيَدِهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ لَمْ أُوصِلْ إلَيْك نَفَقَتَك عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا حَيْثُ يَبْقَى الْأَمْرُ بِيَدِهَا لِأَنَّ شَرْطَ جَعْلِ الْأَمْرِ بِيَدِهَا عَدَمُ الْإِيصَالِ دُونَ الْوُصُولِ وَلَمْ يُوجَدْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: يَقَعُ الرَّجْعِيُّ وَلَا يَسْقُطُ) الْمَهْرُ، وَالنَّفَقَةُ أَيْ لِأَنَّهَا صَغِيرَةٌ فَلَمْ يَصِحَّ إبْرَاؤُهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>