الْإِيصَالُ فَيَحْنَثُ، وَلَوْ جَعَلَ الْأَمْرَ بِيَدِهَا إنْ ضَرَبَهَا بِغَيْرِ جِنَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ فَقَالَتْ لَهُ وَقْتَ الْخُصُومَةِ يَا ابْنَ الْأَجِيرِ يَا ابْنَ الْعَوَانِي فَضَرَبَهَا وَإِنَّهُ كَمَا قَالَتْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا، وَلَوْ قَالَتْ لَهُ يَا ابْنَ النَّسَّاجِ إنْ كَانَ كَمَا قَالَتْ أَوْ لَا يُعَيَّرُ بِهَذَا لَا يَكُونُ جِنَايَةً، وَلَوْ صَعِدَتْ السَّطْحَ مِنْ غَيْرِ مُلَاءَةٍ هَلْ يَكُونُ جِنَايَةً قَالَ: نَعَمْ قِيلَ هَذَا إنْ صَعِدَتْ لِلنِّظَارَةِ وَإِلَّا فَلَا قَالَ: قُلْت إنْ لَمْ يَكُنْ لِلسَّطْحِ تَجْبِيرٌ فَجِنَايَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَرَمْيُ الْبِطِّيخِ إلَيْهِ جِنَايَةٌ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِخْفَافِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
وَفِي الْقُنْيَةِ إنْ شَرِبْت مُسْكِرًا بِغَيْرِ إذْنِك فَأَمْرُك بِيَدِك ثُمَّ شَرِبَ وَاخْتَلَفَا فِي الْإِذْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ اهـ.
فَحَاصِلَةُ الْقَوْلِ لَهُ، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَتُهَا، وَفِي الْقُنْيَةِ إنْ تَزَوَّجْت عَلَيْك امْرَأَةً فَأَمْرُهَا بِيَدِك فَدَخَلَتْ امْرَأَةٌ فِي نِكَاحِهِ بِنِكَاحِ الْفُضُولِيِّ وَأَجَازَ بِالْفِعْلِ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَهَا، وَلَوْ قَالَ: إنْ دَخَلَتْ امْرَأَةٌ فِي نِكَاحِي فَلَهَا ذَلِكَ وَكَذَا فِي التَّوْكِيلِ بِذَلِكَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي طَلَّقْت نَفْسِي وَاحِدَةً أَوْ اخْتَرْت نَفْسِي بِتَطْلِيقَةٍ بَانَتْ بِوَاحِدَةٍ) يَعْنِي فِي جَوَابِ قَوْلِ الزَّوْجِ أَمْرُك بِيَدِك يَنْوِي ثَلَاثًا لِأَنَّ الْوَاحِدَةَ صِفَةٌ لِلطَّلْقَةِ بِاعْتِبَارِ خُصُوصِ الْعَامِلِ كَمَا أَنَّهَا صِفَةٌ لِلِاخْتِيَارَةِ فِي الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّ خُصُوصَ الْعَامِلِ اللَّفْظِيِّ قَرِينَةُ خُصُوصِ الْمُقَدَّرِ فَتَقَعُ الْوَاحِدَةُ لِأَنَّهَا لَمَّا مَلَكَتْ الثَّلَاثَ بِالتَّفْوِيضِ مَلَكَتْ الْوَاحِدَةَ فَكَانَتْ بَائِنَةً لِأَنَّ التَّفْوِيضَ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْبَائِنِ لِأَنَّهَا بِهِ تَمْلِكُ أَمْرَهَا وَهُوَ بِالْبَائِنِ لَا بِارْجَعِي وَأَشَارَ بِذِكْرِ النَّفْسِ إلَى اشْتِرَاطِهِ مَعَ طَلَّقَتْ أَيْضًا، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ قَالَ: أَمْرُك بِيَدِك كُلَّمَا شِئْت فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ نَفْسَهَا كُلَّمَا شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ إلَّا أَنَّهَا لَا تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فِي الْمَجْلِسِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ يَعْنِي دَفْعَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا تَفْرِيقُهَا الثَّلَاثَ فِي الْمَجْلِسِ فَلَهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ إذَا وَمَتَى فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهَا التَّكْرَارُ وَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ كَكُلَّمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ فِي أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ) يَعْنِي لَا يَكُونُ لَهَا الْخِيَارُ لَيْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا أَمْرَانِ لِأَنَّ عَطْفَ زَمَنٍ عَلَى زَمَنٍ مُمَاثِلٍ مَفْصُولٍ بَيْنَهُمَا بِزَمَنٍ مُمَاثِلٍ لَهُمَا ظَاهِرٌ فِي قَصْدِ تَقْيِيدِ الْأَمْرِ الْمَذْكُورِ بِالْأَوَّلِ وَتَقْيِيدُ أَمْرٍ آخَرَ بِالثَّانِي فَيَصِيرُ لَفْظُ يَوْمٍ مُفْرَدًا غَيْرَ مَجْمُوعٍ إلَى مَا بَعْدَهُ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّهُ صَارَ عَطْفَ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ أَيْ أَمْرُك بِيَدِك الْيَوْمَ وَأَمْرُك بِيَدِك بَعْدَ غَدٍ، وَلَوْ أَفْرَدَ الْيَوْمَ لَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ فَكَذَا إذَا عَطَفَ جُمْلَةً أُخْرَى قَيَّدَ بِالْأَمْرِ بِالْيَدِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: طَلِّقِي الْيَوْمَ وَبَعْدَ غَدٍ كَانَ أَمْرًا وَاحِدًا فَلَا يَقَعُ إلَّا طَلَاقٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَحْتَمِلُ التَّأْقِيتَ وَإِذَا وَقَعَ تَصِيرُ بِهِ طَالِقًا فِي جَمِيعِ الْعُمُرِ فَذِكْرُ بَعْدَ غَدٍ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ لَا يَقْتَضِي أَمْرًا آخَرَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ رَدَّتْ الْأَمْرَ فِي يَوْمِهَا بَطَلَ الْأَمْرُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَكَانَ أَمْرُهَا بِيَدِهَا بَعْدَ غَدٍ) يَعْنِي إذَا قَالَتْ لِزَوْجِهَا اخْتَرْتُك أَوْ اخْتَرْتُ زَوْجِي فَقَدْ انْتَهَى مِلْكُهَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ بِالرَّدِّ اخْتِيَارُ الزَّوْجِ، وَالْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ الِانْتِهَاءُ قَيَّدْنَا بِهِ لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ رَدَدْته فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ وَلِذَا قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا بِيَدِهَا أَوْ بِيَدِ أَجْنَبِيٍّ يَقَعُ لَازِمًا فَلَا يَرْتَدُّ بِرَدِّهِمَا فَلَا مُنَاقَضَةَ بَيْنَ قَوْلِهِمْ لَا يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَقَوْلُهُمْ هُنَا وَإِذَا رَدَّتْ بَطَلَ، وَقَدْ سَلَكَ، وَالشَّارِحُونَ طَرِيقًا آخَرَ فِي دَفْعِ الْمُنَاقَضَةِ بِأَنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ عِنْدَ التَّفْوِيضِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَلَا يَرْتَدُّ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِمَالٍ لِرَجُلٍ فَصَدَّقَهُ ثُمَّ رَدَّ إقْرَارَهُ لَا يَصِحُّ وَكَالْإِبْرَاءِ عَنْ الدَّيْنِ بَعْدَ ثُبُوتِهِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ وَيَرْتَدُّ بِالرَّدِّ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْإِسْقَاطِ، وَالتَّمْلِيكِ أَمَّا الْإِسْقَاطُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا التَّمْلِيكُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢٨٠] سُمِّيَ الْإِبْرَاءُ تَصَدُّقًا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُمْ وَفَّقُوا بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ يُرِيدُ بِرَدِّهِ عِنْدَ التَّفْوِيضِ لَا بَعْدَ مَا قَبِلَهُ كَمَا فِي الْفُصُولِ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ بَعْدَ التَّفْوِيضِ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا قَبِلَهُ وَوَفَّقَ بَيْنَهُمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ رِوَايَتَانِ لِأَنَّهُ تَمْلِيكٌ مِنْ وَجْهٍ وَتَعْلِيقٌ مِنْ وَجْهٍ فَيَصِحُّ رَدُّهُ قَبْلَ قَبُولِهِ نَظَرًا إلَى التَّمْلِيكِ وَلَا يَصِحُّ إلَى التَّعْلِيقِ لَا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ فَتَصِحُّ رِوَايَةُ صِحَّةِ الرَّدِّ نَظَرًا إلَى التَّمْلِيكِ وَتَصِحُّ رِوَايَةُ فَسَادِ الرَّدِّ نَظَرًا إلَى التَّعْلِيقِ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute