الزَّوْجِ وَعَبْدِ غَيْرِهِ فِي بُدَاءَتِهَا بِعِتْقِهِ فَالْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ دُونَ الثَّانِي وَقَيَّدَ بِالِاتِّكَاءِ لِأَنَّهَا لَوْ اضْطَجَعَتْ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَبْطُلُ الْأَمْرُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنْ هَيَّأَتْ الْوِسَادَةَ كَمَا تَفْعَلُ لِنَوْمٍ يَبْطُلُ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ مُحْتَبِيَةً فَتَرَبَّعَتْ أَوْ عَلَى الْعَكْسِ لَا يَبْطُلُ بِالْأُولَى كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَقَيَّدَ بِدَعْوَتِهَا الشُّهُودَ لِأَنَّهَا لَوْ ذَهَبَتْ إلَيْهِمْ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ أَحَدٌ يَدْعُوهُمْ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا، وَلَوْ قَالَ وَأَوْقَفْتهَا مَكَانَ وَقَفْت لَكَانَ أَوْلَى لِيُعْلَمَ الْحُكْمُ فِي وُقُوفِهَا بِدُونِ إيقَافِهَا بِالْأَوْلَى وَمَسْأَلَةُ الْإِيقَافِ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا كُلَّهُ إذَا كَانَ التَّفْوِيضُ مُنَجَّزًا أَمَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ فَلَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهَا إلَّا إذَا جَاءَ الشَّرْطُ فَحِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ مَجْلِسُ الْعِلْمِ إنْ كَانَ مُطْلَقًا، وَالْقَبُولُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَكِنْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُوَقَّتًا بِوَقْتٍ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا فَالْأَمْرُ بِيَدِهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ بَاقِيًا عَلِمْت أَوْ لَا فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ انْتَهَى عَلِمَتْ أَوْ لَا كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ يَعْنِي فَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ وَلَا بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّ التَّقْدِيرَ بِمُكْثِ الْيَوْمِ لَيْسَ بِلَازِمٍ بَلْ الْمُرَادُ الْمُكْثُ الدَّائِمُ إذَا لَمْ يُوجَدْ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ يَوْمًا كَانَ أَوْ أَكْثَرَ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: وَلَوْ مَشَتْ فِي الْبَيْتِ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ لَمْ يَبْطُلْ وَكَذَا فِي فُصُولِ الْعِمَادِيِّ وَمَعْنَاهُ أَنْ يُخَيِّرَهَا وَهِيَ قَائِمَةٌ فِي الْبَيْتِ فَمَشَتْ مِنْ جَانِبٍ إلَى جَانِبٍ أَمَّا لَوْ خَيَّرَهَا وَهِيَ قَاعِدَةٌ فِي الْبَيْتِ فَقَامَتْ بَطَلَ خِيَارُهَا بِمُجَرَّدِ قِيَامِهَا لِأَنَّهُ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ.
(قَوْلُهُ: وَالْفُلْكُ كَالْبَيْتِ) أَيْ، وَالسَّفِينَةُ كَبَيْتٍ لَا كَدَابَّةٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا حَقِيقَةً لِتَبَدُّلِ الْمَجْلِسِ حَقِيقَةً وَافْتَرَقَا بِأَنَّ سَيْرَ الدَّابَّةِ يُضَافُ إلَى رَاكِبِهَا، وَالسَّفِينَةَ إلَى الْمَاءِ، وَالرِّيحِ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ: لَوْ قَالَ لَهَا: أَمْرُك بِيَدِك كُلَّمَا شِئْت فَلَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا كُلَّمَا شَاءَتْ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ إلَّا أَنَّهَا لَا تُطَلِّقُ دَفْعَةً وَاحِدَةً أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ وَإِنَّمَا لَهَا فِي الْمَجْلِسِ تَفْرِيقُ الثَّلَاثِ فَلَوْ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: فَالْأَوَّلُ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عِتْقُ عَبْدِ الزَّوْجِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّانِي عِتْقُ عَبْدِ غَيْرِهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ قَرِيبًا عَنْ الْخَانِيَّةِ وَلِقَوْلِهِ سَابِقًا وَمَا لَوْ بَدَأَتْ بِعِتْقِ عَبْدٍ. . . إلَخْ لَكِنْ فِي النَّهْرِ، وَلَوْ جَعَلَ أَمْرَهَا وَأَمْرَ عِتْقِ الْعَبْدِ بِيَدِهَا فَبَدَأَتْ بِالْعِتْقِ قِيلَ إنْ كَانَ عَبْدَ زَوْجِهَا كَانَ إعْرَاضًا وَإِلَّا لَا اهـ.
وَعِبَارَةُ الْفَتْحِ قُبَيْلَ التَّعْلِيقِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك وَقَالَ لَهَا آخَرُ: أَعْتِقِي عَبْدَك فَبَدَأَتْ بِعِتْقِ الْعَبْدِ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا، وَلَوْ كَانَ الْآمِرُ بِالْعِتْقِ زَوْجُهَا فَبَدَأَتْ بِالْعِتْقِ لَا يَبْطُلُ خِيَارُهَا فِي الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا كَانَ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ. . . إلَخْ) نَصُّ عِبَارَةِ الْوَلْوَالِجيَّةِ الْجُمْلَةُ فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِهَا أَوْ يَدِ فُلَانٍ وَكُلُّ ذَلِكَ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُرْسَلًا أَوْ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا إمَّا أَنْ يَكُونَ مُعَلَّقًا بِالْوَقْتِ أَوْ مُطْلَقًا فَإِنْ كَانَ مُوَقَّتًا بِوَقْتٍ فَالْأَمْرُ بِيَدِ فُلَانٍ وَبِيَدِهَا مَا دَامَ الْوَقْتُ قَائِمًا عَلِمَ فُلَانٌ أَوْ هِيَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَإِذَا مَضَى الْوَقْتُ يَنْتَهِي عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، وَالْقَبُولُ الَّذِي يُذْكَرُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَكِنْ إذَا رَدَّ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ يَجِبُ أَنْ يَبْطُلَ، وَإِنْ كَانَ مُرْسَلًا لَكِنْ مُطْلَقًا فَإِنَّمَا يَصِيرُ الْأَمْرُ فِي يَدِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ إذَا عَلِمَ بِذَلِكَ فَيَكُونُ الْأَمْرُ فِي يَدِهِ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَالْقَبُولُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَكِنْ إذَا رَدَّهُ يَرْتَدُّ، وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِالشَّرْطِ فَإِنَّمَا يَصِيرُ الْأَمْرُ بِيَدِهِ إذَا جَاءَ الشَّرْطُ فَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ الْمُعَلَّقُ مُطْلَقًا يَصِيرُ فِي يَدِهِ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهِ، وَالْقَبُولُ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَكِنْ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ اهـ.
فَتَأَمَّلْهُ، وَفِي الْبَدَائِعِ جَعْلُ الْأَمْرِ بِالْيَدِ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُنَجَّزًا أَوْ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ أَوْ مُضَافًا إلَى وَقْتٍ، وَالْمُنَجَّزُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا أَوْ مُوَقَّتًا فَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ أَمْرُك بِيَدِك فَشَرْطُ بَقَاءِ حُكْمِهِ بَقَاءُ مَجْلِسِ عِلْمِهَا بِالتَّفْوِيضِ فَمَا دَامَتْ فِيهِ فَهُوَ بِيَدِهَا سَوَاءٌ قَصُرَ أَوْ طَالَ فَإِنْ قَامَتْ عَنْهُ بَطَلَ وَكَذَا إنْ وُجِدَ مِنْهَا قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَإِنْ كَانَ مُوَقَّتًا فَإِنْ أَطْلَقَ الْوَقْتَ كَأَمْرُك بِيَدِك إذَا شِئْت أَوْ إذَا مَا أَوْ مَتَى شِئْت أَوْ مَتَى مَا فَلَهَا الْخِيَارُ فِي الْمَجْلِسِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ رَدَّتْ الْأَمْرَ أَوْ قَامَتْ مِنْ مَجْلِسِهَا أَوْ أَخَذَتْ فِي عَمَلٍ آخَرَ تُطَلِّقُ نَفْسَهَا فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَتْ، وَإِنْ وَقَّتَهُ بِوَقْتٍ خَاصٍّ كَأَمْرُك بِيَدِك يَوْمًا أَوْ شَهْرًا أَوْ الْيَوْمَ أَوْ الشَّهْرَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ.
وَلَوْ قَامَتْ أَوْ تَشَاغَلَتْ بِغَيْرِ الْجَوَابِ لَا يَبْطُلُ مَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْوَقْتِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَ مُعَلَّقًا بِشَرْطٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا عَنْ الْوَقْتِ أَوْ مُوَقَّتًا فَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا كَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَمْرُك بِيَدِك فَقَدِمَ فَهُوَ بِيَدِهَا إذَا عَلِمْت فِي مَجْلِسِهَا الَّذِي يُقْدِمُ فِيهِ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ كَالْمُنَجَّزِ عِنْدَ الشَّرْطِ، وَإِنْ كَانَ مُوَقَّتًا كَإِذَا قَدِمَ فُلَانٌ فَأَمْرُك بِيَدِك يَوْمًا أَوْ الْيَوْمَ الَّذِي يُقْدِمُ فِيهِ فَلَهَا الْخِيَارُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ كُلِّهِ إذَا عَلِمَتْ بِالْقُدُومِ وَلَا يَبْطُلُ بِالْقِيَامِ عَنْ الْمَجْلِسِ وَهَلْ يَبْطُلُ بِاخْتِيَارِهَا زَوْجَهَا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الِاخْتِلَافِ، وَإِنْ كَانَ مُضَافًا إلَى الْوَقْتِ كَأَمْرُك بِيَدِك غَدًا أَوْ رَأْسَ الشَّهْرِ فَجَاءَ الْوَقْتُ صَارَ بِيَدِهَا وَكَانَ عَلَى مَجْلِسِهَا مِنْ أَوَّلِ الْغَدِ وَرَأْسِ الشَّهْرِ اهـ. مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ خَيَّرَهَا وَهِيَ قَاعِدَةٌ فِي الْبَيْتِ فَقَامَتْ بَطَلَ. . إلَخْ) قَدْ مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ قَامَتْ أَوْ أَخَذَتْ فِي عَمَلٍ آخَرَ أَنَّ بُطْلَانَهُ بِمُجَرَّدِ الْقِيَامِ قَوْلُ الْبَعْضِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ دَلِيلُ الْإِعْرَاضِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute