للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمَشِيئَتِهَا كَالْأَمْرِ بِالْيَدِ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الْمُحِيطِ طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ: لَا تُطَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا مَا دَامَتْ فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ صَاحِبَتَهَا بَعْدَ النَّهْيِ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ فِي حَقِّ صَاحِبَتِهَا تَمْلِيكٌ فِي حَقِّهَا اهـ.

وَبِمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ عُلِمَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَمْرِ بِالتَّطْلِيقِ الْمُطْلَقِ، وَالْمُعَلَّقِ بِمَشِيئَتِهَا فِي فَرْعٍ ثَانٍ غَيْرَ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ ابْنِ الْهُمَامِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك ثَلَاثًا إنْ شِئْت فَقَالَتْ أَنَا طَالِقٌ لَا يَقَعُ شَيْءٌ، وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك إنْ شِئْت فَقَالَتْ قَدْ شِئْت أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي كَانَ بَاطِلًا، وَلَوْ قَالَ لَهَا طَلِّقِي نَفْسَك إذَا شِئْت ثُمَّ جُنَّ جُنُونًا مُطْبِقًا ثُمَّ طَلَّقَتْ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا قَالَ مُحَمَّدٌ كُلُّ شَيْءٍ يَمْلِكُ الزَّوْجُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ كَلَامِهِ يَبْطُلُ بِالْجُنُونِ وَكُلُّ شَيْءٍ لَمْ يَمْلِكْ الزَّوْجُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ كَلَامِهِ لَا يَبْطُلُ بِالْجُنُونِ اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا لَوْ قَالَ: أَيُّ نِسَائِي شِئْت طَلَاقَهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَشَاءَتْ طَلَاقَ الْكُلِّ طَلُقْنَ إلَّا وَاحِدَةً، وَلَوْ قَالَ: أَيُّ نِسَائِي شَاءَتْ الطَّلَاقَ فَهِيَ طَلَاقٌ فَشِئْنَ طَلُقْنَ اهـ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ أَيًّا فِي الْأَوَّلِ وُصِفَتْ بِصِفَةٍ خَاصَّةٍ، وَفِي الثَّانِي بِصِفَةٍ عَامَّةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ مِنْ بَابِ الطَّلَاقِ فِي الْمَرَضِ أَحَدُ الْمَأْمُورِينَ يَنْفَرِدُ بِهِ وَبِبَدَلِ لَا وَهُوَ يَمِينٌ مِنْهُ بَيْعٌ مِنْهَا قَالَ لَهُمَا فِي مَرَضِهِ، وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا مَلَكَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ طَلَاقَهَا وَتَوَكَّلَتْ فِي طَلَاقِ الْأُخْرَى وَلَا يَنْقَسِمُ وَمَنْ طَلَّقَتْ بِتَطْلِيقِهَا لَا تَرِثُ لِرِضَاهَا وَكَذَا بِتَطْلِيقِهِمَا مَعًا لِإِضَافَتِهِ إلَيْهِمَا كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ مَعَ الْمُوَكِّلِ وَبِتَطْلِيقِ الْأُخْرَى تَرِثُ، وَإِنْ طَلَّقَتْ بَعْدَهَا كَالتَّمْكِينِ بَعْدَهُ، وَلَوْ قَالَ: طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا إنْ شِئْتُمَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ لِلتَّمْلِيكِ وَيَشْتَرِطُ اجْتِمَاعُهُمَا لِلتَّعْلِيقِ، وَإِنْ طَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا كِلَيْهِمَا ثَلَاثًا، وَالْأُخْرَى مِثْلَهَا بَانَتَا وَوَرِثَتْ الْأُولَى لِعَدَمِ رِضَاهَا نَظِيرُهُ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا فِي مَرَضِهِ فَأَجَازَهُ بِخِلَافِ سُؤَالِهَا، وَالثَّانِيَةُ لَا تَرِثُ لِرِضَاهَا، وَلَوْ خَرَجَ كَلَامُهُمَا مَعًا وَرِثَتَا لِعَدَمِهِ، وَلَوْ قَالَ: أَمْرُكُمَا بِيَدِكُمَا فَكَمَا مَرَّ غَيْرَ أَنَّ هُنَا لَوْ اجْتَمَعَتَا عَلَى إحْدَاهُمَا يَقَعُ وَثَمَّةَ لَا لِلتَّعْلِيقِ نَظِيرُهُ وَكُلُّ رَجُلَيْنِ يَبِيعُ عَبْدَيْنِ أَوْ طَلَاقَ امْرَأَتَيْنِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ قَالَ: طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا بِأَلْفٍ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وَيُشْتَرَطُ اجْتِمَاعُهُمَا وَلَا يَرِثَانِ بِحَالٍ، وَلَوْ اجْتَمَعَا عَلَى إحْدَاهُمَا صَحَّ بِحِصَّتِهِ مِنْ مَهْرِهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ لِرَجُلٍ: طَلِّقْ امْرَأَتِي لَمْ يَتَقَيَّدْ بِالْمَجْلِسِ إلَّا إذَا زَادَ إنْ شِئْت) لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ وَأَنَّهُ اسْتِعَانَةٌ فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِامْرَأَتِهِ طَلِّقِي نَفْسَك لِأَنَّهَا عَامِلَةٌ لِنَفْسِهَا فَكَانَ تَمْلِيكًا لَا تَوْكِيلًا وَإِذَا زَادَ إنْ شِئْت بِأَنْ قَالَ لِرَجُلٍ طَلِّقْهَا إنْ شِئْت فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْوَكَالَةِ وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ وَقَالَ زُفَرُ: هَذَا، وَالْأَوَّلُ سَوَاءٌ لِأَنَّ التَّصْرِيحَ بِالْمَشِيئَةِ كَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ عَنْ مَشِيئَةٍ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ إذَا قِيلَ لَهُ بِعْ إنْ شِئْت وَلَنَا أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِأَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْمَشِيئَةِ، وَالْمَالِكُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ عَنْ مَشِيئَتِهِ، وَالطَّلَاقُ يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يَحْتَمِلُهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْبَيْعَ فِيهِ لَيْسَ بِمُعَلَّقٍ بِالْمَشِيئَةِ بَلْ الْمُعَلَّقُ فِيهِ الْوَكَالَةُ بِالْبَيْعِ وَهِيَ تَقْبَلُ التَّعْلِيقَ وَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَ التَّوْكِيلَ بِالْبَيْعِ بِنَفْسِ الْبَيْعِ اهـ.

وَرَدَّهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنَّهُ غَلَطٌ يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ لِأَنَّ التَّوْكِيلَ هُوَ قَوْلُهُ: بِعْ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ كَوْنُ نَفْسِ قَوْلِهِ مُعَلَّقًا بِمَشِيئَةٍ غَيْرِهِ بَلْ وَقَدْ تَحَقَّقَ وَفَرَغَ مِنْهُ قَبْلَ مَشِيئَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ لَمْ يَبْقَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ سِوَى فِعْلِ مُتَعَلِّقِ التَّوْكِيلِ أَوْ عَدَمِ الْقَبُولِ، وَالرَّدِّ اهـ.

وَهُوَ سَهْوٌ يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَنَّ التَّوْكِيلَ مُعَلَّقٌ حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنَّ الْوَكَالَةَ مُعَلَّقَةٌ بِالْمَشِيئَةِ، وَالْوَكَالَةُ أَثَرُ التَّوْكِيلِ فَجَازَ إطْلَاقُ التَّوْكِيلِ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ وَكَأَنَّهُ اعْتَبَرَ التَّوْكِيلَ أَيْ الْوَكَالَةَ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْبَيْعَ، وَالتَّوْكِيلَ بِهِ لَمْ يُعَلَّقَا بِالْمَشِيئَةِ.

وَإِنَّمَا الْمُعَلَّقُ الْوَكَالَةُ وَتَعْلِيقُهَا صَحِيحٌ فَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ قَوْلِهِ طَلِّقْهَا إنْ شِئْت وَبِعْ إنْ شِئْت ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَالْبَيْعُ لَا يَحْتَمِلُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ التَّعْلِيقَ بِالْمَشِيئَةِ وَإِذَا لَمْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ رِضَاهَا) أَيْ وَقْتَ الْوُقُوعِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ سَهْوٌ يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ. . . إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْوَكَالَةَ مُعَلَّقَةٌ بِمَشِيئَتِهِ لِاتِّصَافِهِ بِهَا قَبْلَ مَشِيئَةِ الْبَيْعِ وَلَا وُجُودَ لِلْمَشْرُوطِ دُونَ شَرْطِهِ وَإِنَّمَا الْمُعَلَّقُ فِعْلُ مُتَعَلِّقِهَا وَاعْتِبَارُ التَّوْكِيلِ بِالْبَيْعِ غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَابِلٌ لِلتَّوْكِيلِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَكَيْفَ يُعْتَبَرُ بِهِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الْمُعَلَّقَ بِالْمَشِيئَةِ عَلَى كَلَامِ الْمُتَعَقِّبِ إنَّمَا هُوَ الْوَكَالَةُ لَا الْبَيْعُ وَعَلَى هَذَا فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ لِاتِّصَافِهِ بِهَا قَبْلَ مَشِيئَةِ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: فَاحْتَاجَ إلَى الْفَرْقِ) أَقُولُ: لَعَلَّ الْفَرْقَ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>