للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ كَمَا تَقَدَّمَ إذَا لَمْ أُطَلِّقْك فَيَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وَقَدَّمْنَا جَوَابَهُ بِإِمْكَانِ أَنْ تَعْمَلَ شَرْطًا فَيَتَقَيَّدُ وَأَنْ تَعْمَلَ ظَرْفًا فَلَا تَتَقَيَّدُ، وَالْأَمْرُ صَارَ فِي يَدِهَا فَلَا يَخْرُجُ بِالشَّكِّ وَدَخَلَ حِينَ قَالَ فِي الْمُحِيطِ.

وَلَوْ قَالَ: حِينَ شِئْت فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ إذَا شِئْت لِأَنَّ الْحِينَ عِبَارَةٌ عَنْ الْوَقْتِ اهـ.

وَقَيَّدَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى عُمُومِ الْوَقْتِ احْتِرَازًا عَنْ أَنْ وَكَيْفَ وَحَيْثُ وَكَمْ وَأَيْنَ وَأَيْنَمَا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ وَكُلَّمَا كَمَتَى فِي عَدَمِ التَّقْيِيدِ بِالْمَجْلِسِ مَعَ اخْتِصَاصِهَا بِإِفَادَةِ التَّكْرَارِ إلَى الثَّلَاثِ عَلَى مَا أَسْلَفْنَاهُ فِي فَصْلِ الْأَمْرِ بِالْيَدِ، وَالْإِرَادَةُ، وَالرِّضَا، وَالْمَحَبَّةُ كَالْمَشِيئَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلَّقَهُ بِشَيْءٍ آخَرَ مِنْ أَفْعَالِهَا كَالْأَكْلِ فَإِنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فِي الْجَمِيعِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّفْوِيضَ إلَيْهَا بِلَفْظِ التَّطْلِيقِ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ سَوَاءٌ أَطْلَقَهُ أَوْ عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا إلَّا فِي مَتَى وَإِذَا وَحِينَ وَكُلَّمَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَلَكِنْ بَيْنَ إطْلَاقِهِ وَتَعْلِيقِهِ بِغَيْرِ الْأَرْبَعِ فَرْقٌ فَإِنَّهُ مَعَ الْإِطْلَاقِ تَنْجِيزٌ لِلتَّمْلِيكِ وَمَعَ التَّعْلِيقِ إضَافَةٌ لَهُ لَا تَنْجِيزٌ وَمِنْ فُرُوعِ ذَلِكَ أَنَّهَا لَوْ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا بِلَا قَصْدٍ غَلَطًا لَا يَقَعُ إذَا ذَكَرَ الْمَشِيئَةَ وَيَقَعُ إذَا لَمْ يَذْكُرْهَا قَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ: وَقَدْ قَدَّمْنَا فِي أَوَّلِ بَابِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ مَا يُوجِبُ حَمْلَ مَا أُطْلِقَ مِنْ كَلَامِهِمْ مِنْ الْوُقُوعِ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ غَلَطًا عَلَى الْوُقُوعِ فِي الْقَضَاءِ لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى اهـ.

وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ إنْ وَإِذَا فَلَهَا مَشِيئَتَانِ مَشِيئَةٌ لِلْحَالِ نَظَرًا إلَى " أَنَّ " وَمَشِيئَةٌ فِي عُمُومِ الْأَوْقَاتِ نَظَرًا إلَى " إذَا " قَالَ فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ قَالَ: إنْ شِئْت فَأَنْت طَالِقٌ إذَا شِئْت فَلَهَا مَشِيئَتَانِ مَشِيئَةٌ فِي الْحَالِ وَمَشِيئَةٌ فِي عُمُومِ الْأَحْوَالِ لِأَنَّهُ عَلَّقَ بِمَشِيئَتِهَا فِي الْحَالِ طَلَاقًا مُعَلَّقًا بِمَشِيئَتَانِ فِي أَيِّ وَقْتٍ كَانَ، وَالْمُعَلَّقُ بِالشَّرْطِ كَالْمُرْسَلِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ فَإِذَا شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إذَا شِئْت اهـ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْلِيقِ التَّطْلِيقِ أَوْ الطَّلَاقِ فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ لِمَا فِي الْمَحِيضِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا: طَلِّقِي نَفْسَك وَلَمْ يَذْكُرْ مَشِيئَةً فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَشِيئَةِ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَهِيَ أَنَّ نِيَّةَ الثَّلَاثِ صَحِيحَةٌ فِي طَلِّقِي دُونَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شِئْت اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَشَأْ فِي الْمَجْلِسِ خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا لِأَنَّ الْمَشِيئَةَ فِي الْمَجْلِسِ هِيَ الشَّرْطُ فِي الْمَشِيئَةِ فِي عُمُومِ الْأَوْقَاتِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتَيْنِ لَهُ طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا ثَلَاثًا، وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا فَطَلَّقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا عَلَى التَّعَاقُبِ ثَلَاثًا طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثَلَاثًا بِتَطْلِيقِ الْأُولَى لَا بِتَطْلِيقِ الْأُخْرَى لِأَنَّ تَطْلِيقَ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا بَاطِلٌ، وَلَوْ بَدَأَتْ الْأُولَى فَطَلَّقَتْ صَاحِبَتَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا طَلَّقَتْ صَاحِبَتَهَا دُونَ نَفْسِهَا لِأَنَّهَا فِي حَقِّ نَفْسِهَا مَالِكَةٌ، وَالتَّمْلِيكُ يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَإِذَا بَدَأَتْ بِطَلَاقِ صَاحِبَتِهَا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا وَبِتَطْلِيقِهَا نَفْسِهَا لَا يَبْطُلُ تَطْلِيقُهَا الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّهَا فِي حَقِّ الْأُخْرَى وَكِيلَةٌ، وَالْوَكَالَةُ لَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ، وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا إنْ شِئْتُمَا فَطَلَّقَتْ إحْدَاهُمَا نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا لَا تَطْلُقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى تُطَلِّقَ الْأُخْرَى نَفْسَهَا وَصَاحِبَتَهَا بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَنْفَرِدُ بِالْإِيقَاعِ عَلَى نَفْسِهَا وَعَلَى ضَرَّتِهَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ الِاجْتِمَاعُ عَلَى الْإِيقَاعِ شَرْطُ الْوُقُوعِ، وَلَوْ قَالَ لَهُمَا: أَمْرُكُمَا بِأَيْدِيكُمَا يُرِيدُ بِهِ الطَّلَاقَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا قَالَ طَلِّقَا أَنْفُسَكُمَا إنْ شِئْتُمَا فِي أَنَّهُ لَا تَنْفَرِدُ إحْدَاهُمَا بِالطَّلَاقِ غَيْرَ أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ فِي حُكْمٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَنَّهُمَا لَوْ اجْتَمَعَا عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا يَقَعُ.

وَفِي قَوْلِهِ إنْ شِئْتُمَا لَا يَقَعُ لِأَنَّهُ ثَمَّةَ عَلَّقَ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِمَشِيئَتِهِمَا طَلَاقَهُمَا جَمِيعًا وَهَهُنَا لَمْ يُعَلِّقْ بَلْ فَوَّضَ تَطْلِيقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَى رَأْيِهِمَا فَإِذَا اجْتَمَعَا عَلَى طَلَاقِ وَاحِدَةٍ يَقَعُ اهـ.

وَفِي قَوْلِهِ فَإِذَا بَدَأَتْ بِطَلَاقِ صَاحِبَتِهَا خَرَجَ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا نَظَرًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخُلَاصَةِ، وَالْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّ اشْتِغَالَهَا بِطَلَاقِ ضَرَّتِهَا لَا يَخْرُجُ الْأَمْرُ مِنْ يَدِهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْهُمَا فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ وَمَا هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي الْأَمْرِ بِالتَّطْلِيقِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّهَا فِي الْأَمْرِ بِالْيَدِ مَالِكَةٌ لِطَلَاقِ ضَرَّتِهَا لَا وَكِيلَةٌ، وَفِي الْأَمْرِ بِالتَّطْلِيقِ وَكِيلَةٌ فَافْهَمْ، وَالْأَمْرُ بِالتَّطْلِيقِ الْمُعَلَّقِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فِي الْجَمِيعِ) يَنْبَغِي تَحْرِيرُ هَذَا الْكَلَامِ فَرَاجِعْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَعَ بَيْنَ إنْ وَإِذَا. . . إلَخْ) سَيُعِيدُ ذِكْرَ هَذَا الْكَلَامِ بِزِيَادَةٍ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَنْتِ طَالِقٌ مَتَى شِئْت أَوْ مَتَى مَا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي حَقِّ هَذَا الْحُكْمِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ التَّفْوِيضَ إلَيْهَا. . . إلَخْ (قَوْلُهُ: وَفِي الْأَمْرِ بِالتَّطْلِيقِ وَكِيلَةٌ) أَيْ فِي صُورَةِ مَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْمَشِيئَةِ كَمَا هُوَ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ وَإِلَّا كَانَ تَمْلِيكًا أَيْضًا كَمَا يَأْتِي

<<  <  ج: ص:  >  >>