يَتَقَيَّدُ بِالْمَجْلِسِ إذَا وُجِدَ أَحَدُهُمَا فِي الْخَانِيَّةِ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ: أَنْت وَكِيلِي فِي طَلَاقِ امْرَأَتِي إنْ شَاءَتْ أَوْ هَوِيَتْ أَوْ أَرَادَتْ لَمْ يَكُنْ وَكِيلًا حَتَّى تَشَاءَ الْمَرْأَةُ فِي مَجْلِسِهَا لِأَنَّهُ عَلَّقَ التَّوْكِيلَ بِمَشِيئَتِهَا فَيَقْتَصِرُ عَلَى مَجْلِسِ الْعِلْمِ كَمَا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِمَشِيئَتِهَا فَإِذَا شَاءَتْ فِي الْمَجْلِسِ يَكُونُ وَكِيلًا فَإِنْ قَامَ الْوَكِيلُ عَنْ الْمَجْلِسِ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَ بَطَلَتْ الْوَكَالَةُ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ لَا تَبْطُلُ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ كَالْمُرْسَلِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ قَالَ بَعْدَ مَشِيئَتِهَا أَنْتَ وَكِيلِي فِي طَلَاقِهَا فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ.
قَالُوا: وَالصَّحِيحُ جَوَابُ الْكِتَابِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوَكَالَةِ بِالطَّلَاقِ بِنَاءً عَلَى مَا فَوَّضَ إلَيْهَا مِنْ الْمَشِيئَةِ وَمَشِيئَتُهَا تَقْتَصِرُ عَلَى الْمَجْلِسِ فَكَذَلِكَ الْوَكَالَةُ اهـ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مَشِيئَتِهَا فِي مَجْلِسِهَا وَتَطْلِيقُهُ فِي مَجْلِسِهِ وَهَذَا مِمَّا يُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ وَكَالَةٌ تَقَيَّدَتْ بِمَجْلِسِ الْوَكِيلِ وَإِيَّاكَ أَنْ تَفْهَمَ مِنْ التَّقْيِيدِ بِالْمَجْلِسِ أَنَّهُ تَمْلِيكٌ لِأَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهِ وَهُنَا عَلَّقَهُ بِمَشِيئَتِهَا فَكَانَ تَوْكِيلًا فَيَمْلِكُ عَزْلَهُ، وَفِي الْقُنْيَةِ كَتَبَ إلَى أَخِيهِ أَمَّا بَعْدُ فَإِنْ وَصَلَ إلَيْك كِتَابِي فَطَلِّقْ امْرَأَتِي إنْ سَأَلَتْ ذَلِكَ فَوَصَلَ وَعَرَضَ عَلَيْهَا فَلَمْ تَسْأَلْ الطَّلَاقَ إلَّا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ أَوْ خَمْسَةٍ ثُمَّ سَأَلَتْهُ فَطَلَّقَهَا لَا يَقَعُ قَالَ لَهُ طَلِّقْ امْرَأَتِي إنْ شَاءَتْ لَا يَصِيرُ وَكِيلًا مَا لَمْ تَشَأْ وَلَهَا الْمَشِيئَةُ فِي مَجْلِسِ عِلْمِهَا فَإِذَا شَاءَتْ صَارَ وَكِيلًا فَلَوْ طَلَّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ يَقَعُ، وَلَوْ قَامَ عَنْ مَجْلِسِهِ بَطَلَ التَّوْكِيلُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُحْفَظَ هَذَا فَإِنَّ الْبَلْوَى فِيهِ تَعُمُّ فَإِنَّ عَامَّةَ كُتُبِ الطَّلَاقِ عَلَى هَذِهِ الْمَثَابَةِ، وَالْوُكَلَاءُ يُؤَخِّرُونَ الْإِيقَاعَ عَنْ مَشِيئَتِهَا وَلَا يَدْرُونَ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ اهـ.
وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ طَلَّقَهَا لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ رَجُلٌ أُرِيدُ أَنْ أُطَلِّقَ امْرَأَتَك ثَلَاثًا فَقَالَ الزَّوْجُ نَعَمْ فَقَالَ الرَّجُلُ طَلَّقْت امْرَأَتَك ثَلَاثًا فَالصَّحِيحُ أَنَّ هَذَا كَقَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ نَعَمْ بَعْدَ قَوْلِهَا لَهُ أُرِيدُ أَنْ أُطَلِّقَ نَفْسِي ثُمَّ طَلَّقَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ إلَّا إذَا نَوَى الزَّوْجُ التَّفْوِيضَ إلَيْهَا، وَإِنْ عَنَى بِذَلِكَ طَلِّقِي نَفْسَك إنْ اسْتَطَعْت أَوْ طَلِّقْهَا إنْ اسْتَطَعْت لَا تَطْلُقُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ قَالَ لَا أَنْهَاك عَنْ طَلَاقِ امْرَأَتِي لَا يَكُونُ تَوْكِيلًا، وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ لَا أَنْهَاك عَنْ التِّجَارَةِ يَكُونُ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلْعَبْدِ ذَلِكَ لَا يَكُونُ دُونَ مَا لَوْ رَآهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي وَلَمْ يَنْهَهُ وَثَمَّةَ يَصِيرُ مَأْذُونًا فِي التِّجَارَةِ فَهَهُنَا أَوْلَى، وَلَوْ رَأَى إنْسَانًا يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَنْهَهُ لَا يَصِيرُ الْمُطَلِّقُ وَكِيلًا وَلَا يَقَعُ كَذَلِكَ هُنَا، وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي فَطَلَّقَ الْوَكِيلُ امْرَأَتَهُ اخْتَلَفُوا فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ، وَفِي فَتَاوَى الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ لَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي وَأَقَمْتُك مَقَامَ نَفْسِي لَمْ تَكُنْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً، وَإِنْ كَانَ أَمْرُ الرَّجُلِ مُخْتَلِفًا لَيْسَ لَهُ صِنَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ تَاجِرًا يَنْصَرِفُ التَّوْكِيلُ إلَى التِّجَارَةِ.
قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك فِي جَمِيعِ أُمُورِي الَّتِي يَجُوزُ بِهَا التَّوْكِيلُ كَانَتْ الْوَكَالَةُ عَامَّةً فِي جَمِيعِ الْبِيَاعَاتِ، وَالْأَنْكِحَةِ وَكُلِّ شَيْءٍ وَعَنْ مُحَمَّدٍ لَوْ قَالَ هُوَ وَكِيلِي فِي كُلِّ شَيْءٍ جَائِزٍ صَنَعَهُ كَانَ وَكِيلًا فِي الْبِيَاعَاتِ، وَالْهِبَاتِ، وَالْإِجَارَاتِ وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يَكُونُ وَكِيلًا فِي الْمُعَاوَضَاتِ دُونَ الْهِبَاتِ، وَالْعَتَاقِ وَقَالَ مَوْلَانَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَإِنْ كَانَ فِي حَالِ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ يَكُونُ وَكِيلًا بِالطَّلَاقِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَطْلَقَ فِي فِعْلِ الْوَكِيلِ فَشَمِلَ إذَا سَكِرَ فَطَلَّقَ فَإِنَّهُ يَقَعُ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِيهَا مِنْ فَصْلِ التَّوْكِيلِ بِالطَّلَاقِ مِنْهُ مَسَائِلُ مُهِمَّةٌ لَا بَأْسَ بِذِكْرِهَا تَكْثِيرًا لِلْفَوَائِدِ مِنْهَا الْوَكِيلُ بِالطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ أَوْ غَيْرِهِمَا إذَا قَبِلَ التَّوْكِيلَ وَغَابَ الْمُوَكِّلُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى فِعْلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ إلَّا فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ ادْفَعْ هَذِهِ الْعَيْنَ إلَى فُلَانٍ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ جَازَ أَنْ يَكُونَ أَمَانَةً عِنْدَ الْآمِرِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ تَسْلِيمُ الْأَمَانَةِ وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ مِنْ الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا أَمَرَهُ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ الْآمِرِ وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إيقَاعُ الطَّلَاقِ، وَالْعَتَاقِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ وَمِنْهَا لَوْ وَكَّلَهُ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ بِطَلَبِهَا عِنْدَ السَّفَرِ وَسَافَرَ ثُمَّ عَزَلَهُ بِغَيْرِ مَحْضَرِ الْمَرْأَةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute