ثَلَاثًا فَهَذَا، وَمَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ سَوَاءٌ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلِلْحَنَفِيِّ أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى شَافِعِيٍّ يَفْسَخُ الْيَمِينَ الْمُضَافَةَ.
فَلَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْت فُلَانَةَ فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَهَا فَخَاصَمَتْهُ إلَى قَاضٍ شَافِعِيٍّ، وَادَّعَتْ الطَّلَاقَ فَحَكَمَ بِأَنَّهَا امْرَأَتُهُ، وَأَنَّ الطَّلَاقَ لَيْسَ بِشَيْءٍ حَلَّ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ وَطِئَهَا الزَّوْجُ بَعْدَ النِّكَاحِ قَبْلَ الْفَسْخِ ثُمَّ فَسَخَ يَكُونُ الْوَطْءُ حَلَالًا إذَا فَسَخَ، وَإِذَا فَسَخَ بَعْدَ التَّزَوُّجِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَجْدِيدِ الْعَقْدِ، وَلَوْ قَالَ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا فَهِيَ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً، وَفَسَخَ الْيَمِينَ ثُمَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً أُخْرَى لَا يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ فِي كُلِّ امْرَأَةٍ كَذَا ذَكَرَ فِي الْخُلَاصَةِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَبِقَوْلِهِ يُفْتَى، وَكَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ كُلُّ عَبْدٍ اشْتَرَيْته، وَإِذَا عَقَدَ أَيْمَانًا عَلَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِذَا قُضِيَ بِصِحَّةِ النِّكَاحِ بَعْدُ ارْتَفَعَتْ الْأَيْمَانُ كُلُّهَا، وَإِذَا عَقَدَ عَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ يَمِينًا عَلَى حِدَةٍ لَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا فَسَخَ عَلَى امْرَأَةٍ لَا يَنْفَسِخُ عَلَى الْأُخْرَى، وَإِذَا عَقَدَ يَمِينَهُ بِكَلِمَةِ كُلَّمَا فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَكْرَارِ الْفَسْخِ فِي كُلِّ يَمِينٍ اهـ.
فَهِيَ أَرْبَعُ مَسَائِلُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ لِلْمُصَنِّفِ فَإِنْ أَمْضَاهُ قَاضٍ حَنَفِيٍّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ أَحْوَطَ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ حُكْمُ الْحَاكِمِ كَالْقَضَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ. اهـ.
وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَعَنْ الصَّدْرِ أَقُولُ: لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ يُعْلَمُ، وَلَا يُفْتَى بِهِ لِئَلَّا يَتَطَرَّقَ الْجُهَّالُ إلَى هَدْمِ الْمَذْهَبِ، وَعَنْ أَصْحَابِنَا مَا هُوَ أَوْسَعُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ اسْتَفْتَى فَقِيهًا عَدْلًا فَأَفْتَاهُ بِبُطْلَانِ الْيَمِينِ حَلَّ لَهُ الْعَمَلُ بِفَتْوَاهُ وَإِمْسَاكُهَا، وَرُوِيَ أَوْسَعُ مِنْ هَذَا، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ أَفْتَاهُ مُفْتٍ بِالْحِلِّ ثُمَّ أَفْتَاهُ آخَرُ بِالْحُرْمَةِ بَعْدَمَا عَمِلَ بِالْفَتْوَى الْأُولَى فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِفَتْوَى الثَّانِي فِي حَقِّ امْرَأَةٍ أُخْرَى لَا فِي حَقِّ الْأُولَى، وَيَعْمَلُ بِكِلَا الْفَتْوَتَيْنِ فِي حَادِثَتَيْنِ لَكِنْ لَا يُفْتَى بِهِ اهـ.
وَفِيهَا قُبَيْلَ الرَّجْعَةِ وَالتَّزَوُّجِ فِعْلًا أَوْلَى مِنْ فَسْخِ الْيَمِينِ فِي زَمَانِنَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجِيءَ إلَى عَالِمٍ وَيَقُولَ لَهُ مَا حَلَفَ وَاحْتِيَاجَهُ إلَى نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ فَيُزَوِّجَهُ الْعَالِمُ امْرَأَةً وَيُجِيزَ بِالْفِعْلِ فَلَا يَحْنَثُ، وَكَذَا إذَا قَالَ لِجَمَاعَةٍ لِي حَاجَةٌ إلَى نِكَاحِ الْفُضُولِيِّ فَزَوَّجَهُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَمَّا إذَا قَالَ لِرَجُلٍ اعْقِدْ لِي عَقْدَ فُضُولِيٍّ يَكُونُ تَوْكِيلًا. اهـ.
. وَسَيَأْتِي فِي آخِرِ الْأَيْمَانَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْفَسْخَ مِنْ الشَّافِعِيِّ إنَّمَا مَحَلُّهُ قَبْلَ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا، وَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا ثُمَّ إنَّهَا رَفَعَتْ أَمْرَهَا إلَى الْقَاضِي لِيَفْسَخَ الْيَمِينَ فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَا يَفْسَخُ لِأَنَّهُ لَوْ فَسَخَ تَطْلُقُ ثَلَاثًا بِالتَّنْجِيزِ بَعْدَ النِّكَاحِ فَلَا يُفِيدُ اهـ.
فَإِنْ قُلْت لِمَ وَسَّعَ أَصْحَابُنَا فِي فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ مَا لَمْ يُوَسِّعُوا فِي غَيْرِهِ مَعَ أَنَّ دَلِيلَهُمْ ظَاهِرٌ قُلْت قَدْ اخْتَلَجَ هَذَا فِي خَاطِرِي كَثِيرًا، وَلَمْ أَرَ عَنْهُ جَوَابًا حَتَّى رَأَيْت الزَّاهِدَيَّ فِي الْمُجْتَبَى قَالَ وَقَدْ ظَفِرْت بِرِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ، وَبِهِ كَانَ يُفْتِي كَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّةِ خُوَارِزْمَ. اهـ.
وَشَرَطَ قَاضِي خَانْ لِجَوَازِ فَسْخِ الْيَمِينِ الْمُضَافَةِ أَنْ لَا يَكُونَ الْقَاضِي أَخَذَ عَلَى ذَلِكَ مَالًا فَإِنْ أَخَذَ لَا يَنْفُذُ فَسْخُهُ عِنْدَ الْكُلِّ، وَإِنْ أَخَذَ عَلَى الْكِتَابَةِ فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ) عِبَارَةُ الظَّهِيرِيَّةِ إذَا عَقَدَ الْيَمِينَ عَلَى جَمِيعِ النِّسَاءِ فَوَقَعَ الْفَسْخُ فِي امْرَأَةٍ هَلْ يَحْتَاجُ إلَى الْفَسْخِ فِي امْرَأَةٍ أُخْرَى قَالَ أَبُو يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يَحْتَاجُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَا يَحْتَاجُ، وَقَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَقَوْلِ أَبِي يُوسُفَ قَالَ الصَّدْرُ الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الشَّهِيدُ حُسَامُ الدِّينِ، وَبِقَوْلِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُفْتَى اهـ.
وَإِنَّمَا نَقَلْنَا عِبَارَةَ الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مُخَالَفَةٌ لِمَا هُنَا لِأَنَّ بَعْضَهُمْ تَوَهَّمَ أَنَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إلَخْ رَاجِعٌ إلَى بُطْلَانِ إضَافَةِ الْيَمِينِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ كَمَا يَأْتِي عَنْ الزَّاهِدِيِّ (قَوْلُهُ وَالتَّزَوُّجُ فِعْلًا أَوْلَى مِنْ فَسْخِ الْيَمِينِ) قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ ثُمَّ الْإِجَازَةُ بِالْفِعْلِ أَنْ يَبْعَثَ إلَيْهَا شَيْئًا مِنْ الْمَهْرِ، وَيَدْفَعَ إلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الْمَأْمُورَ إلَيْهَا هَلْ هُوَ إجَازَةٌ أَمْ لَا لَا رِوَايَةَ لِهَذَا فِي الْكِتَابِ، وَقِيلَ إنَّهُ يَكُونُ إجَازَةٌ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهَا، وَقَالَ هَذَا مَهْرُك يَكُونُ إجَازَةً بِالْقَوْلِ وَبِالْفِعْلِ، وَقَالَ الْمَرْغِينَانِيُّ إنَّهُ يَكُونُ إجَازَةٌ بِالْقَوْلِ، وَلَوْ قَبَّلَهَا أَوْ لَمَسَهَا بِشَهْوَةٍ يَكُونُ إجَازَةً بِالْفِعْلِ، وَلَكِنْ يُكْرَهُ ذَلِكَ كَالرَّجْعَةِ بِالْفِعْلِ، وَلَوْ خَلَا بِهَا هَلْ يَكُونُ إجَازَةً ذَكَرَ السَّرَخْسِيُّ أَنَّهُ يَكُونُ إجَازَةً. اهـ.
وَفِيهَا قَبْلَ هَذَا، وَكَذَا الْحِيلَةُ فِي حَقِّ مَنْ حَلَفَ كُلُّ امْرَأَةٍ تَدْخُلُ فِي نِكَاحِي فَهِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا إنَّ الْفُضُولِيَّ يُزَوِّجُهُ امْرَأَةً ثُمَّ هُوَ يُجِيزُ بِالْفِعْلِ فَلَا يَحْنَثُ، وَإِنْ دَخَلَتْ فِي نِكَاحِهِ لِأَنَّ دُخُولَهَا فِيهِ لَا يَكُونُ إلَّا بِالتَّزْوِيجِ فَيَكُونُ ذِكْرُ الْحُكْمِ ذِكْرَ سَبَبِهِ الْمُخْتَصِّ بِهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتهَا وَبِتَزْوِيجِ الْفُضُولِيِّ لَا يَصِيرُ هُوَ مُتَزَوِّجًا بِخِلَافِ كُلِّ عَبْدٍ دَخَلَ فِي مِلْكِي يَحْنَثُ بِعَقْدِ الْفُضُولِيِّ لِأَنَّ مِلْكَ الْيَمِينِ لَا يَخْتَصُّ بِالشِّرَاءِ بَلْ لَهُ أَسْبَابٌ سِوَاهُ، وَقَالَ السَّرَخْسِيُّ وَالْبَزْدَوِيُّ يَحْنَثُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (قَوْلُهُ قُلْت قَدْ اخْتَلَجَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُمْ وَسَّعُوا فِيهِ لِأَنَّ لَهُ أَصْلًا فِي الْمَذْهَبِ، وَقَالَ الرَّمْلِيُّ يَعْنِي أَنَّ أَصْحَابَنَا يَضِنُّونَ بِتَرْكِ مَذْهَبِهِمْ وَتَقْلِيدِ غَيْرِهِمْ لَكِنْ حَيْثُ كَانَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْمَذْهَبِ بِالْكُلِّيَّةِ. اهـ. وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَبْنُوا الْجَوَابَ عَلَيْهَا لِاعْتِقَادِهِمْ ضَعْفَهَا أَوْ ضَعْفَ ثُبُوتِهَا عَنْهُ أَوْ لِكَوْنِ الْقَاضِي لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِغَيْرِ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ تَأَمَّلْ