للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّبَبُ بِلَا مَانِعٍ إذْ الزَّمَانُ مِنْ لَوَازِمِ الْوُجُودِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا فَرَّقَ بِهِ الزَّيْلَعِيُّ، وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْيَمِينَ لَا تُوجِبُ الْإِعْدَامَ مُطْلَقًا بَلْ فِي الْمَنْعِ أَمَّا فِي الْحَمْلِ فَلَا نَحْوُ إنْ بَشَّرْتنِي بِقُدُومِ وَلَدِي فَأَنْتَ حُرٌّ فَإِنَّ الْمَقْصُودَ إيجَادُ الشَّرْطِ لَا إعْدَامُهُ، وَفَرَّقُوا بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ الشَّرْطَ عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ بِخِلَافِ الْمُضَافِ.

وَهُوَ مَرْدُودٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَسْوِيَةَ الْمُضَافِ، وَالْمُعَلَّقُ فِي نَحْوِ يَوْمَ يَقْدَمُ زَيْدٌ، وَإِنْ قَدِمَ فِي يَوْمِ كَذَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى خَطَرِ الْوُجُودِ، وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي عَدَمِ انْعِقَادِ السَّبَبِيَّةِ لِلْخَطَرِ اسْتَوَيَا فِي الْأَحْكَامِ فَيَلْزَمُ مِنْهُ عَدَمُ جَوَازِ التَّعْجِيلِ فِيمَا لَوْ قَالَ عَلَيَّ صَدَقَةٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ لِعَدَمِ جَوَازِ التَّقْدِيمِ عَلَى السَّبَبِ، وَإِنْ كَانَ بِصُورَةِ الْإِضَافَةِ مَعَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الْمُضَافِ جَوَازُ التَّعْجِيلِ قَبْلَ الْوَقْتِ بِخِلَافِهِ فِي الْمُعَلَّقِ، وَيَقْتَضِي أَيْضًا كَوْنَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتَ حُرٌّ كَإِذَا مِتّ فَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّهُ لَا خَطَرَ فِيهِمَا فَيَكُونُ الْأَوَّلُ مُضَافًا فَيَمْتَنِعُ بَيْعُهُ قَبْلَ الْغَدِ كَمَا قَبْلَ الْمَوْتِ لِانْعِقَادِهِ سَبَبًا فِي الْحَالِ كَمَا عُرِفَ فِي التَّدْبِيرِ لَكِنَّهُمْ يُجِيزُونَ بَيْعَهُ قَبْلَ الْغَدِ، وَيُفَرِّقُونَ بَيْنَ أَنْتَ حُرٌّ غَدًا فَلَا يُجِيزُونَ بَيْعَهُ قَبْلَ الْغَدِ، وَبَيْنَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَيُجِيزُونَهُ مَعَ أَنَّهُ لَا خَطَرَ فِيهِمَا، وَقَدْ يُقَالُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا إنَّ الْإِضَافَةَ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ حَقِيقَةً لِعَدَمِ كَلِمَةِ الشَّرْطِ لَكِنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْحُكْمَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ فَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ، وَلَا يَمْنَعُ السَّبَبِيَّةَ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ فِي مَعْنَى الشَّرْطِ لَا يَنْزِلُ فِي الْحَالِ فَقُلْنَا بِأَنَّهُ يَنْعَقِدُ سَبَبًا لِلْحَالِ، وَيَقَعُ مُقَارِنًا وَيَتَأَخَّرُ الْحُكْمُ عَمَلًا بِالشَّبَهَيْنِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَوَّلِ كِتَابِ الْإِجَارَاتِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ أَجَرْتُك دَارِي هَذِهِ رَأْسَ الشَّهْرِ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا جَازَ فِي قَوْلِهِمْ، وَلَوْ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ أُجِرَتْك هَذِهِ الدَّارَ كُلُّ شَهْرٍ بِكَذَا قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ وَأَبُو بَكْرٍ الْإِسْكَافُ يَجُوزُ، وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الصَّفَّارُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ فَلَا يَصِحُّ كَمَا لَوْ عَلَّقَهَا بِشَرْطٍ آخَرَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ حَلَفَ أَنْ لَا يَحْلِفَ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إذَا جَاءَ غَدٌ فَأَنْت طَالِقٌ كَانَ حَانِثًا فِي يَمِينِهِ.

وَهَذَا يُؤَيِّدُ قَوْلَهُ، وَاَلَّذِي يُؤَيِّدُ قَوْلَ الْفَقِيهِ أَبِي اللَّيْثِ مَا ذُكِرَ فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ لَهُ خِيَارُ الشَّرْطِ فِي الْبَيْعِ فَقَالَ أَبْطَلْت خِيَارِي غَدًا أَوْ قَالَ أَبْطَلْت خِيَارِي إذَا جَاءَ غَدٌ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا قَالَ وَلَيْسَ هَذَا كَقَوْلِهِ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَقَدْ أَبْطَلْت خِيَارِي فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ هَذَا وَقْتٌ يَجِيءُ لَا مَحَالَةَ، وَلَوْ أَجَرَ دَارِهِ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا ثُمَّ قَالَ إذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ أَبْطَلْت الْإِجَارَةَ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو بَكْرٍ كَمَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِجَارَةِ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ يَصِحُّ تَعْلِيقُ فَسْخِهَا بِمَجِيءِ الشَّهْرِ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَوْقَاتِ، وَمَسْأَلَةُ الْمُنْتَقَى فِي تَعْلِيقِ إبْطَالِ الْخِيَارِ تُؤَيِّدُ قَوْلَهُ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إضَافَةُ الْفَسْخِ إلَى الْغَدِ، وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَوْقَاتِ صَحِيحٌ، وَتَعْلِيقُ الْفَسْخِ بِمَجِيءِ الشَّهْرِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا يَصِحُّ، وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِ اهـ.

فَقَدْ تَحَرَّرَ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ عَلَى خَطَرٍ لَيْسَ كَالْمُضَافِ اتِّفَاقًا، وَبِمَا لَيْسَ فِيهِ خَطَرٌ فِيهِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا الْفَقِيهَانِ فِي الْإِجَارَةِ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الصَّفَّارُ وَالْإِفْتَاءُ بِالْفَرْقِ بَيْنَهُمَا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ إفْتَاءٌ بِقَوْلِ الصَّفَّارِ بِالْفَرْقِ فِي الْإِجَارَةِ فَالْفَتْوَى عَلَى الْفَرْقِ فِي الْإِجَارَةِ وَفَسْخِهَا، وَمَسْأَلَةُ الْجَامِعِ تُؤَيِّدُهُ، وَإِنَّمَا خَرَجَ عَنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْمُنْتَقَى.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّحَّةِ فِي قَوْلِهِ إنَّمَا يَصِحُّ اللُّزُومُ فَإِنَّ التَّعْلِيقَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ، وَالْمُضَافُ إلَيْهِ صَحِيحٌ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ حَتَّى لَوْ قَالَ أَجْنَبِيٌّ لِزَوْجَةِ إنْسَانٍ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ تَوَقَّفَ عَلَى الْإِجَازَةِ فَإِنْ أَجَازَهُ لَزِمَ التَّعْلِيقُ فَتَطْلُقُ بِالدُّخُولِ بَعْدَ الْإِجَازَةِ لَا قَبْلَهَا، وَكَذَا الطَّلَاقُ الْمُنَجَّزُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ فَإِذَا أَجَازَهُ وَقَعَ مُقْتَصَرًا عَلَى وَقْتِ الْإِجَازَةِ، وَلَا يَسْتَنِدُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ الْمَوْقُوفِ فَإِنَّهُ بِالْإِجَازَةِ يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْبَيْعِ حَتَّى مَلَكَ الْمُشْتَرِي الزَّوَائِدَ الْمُتَّصِلَةَ وَالْمُنْفَصِلَةَ، وَالضَّابِطُ فِيهِ أَنَّ مَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ فَإِنَّهُ يَقْتَصِرُ، وَمَا لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَنِدُ، وَتَمَامُهُ فِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ، وَدَخَلَ تَحْتَ الْمُضَافِ إلَى الْمِلْكِ مَا لَوْ قَالَ لِمُعْتَدَّتِهِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَأَنْت طَالِقٌ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>