للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجْعَةَ عَلَى زَوْجَتِهِ، وَطَلَاقٌ رَجْعِيٌّ بِالْوَجْهَيْنِ أَيْضًا. اهـ.

وَقَدَّمْنَا أَنَّ الطَّلَاقَ الصَّرِيحَ، وَمَا فِي حُكْمِهِ يَعْقُبُ الرَّجْعَةَ، وَضَبَطَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنْ يَكُونَ الطَّلَاقُ صَرِيحًا بَعْدَ الدُّخُولِ حَقِيقَةً غَيْرُ مَقْرُونٍ بِعِوَضٍ، وَلَا بِعَدَدِ الثَّلَاثِ نَصًّا، وَلَا إشَارَةً، وَلَا مَوْصُوفٌ بِصِفَةٍ تُنْبِئُ عَنْ الْبَيْنُونَةِ أَوْ تَدُلُّ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ حَرْفِ الْعَطْفِ، وَلَا مُشَبِّهَ بَعْدُ أَوْ صِفَتُهُ تَدُلُّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ هِيَ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ الْقَائِمِ فِي الْعِدَّةِ) أَيْ الرَّجْعَةُ إبْقَاءُ النِّكَاحِ عَلَى مَا كَانَ مَادَامَتْ فِي الْعِدَّةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٣١] لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ اسْتِدَامَةُ الْمِلْكِ الْقَائِمِ لَا إعَادَةُ الزَّائِلِ وقَوْله تَعَالَى {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨] يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ رِضَاهَا، وَعَلَى اشْتِرَاطِ الْعِدَّةِ إذْ لَا يَكُونُ بَعْدَهَا بَعْلًا، وَالرَّدُّ يَصْدُقُ حَقِيقَةً بَعْدَ انْعِقَادِ سَبَبِ زَوَالِ الْمِلْكِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ زَائِلًا بَعْدُ كَمَا بَعْدَ الزَّوَالِ.

وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الرَّجْعَةِ مَهْرٌ وَلَا عِوَضٌ لِأَنَّهَا اسْتِبْقَاءُ مِلْكٍ، وَالْمَهْرُ يُقَابِلُهُ ثُبُوتًا لِإِبْقَاءٍ، وَلَوْ قَالَ رَاجَعْتُك بِأَلْفِ دِرْهَمٍ إنْ قَبِلَتْ الْمَرْأَةُ صَحَّ ذَلِكَ، وَإِلَّا لَا لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ فِي الْمَهْرِ، وَفِي الْمَرْغِينَانِيِّ، وَالْحَاوِي قَالَ رَاجَعْتُك عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْأَلْفُ، وَلَا تَصِيرُ زِيَادَةً فِي الْمَهْرِ كَمَا فِي الْإِقَالَةِ كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَلَوْ قَالَ لَهَا زِدْتُك فِي مَهْرِك لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَأَفَادَ بِهِ أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْأَمَةَ رَجْعِيًّا ثُمَّ تَزَوَّجَ حُرَّةً كَانَ لَهُ أَنْ يُرَاجِعَ الْأَمَةَ.

وَلَوْ كَانَتْ الرَّجْعَةُ اسْتِحْدَاثَ مِلْكٍ لَمَا كَانَ لَهُ مُرَاجَعَتُهَا لِحُرْمَةِ إدْخَالِ الْأَمَةِ عَلَى الْحُرَّةِ، وَلِهَذَا كَانَ الْمِلْكُ بَاقِيًا فِي حَقِّ الْإِرْثِ، وَالْإِيلَاءِ، وَالظِّهَارِ، وَاللِّعَانِ، وَعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَيَتَنَاوَلُهَا قَوْلُهُ زَوْجَاتِي طَوَالِقُ، وَجَوَازِ الِاعْتِيَاضِ بِالْخُلْعِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى صَحَّ الْخُلْعُ وَالطَّلَاقُ بِمَالٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ، وَمِنْ أَحْكَامِهَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ إضَافَتُهَا إلَى وَقْتٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَا تَعْلِيقُهَا بِالشَّرْطِ كَمَا إذَا قَالَ إذَا جَاءَ غَدٌ فَقَدْ رَاجَعْتُك أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَقَدْ رَاجَعْت امْرَأَتِي، وَتَصِحُّ مَعَ الْإِكْرَاهِ وَالْهَزْلِ وَاللَّعِبِ وَالْخَطَأِ كَالنِّكَاحِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي الْخُلَاصَةِ، وَبِالطَّلَاقِ يَتَعَجَّلُ الْمُؤَجَّلُ، وَلَوْ رَاجَعَهَا لَا يَتَأَجَّلُ، وَصَحَّحَهُ فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَفِي الصَّيْرَفِيَّةِ لَا يَكُونُ حَالًّا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ، وَقَيَّدَ بِقِيَامِ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ لَا رَجْعَةَ بَعْدَ انْقِضَائِهَا، وَالْقَوْلُ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْحَيْضِ قَوْلُ الْمَرْأَةِ، وَلَا تُصَدَّقُ فِي انْقِضَائِهَا فِي أَقَلَّ مِنْ شَهْرَيْنِ كَذَا فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَإِذَا أَسْقَطَتْ تَامَّ الْخَلْقِ أَوْ نَاقِصَ الْخَلْقِ بَطَلَ حَقُّ الرَّجْعَةِ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَوْ قَالَتْ وَلَدْت لَا تُقْبَلُ بِلَا بَيِّنَةٍ فَإِنْ طَلَبَ يَمِينَهَا بِاَللَّهِ تَعَالَى لَقَدْ أَسْقَطْت بِهَذِهِ الصِّفَةِ حَلَفَتْ اتِّفَاقًا. اهـ.

وَفِيهَا لَوْ قَالَ بَعْدَ الْخَلْوَةِ بِهَا وَطِئْتُك، وَأَنْكَرَتْ فَلَهُ الرَّجْعَةُ، وَإِنْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ الْوَطْءَ لَا رَجْعَةَ لَهُ. اهـ.

وَأَشَارَ بِالِاسْتِدَامَةِ إلَى أَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا عَلَى مَالٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ يَصِحُّ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ.

(قَوْلُهُ وَتَصِحُّ فِي الْعِدَّةِ إنْ لَمْ يُطَلَّقْ ثَلَاثًا، وَلَوْ لَمْ تَرْضَ بِرَاجَعْتُكِ أَوْ رَاجَعْت امْرَأَتِي، وَبِمَا يُوجِبُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ) بَيَانٌ لِشَرْطِهَا وَرُكْنِهَا فَشَرْطُهَا أَنْ لَا يَكُونَ الطَّلَاقُ ثَلَاثًا كَمَا ذَكَرَهُ، وَمُرَادُهُ أَنْ لَا يَكُونَ بَائِنًا سَوَاءٌ كَانَ وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ، وَقَدَّمْنَا الرَّجْعِيَّ، وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ كَالثَّلَاثِ فِي الْحُرَّةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ رِقُّهَا ثَابِتًا بِإِقْرَارِهَا، وَلِهَذَا لَوْ كَانَ اللَّقِيطُ امْرَأَةً مُتَزَوِّجَةً، وَقَدْ طَلَّقَهَا اثْنَتَيْنِ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ فَلَهُ الرَّجْعَةُ لِأَنَّهَا مُتَّهَمَةٌ فِي إبْطَالِ حَقِّهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ فَإِنَّهُ يَصِيرُ طَلَاقُهَا ثِنْتَيْنِ لَا يَمْلِكُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بَعْدَ ذَلِكَ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ فِي بَابِ اللَّقِيطِ، وَفِي الْقُنْيَةِ قُبَيْلَ النَّفَقَةِ قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْأَمَةِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا ثُمَّ أَعْتَقَهَا مَوْلَاهَا فَدَخَلَتْ وَقَعَ ثِنْتَانِ، وَفِي جَامِعِ الْكَرْخِيِّ طَلَقَتْ ثِنْتَيْنِ، وَمَلَكَ الزَّوْجُ الرَّجْعَةَ انْتَهَى، وَأَطْلَقَ فِي الْمَرْأَةِ فَشَمِلَ الْمُسْلِمَةَ وَالْكِتَابِيَّةَ وَالْحُرَّةَ وَالْمَمْلُوكَةَ لِإِطْلَاقِ الدَّلَائِلِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَأَمَّا رُكْنُهَا فَقَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ فَالْأَوَّلُ صَرِيحٌ، وَكِنَايَةٌ أَمَّا الْأَوَّلُ فَرَاجَعْتُك وَرَاجَعْت امْرَأَتِي، وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا لِيُفِيدَ مَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً فَخَاطَبَهَا أَوْ غَائِبَةً، وَارْتَجَعْتُك وَرَجَعْتُك

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ أَنْ لَا يَكُونَ بَائِنًا) قَالَ الرَّمْلِيُّ لَا حَاجَةَ إلَى هَذَا مَعَ قَوْلِهِ اسْتِدَامَةُ الْقَائِمِ لِأَنَّ الْبَائِنَ لَيْسَ فِيهِ مِلْكٌ قَائِمٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَالْكَلَامُ فِي الرَّجْعِيِّ لَا فِي الْبَائِنِ فَتَأَمَّلْ فَقَدْ غَفَلَ أَكْثَرُهُمْ فِي هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَالثِّنْتَانِ فِي الْأَمَةِ كَالثَّلَاثِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ (قَوْلُهُ وَرَدَدْتُك) قَالَ فِي النَّهْرِ اشْتَرَطَ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ ذِكْرَ الصِّلَةِ بِأَنْ يَقُولَ إلَى أَوْ إلَى نِكَاحِي أَوْ إلَى عِصْمَتِي قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ حَسَنٌ إذْ مُطْلَقُهُ يُسْتَعْمَلُ فِي ضِدِّ الْقَبُولِ

<<  <  ج: ص:  >  >>