للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْقَوْلِ، وَيُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِهَا، وَيُعْلَمَهَا، وَلَوْ رَاجَعَهَا بِالْقَوْلِ، وَلَمْ يُشْهِدْ أَوْ أَشْهَدَ، وَلَمْ يُعْلِمْهَا كَانَ مُخَالِفًا لِلسُّنَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْعِدَّةِ رَاجَعْتُك فِيهَا فَصَدَّقَتْهُ تَصِحُّ، وَإِلَّا لَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ شَيْءٍ لَا يَمْلِكُ إنْشَاءَهُ فِي الْحَالِ، وَهِيَ تُنْكِرُهُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ لِمَا عُرِفَ فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ، وَإِنْ صَدَّقَتْهُ صَحَّتْ لِأَنَّ النِّكَاحَ يَثْبُتُ بِتَصَادُقِهِمَا فَالرَّجْعَةُ أَوْلَى، وَنَظِيرُهُ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ إذَا قَالَ قَبْلَ الْعَزْلِ كُنْت بِعْته مِنْ فُلَانٍ صُدِّقَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَهُ بَعْدَ الْعَزْلِ كَذَا فِي الْكَافِي، وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لِلصَّدْرِ مَنْ مَلَكَ الْإِنْشَاءَ مَلَكَ الْإِخْبَارَ كَالْوَصِيِّ وَالْمَوْلَى وَالْمَرَاجِعِ وَالْوَكِيلِ بِالْبَيْعِ، وَمَنْ لَهُ الْخِيَارُ انْتَهَى، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بَعْدَ الْعِدَّةِ أَنَّهُ قَالَ فِي عِدَّتِهَا قَدْ رَاجَعْتهَا أَوْ أَنَّهُ قَالَ قَدْ جَامَعْتهَا كَانَ رَجْعَةً لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ، وَهَذَا مِنْ أَعْجَبْ الْمَسَائِلِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ إقْرَارَ نَفْسِهِ بِالْبَيِّنَةِ بِمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ فِي الْحَالِ لَمْ يَكُنْ مَقْبُولًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي الْعِدَّةِ كُنْت رَاجَعْتُك أَمْسِ ثَبَتَتْ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ لِمِلْكِهِ الْإِنْشَاءَ فِي الْحَالِ.

(قَوْلُهُ كَرَاجَعْتُكِ فَقَالَتْ مُجِيبَةً مَضَتْ عِدَّتِي) يَعْنِي لَوْ قَالَ لَهَا رَاجَعْتُك فَأَجَابَتْهُ بِقَوْلِهَا مَضَتْ عِدَّتِي لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّهَا صَادَفَتْ حَالَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَلَا تَصِحُّ، وَقَالَا تَصِحُّ، وَالْقَوْلُ لَهُ لِأَنَّهَا صَادَفَتْ الْعِدَّةَ لِبَقَائِهَا ظَاهِرًا مَا لَمْ تُخْبِرْ بِالِانْقِضَاءِ، وَقَدْ سَبَقَتْ الرَّجْعَةُ خَبَرَهَا بِالِانْقِضَاءِ كَمَا لَوْ قَالَ طَلَّقْتُك فَقَالَتْ مُجِيبَةً انْقَضَتْ عِدَّتِي فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَكَالْمُوَكِّلِ إذَا قَالَ لِلْوَكِيلِ عَزَلْتُك فَقَالَ الْوَكِيلُ مُجِيبًا لَهُ بِعْت لَا يَصِحُّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَهُ أَنَّ قَوْلَهُ رَاجَعْتُك إنْشَاءٌ، وَهُوَ إثْبَاتُ أَمْرٍ لَمْ يَكُنْ فَلَا يَسْتَدْعِي سَبْقَ الرَّجْعَةِ، وَقَوْلُهَا انْقَضَتْ عِدَّتِي إخْبَارٌ، وَهُوَ إظْهَارُ أَمْرٍ قَدْ كَانَ فَيَقْتَضِي سَبْقَ الِانْقِضَاءِ ضَرُورَةً، وَمَسْأَلَةُ الطَّلَاقِ قِيلَ عَلَى الْخِلَافِ فَلَا يَقَعُ عِنْدَهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ انْقِضَاءِ عِدَّتِك، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَقَعُ لِإِقْرَارِ الزَّوْجِ بِالْوُقُوعِ كَمَا لَوْ قَالَ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ كُنْت طَلَّقْتهَا فِي الْعِدَّةِ كَانَ مُصَدَّقًا فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ قَيَّدَ بِكَوْنِهَا إجَابَتَهُ مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ لِأَنَّهَا لَوْ سَكَتَتْ سَاعَةً تَصِحُّ الرَّجْعَةُ اتِّفَاقًا.

وَأَشَارَ بِكَوْنِ الزَّوْجِ بَدَأَهَا إلَى أَنَّهَا لَوْ بَدَأَتْ فَقَالَتْ انْقَضَتْ عِدَّتِي فَقَالَ الزَّوْجُ مُجِيبًا لَهَا مَوْصُولًا بِكَلَامِهَا رَاجَعْتُك لَا يَصِحُّ بِالْأُولَى، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِيهَا خِلَافًا، وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الرَّجْعَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ لَا تُسْتَحْلَفُ عِنْدَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَى أَنَّ الْيَمِينَ فَائِدَتُهَا النُّكُولُ، وَهُوَ بَذْلٌ عِنْدَهُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى تَحْلِيفُهَا عَلَى الرَّجْعَةِ، وَبَذْلُهَا لَا يَجُوزُ، وَفِي الثَّانِيَةِ تَحْلِيفُهَا عَلَى مُضِيِّ عِدَّتِهَا، وَهُوَ الِامْتِنَاعُ عَنْ التَّزَوُّجِ، وَالِاحْتِبَاسُ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ، وَبَذْلُهُ جَائِزٌ، وَأَمَّا مَذْهَبُهُمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَقَدْ عَرَفْت أَنَّهُ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يُقَالَ تُسْتَحْلَفُ الْمَرْأَةُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، وَقَلَّدَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَشَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهَا تُسْتَحْلَفُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فِي الْبَدَائِعِ، وَغَايَةِ الْبَيَانِ وَالْأَقْطَعِ وَالْخُلَاصَةِ والولوالجية فَكَانَ نَقْلُ الْإِجْمَاعِ سَهْوًا.

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ زَوْجُ الْأَمَةِ بَعْدَ الْعِدَّةِ رَاجَعْت فِيهَا فَصَدَّقَ سَيِّدُهَا وَكَذَّبَتْهُ أَوْ قَالَتْ مَضَتْ عِدَّتِي، وَأَنْكَرَا فَالْقَوْلُ لَهَا) أَيْ أَنْكَرَ الزَّوْجُ، وَالْمَوْلَى، وَقَبُولُ قَوْلِهَا فِي الْأُولَى قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ لِأَنَّ الرَّجْعَةَ تُبْتَنَى عَلَى قِيَامِ الْعِدَّةِ، وَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُهَا، وَقَالَا الْقَوْلُ لِلْمَوْلَى لِأَنَّ الْبُضْعَ حَقُّهُ كَإِقْرَارِهِ عَلَيْهَا بِالنِّكَاحِ قَيَّدَ بِتَصْدِيقِ السَّيِّدِ لِأَنَّ الْمَوْلَى لَوْ كَذَّبَهُ، وَصَدَّقَتْهُ الْأَمَةُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّ مِلْكَهُ قَدْ ظَهَرَ لِلْحَالِ بِخِلَافِ الْأَوَّلِ لِاعْتِرَافِهِ بِبَقَاءِ الْعِدَّةِ، وَلَا يَظْهَرُ مِلْكُهُ مَعَهَا فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ عَدَمُ صِحَّةِ الرَّجْعَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَ التَّصْوِيرُ، وَقَيَّدَ بِكَوْنِهَا قَالَتْ مَضَتْ عِدَّتِي لِأَنَّهَا لَوْ قَالَتْ وَلَدْت يَعْنِي انْقَضَتْ عِدَّتِي بِالْوِلَادَةِ لَا يُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَا لَوْ قَالَتْ أَسْقَطْت سُقْطًا مُسْتَبِينَ الْخَلْقِ، وَلِلزَّوْجِ أَنْ يَطْلُبَ يَمِينَهَا عَلَى أَنَّهَا أَسْقَطَتْ بِهَذِهِ الصِّفَةِ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْحُرَّةِ وَالْأَمَةِ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ لَوْ قَالَتْ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لِمَا عُرِفَ فِي الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ) بَلْ التِّسْعَةُ، وَهِيَ الرَّجْعَةُ، وَالنِّكَاحُ، وَالْفَيْءُ، وَالِاسْتِيلَادُ، وَالرِّقُّ، وَالنَّسَبُ، وَالْوَلَاءُ، وَالْحَدُّ، وَاللِّعَانُ لَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى التَّحْلِيفِ فِي السَّبْعَةِ الْأُولَى، وَهُوَ قَوْلُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعْوَى.

(قَوْلُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَى) الْمُرَادُ بِالْأُولَى الْمَذْكُورَةُ فِي الْمَتْنِ، وَهِيَ مَا إذَا قَالَ بَعْدَ الْعِدَّةِ رَاجَعْتُك فِيهَا، وَلَمْ تُصَدِّقْهُ فَإِنَّ الْقَوْلَ لَهَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>