بِحَادِثٍ بَعْدَ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ كَمَا إذَا طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ كُلَّمَا وَلَدْت فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ ثَلَاثًا فِي بُطُونٍ فَالْوَلَدُ الثَّانِي، وَالثَّالِثُ رَجْعَةٌ) لِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِالْأَوَّلِ، وَثَبَتَتْ الرَّجْعَةُ بِالثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَيَقَعُ بِكُلِّ طَلْقَةٍ أُخْرَى فَتَحْرُمُ حُرْمَةً غَلِيظَةً، وَيَثْبُتُ نَسَبُ الْأَوْلَادِ مِنْ الزَّوْجِ، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ بِالْأَقْرَاءِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِمْ فِي بُطُونٍ أَيْ بَيْنَ كُلِّ وَاحِدٍ مُدَّةُ الْحَمْلِ فَأَكْثَرَ لَوْ كَانَ بَيْنَ الْوِلَادَتَيْنِ أَقَلُّ مِنْهَا لَا يَكُونُ رَجْعَةً، وَيَقَعُ طَلْقَتَانِ بِالْأَوَّلِ، وَالثَّانِي، وَلَا يَقَعُ بِالثَّالِثِ شَيْءٌ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِهِ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلَانِ فِي بَطْنٍ، وَالثَّالِثُ فِي بَطْنٍ تَقَعُ تَطْلِيقَةٌ وَاحِدَةٌ بِالْأُولَى لَا غَيْرُ، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالثَّانِي، وَلَا يَقَعُ بِالثَّالِثِ شَيْءٌ، وَلَوْ كَانَ الْأَوَّلُ فِي بَطْنٍ، وَالثَّانِي، وَالثَّالِثُ فِي بَطْنٍ يَقَعُ ثِنْتَانِ بِالْأَوَّلِ، وَالثَّانِي، وَتَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِالثَّالِثِ فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ وَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَقَعَ بِالْأَوَّلِ، وَلَا يَقَعُ بِالثَّانِي لِمُصَادَفَتِهِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ، وَالْمُرَادُ مِنْ كَوْنِ الْوَلَدِ الثَّانِي، وَالثَّالِثِ رَجْعَةً أَنَّهُ ظَهَرَ صِحَّةُ الرَّجْعَةِ السَّابِقَةِ بِهِمَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ بِوَطْءٍ حَادِثٍ.
(قَوْلُهُ) (، وَالْمُطَلَّقَةُ الرَّجْعِيَّةُ تَتَزَيَّنُ) يَعْنِي لِزَوْجِهَا إذَا كَانَتْ الرَّجْعَةُ مَرْجُوَّةً لِأَنَّهَا حَلَالٌ لِلزَّوْجِ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَائِمٌ بَيْنَهُمَا ثُمَّ الرَّجْعَةُ مُسْتَحَبَّةٌ، وَالتَّزَيُّنُ حَامِلٌ عَلَيْهَا فَيَكُونُ مَشْرُوعًا قَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ لِزَوْجِهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ غَائِبًا فَلَا تَتَزَيَّنُ لِفَقْدِ الْعِلَّةِ، وَقَيَّدْنَا بِالرَّجْعِيَّةِ لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ لَا يَجُوزُ لَهَا التَّزَيُّنُ مُطْلَقًا لِحُرْمَةِ النَّظَرِ إلَيْهَا، وَعَدَمِ مَشْرُوعِيَّةِ الرَّجْعَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَخَرَجَتْ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ، وَفَاةٍ فَإِنَّهَا تُحَدُّ، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهَا مَرْجُوَّةً لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا لِشِدَّةِ بُغْضِهَا فَإِنَّهَا لَا تَفْعَلُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مِسْكِينٍ، وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَضْرِبَ امْرَأَتَهُ عَلَى تَرْكِهَا الزِّينَةَ إذَا طَلَبَهَا مِنْهَا لِأَنَّهَا حَقُّهُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِلْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا.
(قَوْلُهُ) (وَنُدِبَ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا حَتَّى يُؤْذِنَهَا) أَيْ يُعْلِمَهَا بِدُخُولِهِ إمَّا بِخَفْقِ النَّعْلِ أَوْ بِالتَّنَحْنُحِ أَوْ بِالنِّدَاءِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا قَصَدَ رَجْعَتَهَا أَوَّلًا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَإِنَّهُ لَا يَأْمَنُ إنْ بَرِئَ الْفَرْجُ بِشَهْوَةٍ فَتَكُونُ رَجْعَةً بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ مِنْ جِهَتَيْنِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا يُؤَدِّي إلَى تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا بِأَنْ يَصِيرَ مُرَاجِعًا بِالنَّظَرِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا، وَذَلِكَ إضْرَارٌ بِهَا فَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَمْلِ الْمُتُونِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ رَجْعَتَهَا كَمَا فَعَلَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى إطْلَاقِهَا كَمَا لَا يَخْفَى، وَقَدْ صَرَّحَ بِالْإِطْلَاقِ الْوَلْوَالِجِيُّ فِي فَتَاوَاهُ.
(قَوْلُهُ وَلَا يُسَافِرُ بِهَا) يَعْنِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ السَّفَرُ بِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} [الطلاق: ١] وَلِحُرْمَتِهِ لَمْ يَكُنْ رَجْعَةً لِأَنَّ الرَّجْعَةَ مَنْدُوبَةٌ، وَالْمُسَافَرَةُ بِهَا حَرَامٌ، وَمُرَادَةٌ إذَا كَانَ يُصَرِّحُ بِعَدَمِ رَجْعَتِهَا أَمَّا إذَا سَكَتَ كَانَتْ رَجْعَةً دَلَالَةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَشَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْقَاضِي، وَفَتَاوِيهِ، وَالْبَدَائِعِ، وَغَايَةِ الْبَيَانِ مُعَلِّلِينَ بِأَنَّ السَّفَرَ دَلَالَةُ الرَّجْعَةِ فَانْتَفَى بِهِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ السَّفَرَ لَيْسَ دَلَالَةَ الرَّجْعَةِ، وَأَوْرَدَ أَنَّ التَّقْبِيلَ بِشَهْوَةٍ يَكُونُ رَجْعَةً، وَإِنْ نَادَى عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ الرَّجْعَةِ، وَجَوَابُهُ الْفِرَاقُ بِالْحِلِّ، وَالْحُرْمَةِ كَمَا نَقَلْنَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَجَابَ الشُّمُنِّيُّ بِأَنَّ التَّقْبِيلَ رَجْعَةٌ حَقِيقَةً لَا دَلَالَةً بِخِلَافِ السَّفَرِ فَإِنَّهُ رَجْعَةٌ دَلَالَةً لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ شَيْئًا تَثْبُتُ بِهِ الرَّجْعَةُ قَيَّدَ بِالسَّفَرِ أَيْ بِإِنْشَائِهِ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا فِي السَّفَرِ لَهَا أَنْ تَمْشِيَ مَعَهُ ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَمُرَادُهُ مِنْ الْمُسَافَرَةِ بِهَا إخْرَاجُهَا مِنْ بَيْتِهَا لَا السَّفَرُ الشَّرْعِيُّ الْمُقَدَّرُ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ إخْرَاجُهَا إلَى مَا دُونَهُ أَيْضًا لِلنَّهْيِ الْمُطْلَقِ لَكِنْ لَا يَكُونُ رَجْعَةً دَلَالَةً، وَاعْلَمْ أَنَّ الْهِدَايَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ الْمُسَافَرَةِ بِهَا مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا لَمْ يُرَاجِعْهَا فِي عِدَّتِهَا لِأَنَّهُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَهُوَ مَكْرُوهٌ مِنْ جِهَتَيْنِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا بِالْفِعْلِ، وَمِنْ جِهَةِ كَوْنِهَا بِدُونِ إشْهَادٍ، وَنَظَرَ فِي الْأُولَى فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمُطَلَّقَةِ رَجْعِيًّا، وَلَا يَحْرُمُ وَطْؤُهَا فَالنَّظَرُ مِثْلُهُ بَلْ أَوْلَى لِأَنَّهُ يَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَيْهِ اهـ.
نَعَمْ يَظْهَرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَرُدَّ رَجْعَتَهَا، وَلَيْسَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا مَرَّ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَالْإِشْهَادُ مَنْدُوبٌ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْمُحِيطِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ وَيُكْرَهُ التَّقْبِيلُ، وَاللَّمْسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ إذَا لَمْ يَرُدَّ الرَّجْعَةَ (قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِالْإِطْلَاقِ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ) أَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِيهَا مَا نَصُّهُ، وَيُكْرَهُ أَنْ يَرَاهَا مُتَجَرِّدَةً إنْ لَمْ يَرُدَّ الرَّجْعَةَ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَأْتِي بِشَيْءٍ يَصِيرُ بِهِ مُرَاجِعًا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَطُولُ الْعِدَّةُ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ لَا يُرَاجِعَهَا فَأَحْسَنُ ذَلِكَ أَنْ يُعْلِمَهَا بِدُخُولِهِ عَلَيْهَا بِالتَّنَحْنُحِ وَخَفْقِ النَّعْلِ كَيْ تَتَأَهَّبَ لِدُخُولِهِ كَيْ لَا يَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى فَرْجِهَا فَيَصِيرَ مُرَاجِعًا لَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا، وَكَذَا إنْ كَانَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَالْأَحْسَنُ أَنْ يُعْلِمَهَا كَيْ لَا يَصِيرَ مُرَاجِعًا بِغَيْرِ شُهُودٍ، وَكَذَا يُكْرَهُ التَّقْبِيلُ وَاللَّمْسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ اهـ.
فَمَا نَسَبَهُ إلَيْهَا مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْإِطْلَاقِ لَيْسَ مَوْجُودًا كَمَا رَأَيْت، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَيُكْرَهُ التَّقْبِيلُ وَاللَّمْسُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ فَهُوَ فِيمَا إذَا لَمْ يُرِدْ مُرَاجَعَتَهَا أَيْضًا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَدَائِعِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute