شَيْءٍ يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ لَا يَحْنَثُ إلَّا بِقُرْبَانِ جَمِيعِهِنَّ، وَرُكْنُهُ الْحَلِفُ الْمَذْكُورُ وَشَرْطُهُ مَحَلِّيَّةُ الْمَرْأَةِ بِأَنْ تَكُونَ مَنْكُوحَةً وَقْتَ تَنْجِيزِ الْإِيلَاءِ فَلَا يَرِدُ مَا لَوْ قَالَ إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَتَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يَصِيرُ مُولِيًا عِنْدَنَا كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَأَهْلِيَّةُ الزَّوْجِ لِلطَّلَاقِ عِنْدَهُ، وَلِلْكَفَّارَةِ عِنْدَهُمَا فَيَصِحُّ إيلَاءُ الذِّمِّيِّ عِنْدَهُ بِمَا فِيهِ كَفَّارَةٌ نَحْوُ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك فَإِنْ قَرُبَهَا تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ مُولِيًا أَنَّ الْمُدَّةَ لَوْ مَضَتْ بِلَا قُرْبَانٍ بَانَتْ بِتَطْلِيقَةٍ، وَلَا يَصِحُّ عِنْدَهُمَا أَمَّا لَوْ آلَى بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ كَالْحَجِّ لَا يَصِحُّ اتِّفَاقًا أَوْ بِمَا لَا يَلْزَمُ كَوْنُهُ قُرْبَةً كَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ اتِّفَاقًا فَإِيلَاءُ الذِّمِّيِّ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ، وَعَدَمُ النَّقْصِ عَنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فِي الْحُرَّةِ مِنْ الشَّرَائِطِ فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَحُكْمُهُ لُزُومُ الْكَفَّارَةِ أَوْ الْجَزَاءُ الْمُعَلَّقُ بِتَقْدِيرِ الْحِنْثِ بِالْقُرْبَانِ، وَوُقُوعُ طَلْقَةٍ بَائِنَةٍ بِتَقْدِيرِ الْبِرِّ.
(قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ أَوْ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ} [البقرة: ٢٢٦] وَأَفَادَ بِالْمِثَالَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ تَعْيِينِ الْمُدَّةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ كَالتَّأْبِيدِ، وَبِإِطْلَاقِهِ إلَى أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ صَرِيحٌ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ النِّيَّةُ، وَمِثْلُهُ لَا أُجَامِعُك لَا أَطَؤُك لَا أَبَاضِعُك لَا أَغْتَسِلُ مِنْك مِنْ جَنَابَةٍ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ الْجِمَاعَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَيُصَدَّقُ دِيَانَةً، وَالْكِنَايَةُ كُلُّ لَفْظٍ لَا يَسْبِقُ إلَى الْفَهْمِ مَعْنَى الْوِقَاعِ، وَيَحْتَمِلُ غَيْرَهُ مَا لَمْ يُنْوَ نَحْوُ لَا أَمَسُّك، وَلَا آتِيك، وَلَا أَغْشَاك لَا أَلْمِسُك لَأَغِيظَنَّك لَأَسُوءَنَّك لَا أَدْخُلُ عَلَيْك لَا أَجْمَعُ رَأْسِي، وَرَأْسَك لَا أُضَاجِعُك لَا أَدْنُو مِنْك لَا أَبِيتُ مَعَك فِي فِرَاشٍ لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَك لَا أَقْرَبُ فِرَاشَك فَلَا يَكُونُ إيلَاءً بِلَا نِيَّةٍ، وَيُدَيَّنُ فِي الْقَضَاءِ، وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ مَعْزِيًّا إلَى الشَّامِلِ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا، وَهِيَ حَائِضٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّ الزَّوْجَ مَمْنُوعٌ عَنْ الْوَطْءِ بِالْحَيْضِ فَلَا يَصِيرُ الْمَنْعُ مُضَافًا إلَى الْيَمِينِ اهـ.
وَبِهَذَا اعْلَمْ أَنَّ الصَّرِيحَ وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ لَا يَقَعُ بِهِ لِوُجُودِ صَارِفٍ، وَقَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِالْقَسَمِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ لَا أَقْرَبُك، وَلَمْ يَقُلْ، وَاَللَّهِ لَا يَكُونُ مُولِيًا كَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَفِي الْبَدَائِعِ لَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْأُخْرَى أَشْرَكْتُك فِي إيلَائِهَا لَمْ يَصِحَّ فَإِنْ كَانَ فِي مَكَانِ الْإِيلَاءِ ظِهَارٌ صَحَّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرِكَةَ فِي الْإِيلَاءِ لَوْ صَحَّتْ لَثَبَتَتْ الشَّرِكَةُ فِي الْمُدَّةِ فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَهَذَا يَمْنَعُ صِحَّةَ الْإِيلَاءِ انْتَهَى، وَالطَّلَاقُ كَالظِّهَارِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ آلَى مِنْهَا مُدَّةً لَوْ قُسِمَتْ خَصَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا مِنْ الثَّانِيَةِ بِالتَّشْرِيكِ، وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثُمَّ قَالَ لِامْرَأَتِهِ الْأُخْرَى قَدْ أَشْرَكْتُك مَعَهَا كَانَ مُولِيًا مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا لِأَنَّ إثْبَاتَ الشَّرِكَةِ لَا يُغَيِّرُ مُوجِبَ الْيَمِينِ هُنَا فَإِنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ كَانَ مُولِيًا مِنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ، وَتَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ بِوَطْئِهِمَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُكُمَا لِأَنَّ هَذَا صَارَ إيلَاءً لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ الِاسْمِ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِقُرْبَانِهِمَا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ أَنْتُمَا عَلَيَّ حَرَامٌ صَارَ إيلَاءً بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهُ، وَهُوَ إثْبَاتُ التَّحْرِيمِ، وَإِثْبَاتُ التَّحْرِيمِ قَدْ وُجِدَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَيَثْبُتُ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا فِي زَمَانٍ أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ لَا يَكُونُ مُولِيًا خِلَافًا لِابْنِ أَبِي لَيْلَى لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا فِي مَكَان آخَرَ أَوْ زَمَانٍ آخَرَ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ، وَأَجْنَبِيَّةً لَا يَصِيرُ مُولِيًا مَا لَمْ يَقْرَبْ الْأَجْنَبِيَّةَ لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُ امْرَأَتِهِ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ لِأَنَّ الْإِيلَاءَ
ــ
[منحة الخالق]
قَوْلِهِ لَأَغِيظَنَّك لَأَسُوءَنَّك) بِاللَّامِ فِي جَوَابِ الْقَسَمِ فِيهِمَا، وَلَيْسَتْ لَا النَّافِيَةُ كَمَا فِي نَظَائِرِهِمَا.
(قَوْلُهُ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا، وَهِيَ حَائِضٌ) أَيْ بِأَنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِمُدَّةٍ أَمَّا لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ كَانَتْ حَائِضًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَوَاشِي السَّعْدِيَّةِ قَالَ فِي النَّهْرِ لِأَنَّهُ إذَا قَيَّدَ بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ يَكُونُ قَرِينَةً عَلَى إضَافَةِ الْمَنْعِ إلَى الْيَمِينِ، وَقَيَّدَ الْأَوَّلَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ بَحْثًا بِمَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِحَيْضِهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ النِّفَاسُ كَذَلِكَ هَذَا، وَقَدْ قَرَّرَ الْمَقْدِسِيَّ الْمَسْأَلَةَ فِي شَرْحِهِ عَلَى خِلَافِ مَا هُنَا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِ كَلَامِ غَايَةِ الْبَيَانِ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْجُمْلَةَ أَعْنِي، وَهِيَ حَائِضٌ حَالٌ مِنْ مَفْعُولِ يَقْرَبُهَا لَا مِنْ فَاعِلِ حَلَفَ، وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا، وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أَوْ صَائِمَةٌ فَرْضًا كَذَلِكَ لِأَنَّ مُدَّةَ الْحَيْضِ، وَنَحْوَهَا لَا تَدُومُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ فَلَمْ يُوجَدْ شَرْطُهُ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ الصَّرِيحَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ لَا يَقَعُ بِهِ لِوُجُودِ صَارِفٍ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ حَائِضًا، وَحَلَفَ كَانَ حَيْضُهَا مَانِعًا مِنْ الْوَطْءِ لَا الْيَمِينُ فَإِنْ أَرَادَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ الَّتِي يَمْنَعُ نَفْسَهُ فِيهَا تَكُونُ خَالِيَةً مِنْ الْحَيْضِ، وَنَحْوِهِ مِنْ الْمَوَانِعِ فَهَذَا لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، وَلَمْ يُقَيَّدْ بِذَلِكَ فِي كَلَامِ أَحَدٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ مَا بَيَّنَّا اهـ. فَلْيُتَأَمَّلْ.
ثُمَّ رَأَيْت فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مَا يُشِيرُ إلَى تَأْيِيدِ بَحْثِهِ حَيْثُ قَالَ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا، وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا لِأَنَّهُ مَنَعَ نَفْسَهُ عَنْ قُرْبَانِهَا فِي مُدَّةِ الْحَيْضِ، وَأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اهـ.
نَعَمْ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرَادَ إلَخْ غَيْرُ وَارِدٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا لَمْ يُقَيَّدْ بِمُدَّةٍ كَمَا مَرَّ عَنْ سَعْدِيٍّ وَكَذَا هُوَ كَذَلِكَ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ غَايَةِ الْبَيَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute