وَاحِدٌ، وَلَا يَصِحُّ فِي حَقِّ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ فَكَذَلِكَ فِي حَقِّ امْرَأَتِهِ فَإِذَا قَرِبَ الْأَجْنَبِيَّةَ لَا يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا إلَّا بِكَفَّارَةٍ تَلْزَمُهُ، وَصَارَ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُ امْرَأَتَهُ وَأَمَتَهُ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَقْرَبُهَا إنْ شَاءَتْ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَشِيئَتِهَا لِأَنَّهُ طَلَاقٌ مُؤَجَّلٌ فَيَجُوزُ تَعْلِيقُهُ بِمَشِيئَتِهَا كَالطَّلَاقِ الْمُنَجَّزِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَمِنْ الْكِنَايَاتِ أَنْتِ عَلَيَّ مِثْلُ امْرَأَةِ فُلَانٍ، وَقَدْ كَانَ فُلَانٌ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ فَإِنْ كَانَ نَوَى الْإِيلَاءَ كَانَ مُولِيًا، وَإِلَّا فَلَا، وَمِنْهَا مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْمَيْتَةِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَسَيَأْتِي أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ، وَاَللَّهِ مَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ كَقَوْلِهِ تَاللَّهِ وَعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ وَكِبْرِيَائِهِ فَخَرَجَ مَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ كَقَوْلِهِ، وَعِلْمِ اللَّهِ لَا أَقْرَبُك، وَعَلَيَّ غَضَبُ اللَّهِ وَسَخَطُهُ إنْ قَرِبْتُك، وَإِنْ جَعَلَ لِلْإِيلَاءِ غَايَةً إنْ كَانَ لَا يُرْجَى وُجُودُهَا فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ كَانَ مُولِيًا كَمَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى أَصُومَ الْمُحَرَّمَ، وَهُوَ فِي رَجَبٍ أَوْ لَا أَقْرَبُك إلَّا فِي مَكَانِ كَذَا وَبَيْنَهُ مَسِيرَةُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا.
وَكَذَا إذَا قَالَ حَتَّى تَفْطِمِي طِفْلَك وَبَيْنَهَا وَبَيْنَ الْفِطَامِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، وَإِنْ قَالَ لَا أَقْرَبُك حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا أَوْ حَتَّى تَخْرُجَ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّجَّالُ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَكُونَ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُرْجَى وُجُودُ ذَلِكَ سَاعَةً فَسَاعَةً، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ فِي الْعُرْفِ، وَالْعَادَةِ إنَّمَا يَكُونُ لِلتَّأْبِيدِ، وَكَذَا إذَا قَالَ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ أَوْ قَالَ {حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: ٤٠] فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا فَإِنْ كَانَ يُرْجَى وُجُودُهُ فِي الْمُدَّةِ لَا مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا أَيْضًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك حَتَّى تَمُوتِي أَوْ أُقْتَلَ أَوْ حَتَّى أُطَلِّقَك ثَلَاثًا فَإِنَّهُ يَكُونُ مُولِيًا إجْمَاعًا، وَكَذَا إذَا كَانَتْ أَمَةً فَقَالَ لَا أَقْرَبُك حَتَّى أَمْلِكَك أَوْ أَمْلِكَ شِقْصًا مِنْك يَكُونُ مُولِيًا، وَإِنْ قَالَ حَتَّى أَشْتَرِيكَ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ قَدْ يَشْتَرِيهَا لِغَيْرِهِ، وَلَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ، وَلَوْ قَالَ حَتَّى أَشْتَرِيكَ لِنَفْسِي لَا يَكُونُ مُولِيًا أَيْضًا لِأَنَّهُ رُبَّمَا يَشْتَرِيهَا لِنَفْسِهِ شِرَاءً فَاسِدًا، وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُك لِنَفْسِي، وَأَقْبِضُك كَانَ مُولِيًا، وَإِنْ كَانَ يُرْجَى وُجُودُهُ مَعَ بَقَاءِ النِّكَاحِ كَانَ مُولِيًا مِثْلُ أَنْ يَقُولَ إنْ قَرِبْتُك فَعَبْدِي حُرٌّ كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَقَيَّدَ بِالْقُرْبَانِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَك لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ بِالْمَسِّ بِدُونِ الْجِمَاعِ فِي الْفَرْجِ، وَلَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَمَسُّ فَرْجِي فَرْجَك يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُرَادُ بِهَذَا الْكَلَامِ الْجِمَاعُ فِي الْفَرْجِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ قَرِبْتُك أَوْ دَعَوْتُك إلَى فِرَاشِي فَأَنْت طَالِقٌ لَا يَكُونُ مُولِيًا لِأَنَّهُ يُمْكِنُهُ قُرْبَانُهَا مِنْ غَيْرِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ بِأَنْ يَدْعُوَهَا إلَى الْفِرَاشِ فَيَحْنَثُ ثُمَّ يَقْرَبُهَا بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْنَثَ بِالْقُرْبَانِ، وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ اغْتَسَلْت مِنْ جَنَابَتِي مَا دُمْت امْرَأَتِي فَأَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا وَأَعَادَ هَذَا الْقَوْلَ، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ حَامِلًا، وَلَمْ يَقْرَبْهَا بَعْدَ الْمَقَالَةِ حَتَّى وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا فَإِنَّهَا تَبِينُ بِوَاحِدَةٍ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِأَنَّهُ كَانَ مُولِيًا، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ فَإِنْ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُولِيًا لَوْ قَرِبَهَا لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ الْيَمِينَ كَانَتْ مُوَقَّتَةً إلَى بَقَاءِ النِّكَاحِ، وَبَعْدَمَا وَقَعَتْ تَطْلِيقَةٌ بِالْإِيلَاءِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ، وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ أُخْرَى قَبْلَ، وَضْعِ الْحَمْلِ لِأَنَّ الْمُبَانَةَ بِالْإِيلَاءِ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا طَلَاقٌ آخَرُ بِحُكْمِ ذَلِكَ الْإِيلَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، وَتَمَامُهُ فِي الْخَانِيَّةِ.
وَعُلِمَ أَنَّ الْقُرْبَانَ مَصْدَرُ قَرِبَ يَقْرَبُ مِنْ بَابِ فَعِلَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الْمَاضِي وَفَتْحِهَا فِي الْمُضَارِعِ، وَلَهُ مَصْدَرَانِ الْقُرْبَانُ، وَالْقُرْبُ بِمَعْنَى الدُّنُوِّ كَذَا فِي ضِيَاءِ الْحُلُومِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ وَطِئَ فِي الْمُدَّةِ كَفَّرَ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ أَيْ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِاَللَّهِ تَعَالَى، وَبِهِ قَالَتْ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ، وَوَعْدُ الْمَغْفِرَةِ بِسَبَبِ الْفَيْءِ الَّذِي هُوَ مِثْلُ التَّوْبَةِ لَا يُنَافِي إلْزَامَ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ حُكْمٌ دُنْيَوِيٌّ، وَذَاكَ أُخْرَوِيٌّ قَيَّدَ بِالْوَطْءِ لِأَنَّهُ لَوْ كَفَّرَ قَبْلَهُ لَا يَكُونُ كَفَّارَةً كَذَا ذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ، وَأَطْلَقَ فِي الْوَطْءِ فَشَمِلَ مَا إذَا جُنَّ بَعْدَ الْإِيلَاءِ ثُمَّ وَطِئَهَا انْحَلَّتْ، وَسَقَطَ الْإِيلَاءُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا يَمَسُّ جِلْدِي جِلْدَك لَا يَكُونُ مُولِيًا) يَعْنِي بِلَا نِيَّةٍ كَمَا مَرَّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute