الْبَيْنُونَةِ عَادَ إيلَاؤُهَا، وَكَذَا هُمَا لَكِنْ إنْ رَتَّبَ بَانَتْ الْأُولَى عِنْدَ تَمَامِ مُدَّتِهَا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ، وَالثَّانِيَةُ بِمُدَّةٍ ثَانِيَةٍ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَانَتْ قَبْلَهَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ، وَأَمَتِهِ، وَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُ إحْدَاكُمَا لَمْ يَكُنْ مُولِيًا، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ الْأَمَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَمَنْ وَطِئَهَا كَفَّرَ، وَيُمْكِنُهُ تَرْكُهُ كَالْأَجْنَبِيَّةِ بِخِلَافِ وَاحِدَةٍ مِنْكُمَا لِعُمُومِهِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ لَا أَقْرَبُ إحْدَاكُمَا، أَوْ وَاحِدَةً مِنْكُمَا لِعُمُومِهِ اسْتِحْسَانًا قَالَ إنْ قَرِبْت إحْدَاكُمَا فَالْأُخْرَى عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي، وَبَانَتْ إحْدَاهُمَا بِالْإِيلَاءِ أَوْ بِغَيْرِهِ بَطَلَ إيلَاءُ الْأُخْرَى بِخِلَافِ فَالْأُخْرَى طَالِقٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ، وَلَوْ قَالَ فَإِحْدَاكُمَا أَوْ فَوَاحِدَةٌ أَوْ فَهِيَ لَا لِتَعَيُّنِهَا قَالَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ صَحَّ فِيمَنْ فِي مِلْكِهِ دُونَ مَنْ يَمْلِكُهَا خِلَافًا لِزُفَرَ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ عَجَزَ الْمَوْلَى عَنْ وَطْئِهَا بِمَرَضِهِ أَوْ مَرَضِهَا أَوْ بِالرَّتَقِ أَوْ بِالصِّغَرِ أَوْ بُعْدِ مَسَافَةٍ فَفَيْؤُهُ أَنْ يَقُولَ فِئْت إلَيْهَا) لِأَنَّهُ أَذَاهَا بِذِكْرِ الْمَنْعِ فَيَكُونُ إرْضَاؤُهَا بِالْوَعْدِ بِاللِّسَانِ أَرَادَ بِبُعْدِ الْمَسَافَةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا مَسَافَةٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى قَطْعِهَا فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ فَإِنْ قَدَرَ لَا يَصِحُّ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَقَيَّدَ بِالْقَوْلِ لِأَنَّ الْمَرِيضَ لَوْ فَاءَ بِقَلْبِهِ لَا بِلِسَانِهِ لَا يُعْتَبَرُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ خُصُوصَ لَفْظِ فِئْت إلَيْهَا بَلْ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَقَوْلِهِ رَجَعْتُك أَوْ رَاجَعْتُك أَوْ ارْتَجَعْتُك أَوْ أَبْطَلْت الْإِيلَاءَ أَوْ رَجَعْت عَمَّا قُلْتُ: وَنَحْوُهُ، وَدَخَلَ تَحْتَ الْعَجْزِ أَنْ تَكُونَ مُمْتَنِعَةً مِنْهُ أَوْ كَانَتْ فِي مَكَان لَا يَعْرِفُهُ، وَهِيَ نَاشِزَةٌ أَوْ حَالَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا لِشَهَادَةِ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لِلتَّزْكِيَةِ أَوْ كَانَتْ مَحْبُوسَةً أَوْ مَحْبُوسًا إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُجَامَعَتِهَا فِي السِّجْنِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَفَيْؤُهُ الْجِمَاعُ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَقَيَّدَ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ احْتِرَازًا عَنْ الْعَجْزِ الْحُكْمِيِّ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ مُحْرِمًا وَقْتَ الْإِيلَاءِ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَعِنْدَنَا لَا يَكُونُ فَيْؤُهُ إلَّا بِالْجِمَاعِ لِأَنَّهُ الْمُتَسَبِّبُ بِاخْتِيَارِهِ بِطَرِيقٍ مَحْظُورٍ فِيمَا لَزِمَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ تَخْفِيفًا، وَأَرَادَ بِكَوْنِ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ مُعْتَبَرًا مُبْطِلًا لِلْإِيلَاءِ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ أَمَّا فِي حَقِّ بَقَاءِ الْيَمِينِ بِاعْتِبَارِ الْحِنْثِ فَلَا حَتَّى لَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ فِي مُدَّةِ الْإِيلَاءِ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ لِتَحَقُّقِ الْحِنْثِ، وَفِي الْبَدَائِعِ، وَمِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الْفَيْءِ بِالْقَوْلِ قِيَامُ مِلْكِ النِّكَاحِ وَقْتَ الْفَيْءِ بِالْقَوْلِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي حَالِ مَا يَفِيءُ إلَيْهَا زَوْجَتُهُ غَيْرُ بَائِنَةٍ مِنْهُ فَإِنْ كَانَتْ بَائِنَةً مِنْهُ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَيْئًا، وَيَبْقَى الْإِيلَاءُ لِأَنَّ الْفَيْءَ بِالْقَوْلِ حَالَ قِيَامِ النِّكَاحِ، وَإِنَّمَا يُرْفَعُ الْإِيلَاءُ فِي حَقِّ حُكْمِ الطَّلَاقِ بِحُصُولِ إيفَاءِ حَقِّهَا بِهِ، وَلَا حَقَّ لَهَا حَالَةَ الْبَيْنُونَةِ بِخِلَافِ الْفَيْءِ بِالْجِمَاعِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ ثُبُوتِ الْبَيْنُونَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى الْإِيلَاءُ بَلْ يَبْطُلُ لِأَنَّهُ حَنِثَ بِالْوَطْءِ فَانْحَلَّتْ الْيَمِينُ، وَبَطَلَتْ، وَلَمْ يُوجَدْ الْحِنْثُ هَاهُنَا فَلَا تَنْحَلُّ الْيَمِينُ فَلَا يَرْتَفِعُ الْإِيلَاءُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَدَرَ فِي الْمُدَّةِ فَفَيْؤُهُ الْوَطْءُ) لِكَوْنِهِ خَلَفًا عَنْهُ، فَإِذَا قَدَرَ عَلَى الْأَصْلِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ بِالْبَدَلِ بَطَلَ كَالْمُتَيَمِّمِ إذَا رَأَى الْمَاءَ فِي صَلَاتِهِ قَيَّدَ بِكَوْنِهِ فِي الْمُدَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ بَعْدَهَا لَا يَبْطُلُ، وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ قَادِرًا وَقْتَ الْإِيلَاءِ ثُمَّ عَجَزَ بِشَرْطِ أَنْ يَمْضِيَ زَمَانٌ يَقْدِرُ عَلَى وَطْئِهَا بَعْدَ الْإِيلَاءِ، وَمَا إذَا كَانَ عَاجِزًا وَقْتَهُ ثُمَّ قَدَرَ فِي الْمُدَّةِ، وَأَمَّا لَوْ آلَى إيلَاءً مُؤَبَّدًا، وَهُوَ مَرِيضٌ فَبَانَتْ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ ثُمَّ صَحَّ، وَتَزَوَّجَهَا، وَهُوَ مَرِيضٌ فَفَاءَ بِلِسَانِهِ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَصَحَّحُوا قَوْلَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلصَّدْرِ الْجِمَاعُ أَصْلٌ، وَاللِّسَانُ خَلَفُهُ آلَى فِي مَرَضِهِ، وَفَاءً بِلِسَانِهِ بَطَلَ إيلَاؤُهُ فِي حَقِّ الطَّلَاقِ فَإِنْ صَحَّ قَبْلَ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ قَالَ إنْ اشْتَرَيْت جَارِيَةً فَهِيَ حُرَّةٌ إلَخْ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَلَعَلَّهَا تَحْرِيفٌ، وَالْأَصْلُ إنْ تَسَرَّيْت
(قَوْلُهُ أَوْ مَحْبُوسًا) هَذَا عَلَى مَا فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ لِلْقُدُورِيِّ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَصَحَّحَهُ فِي الْبَدَائِعِ قُلْت، وَعِبَارَةُ الْبَدَائِعِ بَعْدَ نَقْلِ مَا فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ لَوْ آلَى مِنْ امْرَأَتِهِ، وَهِيَ مَحْبُوسَةٌ أَوْ هُوَ مَحْبُوسٌ أَوْ كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ أَقَلُّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَنَّ الْعَدُوَّ أَوْ السُّلْطَانَ مَنَعَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّ فَيْأَهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْفِعْلِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُوَفِّقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْحَبْسِ بِأَنْ يَحْمِلَ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي عَلَى أَنْ يَقْدِرَ أَحَدُهُمَا عَلَى أَنْ يَصِلَ إلَى صَاحِبِهِ فِي السِّجْنِ، وَالْوَجْهُ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْعَدُوِّ أَوْ السُّلْطَانِ نَادِرٌ، وَعَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ فَكَانَ مُلْحَقًا بِالْعَدَمِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ انْتَهَتْ، فَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مُجَامَعَتِهَا هُوَ تَوْفِيقُ الْبَدَائِعِ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَوَفَّقَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ بِوَجْهٍ آخَرَ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ فِي الْفَتْحِ وَالْحَبْسُ بِحَقٍّ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ، وَبِظُلْمٍ يُعْتَبَرُ.
(قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ مَا إذَا كَانَ قَادِرًا إلَخْ) أَيْ فِي أَنَّ فَيْأَهُ الْوَطْءُ، وَقَوْلُهُ وَمَا إذَا كَانَ عَاجِزًا وَقْتَهُ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مَا إذَا كَانَ قَادِرًا فَفِي الصُّورَتَيْنِ لَا يَكُونُ فَيْؤُهُ بِاللِّسَانِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرُوطَ صِحَّةِ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ ثَلَاثَةٌ الْعَجْزُ عِنْدَ الْوَطْءِ، وَدَوَامُهُ مِنْ وَقْتِ الْإِيلَاءِ إلَى مُضِيِّ الْمُدَّةِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُلْتَقَى وَقِيَامُ النِّكَاحِ وَقْتَ الْفَيْءِ بِاللِّسَانِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَدَائِعِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute