تَمَامِ الْمُدَّةِ تَبْطُلُ لِقُدْرَتِهِ عَلَى الْأَصْلِ كَالْمُتَيَمِّمِ، وَلَوْ لَمْ يَفِئْ حَتَّى بَانَتْ فَصَحَّ ثُمَّ مَرِضَ فَتَزَوَّجَهَا فَفَيْؤُهُ بِالْجِمَاعِ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ وَزُفَرَ لِأَنَّهُ حَرَامٌ كَالْخَلْوَةِ لَكِنَّهُ بِتَقْصِيرِهِ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ آلَى أَوْ آلَى، وَهُوَ صَحِيحٌ ثُمَّ بَانَتْ ثُمَّ مَرِضَ، وَتَزَوَّجَهَا بِخِلَافِ إنْ تَزَوَّجْتُك فَوَاَللَّهِ لَا أَقْرَبُك آلَى فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَعَادَهُ بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَصَحَّ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَكَمَا مَرَّ اهـ.
(قَوْلُهُ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ إيلَاءٌ إنْ نَوَى التَّحْرِيمَ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا) لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَحْرِيمِ الْحَلَالِ إنَّمَا هُوَ الْيَمِينُ عِنْدَنَا عَلَى مَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْأَيْمَانِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَلَا فَرْقَ فِي الْأَحْكَامِ كُلِّهَا بَيْنَ أَنْ يَذْكُرَ كَلِمَةَ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَا ذَكَرَهُ فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ عَنْ الْعُيُونِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنْتِ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ، وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي فَهُوَ بَاطِلٌ سَهْوٌ مِنْهُ حَيْثُ نَقَلَهُ عَنْ الْعُيُونِ، وَفِي الْعُيُونِ ذَكَرَ ذَلِكَ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ لَوْ جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِهِ بِيَدِهَا فَقَالَتْ لِلزَّوْجِ أَنْت عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ أَنْت مِنِّي بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ وَقَعَ، وَلَوْ قَالَتْ أَنْتَ بَائِنٌ أَوْ حَرَامٌ، وَلَمْ تَقُلْ مِنِّي فَهُوَ بَاطِلٌ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ الْعُيُونِ، وَلَوْ قَالَ بِغَيْرِ تَاءِ التَّأْنِيثِ فَظَنَّ صَاحِبُ الْأَكْمَلِ أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مُبْتَدَأَةٌ، وَظَنَّ أَنَّهُ لَوْ قَالَ ذَلِكَ الرَّجُلُ لِامْرَأَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ قَالَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَعِنْدَ هَذَا ازْدَادَ سَهْوُ شَيْخِنَا نَجْمِ الدِّينِ الْبُخَارِيِّ فَزَادَ فِيهَا لَفْظَةَ لَهَا فَقَالَ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ حَرَامٌ أَوْ بَائِنٌ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَالْمَسْأَلَةُ مَعَ تَاءِ التَّأْنِيثِ مَذْكُورَةٌ فِي الْوَاقِعَاتِ الْكُبْرَى الْمُرَتَّبَةِ، وَغَيْرِ الْمُرَتَّبَةِ فِي مَسَائِلِ الْعُيُونِ فَعُرِفَ بِهِ سَهْوُهُمَا كَذَا فِي الْقُنْيَةِ قَيَّدَ بِالزَّوْجِ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ لَوْ قَالَتْ لِزَوْجِهَا أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ حَرَّمْتُك صَارَ يَمِينًا حَتَّى لَوْ جَامَعَهَا طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً تَحْنَثُ بِخِلَافِ مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَأُدْخِلَ فِيهَا مُكْرَهًا لَا يَحْنَثُ، وَمَعْنَاهُ أَدْخُلُ مَحْمُولًا، وَلَوْ أُكْرِهَ عَلَى الدُّخُولِ فَدَخَلَ مُكْرَهًا حَنِثَ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَحَرَّمْتُك عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ أَوْ أَنْتِ مُحَرَّمَةٌ عَلَيَّ أَوْ حَرَامٌ عَلَيَّ أَوْ لَمْ يَقُلْ عَلَيَّ أَوْ أَنَا عَلَيْك حَرَامٌ أَوْ مُحَرَّمٌ أَوْ حَرَّمْت نَفْسِي عَلَيْك بِمَنْزِلَةِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ.
وَقَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ كَالْحِمَارِ أَوْ الْخِنْزِيرِ أَوْ مَا كَانَ مُحَرَّمَ الْعَيْنِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ وَظِهَارٌ إنْ نَوَاهُ) أَيْ الظِّهَارَ، وَهَذَا عِنْدَهُمَا، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَيْسَ بِظِهَارٍ لِانْعِدَامِ التَّشْبِيهِ بِالْمُحَرَّمَةِ، وَهُوَ رُكْنٌ فِيهِ، وَلَهُمَا أَنَّهُ أَطْلَقَ الْحُرْمَةَ، وَفِي الظِّهَارِ نَوْعُ حُرْمَةٍ، وَالْمُطْلَقُ يَحْتَمِلُ الْمُقَيَّدَ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ تَبَعًا لِلْقُدُورِيِّ وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ، وَلَيْسَ الْخِلَافُ مَذْكُورًا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَلَا الطَّحَاوِيِّ (قَوْلُهُ وَكَذَبَ إنْ نَوَى الْكَذِبَ) لِأَنَّهُ نَوَى حَقِيقَةَ كَلَامِهِ إذْ حَقِيقَتُهُ وَصْفُهَا بِالْحُرْمَةِ، وَهِيَ مَوْصُوفَةٌ بِالْحِلِّ فَكَانَ كَذِبًا، وَأَوْرَدَ لَوْ كَانَ حَقِيقَةَ كَلَامِهِ لَانْصَرَفَ إلَيْهِ بِلَا نِيَّةٍ لَكِنَّكُمْ تَقُولُونَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ يَنْصَرِفُ إلَى الْيَمِينِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذِهِ حَقِيقَةٌ أَوْلَى فَلَا تُنَالُ إلَّا بِالنِّيَّةِ وَالْيَمِينِ الْحَقِيقَةُ الثَّانِيَةُ بِوَاسِطَةِ الِاشْتِهَارِ، وَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً، وَقَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ بَلْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى لِكَوْنِهِ يَمِينًا ظَاهِرًا لِأَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ يَمِينٌ بِالنَّصِّ فَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً فِي نِيَّتِهِ خِلَافَ الظَّاهِرِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ، وَالْفَتْوَى كَمَا سَنَذْكُرُهُ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَلَكِنَّ الْفَتْوَى عَلَى الْعُرْفِ الْحَادِثِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَمَلَ وَالْفَتْوَى إنَّمَا هُوَ فِي انْصِرَافِهِ إلَى الطَّلَاقِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ لَا فِي كَوْنِهِ يَمِينًا، وَفِي الْمِصْبَاحِ الْكَذِبُ بِفَتْحِ الْكَافِ، وَكَسْرِ الذَّالِ، وَبِكَسْرِ الْكَافِ وَسُكُونِ الذَّالِ هُوَ الْإِخْبَارُ عَنْ الشَّيْءِ بِخِلَافِ مَا هُوَ سَوَاءٌ فِيهِ الْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ، وَلَا، وَاسِطَةَ بَيْنَ الصِّدْقِ، وَالْكَذِبِ عَلَى مَذْهَبِ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَالْإِثْمُ يَتْبَعُ الْعَمْدَ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَبَائِنَةٌ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ) سَوَاءٌ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ ثِنْتَيْنِ (قَوْلُهُ وَثَلَاثٌ إنْ نَوَاهُ) أَيْ الثَّلَاثَ لِأَنَّ الْحَرَامَ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَهَذَا حُكْمُهَا، وَقَدَّمْنَا أَنَّ النِّيَّةَ شَرْطٌ فِي الْحَالَةِ الْمُطْلَقَةِ أَيْ الْخَالِيَةِ عَنْ الْغَضَبِ، وَالْمُذَاكَرَةِ، وَأَمَّا مَعَ أَحَدِهِمَا فَلَيْسَتْ شَرْطًا لِلْوُقُوعِ قَضَاءً، وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَبَائِنَةٌ إنْ نَوَى الطَّلَاقَ مَا إذَا طَلَّقَهَا وَاحِدَةً
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الطَّلَاقَ يَمِينٌ، وَلِذَا قَالُوا يُكْرَهُ حَلِفُهُ بِالطَّلَاقِ فَالْيَمِينُ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِ مُوجِبِهَا الْكَفَّارَةَ أَوْ الطَّلَاقَ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ هَذِهِ الْيَمِينِ، وَهُوَ انْصِرَافُهُ إلَى الطَّلَاقِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ كَوْنَهُ يَمِينًا هُوَ عُرْفٌ أَصْلِيٌّ، وَكَوْنُهُ طَلَاقًا عُرْفٌ حَادِثٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ كَلَامَ كُلِّ عَاقِدٍ وَحَالِفٍ وَنَحْوِهِ يُحْمَلُ عَلَى عُرْفِهِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ، وَحَيْثُ كَانَ فِيهِ عُرْفٌ تَكُونُ حَقِيقَتُهُ غَيْرَ مُرَادَةٍ فَإِرَادَةُ الْكَذِبِ خِلَافُ الظَّاهِرِ فَلَا يُصَدَّقُ بِهَا قَضَاءً فَالصَّوَابُ حَمْلُهُ عَلَى الْعُرْفِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ الْعُرْفُ الْحَادِثُ إرَادَةَ الطَّلَاقِ بِهِ، وَكَانَ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ دُونَ الْعُرْفِ الْأَصْلِيِّ قَالَ فِي الْفَتْحِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَالْفَتْوَى أَيْ الْعُرْفُ الْحَادِثُ احْتِرَازًا عَنْ الْعُرْفِ الْأَصْلِيِّ وَهُوَ إرَادَةُ الْإِيلَاءِ فَافْهَمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute