للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى ضَرْبِ إبْهَامٍ فَهِيَ لِلْبَيَانِ، وَإِلَّا فَلِلتَّبْعِيضِ، وَقَوْلُهَا خَالِعْنِي عَلَى مَا فِي يَدَيَّ كَلَامٌ تَامٌّ بِنَفْسِهِ حَتَّى جَازَ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ ذِكْرِ الْجَمْعِ مُنَكَّرًا أَوْ مُعَرَّفًا، وَأَوْرَدَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مُعَرَّفًا أَنَّهُ يَنْبَغِي وُجُوبُ وَاحِدٍ فَقَطْ لِمَا عُرِفَ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُحَلَّى كَالْمُفْرَدِ الْمُحَلَّى كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا يَشْتَرِي الْعَبِيدَ أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، وَأُجِيبُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَنْصَرِفُ إلَى الْجِنْسِ إذَا عُرِّيَ عَنْ قَرِينَةِ الْعَهْدِ كَمَا فِي الْمِثَالَيْنِ، وَقَدْ وُجِدَتْ الْقَرِينَةُ هُنَا عَلَى الْعَهْدِ، وَهُوَ قَوْلُهَا عَلَى مَا فِي يَدَيَّ كَذَا فِي الْكَافِي، وَأَوْضَحَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَقَالَ لِأَنَّ قَوْلَهَا عَلَى مَا فِي يَدَيَّ أَفَادَ كَوْنَ الْمُسَمَّى مَظْرُوفًا بِيَدِهَا، وَهُوَ عَامٌّ يَصْدُقُ عَلَى الدَّرَاهِمِ، وَغَيْرِهَا فَصَارَ بِالدَّرَاهِمِ عَهْدٌ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَا صَدُقَاتِ لَفْظٍ مَا، وَهُوَ مُبْهَمٌ وَقَعَتْ مِنْ بَيَانًا لَهُ، وَمَدْخُولُهَا هُوَ الْمُبَيِّنُ لِخُصُوصِ الْمَظْرُوفِ، وَالدَّرَاهِمُ مِثَالٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّهَا بَيَّنَتْ الْمُبْهَمَ بِجَمْعٍ كَالدَّنَانِيرِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قَوْلُهَا عَلَى مَا فِي هَذَا الْبَيْتِ مِنْ الشِّيَاهِ أَوْ الْخَيْلِ أَوْ الْبِغَالِ أَوْ الْحَمِيرِ كَذَلِكَ يَلْزَمُهَا ثَلَاثَةٌ مِنْ الْمُسَمَّى ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمِعْرَاجِ لَكِنْ زَادَ الثِّيَابَ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْجَهَالَةِ الْمُتَفَاحِشَةِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ، وَلَا شَيْءَ فِي يَدِهَا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فِي يَدِهَا مَالٌ مُتَقَوِّمٌ كَانَ لَهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، وَلَا يَلْزَمُهَا رَدُّ الْمَهْرِ فِي الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي يَدِهَا جَمْعٌ مِمَّا سَمَّتْهُ فَلَوْ كَانَ فِي يَدِهَا دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ لَزِمَهَا تَكْمِلَةُ الثَّلَاثَةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمَبْسُوطِ.

وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَامَحَةً لِأَنَّ عَدَمَ وُجُودِ شَيْءٍ فِي يَدِهَا شَرْطٌ لِرَدِّ الْمَهْرِ فِي الْأُولَى، وَعَدَمَ وُجُودِ الثَّلَاثَةِ شَرْطٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَكَلَامُهُ لَا يُفِيدُهُ، وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ رَدَّتْ الْمَهْرَ أَنَّهُ مَقْبُوضٌ فَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا بَرِئَ مِنْهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ، وَفِي الْجَوْهَرَةِ ثُمَّ إذَا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِالْمَهْرِ لَهُ، وَكَانَتْ قَدْ أَبْرَأَتْهُ مِنْهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ عَيْنَ مَا يَسْتَحِقُّهُ قَدْ سُلِّمَ لَهُ بِالْبَرَاءَةِ فَلَوْ رَجَعَ عَلَيْهَا يَرْجِعُ لِأَجْلِ الْهِبَةِ، وَهِيَ لَا تُوجِبُ عَلَى الْوَاهِبِ ضَمَانًا. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا سَمَّى مَا لَيْسَ بِمُتَقَوِّمٍ لَا يَجِبُ شَيْءٌ، وَإِنْ سَمَّى مَوْجُودًا مَعْلُومًا يَجِبُ الْمُسَمَّى إنْ سَمَّى مَجْهُولًا جَهَالَةً مُسْتَدْرَكَةً فَكَذَلِكَ، وَإِنْ فَحَشَتْ الْجَهَالَةُ، وَتَمَكَّنَ الْخَطَرُ بِأَنْ خَالَعَهَا عَلَى مَا يُثْمِرُ نَخْلُهَا الْعَامَ أَوْ عَلَى مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ الْمَتَاعِ، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ بَطَلَتْ التَّسْمِيَةُ، وَرَدَّتْ مَا قَبَضَتْ. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْخُلْعِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَلَيْسَ فِي يَدِهِ شَيْءٌ يَجِبُ عَلَيْهِ قِيمَةُ نَفْسِهِ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْبُضْعِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ حَالَةَ الْخُرُوجِ فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُسَمَّى مَعْلُومًا بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ مُتَقَوِّمٌ فِي نَفْسِهِ، وَبِخِلَافِ النِّكَاحِ حَيْثُ يَجِبُ مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ مُتَقَوِّمٌ حَالَةَ الدُّخُولِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

وَدَلَّتْ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ مَثَلًا، وَقَدْ كَانَ مَيِّتًا قَبْلَ الْخُلْعِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْمَهْرِ الَّذِي أَخَذَتْهُ مِنْهُ لِلْغَرُورِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَ بَعْدَهُ حَيْثُ تَجِبُ قِيمَتُهُ كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ، وَظُهُورُ حُرِّيَّتِهِ كَمَوْتِهِ قَبْلَ الْخُلْعِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهَا بِالْمَهْرِ عِنْدَهُمَا، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ عَبْدًا كَالْمَهْرِ، وَقَتَلَهُ عِنْدَهُ بِسَبَبٍ كَانَ عِنْدَهَا كَاسْتِحْقَاقِهِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ رَدَّتْ الْمَهْرَ إلَى صِحَّةِ الْخُلْعِ عَلَى الْمَهْرِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْجَوْهَرَةِ، وَإِنْ وَقَعَ الْخُلْعُ عَلَى الْمَهْرِ صَحَّ فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ الْمَرْأَةُ سَقَطَ عَنْهُ، وَإِنْ قَبَضَتْهُ اسْتَرَدَّهُ مِنْهَا. اهـ.

وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ خَلَعَهَا بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ ظَنًّا مِنْهُ أَنَّ لَهَا عَلَيْهِ بَقِيَّةَ الْمَهْرِ ثُمَّ تَذَكَّرَ أَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِمَهْرِهَا فَيَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا بِطَمَعِ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ فَلَا يَقَعُ مَجَّانًا أَمَّا إذَا عَلِمَ أَنْ لَا مَهْرَ لَهَا عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ ادَّعَتْ مَهْرَهَا عَلَى زَوْجِهَا فَأَنْكَرَهُ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِمَهْرِهَا، وَقَبِلَ ثُمَّ تَبَيَّنَ بِالشُّهُودِ أَنَّهَا كَانَتْ أَبْرَأَتْهُ قَبْلَ الْخُلْعِ فَلَيْسَ لَهُ شَيْءٌ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدٍ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ عَبْدُ الزَّوْجِ، وَلَا يَعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِالتَّصَادُقِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَلْزَمَهَا شَيْءٌ لِأَنَّ مَا هُوَ بَدَلُ الْخُلْعِ مُسَلَّمٌ لَهُ كَمَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدُهُ

(قَوْلُهُ فَإِنْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ أَبَقَ لَهَا عَلَى أَنَّهَا بَرِيَّةٌ مِنْ ضَمَانِهِ لَمْ تَبْرَأْ) لِأَنَّهُ عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَيَقْتَضِي

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِلْجَهَالَةِ الْمُتَفَاحِشَةِ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي إيجَابُ الْوَسَطِ فِي الْكُلِّ، وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ إيجَابَ الْوَسَطِ فِي مَعْلُومِ الْجِنْسِ كَالْفَرَسِ، وَالثَّوْبِ الْهَرَوِيِّ بِخِلَافِ مَجْهُولِ الْجِنْسِ كَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ، وَلِذَا لَوْ سَمَّى مَهْرًا وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَامَحَةً إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ نَفْيُ الشَّيْئِيَّةِ فِيمَا إذَا لَمْ تُسَمِّ لَهُ شَيْئًا مَعْنَاهُ نَفْيُ الْوُجُودِ، وَفِيهَا إذَا سَمَّتْ مَالًا أَوْ دَرَاهِمَ مَعْنَاهُ نَفْيُ وُجُودِ مَا سَمَّتْهُ، وَعَلَى هَذَا فَلَا مُسَامَحَةَ أَصْلًا إلَّا أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ سَمَّتْ دَرَاهِمَ فَإِذًا فِي يَدِهَا دَنَانِيرُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهُ غَيْرُ الدَّرَاهِمِ، وَلَمْ أَرَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>