للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَلَامَةَ الْعِوَضِ، وَاشْتِرَاطُ الْبَرَاءَةِ شَرْطٌ فَاسِدٌ فَبَطَلَ فَكَانَ عَلَيْهَا تَسْلِيمُ عَيْنِهِ إنْ قَدَرَتْ، وَتَسْلِيمُ قِيمَتِهِ إنْ عَجَزَتْ أَشَارَ إلَى أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ الْفَاسِدَةِ كَالنِّكَاحِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْعِمَادِيَّةِ لَوْ خَالَعَهَا عَلَى أَنْ يُمْسِكَ الْوَلَدَ عِنْدَهُ صَحَّ الْخُلْعُ، وَبَطَلَ الشَّرْطُ. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ لَوْ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى أَنْ جَعَلَتْ صَدَاقَهَا لِوَلَدِهَا أَوْ عَلَى أَنْ تَجْعَلَ صَدَاقَهَا لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ الْخُلْعُ جَائِزٌ، وَالْمَهْرُ لِلزَّوْجِ، وَلَا شَيْءَ لِلْوَلَدِ، وَلَا لِلْأَجْنَبِيِّ اهـ.

وَمَعْنَى اشْتِرَاطِهَا الْبَرَاءَةَ أَنَّهَا إنْ وَجَدَتْهُ سَلَّمَتْهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا، وَقَيَّدَ بِاشْتِرَاطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ ضَمَانِهِ لِأَنَّهَا لَوْ اشْتَرَطَتْ الْبَرَاءَةَ مِنْ عَيْبٍ فِي الْبَدَلِ صَحَّ الشَّرْطُ، وَإِنَّمَا صَحَّتْ تَسْمِيَةُ الْآبِقِ فِي الْخُلْعِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُسَامَحَةِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْمُضَايَقَةِ فَالْعَجْزُ عَنْ التَّسْلِيمِ يُفْضِي إلَى الْمُنَازَعَةِ فِيهِ، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّسْلِيمِ هُنَا دُونَ الْعَجْزِ عَنْ التَّسْلِيمِ فِيمَا إذَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَبْدِ الْغَيْرِ أَوْ عَلَى مَا فِي بَطْنِ غَنَمِهَا، وَذَلِكَ جَائِزٌ فَكَذَا هُنَا، وَقَيَّدَ بِالشَّرْطِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ الشَّرْطَ لَوْ كَانَ مُلَائِمًا لَمْ يَبْطُلْ، وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ خَالَعَهَا عَلَى ثَوْبٍ بِشَرْطِ أَنْ تُسَلِّمَ إلَيْهِ الثَّوْبَ فَقَبِلَتْ فَهَلَكَ الثَّوْبُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ لَمْ تَبِنْ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ نَفْسَ التَّسْلِيمِ شَرْطًا، وَهَبَتْ مَهْرَهَا لِأَخِيهَا فَأَخَذَ أَخُوهَا مِنْهُ الْمَهْرَ قَبَالَةً ثُمَّ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ بِشَرْطِ أَنْ تُسَلِّمَ إلَيْهِ الْقَبَالَةَ غَدًا فَقَبِلَ، وَلَمْ تُسَلِّمْ إلَيْهِ الْقَبَالَةَ غَدًا لَمْ تُحَرَّمْ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ بِشَرْطِ الصَّكِّ أَوْ قَالَتْ بِشَرْطِ أَنْ يَرُدَّ إلَيْهَا أَقْمِشَتَهَا فَقَبِلَ لَا تُحَرَّمُ، وَيُشْتَرَطُ كَتْبُهُ الصَّكَّ، وَرَدُّ الْأَقْمِشَةِ فِي الْمَجْلِسِ. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ رَجُلٌ قَالَ لِغَيْرِهِ طَلِّقْ امْرَأَتِي عَلَى شَرْطِ أَنْ لَا تُخْرِجَ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا فَطَلَّقَهَا الْمَأْمُورُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فَقَالَ الزَّوْجُ إنَّهَا قَدْ أَخْرَجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا، وَقَالَتْ الْمَرْأَةُ لَمْ أُخْرِجْ ذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الزَّوْجِ، وَلَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ.

قَالُوا هَذَا الْجَوَابُ صَحِيحٌ إنْ كَانَ الزَّوْجُ قَالَ لِلْمَأْمُورِ قُلْ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تُخْرِجِي مِنْ الدَّارِ شَيْئًا فَقَالَ لَهَا الْمَأْمُورُ ذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى الزَّوْجُ أَنَّهَا قَدْ أَخْرَجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا فَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ شَرْطَ الطَّلَاقِ أَمَّا إذَا كَانَ الزَّوْجُ قَالَ لِلْمَأْمُورِ قُلْ لِامْرَأَتِي أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى أَنْ لَا تُخْرِجِي مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا فَقَالَ لَهَا الْمَأْمُورُ ذَلِكَ فَقَبِلَتْ ثُمَّ قَالَ الزَّوْجُ إنَّهَا قَدْ أَخْرَجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي هَذَا الْوَجْهِ الطَّلَاقَ يَتَعَلَّقُ بِقَبُولِ الْمَرْأَةِ فَإِذَا قَبِلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ لِلْحَالِ أَخْرَجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ شَيْئًا أَوْ لَمْ تُخْرِجْ كَمَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَتْ قَبِلْت تَطْلُقُ لِلْحَالِ، وَإِنْ لَمْ تُعْطِهِ أَلْفًا، وَكَذَا لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ عَلَى دُخُولِك الدَّارَ فَقَبِلَتْ تَطْلُقُ لِلْحَالِ، وَإِنْ لَمْ تَدْخُلْ الدَّارَ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَى لِتَعْلِيقِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ لَا لِلتَّعْلِيقِ بِوُجُودِ الْقَبُولِ. اهـ.

وَاسْتُفِيدَ مِنْ قَوْلِهِ لَمْ تَبْرَأْ أَنَّ الْعَقْدَ يَقْتَضِي سَلَامَةَ الْعِوَضِ فَلِذَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ غَدًا عَلَى عَبْدِك هَذَا فَقَبِلَتْ، وَبَاعَتْ الْعَبْدَ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَعَلَيْهَا قِيمَةُ الْعَبْدِ. اهـ. .

(قَوْلُهُ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ وَاحِدَةً لَهُ ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَبَانَتْ) لِأَنَّ الْبَاءَ تَصْحَبُ الْأَعْوَاضَ، وَهُوَ يَنْقَسِمُ عَلَى الْمُعَوَّضِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فِي الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ قَامَ فَطَلَّقَهَا لَا يَجِبُ شَيْءٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَدَأَ هُوَ فَقَالَ خَالَعْتكِ عَلَى أَلْفٍ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْقَبُولِ مَجْلِسُهَا لَا مَجْلِسُهُ حَتَّى لَوْ ذَهَبَ مِنْ الْمَجْلِسِ ثُمَّ قَبِلَتْ فِي مَجْلِسِهَا ذَلِكَ صَحَّ قَبُولُهَا كَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ أَشَارَ بِطَلَبِهَا الثَّلَاثَ إلَى أَنَّهُ لَمْ يُطَلِّقْهَا قَبْلَهُ إذْ لَوْ كَانَ طَلَّقَهَا ثِنْتَيْنِ ثُمَّ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا عَلَى أَنَّ لَك أَلْفَ دِرْهَمٍ فَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً كَانَ عَلَيْهَا كُلُّ الْأَلْفِ لِأَنَّهَا الْتَزَمَتْ الْمَالَ بِإِيقَاعِ الْبَيْنُونَةِ الْغَلِيظَةِ، وَقَدْ تَمَّ ذَلِكَ بِإِيقَاعِ الثَّلَاثِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَالْخَانِيَّةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ الْبَاءِ، وَعَلَى لِأَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ حُصُولُ الْمَقْصُودِ لَا اللَّفْظُ، وَلِذَا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ لَوْ قَالَتْ طَلِّقْنِي أَرْبَعًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَهِيَ بِالْأَلْفِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً فَبِثُلُثِ الْأَلْفِ اهـ.

وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ طَلَّقَ وَاحِدَةً إذْ لَوْ طَلَّقَ الثَّلَاثَ كَانَ لَهُ جَمِيعُ الْأَلْفِ سَوَاءٌ كَانَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَفَرِّقَةٍ بَعْدَ أَنْ تَكُونَ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلِذَا قَالَ فِي الْقُنْيَةِ) تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ قَرِيبًا قُبَيْلَ قَوْلِهِ فَإِنْ خَالَعَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>