للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْمُحِيطِ لَوْ قَالَ لِغَيْرِ الْمَدْخُولَةِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسَّنَةِ بِأَلْفٍ أَوْ عَلَى أَلْفٍ، وَلَا نِيَّةَ لَهُ طَلَقَتْ وَاحِدَةً بِثُلُثِ الْأَلْفِ لِأَنَّ جَمِيعَ الْأَوْقَاتِ فِي حَقِّ غَيْرِ الْمَدْخُولَةِ وَقْتٌ لِطَلَاقِ السَّنَةِ، وَقَدْ قَابَلَ الْأَلْفَ بِالثَّلَاثِ فَيَتَوَزَّعُ عَلَيْهَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا طَلَقَتْ أُخْرَى بِثُلُثِ الْأَلْفِ، وَكَذَلِكَ ثَالِثًا لِأَنَّ الْإِيقَاعَ كَانَ صَحِيحًا فَلَا يَرْتَفِعُ بِزَوَالِ الْمِلْكِ فَإِذَا وُجِدَ الْمِلْكُ وُجِدَ الشَّرْطُ فَوَقَعَ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى قَبُولٍ جَدِيدٍ مِنْهَا لِأَنَّ الْقَبُولَ يُشْتَرَطُ فِي مَجْلِسِ الْخِطَابِ، وَقَدْ وُجِدَ إلَّا أَنَّ الْوُقُوعَ تَأَخَّرَ لِعَدَمِ الْمَحَلِّ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ غَدًا بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ فَجَاءَ غَدٌ طَلَقَتْ بِأَلْفٍ مِنْ غَيْرِ قَبُولٍ، وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولَةً وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ بِثُلُثِ الْأَلْفِ ثُمَّ أُخْرَى فِي الطُّهْرِ الثَّانِي، وَأُخْرَى فِي الثَّالِثِ بِغَيْرِ شَيْءٍ لِأَنَّ الْبَدَلَ يَجِبُ مُقَابِلًا بِمِلْكِ النِّكَاحِ، وَقَدْ زَالَ بِالْأُولَى فَلَا تَمْلِكُ نَفْسَهَا بِالثَّانِيَةِ لِيَصِحَّ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا، وَإِنْ قَبِلَتْ، وَهِيَ مُجَامِعَةٌ لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ حَتَّى تَحِيضَ، وَتَطْهُرَ فَيَقَعُ حِينَئِذٍ كَمَا ذَكَرْنَا اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ يَمِينٌ مِنْ جِهَتِهِ فَتَصِحُّ إضَافَتُهُ وَتَعْلِيقُهُ، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ، وَلَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ عَنْ الْمَجْلِسِ، وَيَتَوَقَّفُ عَلَى الْبُلُوغِ إلَيْهَا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً، وَمِنْ جِهَتِهَا مُبَادَلَةٌ فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا، وَلَا إضَافَتُهَا، وَيَصِحُّ رُجُوعُهَا قَبْلَ قَبُولِ الزَّوْجِ لَوْ ابْتَدَأَتْ، وَيَبْطُلُ بِقِيَامِهَا، وَمِثْلُ قَوْلِهِ عَلَيَّ أَلْفٌ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا بِخِلَافِ إذَا أَعْطَيْتنِي أَوْ إذَا أَجَبْتنِي بِأَلْفٍ فَلَا تَطْلُقُ حَتَّى تُعْطِيَهُ لِلتَّصْرِيحِ بِجَعْلِ الْإِعْطَاءِ شَرْطًا بِخِلَافِهِ مَعَ عَلَى حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الزَّوْجِ دَيْنٌ لَهَا وَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ فِي مَسْأَلَةِ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي دُونَ إنْ أَعْطَيْتنِي إلَّا أَنْ يَرْضَى الزَّوْجُ طَلَاقًا مُسْتَقْبَلًا بِأَلْفٍ لَهُ عَلَيْهَا، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ يُقَالُ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي كَذَا، وَيُرَادُ قَبُولُهُ فِي الْعُرْفِ قَالَ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] أَيْ حَتَّى يَقْبَلُوا لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنْ يَقْبَلُوهَا يَنْتَهِي الْحَرْبُ مِنْهُمْ، وَلَكِنْ بَيْنَ أَنْ وَبَيْنَ إذَا وَمَتَى فَرْقٌ فَإِنَّ فِي أَنْ يَتَوَقَّفَ الطَّلَاقُ عَلَى الْإِعْطَاءِ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ إذَا، وَمَتَى، وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْت طَالِقٌ عَلَى أَلْفٍ إنْ تَزَوَّجْتُك فَقَبِلَتْ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا لَا يُعْتَبَرُ الْقَبُولُ إلَّا بَعْدَ التَّزَوُّجِ لِأَنَّهُ خُلْعٌ بَعْدَ التَّزَوُّجِ فَيُشْتَرَطُ الْقَبُولُ بَعْدَهُ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَوْ قَالَ لِأَنَّهُ طَلَاقٌ عَلَى مَالٍ بَعْدَ التَّزَوُّجِ لَكَانَ أَوْلَى، وَقَدْ طَلَبَ مِنِّي بِالْمَدْرَسَةِ الصرغتمشية الْفَرْقَ بَيْنَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى الْقَبُولِ وَبَيْنَ أَنْ تَدْخُلِي الدَّارَ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى الدُّخُولِ وَطَلَبَ أَيْضًا الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى دُخُولِك الدَّارَ حَيْثُ تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا لَا عَلَى الدُّخُولِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَبَيْنَ عَلَى أَنْ تَدْخُلِي حَيْثُ لَا يَكْفِي الْقَبُولُ مَعَ أَنَّ أَنْ وَالْفِعْلَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ.

وَهَاهُنَا قَاعِدَةٌ فِي الطَّلَاقِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ أَنْ وَالْفِعْلَ بِمَعْنَى الْمَصْدَرِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ أَقُولُ: قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ فِي الْفَرْقِ لِأَنَّ كَلِمَةَ عَلَى لِتَعْلِيقِ الْإِيجَابِ بِالْقَبُولِ لَا لِلتَّعْلِيقِ بِوُجُودِ الْمَقْبُولِ اهـ.

فَيَتَعَجَّبُ مِنْ كَلَامِهِ، وَقَدْ تَبِعَهُ أَخُوهُ فِي ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُوَفِّقُ تَأَمَّلْ. اهـ.

قُلْت لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ لَا عَجَبَ فِي كَلَامِهِمَا بَلْ فِي كَلَامِهِ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ لَا يَصْلُحُ فَرْقًا بَيْنَ عَلَى دُخُولِك، وَعَلَى أَنْ تَدْخُلِي، وَالْفَرْقُ الْمَذْكُورُ قَدْ مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَزِمَهَا الْمَالُ ثُمَّ أَعَادَهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ قَالَتْ طَلِّقْنِي ثَلَاثًا بِالْأَلْفِ، وَقَدْ رَأَيْت بِخَطِّ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ نَقْلًا عَنْ تَعْلِيقَاتِ السُّبْكِيّ مَا يَتَّضِحُ بِهِ الْفَرْقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَنَصُّهُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَصْدَرِ الصَّرِيحِ، وَأَنْ وَالْفِعْلِ الْمُؤَوَّلَيْنِ بِهِ مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَدَثِ أَنَّ مَوْضُوعَ صَرِيحِ الْمَصْدَرِ الْحَدَثُ فَقَطْ، وَهُوَ أَمْرٌ تَصَوُّرِيٌّ، وَأَنَّ الْفِعْلَ يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ بِالْحُصُولِ إمَّا مَاضِيًا، وَإِمَّا حَالًا، وَإِمَّا مُسْتَقْبَلًا إنْ كَانَ إثْبَاتًا، وَبِعَدَمِ الْحُصُولِ فِي ذَلِكَ إنْ كَانَ مَنْفِيًّا، وَهُوَ أَمْرٌ تَصْدِيقِيٌّ، وَلِهَذَا يَسُدَّانِ وَالْفِعْلَ مَسَدَّ الْمَفْعُولَيْنِ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ النِّسْبَةِ اهـ. بِحُرُوفِهِ.

وَمِثْلُهُ فِي الْأَشْبَاهِ النَّحْوِيَّةِ، وَقَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ أَنَّ كَلِمَةَ عَلَى شَرْطٌ، وَأَنَّ الطَّلَاقَ بِمُقَابَلَةِ مَالِ مُعَاوَضَةٌ مِنْ جَانِبِهَا فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا إذَا ظَهَرَ ذَلِكَ فَنَقُولُ إذَا قَالَ لَهَا عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي قَدْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا عَلَى إعْطَائِهَا الْمَالَ لَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهَا فَصَارَ كَأَنَّهُ عَلَّقَهُ عَلَى الْقَبُولِ إذْ بِهِ يَحْصُلُ غَرَضُهُ مِنْ التَّطْلِيقِ بِعِوَضٍ لِلُزُومِهِ لَهَا بِالْقَوْلِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى أَنْ تَدْخُلِي فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ فَيَبْقَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ تَعَلُّقِهِ عَلَى الدُّخُولِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَا غَرَامَةَ تَلْحَقُهَا بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولُهَا، وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ عَلَى دُخُولِك الدَّارَ فَقَدْ اسْتَعْمَلَ فِيهِ الدُّخُولَ اسْتِعْمَالَ الْأَعْوَاضِ فَكَانَ الشَّرْطُ قَبُولَ الْعِوَضِ لَا وُجُودُهُ كَمَا لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تُعْطِيَنِي أَلْفًا كَمَا مَرَّ فِي بَابِ التَّعْلِيقِ عَنْ الْمُحِيطِ قُبَيْلَ قَوْلِهِ فَفِيهَا إنْ وُجِدَ الشَّرْطُ انْتَهَتْ الْيَمِينُ، وَإِنَّمَا اُسْتُعْمِلَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ تَعَلَّقَ عَلَى الدُّخُولِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ لَزِمَ تَغْيِيرُ مَوْضُوعِ الْمَصْدَرِ إذْ لَا بُدَّ أَنْ يُرَادَ الدُّخُولُ فِي الْمَاضِي أَوْ الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ، وَالْمَصْدَرُ الصَّرِيحُ مَوْضُوعٌ لِنَفْسِ الْحَدَثِ عَلَى أَنَّ فِيهِ جَهَالَةَ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ الزَّمَانِ فَلِذَا اُسْتُعْمِلَ اسْتِعْمَالَ الْأَعْوَاضِ فَتَعَلَّقَ عَلَى الْقَبُولِ هَذَا مَا ظَهَرَ لِي، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>