للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى مَالٍ الْأَصْلُ أَنَّهُ مَتَى ذَكَرَ طَلَاقَيْنِ، وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا مَا لَا يَكُونُ مُقَابِلًا بِهِمَا إذْ لَيْسَ أَحَدُهُمَا يُصْرَفُ الْبَدَلُ إلَيْهِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ إلَّا إذَا وُصِفَ الْأَوَّلُ بِمَا يُنَافِي وُجُوبَ الْمَالِ فَيَكُونُ الْمَالُ حِينَئِذٍ مُقَابِلًا بِالثَّانِي، وَوَصْفُهُ بِالْمُنَافِي كَالتَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ الْمَالَ بِمُقَابَلَةِ الثَّانِي، وَأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْمَالِ عَلَى الْمَرْأَةِ حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهَا لِتَمْلِكَ نَفْسَهَا فَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةٌ، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ أَوْ قَالَ عَلَى أَنَّك طَالِقٌ غَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ أَوْ قَالَ الْيَوْمَ وَاحِدَةٌ، وَغَدًا أُخْرَى رَجْعِيَّةٌ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ تَقَعُ وَاحِدَةٌ بِخَمْسِمِائَةٍ لِلْحَالِ، وَغَدًا أُخْرَى بِغَيْرِ شَيْءٍ إلَّا أَنْ يَعُودَ مِلْكُهُ قَبْلَهُ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ تَطْلِيقَةٍ مُنَجَّزَةٍ وَتَطْلِيقَةٍ مُضَافَةٍ إلَى الْغَدِ، وَذَكَرَ عَقِيبَهُمَا مَالًا فَانْصَرَفَ إلَيْهِمَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ذَكَرَ مَكَانَ الْبَدَلِ اسْتِثْنَاءً يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا فَيَقَعُ الْيَوْمَ وَاحِدَةٌ بِخَمْسِمِائَةٍ فَإِذَا جَاءَ غَدًا تَقَعُ أُخْرَى لِوُجُودِ الْوَقْتِ الْمُضَافِ إلَيْهِ، وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ لِأَنَّ شَرْطَ وُجُوبِ الْمَالِ بِالطَّلَاقِ الثَّانِي حُصُولُ الْبَيْنُونَةِ، وَلَمْ تَحْصُلْ لِحُصُولِهَا بِالْأُولَى حَتَّى لَوْ نَكَحَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ فَتَقَعُ أُخْرَى بِخَمْسِمِائَةٍ لِوُجُودِ شَرْطِ وُجُوبِ الْمَالِ، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةٌ رَجْعِيَّةٌ أَوْ بَائِنَةً أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ عَلَى أَنَّك طَالِقٌ غَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ تَقَعُ فِي الْحَالِ وَاحِدَةٌ مَجَّانًا، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفٍ لِتَعَذُّرِ الصَّرْفِ إلَيْهِمَا لِأَنَّهُ، وَصَفَ الْأُولَى بِمَا يُنَافِي وُجُوبَ الْمَالِ إلَّا أَنَّ فِي قَوْلِهِ بَائِنَةٌ فَيُشْتَرَطُ التَّزْوِيجُ لِوُجُوبِ الْمَالِ بِالثَّانِي، وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا لِلسِّتَّةِ بِأَلْفٍ فَقَبِلَتْ يَقَعُ فِي الطُّهْرِ الْأَوَّلِ وَاحِدَةٌ بِثُلُثِ الْأَلْفِ وَفِي الطُّهْرِ الثَّانِي بِأُخْرَى مَجَّانًا لِأَنَّهَا بَانَتْ بِالْأُولَى، وَلَا يَجِبُ بِالثَّانِيَةِ الْمَالُ إلَّا إذَا نَكَحَهَا قَبْلَ الطُّهْرِ الثَّانِي فَحِينَئِذٍ تَقَعُ أُخْرَى بِثُلُثِ الْأَلْفِ، وَفِي الطُّهْرِ الثَّالِثِ كَذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَإِنْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَفْعَلَ كَذَا، وَقَبِلَتْ لَزِمَهَا الطَّلَاقُ عَلَى الْفِعْلِ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ جُعْلًا فَهُوَ عَلَى مَا ذَكَرْت لَك، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جُعْلٍ فَقَدْ مَضَى الطَّلَاقُ م عَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ عَلَى أَنْ تَهَبَ عَنْهُ لِفُلَانٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَجْبَرَهَا عَلَى هَذِهِ الْأَلْفِ، وَالزَّوْجُ هُوَ الْوَاهِبُ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَنْهُ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى الْهِبَةِ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَرُدَّ الْمَهْرَ، وَالطَّلَاقُ بَائِنٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا غَيْرُ الْهِبَةِ الَّتِي، وَهَبَتْ، وَلَا رُجُوعَ فِي هَذِهِ الْهِبَةِ لِأَحَدٍ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ فِي امْرَأَةٍ قَالَتْ لِزَوْجِهَا طَلِّقْنِي عَلَى أَنْ أَهَبَ مَهْرِي مِنْ وَلَدِك فَفَعَلَ فَأَبَتْ أَنْ تَهَبَهُ فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا. اهـ. .

(قَوْلُهُ أَنْت طَالِقٌ، وَعَلَيْك أَلْفٌ أَوْ أَنْت حُرٌّ، وَعَلَيْك أَلْفٌ طَلَقَتْ، وَعَتَقَ مَجَّانًا) يَعْنِي قَبِلَا أَوْ لَا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا وَقَعَ إنْ قَبِلَا، وَلَزِمَهُمَا الْمَالُ، وَإِلَّا لَا عَمَلًا بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ مَجَازًا لِتَعَذُّرِ حَمْلِهَا عَلَى الْعَطْفِ لِلِانْقِطَاعِ لِأَنَّ الْأُولَى جُمْلَةٌ إنْشَائِيَّةٌ، وَالثَّانِيَةَ خَبَرِيَّةٌ، وَعِنْدَهُ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ هُنَا عَمَلًا بِالْحَقِيقَةِ، وَلَا انْقِطَاعَ لِأَنَّ التَّحْقِيقَ أَنَّ الْجُمْلَةَ الْأُولَى خَبَرِيَّةٌ لَا إنْشَائِيَّةٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَذَكَرَ فِي تَحْرِيرِهِ أَنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ عِدَةً أَوْ غَيْرَهُ لَا لِلْعَطْفِ لِلِانْقِطَاعِ، وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مَجَازٌ لَكِنْ تَرَجَّحَ عَلَى مَجَازٍ أَنَّهَا لِلْحَالِ بِالْأَصْلِ، وَهُوَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَعَدَمُ إلْزَامِ الْمَالِ بِلَا مُعَيَّنٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا لِلْحَالِ فِي أَدِّ إلَيَّ أَلْفًا، وَأَنْتَ حُرٌّ، وَانْزِلْ، وَأَنْتَ آمِنٌ لِتَعَذُّرِ الْعَطْفِ لِكَمَالِ الِانْقِطَاعِ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ لَكِنَّهُ مِنْ بَابِ الْقَلْبِ لِأَنَّ الشَّرْطَ الْأَدَاءُ وَالنُّزُولُ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى الْبَاءِ، وَهُوَ الْمُعَاوَضَةُ، وَفِي قَوْلِهِ احْمِلْ هَذَا الطَّعَامَ، وَلَك دِرْهَمٌ لِأَنَّ الْمُعَاوَضَةَ فِي الْإِجَارَةِ أَصْلِيَّةٌ، وَاتَّفَقُوا عَلَى تَعَيُّنِ الْأَصْلِ، وَهُوَ الْعَطْفُ مِنْ غَيْرِ احْتِمَالِ غَيْرِهِ فِي خُذْهُ، وَاعْمَلْ بِهِ فِي الْبَزِّ لِلْإِنْشَائِيَّةِ فَلَا تُقَيِّدُ الْمُضَارَبَةُ بِهِ، وَلَوْ نَوَى، وَاتَّفَقُوا عَلَى احْتِمَالِ الْأَمْرَيْنِ فِي أَنْتِ طَالِقٌ، وَأَنْتِ مَرِيضَةٌ أَوْ مُصَلِّيَةٌ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَلَا مُعَيَّنَ فَيَتَنَجَّزُ الطَّلَاقُ قَضَاءً، وَيَتَعَلَّقُ دِيَانَةً إنْ أَرَادَهُ فَالضَّابِطُ الِاعْتِبَارُ بِالصَّلَاحِيَةِ، وَعَدَمِهَا فَإِنْ تَعَيَّنَ مَعْنَى الْحَالِ تَقَيَّدَ، وَإِلَّا فَإِنْ احْتَمَلَ فَالْمُعَيَّنُ النِّيَّةُ، وَإِلَّا كَانَتْ لِعَطْفِ الْجُمْلَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا وُصِفَ الْأَوَّلُ بِمَا يُنَافِي الْوُجُوبَ إلَخْ) أَفَادَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا يَكُونُ مُقَابَلًا بِهِمَا سَوَاءٌ لَمْ يَصِفْ شَيْئًا مِنْهُمَا بِالْمُنَافِي أَوْ وَصَفَهُمَا جَمِيعًا أَوْ وَصَفَ الثَّانِيَ فَقَطْ يُوَضِّحُهُ مَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ وَلَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ، وَغَدًا أُخْرَى أَمْلِكُ الرَّجْعَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَغَدًا أُخْرَى بَائِنَةً بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ السَّاعَةَ وَاحِدَةً بِغَيْرِ شَيْءٍ، وَغَدًا أُخْرَى بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَالْبَدَلُ يَنْصَرِفُ إلَيْهِمَا، وَيَكُونُ كُلُّ تَطْلِيقَةٍ بِنِصْفِ الْأَلْفِ فَيَقَعُ وَاحِدَةٌ فِي الْحَالِ بِنِصْفِ الْأَلْفِ، وَغَدًا مَجَّانًا إلَّا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا قَبْلَ مَجِيءِ الْغَدِ ثُمَّ جَاءَ الْغَدُ فَحِينَئِذٍ تَقَعُ أُخْرَى بِنِصْفِ الْأَلْفِ. اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ عِدَةً أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ الْأَرْجَحُ فِي طَلِّقْنِي، وَلَك أَلْفٌ أَنْ يَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ لِقَوْلِهَا، وَلَك أَلْفٌ عِدَةً مِنْهَا لَهُ، وَالْمَوَاعِيدُ لَا تَلْزَمُ أَوْ غَيْرَهُ أَيْ غَيْرَ وَعْدٍ بِأَنْ تَزِيدَ، وَلَك أَلْفٌ فِي بَيْتِك وَنَحْوِهِ لِلِانْقِطَاعِ بَيْنَهُمَا إلَخْ قَالَ شَارِحُهُ، وَفِي بَعْضِ هَذَا الْكَلَامِ مَا فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>