للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَطْ فَإِنْ قَامَتْ مِنْهُ بَطَلَ اسْتِنْبَاطًا مِمَّا إذَا أَطْلَقَا فِي الْبَيْعِ لِمَا أَنَّ لَهُ شَبَهَ الْبَيْعِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ جَانِبَ الْعَبْدِ فِي الْعَتَاقِ مِثْلُ جَانِبِ الْمَرْأَةِ فِي الطَّلَاقِ حَتَّى صَحَّ اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ لَهُ دُونَ الْمَوْلَى ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُمْ نَقَلُوا هُنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهَا لِلْخُلْعِ لِكَوْنِهِ مُعَاوَضَةً مِنْ جِهَتِهَا، وَقَدْ ذَكَرَ الْحَاكِمُ فِي الْكَافِي أَنَّهَا لَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقْتنِي ثَلَاثًا فَلَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنْ قَبِلَ فِي الْمَجْلِسِ فَلَهُ الْأَلْفُ.

وَإِنْ قَبِلَ بَعْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَعَزَاهُ إلَيْهِ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ مَعَ أَنَّهُ تَعْلِيقٌ مِنْهَا لَهُ بِصَرِيحِ الشَّرْطِ، وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُعَلِّقَ الْقَبُولَ أَوْ الْإِيجَابَ، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ خَالَعَهَا، وَقَالَتْ إنْ لَمْ أُؤَدِّ الْبَدَلَ إلَى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ فَالْخُلْعُ بَاطِلٌ فَمَضَتْ الْمُدَّةُ، وَلَمْ تُؤَدِّ فَهَذِهِ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِ الْخِيَارِ فِي الْخُلْعِ، وَأَنَّهُ عَلَى الْخِلَافِ إذَا كَانَ مِنْ جَانِبِهَا اهـ.

يَعْنِي: إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ قَبْلَ الْأَدَاءِ بَطَلَ الْخُلْعُ، وَإِنْ أَدَّتْ فِي الْمُدَّةِ وَقَعَ كَمَسْأَلَةِ خِيَارِ الْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ، وَاسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ الْخِيَارَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالثَّلَاثِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ صَرِيحًا، وَقَيَّدَ بِخِيَارِ الشَّرْطِ لِأَنَّ خِيَارَ الرُّؤْيَةِ لَا يَثْبُتُ فِي الْخُلْعِ، وَلَا فِي كُلِّ عَقْدٍ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِمَادِيُّ فِي فُصُولِهِ، وَأَمَّا خِيَارُ الْعَيْبِ فِي بَدَلِ الْخُلْعِ فَثَابِتٌ فِي الْعَيْبِ الْفَاحِشِ دُونَ الْيَسِيرِ، وَالْفَاحِشُ مَا يُخْرِجُهُ مِنْ الْجَوْدَةِ إلَى الْوَسَاطَةِ، وَمِنْ الْوَسَاطَةِ إلَى الرَّدَاءَةِ. اهـ.

وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ الْأَصْلُ أَنَّ مَنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ خِطَابِهِ قَوْلًا يَبْطُلُ خِطَابُهُ بِقِيَامِهِ، وَمَنْ لَا رُجُوعَ لَهُ لَا يَبْطُلُ بِقِيَامِهِ ثُمَّ قَالَ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخُلْعَ مِنْ جَانِبِهِ يَبْطُلُ بِقِيَامِهَا لَا بِقِيَامِهِ، وَمِنْ جَانِبِهَا يَبْطُلُ بِقِيَامِ كُلٍّ مِنْهُمَا. اهـ.

(قَوْلُهُ طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلِي، وَقَالَتْ قَبِلْت صَدَّقَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) .

وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ بِلَا قَبُولِ عَقْدٍ تَامٍّ، وَهُوَ عَقْدُ يَمِينٍ فَلَا يَكُونُ إقْرَارُهُ بِهِ إقْرَارًا بِقَبُولِ الْمَرْأَةِ أَمَّا الْبَيْعُ بِلَا قَبُولِ الْمُشْتَرِي فَلَيْسَ بِبَيْعٍ فَكَانَ إقْرَارُهُ بِهِ إقْرَارًا بِقَبُولِ الْمُشْتَرِي فَدَعْوَاهُ بَعْدَهُ عَدَمَ قَبُولِهِ تَنَاقُضٌ، وَمُرَادُهُ مِنْ تَصْدِيقِ الزَّوْجِ قَبُولُ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ، وَلَوْ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِالْمَالِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لَكَانَ أَوْلَى، وَلَوْلَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْكَافِي شَرْحًا لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ مِنْ أَنَّ صُورَتَهُ مَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ بِعْت مِنْك هَذَا الْعَبْدَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ أَمْسِ فَلَمْ تُقْبَلْ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي قَبِلْت إلَى آخِرِهِ لَشَرَحْت قَوْلَهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ بِمَا لَوْ قَالَ بِعْتُك طَلَاقَك أَمْسِ فَلَمْ تَقْبَلِي فَقَالَتْ بَلْ قَبِلْت فَقَدْ نَصَّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ الْقَبُولَ لَهَا لِمُنَاسَبَتِهِ لِلطَّلَاقِ، وَفِيهِ لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ أَعْتَقْتُك أَمْسِ عَلَى أَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ، وَبِعْتُك أَمْسِ نَفْسَك مِنْك بِأَلْفٍ فَلَمْ تَقْبَلْ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ الزَّوْجِ لَهَا. اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة لَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً أُخِذَ بِبَيِّنَةِ الْمَرْأَةِ. اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ ادَّعَى الْخُلْعَ عَلَى مَالٍ، وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ، وَالدَّعْوَى فِي الْمَالِ عَلَى حَالِهَا، وَعَكْسُهُ لَا يَقَعُ كَيْفَمَا كَانَ ادَّعَتْ الْمَهْرَ أَوْ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ لِأَنَّهُ طَلَّقَهَا، وَادَّعَى الْخُلْعَ، وَلَيْسَ لَهَا بَيِّنَةٌ فَفِي حَقِّ الْمَهْرِ الْقَوْلُ لَهَا، وَفِي النَّفَقَةِ قَوْلُهُ اهـ.

وَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُدَّعِيًا أَنَّ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ مِنْ جُمْلَةِ بَدَلِ الْخُلْعِ، وَعَلَى تَقْدِيرِهِ فَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَهْرَ كَانَ ثَابِتًا عَلَيْهِ قَبْلَهُ فَدَعْوَاهُ سُقُوطَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ، وَأَمَّا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَلَيْسَتْ وَاجِبَةً قَبْلَهُ، وَهِيَ تَدَّعِي اسْتِحْقَاقَهَا بِالطَّلَاقِ، وَهُوَ يُنْكِرُ فَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ فَإِنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهَا لِأَنَّ الْخُلْعَ وَالطَّلَاقَ يُوجِبَانِ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ فَكَيْفَ تَسْقُطُ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ اخْتَلَفَا فِي كَمِّيَّةِ الْخُلْعِ فَقَالَ مَرَّتَانِ، وَقَالَتْ ثَلَاثٌ قِيلَ الْقَوْلُ لَهُ، وَقِيلَ لَوْ اخْتَلَفَا بَعْدَ التَّزَوُّجِ فَقَالَتْ لَمْ يَجُزْ التَّزَوُّجُ لِأَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ الْخُلْعِ الثَّالِثِ، وَأَنْكَرَهُ فَالْقَوْلُ لَهُ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْعِدَّةِ، وَبَعْدَ مُضِيِّهَا فَقَالَ هِيَ عِدَّةُ الْخُلْعِ الثَّانِي، وَقَالَتْ هِيَ عِدَّةُ الْخُلْعِ الثَّالِثِ فَالْقَوْلُ لَهَا فَلَا يَحِلُّ النِّكَاحُ. اهـ.

وَفِي الْقُنْيَةِ لَوْ أَقَامَتْ بَيِّنَةً أَنَّ زَوْجَهَا الْمَجْنُونَ خَالَعَهَا فِي صِحَّتِهِ، وَأَقَامَ وَلِيُّهُ أَوْ هُوَ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ بَيِّنَةً أَنَّهُ خَالَعَهَا فِي جُنُونِهِ فَبَيِّنَةُ الْمَرْأَةِ أَوْلَى اهـ.

وَفِي كَافِي الْحَاكِمِ قَالَ لَهَا قَدْ طَلَّقْتُك وَاحِدَةً بِأَلْفٍ فَقَبِلْت فَقَالَتْ إنَّمَا سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَاحِدَةً فَلَكَ ثُلُثُهَا فَالْقَوْلُ لِلْمَرْأَةِ مَعَ يَمِينِهَا فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ، وَكَذَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِالْمَالِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ النُّسْخَةُ الَّتِي شَرَحَ عَلَيْهَا الزَّيْلَعِيُّ وَالْعَيْنِيُّ وَمُنْلَا مِسْكِينٌ مُقَيَّدَةٌ بِالْمَالِ فَإِنَّ عِبَارَتَهُمْ طَلَّقْتُك أَمْسِ بِأَلْفٍ. اهـ.

قُلْت، وَكَذَلِكَ عِبَارَةُ النَّهْرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُشْكِلٌ إلَخْ) أَصْلُ لِاسْتِشْكَالِ لِصَاحِبِ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>