للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْجُعْلِ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْخُلْعِ أَوْ قَالَتْ اخْتَلَعْتُ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا، وَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الزَّوْجِ أَمَّا إذَا اتَّفَقَا أَنَّهَا سَأَلَتْهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثَلَاثًا بِأَلْفٍ، وَقَالَتْ طَلَّقْتنِي وَاحِدَةً، وَقَالَ هُوَ ثَلَاثًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنْ كَانَا فِي الْمَجْلِسِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فِي مَجْلِسِ سُؤَالِهَا الثَّلَاثَ بِأَلْفٍ كَانَ لَهُ الْأَلْفُ فَغَايَةُ هَذَا أَنْ يَكُونَ مُوقِعًا الْبَاقِيَ فِي الْمَجْلِسِ فَيَكُونَ مِثْلَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فِي الْمَجْلِسِ لَزِمَهَا الثَّلَاثُ.

وَإِنْ كَانَتْ فِي الْعِدَّةِ فَمِنْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ لِلزَّوْجِ إلَّا ثُلُثُ الْأَلْفِ، وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي ثَلَاثًا عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ لَك يَعْنِي عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ هُوَ بَلْ سَأَلْتنِي وَاحِدَةً عَلَى أَلْفٍ فَطَلَقْتُكهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك ثَلَاثًا بِأَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ وَاحِدَةً، وَالْبَاقِي فِي غَيْرِهِ، وَقَالَ بَلْ الثَّلَاثُ فِيهِ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَإِنْ قَالَتْ سَأَلْتُك أَنْ تُطَلِّقَنِي أَنَا وَضَرَّتِي عَلَى أَلْفٍ فَطَلَّقْتنِي وَحْدِي، وَقَالَ طَلَّقْتهَا مَعَك، وَقَدْ افْتَرَقَا مِنْ ذَلِكَ الْمَجْلِسِ فَالْقَوْلُ لَهَا، وَعَلَيْهَا حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ، وَالْأُخْرَى طَالِقٌ بِإِقْرَارِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَتْ فَلَمْ تُطَلِّقْنِي، وَلَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ، وَفِي مَسْأَلَةِ خُلْعِ الثِّنْتَيْنِ بِسُؤَالٍ وَاحِدٍ تَنْبِيهٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إذَا خَلَعَ امْرَأَتَيْهِ عَلَى أَلْفٍ كَانَتْ مُنْقَسِمَةً عَلَى قَدْرِ مَا تَزَوَّجَهُمَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ حَتَّى لَوْ سَأَلَتَاهُ طَلَاقَهُمَا عَلَى أَلْفٍ أَوْ بِأَلْفٍ فَطَلَّقَ إحْدَاهُمَا لَزِمَ الْمُطَلَّقَةَ حِصَّتُهَا مِنْ الْأَلْفِ عَلَى قَدْرِ مَا تَزَوَّجَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ طَلَّقَ الْأُخْرَى فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ أَيْضًا لَزِمَهَا حِصَّتُهَا لِأَنَّ الْأَلْفَ تَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ، وَلَوْ طَلَّقَهَا بَعْدَمَا افْتَرَقُوا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ الْخُلْعَ، وَالزَّوْجُ يُنْكِرُهُ فَأَقَامَتْ بَيِّنَةً فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْأَلْفِ، وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ، وَخَمْسِمِائَةٍ أَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْجُعْلِ فَالشَّهَادَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ هُوَ الْمُدَّعِي لِلْخُلْعِ، وَالْمَرْأَةُ تُنْكِرُهُ فَشَهِدَ أَحَدُ شَاهِدَيْهِ بِأَلْفٍ، وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ، وَخَمْسِمِائَةٍ، وَالزَّوْجُ يَدَّعِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْأَلْفِ، وَإِنْ اُدُّعِيَ أَلْفٌ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا، وَلَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِإِقْرَارِهِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِيهِ لَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْعِوَضِ فَالْقَوْلُ لَهَا عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَتَحَالَفَانِ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ دَفَعَتْ بَدَلَ الْخُلْعِ، وَزَعَمَ الزَّوْجُ أَنَّهُ قَبَضَهُ بِجِهَةٍ أُخْرَى أَفْتَى الْإِمَامُ ظَهِيرُ الدِّينِ أَنَّ الْقَوْلَ لَهُ، وَقِيلَ لَهَا لِأَنَّهَا الْمُمَلَّكَةُ.

(قَوْلُهُ وَيُسْقِطُ الْخُلْعُ وَالْمُبَارَأَةُ كُلَّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ حَتَّى لَوْ خَالَعَهَا أَوْ بَارَأَهَا بِمَالٍ مَعْلُومٍ كَانَ لِلزَّوْجِ مَا سَمَّتْ لَهُ، وَلَمْ يَبْقَ لِأَحَدِهِمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ دَعْوَى فِي الْمَهْرِ مَقْبُوضًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ بَعْدَهُ) لِأَنَّ الْخُلْعَ كَالْبَرَاءَةِ يَقْتَضِي الْبَرَاءَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّهُ يُنْبِئُ عَنْ الْخُلْعِ، وَهُوَ الْفَصْلُ، وَلَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ إلَّا لَمْ يَبْقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ صَاحِبِهِ حَقٌّ، وَإِلَّا تَحَقَّقَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَهُ، وَالْمُبَارَأَةُ بِالْهَمْزَةِ، وَتَرْكُهَا خَطَأٌ، وَهِيَ أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك بِكَذَا كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ، وَلَا يَخْفَى وُقُوعُ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَقَدْ صَوَّرَهَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ بِأَنْ يَقُولَ بَارَأْتُك عَلَى أَلْفٍ، وَتَقْبَلُ، وَلَمْ يَذْكُرْ وُقُوعَ الطَّلَاقِ بِهِ، وَقَدْ صَرَّحَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ لَكِنْ قَالَ فِيهَا نِيَّةُ الطَّلَاقِ فِي الْخُلْعِ، وَالْمُبَارَأَةُ شَرْطُ الصِّحَّةِ إلَّا أَنَّ الْمَشَايِخَ لَمْ يَشْتَرِطُوهُ فِي الْخُلْعِ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَلِأَنَّ الْغَالِبَ كَوْنُ الْخُلْعِ بَعْدَ مُذَاكَرَةِ الطَّلَاقِ فَلَوْ كَانَتْ الْمُبَارَأَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ لَا حَاجَةَ إلَى النِّيَّةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْكِنَايَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَبَقِيَتْ مَشْرُوطَةً فِي الْمُبَارَأَةِ، وَسَائِرِ الْكِنَايَاتِ عَلَى الْأَصْلِ اهـ.

وَشَمِلَ أَوَّلُ كَلَامِهِ سِتَّةَ عَشَرَ وَجْهًا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ لَا يُسَمِّيَا شَيْئًا أَوْ سَمَّيَا الْمَهْرَ أَوْ مَالًا آخَرَ، وَكُلُّ وَجْهٍ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا أَوْ لَا، وَكُلٌّ عَلَى وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا بَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَعِبَارَةُ الْخُلَاصَةِ لَوْ خَالَعَهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْعِوَضَ عَلَيْهَا فَهُوَ عَلَى وُجُوهٍ الْأَوَّلُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْهُ ذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي نُسْخَتِهِ أَنَّهُ يَبْرَأُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ دَعْوَى صَاحِبِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَلْفَ تَنْقَسِمُ عَلَيْهَا بِالسَّوِيَّةِ) كَذَا فِي النُّسَخِ، وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ لَا أَنَّ بِالْأَلْفِ بَعْدَ لَا، وَهِيَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِوُقُوعِ الطَّلَاقِ إلَخْ) أَقُولُ: صَرَّحَ بِهِ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ أَيْضًا، وَبِأَنَّهُ بَائِنٌ حَيْثُ قَالَ فِي الْكَافِي وَإِذَا اخْتَلَعَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ زَوْجِهَا فَالْخُلْعُ تَطْلِيقَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ الزَّوْجُ ثَلَاثًا فَتَكُونَ ثَلَاثًا، وَإِنْ نَوَى ثِنْتَيْنِ كَانَتْ وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَكَذَلِكَ كُلُّ طَلَاقٍ يَجْعَلُ فَهُوَ بَائِنٌ فَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ لَمْ أَعْنِ بِالْخُلْعِ طَلَاقًا، وَقَدْ أَخَذَ عَلَيْهِ جُعْلًا لَمْ يُصَدَّقْ فِي الْحُكْمِ، وَالْمُبَارَأَةُ بِمَنْزِلَةِ الْخُلْعِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>