للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَذَكَرَ الْإِمَامُ خواهر زاده أَنَّ هَذَا إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الزَّوْجِ مَهْرٌ فَعَلَيْهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا بِذِكْرِ الْخُلْعِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ. اهـ.

وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِمَا أَوَّلًا أَنَّ الْمَهْرَ إذَا كَانَ مَقْبُوضًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا وَصَرِيحُ كَلَامِهِمَا ثَانِيًا الرُّجُوعُ وَقَدْ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوِيهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِأَنَّهَا تَرُدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ فَحِينَئِذٍ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَقَدْ ظَهَرَ لِي أَنَّ مَحَلَّ الْبَرَاءَةِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا إذَا خَالَعَهَا بَعْدَمَا دَفَعَ لَهَا مُعَجَّلَ الْمَهْرِ وَقَدْ بَقِيَ مُؤَجَّلُهُ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ مُؤَجَّلِهِ وَتَبْرَأُ هِيَ عَنْ مُعَجَّلِهِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ الْمَهْرِ مَا قَبَضَتْ الْمَرْأَةُ فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ بَاقِيًا فِي ذِمَّةِ الزَّوْجِ يَسْقُطُ اهـ.

وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لَهَا خَالَعْتُكِ فَقَالَتْ قَبِلْتُ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْمَهْرِ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ الْبَائِنُ بِقَوْلِهِ إذَا نَوَى وَلَا دَخْلَ لِقَبُولِهَا حَتَّى إذَا نَوَى الزَّوْجُ الطَّلَاقَ وَلَمْ تَقْبَلْ الْمَرْأَةُ يَقَعُ الْبَائِنُ وَإِنْ قَالَ لَمْ أُرِدْ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ وَيُصَدَّقُ قَضَاءً وَدِيَانَةً بِخِلَافِ قَوْلِهِ خَالَعْتكِ فَقَالَتْ قَبِلْت يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْبَرَاءَةُ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ خَلَعْتُكِ وَخَالَعْتُك مِنْ وَجْهَيْنِ الْأَوَّلِ أَنَّ خَلَعْتُك لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ بِخِلَافِ خَالَعْتكِ. الثَّانِي لَا يَبْرَأُ فِي الْأَوَّلِ وَيَبْرَأُ فِي الثَّانِي فَلِذَا قَالَ فِي الْكِتَابِ حَتَّى لَوْ خَالَعَهَا بِصِيغَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ قَاضِي خَانْ إلَخْ) ، وَذَلِكَ حَيْثُ قَالَ رَجُلٌ قَالَ لِزَوْجَتِهِ خَالَعْتكِ فَقَبِلَتْ يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ الَّذِي لَهَا عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا عَلَيْهِ مَهْرٌ كَانَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الصَّدَاقِ كَذَا ذَكَرَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ الْمُخْتَصَرِ وَالشَّيْخُ الْإِمَامُ الْمَعْرُوفُ بخواهر زاده وَبِهِ أَخَذَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْخُلْعَ لَا يَكُونُ إلَّا بِعِوَضٍ. اهـ.

وَفِي كَلَامِهِ إشَارَةٌ إلَى الْخِلَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَفِيهَا ثَلَاثَةُ رِوَايَاتٍ إحْدَاهَا لَا يَبْرَأُ عَنْ الْمَهْرِ فَتَأْخُذُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا قَالَ فِي الْبَدَائِعِ وَهَذَا ظَاهِرُ جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْمَهْرِ لَا غَيْرُ فَلَا يُطَالِبُ بِهِ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ الثَّالِثَةُ بَرَاءَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْمَهْرِ، وَعَنْ دَيْنٍ آخَرَ كَذَا فِي شَرْحِ مَنْظُومَةِ ابْنِ وَهْبَانَ لِابْنِ الشِّحْنَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الشُّرُنْبُلَالِيَّة وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا بَرِئَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ حَقِّ الْآخَرِ مِمَّا لَزِمَهُ بِالنِّكَاحِ الصَّحِيحِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ، وَكَانَ الْمَهْرُ مَقْبُوضًا أَوْ غَيْرَ مَقْبُوضٍ حَتَّى لَا يَجِبَ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْ لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يَبْرَأُ عَنْهُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَبْرَأُ عَنْ دَيْنٍ آخَرَ أَيْضًا اهـ.

وَقَوْلُهُ لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ، وَبَعْدَهُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ مُوجِبٌ لِرَدِّ نِصْفِ الْمَهْرِ فَإِذَا لَمْ يَلْزَمْهَا رَدُّ شَيْءٍ مِنْهُ هُنَا فَفِيمَا بَعْدَ الدُّخُولِ بِالْأَوْلَى، وَقَالَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالثَّالِثَةُ يَبْرَأُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنْ الْمَهْرِ لَا غَيْرُ فَلَا يُطَالِبُ بِهِ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ مَقْبُوضًا كَانَ أَوْ لَا حَتَّى لَا تَرْجِعَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إنْ لَمْ يَكُنْ مَقْبُوضًا، وَلَا يَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَيْهَا إنْ كَانَ مَقْبُوضًا كُلَّهُ، وَالْخُلْعُ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا بِالْخُلْعِ فَحَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ لَزِمَ مَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ بِقَرِينَةِ أَنَّ الْمُرَادَ الِانْخِلَاعُ مِنْهُ. اهـ.

وَفِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ شَرْحِ دُرَرِ الْبِحَارِ إنْ لَمْ يُسَمِّيَا شَيْئًا بَرِئَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ قَبَضَتْ الْمَهْرَ أَمْ لَا دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا. اهـ.

وَفِي مَتْنِ الْمُخْتَارِ وَالْمُبَارَأَةُ كَالْخُلْعِ يُسْقِطَانِ كُلَّ حَقٍّ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ حَتَّى لَوْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَقَدْ قَبَضَتْ الْمَهْرَ، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ، وَلَوْ لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، وَلَوْ خَلَعَهَا عَلَى مَالٍ آخَرَ لَزِمَهَا، وَسَقَطَ الصَّدَاقُ ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ الِاخْتِيَارَ وَلَوْ اخْتَلَعَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَهْرَ، وَلَا بَدَلًا آخَرَ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَسْقُطُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَهْرِ، وَمَا قَبَضَتْهُ فَهُوَ لَهَا اهـ.

وَفِي مُتْنَ الْمُلْتَقَى وَالْمُبَارَأَةُ كَالْخُلْعِ يُسْقِطُ كُلٌّ مِنْهُمَا كُلَّ حَقٍّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ فَلَا تُطَالِبُ بِمَهْرٍ، وَلَا نَفَقَةٍ مَاضِيَةٍ مَفْرُوضَةٍ، وَلَا يُطَالِبُ هُوَ بِنَفَقَةٍ عَجَّلَهَا، وَلَمْ تَمْضِ مُدَّتُهَا، وَلَا بِمَهْرٍ سَلَّمَهُ، وَخَلَعَ قَبْلَ الدُّخُولِ اهـ.

أَقُولُ: وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَذْكُورَ فِي الْفَتَاوَى رِوَايَةٌ رَابِعَةٌ، وَالصَّحِيحُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ هَذِهِ الشُّرُوحِ وَالْمُتُونِ مِنْ بَرَاءَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا بِلَا رُجُوعٍ لِأَحَدٍ عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَهْرِ خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ لَهَا خَلَعْتُك إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهَا بَرِئْت مِنْ نِكَاحِك يَقَعُ الطَّلَاقُ، وَلَا يَسْقُطُ بِهِ شَيْءٌ. اهـ.

وَمَا اعْتَرَضَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ مُخَالَفَتِهِ لِمَا مَرَّ عَنْ شَرْحِ الْوِقَايَةِ فَهُوَ سَاقِطٌ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْوِقَايَةِ مُصَرِّحَةٌ بِالْعِوَضِ حَيْثُ قَالَ بِكَذَا بِخِلَافِ عِبَارَةِ النَّهْرِ (قَوْلُهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ وَالْبَرَاءَةُ اهـ) .

قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ وَبَاقِي عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ أَنَّ عَلَيْهِ مَهْرًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَهْرٌ يَجِبُ رَدُّ مَا سَاقَ إلَيْهَا مِنْ الْمَهْرِ لِأَنَّ الْمَالَ مَذْكُورٌ عُرْفًا.

(قَوْلُهُ الْأَوَّلُ إنْ خَلَعْتُك لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبُولِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ بِمُقَابَلَةِ مَالٍ، وَإِلَّا تَوَقَّفَ كَمَا قَدَّمَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْوَاقِعُ بِهِ، وَبِالطَّلَاقِ عَلَى مَالٍ طَلَاقٌ بَائِنٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>