للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْفَتْوَى بَعْدَ أَنْ حُكِيَ أَنَّ فِيهِ رِوَايَتَيْنِ عَنْ الْإِمَامِ، وَأَنَّ عِنْدَهُمَا هُوَ كَالْخُلْعِ، وَفِي مَوْضِعٍ مِنْهَا طَلَّقَهَا عَلَى أَلْفٍ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَلَهَا عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ آلَافٍ تَسْقُطُ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَبَقِيَ عَلَيْهِ أَلْفٌ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَتَقَاصَّا بِأَلْفٍ، وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِخَمْسِمِائَةٍ عِنْدَ الْبَلْخِيّ، وَتَرْجِعُ عِنْدَ غَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَالِ هَلْ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْمَهْرِ عِنْدَ الْإِمَامِ أَمْ لَا فَالْبَلْخِيُّ يُوجِبُهُ، وَغَيْرُهُ لَا اهـ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْأَوْلَى فِي التَّعْبِيرِ أَنْ يُقَالَ إنَّ الطَّلَاقَ عَلَى مَالٍ لَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ فَقَدْ صَرَّحَ فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْبَزَّازِيَّةِ، وَالْجَوْهَرَةِ بِأَنَّ النَّفَقَةَ الْمُقْتَضَى بِهَا تَسْقُطُ بِالطَّلَاقِ، وَأَطْلَقُوهُ فَشَمِلَ الطَّلَاقَ بِمَالٍ، وَغَيْرِهِ، وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِ النَّفَقَاتِ، وَأَمَّا الْخُلْعُ بِلَفْظِ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ فَقَالَ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ إنَّهُ لَا يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ عَنْ الْمَهْرِ إلَّا بِذِكْرِهِ اتِّفَاقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَصَحَّحَ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى أَنَّهُ يُوجِبُ الْبَرَاءَةَ كَالْخُلْعِ، وَاخْتَارَهُ الْعِمَادِيُّ فِي الْفُصُولِ، وَأَطْلَقَ فِي الْحَقِّ فَشَمِلَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ الْمَفْرُوضَةَ وَالْمَاضِيَةَ وَالْكُسْوَةَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُتْعَةُ فَقِيلَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ خَالَعَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَانَ لَمْ يُسَمِّ مَهْرًا تَسْقُطُ الْمُتْعَةُ بِلَا ذِكْرٍ. اهـ.

وَأَمَّا نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَلَمْ تَدْخُلْ تَحْتَ الْعُمُومِ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً قَبْلَ الْخُلْعِ لِتَسْقُطَ بِهِ، وَإِنَّمَا تَسْقُطُ بِالتَّنْصِيصِ قَالَ الْبَزَّازِيُّ اخْتَلَعَتْ بِمَهْرِهَا، وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا تَصِحُّ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ النَّفَقَةُ بَعْدُ، وَهِيَ مَجْهُولَةٌ لِدُخُولِهَا تَبَعًا كَبَيْعِ الشِّرْبِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ، وَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا، وَفِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ صَحَّ، وَلَا تَجِبُ النَّفَقَةُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْرَأَتْ الزَّوْجَ عَنْ النَّفَقَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَا يَصِحُّ.

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ بَعْدَ الْخُلْعِ لَا يَصِحُّ، وَكَذَا بَعْدَ الطَّلَاقِ، وَقِيلَ يَصِحُّ، وَهُوَ الْأَشْبَهُ اهـ.

مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِيهَا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ اخْتَلَعَتْ بِتَطْلِيقَةٍ بَائِنَةٍ عَلَى كُلِّ حَقٍّ يَجِبُ لِلنِّسَاءِ عَلَى الرِّجَالِ قَبْلَ الْخُلْعِ وَبَعْدَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الصَّدَاقَ وَنَفَقَةَ الْعِدَّةِ تَثْبُتُ الْبَرَاءَةُ عَنْهُمَا لِأَنَّ الْمَهْرَ ثَابِتٌ قَبْلَ الْخُلْعِ، وَبَعْدَهُ تَثْبُتُ نَفَقَتُهَا. اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ الْعِدَّةِ رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثُمَّ صَالَحَتْهُ مِنْ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ عَلَى شَيْءٍ إنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ جَازَ الصُّلْحُ لِأَنَّ زَمَانَ الْعِدَّةِ مَعْلُومٌ، وَإِنْ كَانَتْ عِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْمُدَّةَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ. اهـ.

وَأَمَّا السُّكْنَى فَلَمْ يَصِحَّ إسْقَاطُهَا بِحَالٍ لَمَّا أَنَّ سُكْنَاهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ الطَّلَاقِ مَعْصِيَةٌ إلَّا إنْ أَبْرَأَتْهُ عَنْ مُؤْنَةِ السُّكْنَى بِأَنْ كَانَتْ سَاكِنَةً فِي بَيْتِ نَفْسِهَا أَوْ تُعْطِي الْأُجْرَةَ مِنْ مَالِهَا فَيَصِحُّ الْتِزَامُهَا ذَلِكَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَأَمَّا إذَا شَرَطَا الْبَرَاءَةَ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ، وَهِيَ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ إنْ وَقَّتَا لِذَلِكَ وَقْتًا كَسَنَةٍ مَثَلًا صَحَّ، وَلَزِمَ، وَإِلَّا لَا يَصِحُّ، وَفِي الْمُنْتَقَى إنْ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُدَّةَ، وَتُرْضِعُهُ حَوْلَيْنِ اهـ.

بِخِلَافِ الْفَطِيمِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَاقْتَصَرَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ عَلَى مَا فِي الْمُنْتَقَى فَإِنْ تَرَكَتْهُ عَلَى الزَّوْجِ، وَهَرَبَتْ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ النَّفَقَةِ مِنْهَا، وَلَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ بِكُسْوَةِ الصَّبِيِّ إلَّا إذَا اخْتَلَعَتْ عَلَى نَفَقَتِهِ وَكُسْوَتِهِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تُطَالِبَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْكُسْوَةُ مَجْهُولَةً سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ رَضِيعًا أَوْ فَطِيمًا، وَلَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ شَهْرًا، وَهِيَ مُعْسِرَةٌ فَطَالَبَتْهُ بِنَفَقَتِهِ يُجْبَرُ عَلَيْهَا، وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ لَا عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ مِنْ سُقُوطِ النَّفَقَةِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْقُنْيَةِ.

وَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَ تَمَامِ الْوَقْتِ كَانَ لِلزَّوْجِ الرُّجُوعُ عَلَيْهَا بِحِصَّةِ الْأَجْرِ إلَى تَمَامِ الْمُدَّةِ، وَالْحِيلَةُ فِي بَرَاءَتِهَا أَنْ يَقُولَ الزَّوْجُ خَالَعْتكِ عَلَى أَنِّي بَرِيءٌ مِنْ نَفَقَةِ الْوَلَدِ إلَى سَنَتَيْنِ فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ قَبْلَهَا فَلَا رُجُوعَ لِي عَلَيْك كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اسْتَأْجَرَ الظِّئْرَ لِلْإِرْضَاعِ سَنَةً بِكَذَا عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ قَبْلَهَا فَالْأَجْرُ كُلُّهُ لَهَا فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ كَذَا فِي إجَارَاتِ الْخُلَاصَةِ، وَمُقْتَضَى مَسْأَلَةِ مَوْتِ الْوَلَدِ قَبْلَ الْمُدَّةِ أَنَّ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ لَوْ جُعِلَتْ بَدَلًا فِي الْخُلْعِ ثُمَّ لَمْ تَسْكُنْ فِي مَنْزِلِ الطَّلَاقِ حَتَّى صَارَتْ نَاشِزَةً، وَسَقَطَتْ نَفَقَتُهَا أَنْ يَرْجِعَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِالنَّفَقَةِ، وَأَنَّهُ إذَا شُرِطَ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَكُنْ فَلَا رُجُوعَ أَنْ يَصِحَّ الشَّرْطُ كَمَا لَا يَخْفَى.

ــ

[منحة الخالق]

رِوَايَةٍ كَقَوْلِهَا أَيْ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ إلَّا الْمُسَمَّى، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَالَعَتْهُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْحَاوِي الزَّاهِدِيِّ وَلَوْ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا مِنْ زَوْجِهَا بِمَهْرِهَا وَنَفَقَةِ وَلَدِهَا عَشْرَ سِنِينَ، وَهِيَ مُعْسِرَةٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى نَفَقَةِ وَلَدِهَا فَلَهَا أَنْ تُطَالِبَ الزَّوْجَ بِنَفَقَةِ الْوَلَدِ لِأَنَّ بَدَلَ الْخُلْعِ دَيْنٌ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَنْهُ بِدَيْنٍ عَلَيْهَا كَمَا إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهَا دَيْنٌ آخَرُ، وَهِيَ لَا تَقْدِرُ عَلَى قَضَائِهِ لَا تَسْقُطُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَنْهُ قَالَ وَعَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ لَا عَلَى مَا أَجَابَ بِهِ سَائِرُ الْمُفْتِينَ أَنَّهُ تَسْقُطُ اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>