للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قُلْت إذَا خَالَعَهَا عَلَى نَفَقَةِ الْعِدَّةِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ مَثَلًا فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِبَقِيَّةِ النَّفَقَةِ قُلْت نَعَمْ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ اخْتَلَعَتْ نَفْسَهَا بِالْمَهْرِ، وَنَفَقَةِ الْعِدَّةِ، وَنَفَقَةِ وَلَدِهِ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ، وَتَزَوَّجَهَا يَرْجِعُ بِنَفَقَةِ بَقِيَّةِ الْعِدَّةِ وَبَقِيَّةِ نَفَقَةِ وَلَدِهِ سَنَةً. اهـ.

وَهُوَ دَلِيلٌ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ النُّشُوزِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَوْتَهَا، وَعَدَمَ وُجُودِ وَلَدٍ فِي بَطْنِهَا كَمَوْتِهِ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ مِنْ كَوْنِهَا تَرُدُّ قِيمَةَ الرَّضَاعِ كَمَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ تُمْسِكَهُ إلَى وَقْتِ الْبُلُوغِ صَحَّ فِي الْأُنْثَى لَا الْغُلَامِ، وَإِذَا تَزَوَّجَتْ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَلَدَ، وَلَا يَتْرُكَهُ عِنْدَهَا، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا حَقُّ الْوَلَدِ، وَيُنْظَرُ إلَى مِثْلِ إمْسَاكِ الْوَلَدِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا لَوْ قَصَّرَتْ فِي الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهَا بِقِيمَةِ النَّفَقَةِ، وَيُنْفِقَ هُوَ عَلَيْهَا نَظَرًا لَهُ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ مِنْ كِتَابِ الصُّلْحِ صَالَحَهَا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا عَلَى أَنْ تُرْضِعَ وَلَدَهُ سَنَتَيْنِ عَلَى إنْ زَادَهَا ثَوْبًا بِعَيْنِهِ، وَقَبَضَهُ فَاسْتَهْلَكَتْهُ، وَأَرْضَعَتْ الصَّبِيَّ سَنَةً ثُمَّ مَاتَ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ وَالْمَهْرِ سَوَاءً بِنِصْفِ قِيمَةِ الثَّوْبِ، وَبِرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ.

وَلَوْ زَادَتْ مَعَ ذَلِكَ شَاةً قِيمَتُهَا مِثْلُ قِيمَةِ الرَّضَاعِ رَجَعَ عَلَيْهَا بِرُبْعِ الثَّوْبِ، وَبِرُبْعِ قِيمَةِ الرَّضَاعِ، وَسَلَّمَتْ لَهُ الشَّاةَ، وَتَوْضِيحُهُ فِيهَا، وَقَدْ أَطَالَ فِي بَيَانِهِ فَلْيُرَاجَعْ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالنِّكَاحِ لِأَنَّهُمَا لَا يُوجِبَانِ الْبَرَاءَةَ مِنْ دَيْنٍ آخَرَ سِوَى النِّكَاحِ عَلَى الصَّحِيحِ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَقَدْ قَيَّدْنَاهُ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ لِدَلَالَةِ الْغَرَضِ، وَادَّعَى فِي الْجَوْهَرَةِ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ الْبَرَاءَةَ عَنْ سَائِرِ الدُّيُونِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ فَإِنْ قُلْت لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا دَعْوَى لِكُلٍّ عَلَى صَاحِبِهِ هَلْ يَشْمَلُ مَا لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ قُلْت مُقْتَضَى الْإِبْرَاءِ الْعَامِّ ذَلِكَ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا دَعْوَى لِكُلٍّ عَلَى صَاحِبِهِ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ لَهُ عِنْدَهَا كَذَا مِنْ الْقُطْنِ يَصِحُّ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ تَخْتَصُّ بِحُقُوقِ النِّكَاحِ. اهـ.

وَكَأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي ضِمْنِ الْخُلْعِ تَخَصَّصَ بِمَا هُوَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَأَرَادَ بِالنِّكَاحِ مَا ارْتَفَعَ بِهَذَا الْخُلْعِ لِأَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى مَهْرٍ مُسَمًّى ثُمَّ طَلَّقَهَا بَائِنَةً بَعْدَ الدُّخُولِ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا ثَانِيًا بِمَهْرٍ آخَرَ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ عَلَى مَهْرِهَا بَرِئَ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ الَّذِي يَكُونُ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى الْمَهْرِ لِيُعْلَمَ سُقُوطُ بَاقِي الْحُقُوقِ بِالْأُولَى، وَأَطْلَقَ النِّكَاحَ فَانْصَرَفَ إلَى الصَّحِيحِ فَالْخُلْعُ فِي الْفَاسِدِ غَيْرُ مُسْقِطٍ لِمَهْرِ الْمِثْلِ كَمَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ خَالَعَهَا الْمُفِيدُ لِكَوْنِهِ خَاطَبَهَا لِأَنَّهُ لَوْ خَالَعَهَا مَعَ أَجْنَبِيٍّ بِمَالٍ فَإِنَّهُ لَا يُسْقِطُ الْمَهْرَ لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِلْأَجْنَبِيِّ فِي إسْقَاطِ حَقِّهَا، وَهُوَ خُلْعُ الْفُضُولِيِّ، وَسَنَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ مَعَ خُلْعِ الْوَكِيلِ، وَالرَّسُولِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(قَوْلُهُ وَلَوْ خَلَعَ صَغِيرَةً بِمَالِهَا لَمْ يَجُزْ عَلَيْهَا) أَيْ لَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ لِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لَهَا فِيهِ لِعَدَمِ تَقَوُّمِ الْبُضْعِ حَالَةَ الْخُرُوجِ، وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا عَدَمَ الْجَوَازِ فِي كَلَامِهِ بِعَدَمِ لُزُومِ الْمَالِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ وُقُوعُ الطَّلَاقِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ بِشَرْطِ قَبُولِهِ فَيُعْتَبَرُ بِالتَّعْلِيقِ بِسَائِرِ الشُّرُوطِ هَذَا إذَا قَبِلَ الْأَبُ فَإِنْ قَبِلَتْ، وَهِيَ عَاقِلَةٌ تَعْقِلُ أَنَّ النِّكَاحَ جَالِبٌ، وَالْخُلْعَ سَالِبٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ بِالِاتِّفَاقِ، وَلَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ، وَذَكَرَ صَاحِبُ الْمَنْظُومَةِ إنْ خَلَعَ الصَّغِيرَةَ بِمَالٍ مَعَ الزَّوْجِ إنْ كَانَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ يَقَعُ الْبَائِنُ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ يَقَعُ الرَّجْعِيُّ، وَفِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ لَوْ طَلَّقَ الصَّبِيَّةَ بِمَالٍ يَقَعُ رَجْعِيًّا، وَفِي الْأَمَةِ يَصِيرُ بَائِنًا إذْ الطَّلَاقُ بِمَالٍ يَصِحُّ فِي الْأَمَةِ لَكِنَّهُ مُؤَجَّلٌ، وَفِي الصَّبِيَّةِ يَقَعُ بِلَا مَالٍ. اهـ.

وَفِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ طَلَّقَهَا بِمَهْرِهَا، وَهِيَ صَغِيرَةٌ عَاقِلَةٌ فَقَبِلَتْ وَقَعَتْ طَلْقَةٌ، وَلَا يَبْرَأُ، وَإِنْ قَبِلَ أَبُوهَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَقَعُ، وَرَوَى الْهِنْدُوَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَلَوْ بَلَغَتْ، وَأَجَازَتْ جَازَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَذَكَرَ الشَّارِحُ لَوْ شَرَطَ الزَّوْجُ الْبَدَلَ عَلَيْهَا تَوَقَّفَ عَلَى قَبُولِهَا إنْ كَانَتْ أَهْلًا فَإِنْ قَبِلَتْ وَقَعَ اتِّفَاقًا، وَلَا يَلْزَمُ الْمَالُ.

وَإِنْ قَبِلَ الْأَبُ عَنْهَا صَحَّ فِي رِوَايَةٍ لِأَنَّهُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَوْتَهَا أَوْ عَدَمَ وُجُودِ وَلَدٍ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بِمَا لَهَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَهْرِ، وَبِرَضَاعِ وَلَدِهِ الَّذِي هِيَ حَامِلٌ بِهِ إذَا وَلَدَتْهُ إلَى سَنَتَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ

<<  <  ج: ص:  >  >>