للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفْعٌ مَحْضٌ لِأَنَّهَا تَتَلَخَّصُ بِلَا مَالٍ، وَلَا يَصِحُّ فِي أُخْرَى لِأَنَّ قَبُولَهَا بِمَعْنَى شَرْطِ الْيَمِينِ، وَهُوَ لَا يَحْتَمِلُ النِّيَابَةَ، وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ اهـ.

أَطْلَقَ فِي مَالِهَا فَشَمِلَ مَهْرَهَا الَّذِي عَلَى الزَّوْجِ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَالْخُلْعُ عَلَى مَهْرِهَا وَمَالٍ آخَرَ سَوَاءٌ فِي الصَّحِيحِ. اهـ. وَقَيَّدَ بِالصَّغِيرِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ لَوْ خَلَعَ كَبِيرَتَهُ بِلَا إذْنِهَا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهَا الْمَالُ بِالْأَوْلَى لِأَنَّهُ كَالْأَجْنَبِيِّ فِي حَقِّهَا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ الْكَبِيرَةُ إذَا خَلَعَهَا أَبُوهَا أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِهَا جَازَ، وَالْمَالُ عَلَيْهَا، وَأَنَّ بِلَا إذْنِهَا لَمْ يَجُزْ، وَتَرْجِعُ بِالصَّدَاقِ عَلَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ إنْ ضَمِنَ الْأَبُ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَالْخُلْعُ يَتَوَقَّفُ عَلَى قَبُولِهَا إنْ قَبِلَتْ ثُمَّ الْخُلْعُ فِي حَقِّ الْمَالِ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ وَاقِعٌ، وَقِيلَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ هَاهُنَا إلَّا بِإِجَازَتِهَا. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْأَبِ لِأَنَّهُ لَوْ جَرَى الْخُلْعُ بَيْنَ زَوْجِ الصَّغِيرَةِ، وَأُمِّهَا فَإِنْ أَضَافَتْ الْأُمُّ الْبَدَلَ إلَى مَالِ نَفْسِهَا أَوْ ضَمِنَتْ تَمَّ الْخُلْعُ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ تُضِفْ، وَلَمْ تَضْمَنْ لَا رِوَايَةَ فِيهِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِخِلَافِ الْأَبِ، وَإِنْ كَانَ الْعَاقِدُ أَجْنَبِيًّا، وَلَمْ يَضْمَنْ الْبَدَلَ إنْ كَانَتْ الصَّغِيرَةُ تَعْقِلُ الْعَقْدَ وَالزَّوْجَ وَالصَّدَاقَ أَنَّهُ مَا هُوَ يَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهَا، وَقِيلَ لَا يَتَوَقَّفُ.

وَمَذْهَبُ مَالِكٍ أَنَّ الْأَبَ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْخُلْعَ خَيْرٌ لَهَا بِأَنْ كَانَ الزَّوْجُ لَا يُحْسِنُ عِشْرَتَهَا فَالْخُلْعُ عَلَى صَدَاقِهَا صَحِيحٌ فَإِنْ قَضَى بِهِ قَاضٍ نَفَذَ قَضَاؤُهُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ، وَفِيهَا، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَصِحَّ خُلْعُ الصَّغِيرَةِ عَلَى وَجْهٍ يُسْقِطُ الْمَهْرَ، وَالْمُتْعَةَ عَنْ زَوْجِهَا يُخَالِعُ أَجْنَبِيٌّ مَعَ زَوْجِهَا عَلَى مَالٍ قَدْرِ الْمَهْرِ، وَالْمُتْعَةِ فَيَجِبُ الْبَدَلُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِلزَّوْجِ ثُمَّ يُحِيلُ الزَّوْجُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الصَّدَاقِ وَالْمُتْعَةِ لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ قَبْضِ صَدَاقِهَا عَلَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ عَنْ الْمَهْرِ، وَيَكُونُ فِي ذِمَّةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ. اهـ.

وَفِيهَا مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ وَحِيلَةٍ أُخْرَى أَنْ يُحِيلَ الزَّوْجَ بِالصَّدَاقِ عَلَى الْأَبِ فَيَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْهُ، وَيَنْتَقِلُ إلَى ذِمَّةِ الْأَبِ، وَالْأَبُ يَمْلِكُ قَبُولَ الْحَوَالَةِ إذَا كَانَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ أَمْلَأَ مِنْ الْمُحِيلِ، وَالْغَالِبُ كَوْنُ الْأَبِ أَمْلَأَ مِنْ الزَّوْجِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُحْتَالُ عَلَيْهِ مِثْلَ الْمُحِيلِ فِي الْمَلَاءَةِ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَذَكَرَ إِسْحَاقُ الْوَلْوَالِجِيُّ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ قَبُولَهَا لَوْ مِثْلَهُ فِي الْمَلَاءَةِ، وَلَوْ كَانَ الْمُخَالِعُ وَلِيًّا غَيْرَ الْأَبِ جَعَلَهُ الْقَاضِي وَصِيًّا حَتَّى يَمْلِكَ قَبُولَهَا، وَذَكَرَ الْحَاكِمُ حِيلَةً أُخْرَى، وَهُوَ أَنْ يُقِرَّ الْأَبُ بِقَبْضِ صَدَاقِهَا، وَنَفَقَةِ عِدَّتِهَا ثُمَّ يُطَلِّقُهَا الزَّوْجُ بَائِنًا، وَهَذَا خَاصٌّ بِالْأَبِ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْقَبْضِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ، وَيَبْرَأُ الزَّوْجُ فِي الظَّاهِرِ لِإِقْرَارِ الْأَبِ لَا فِي إقْرَارِ غَيْرِهِ، وَيَكْتُبُ إقْرَارَ الْأَبِ يَقْبِضُ حَقَّهَا وَطَلَاقُ الزَّوْجِ بَائِنًا. اهـ.

وَتَعَقَّبَهُ فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ بِأَنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ كَاذِبًا فِي الْإِقْرَارِ لَمْ يَبْرَأْ الزَّوْجُ عِنْدَ اللَّهِ، وَيُحَرَّمُ عَلَيْهِ فَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ الْحِيلَةُ شَرْعِيَّةً، وَلِذَا قَالَ فِي الظَّاهِرِ. اهـ.

وَفِيهَا أَيْضًا وَكَّلَتْ الصَّغِيرَةُ بِالْخُلْعِ فَفَعَلَ الْوَكِيلُ فِي رِوَايَةٍ يَصِحُّ، وَيَتِمُّ الْخُلْعُ، وَلَهُ الْبَدَلُ، وَفِي رِوَايَة لَا إلَّا إذَا ضَمِنَ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ، وَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ الْوَكِيلُ الْبَدَلَ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ قَالَ لَهَا، وَهِيَ صَغِيرَةٌ إنْ غِبْت عَنْك فَأَمْرُك بِيَدِك فَطَلِّقِي نَفْسَك مِنِّي مَتَى شِئْت بَعْدَ أَنْ تُبْرِئِي ذِمَّتِي مِنْ الْمَهْرِ فَوُجِدَ الشَّرْطُ فَطَلَّقَتْ نَفْسَهَا بَعْدَمَا أَبْرَأَتْهُ لَا يَسْقُطُ الْمَهْرُ لِعَدَمِ صِحَّةِ إبْرَاءِ الصَّغِيرَةِ، وَيَقَعُ الرَّجْعِيُّ لِأَنَّهُ كَالْقَائِلِ لَهَا عِنْدَ وُجُودِ الشَّرْطِ أَنْتِ طَالِقٌ عَلَى كَذَا، وَحُكْمُهُ مَا ذَكَرْنَا. اهـ.

وَقَيَّدَ بِالْأُنْثَى لِأَنَّهُ لَوْ خَلَعَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ لَا يَصِحُّ، وَلَا يَتَوَقَّفُ خُلْعُ الصَّغِيرِ عَلَى إجَازَةِ الْوَلِيِّ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ فِي الصَّغِيرَةِ لَا يَلْزَمُ الْمَالُ مَعَ وُقُوعِ الطَّلَاقِ، وَفِي الصَّغِيرِ لَا وُقُوعَ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ ضَامِنٌ طَلَقَتْ، وَالْأَلْفُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَبِ الْمُلْتَزِمِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ بَدَلِ الْخُلْعِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ صَحِيحٌ فَعَلَى الْأَبِ أَوْلَى، وَلَا يَسْقُطُ مَهْرُهَا لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ تَحْتَ وِلَايَةِ الْأَبِ فَإِذَا بَلَغَتْ تَأْخُذُ نِصْفَ الصَّدَاقِ إنْ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَكَّلَهُ إنْ كَانَ بَعْدَهُ مِنْ الزَّوْجِ، وَيَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْأَبِ الضَّامِنِ أَوْ تَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ، وَلَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الزَّوْجِ، وَلَوْ كَانَ الْمَهْرُ عَيْنًا أَخَذَتْهُ مِنْ الزَّوْجِ كُلَّهُ إنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ، وَنِصْفَهُ إنْ كَانَ قَبْلَهُ، وَيَرْجِعُ الزَّوْجُ عَلَى الْأَبِ الضَّامِنِ بِقِيمَتِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ ثُمَّ يُحِيلُ الزَّوْجُ) بِرَفْعِ الزَّوْجِ فَاعِلُ يُحِيلُ، وَقَوْلُهُ لِمَنْ لَهُ مَفْعُولُ يُحِيلُ، وَاللَّامُ زَائِدَةٌ (قَوْلُهُ وَحِيلَةٌ أُخْرَى أَنْ يُحِيلَ الزَّوْجَ) بِنَصْبِ الزَّوْجِ مَفْعُولُ يُحِيلَ، وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ إلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَقَوْلُهُ وَالْأَبُ يَمْلِكُ قَبُولَ الْحَوَالَةِ مُرْتَبِطٌ بِالْحِيلَةِ الْأُولَى

<<  <  ج: ص:  >  >>