مُؤَبَّدَةٌ كَمَا سَيَأْتِي، وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ، وَأَمَّا قَوْلُ الْبَيْهَقِيّ فِي الْمَعْرِفَةِ أَنَّ عُوَيْمِرًا حِينَ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّ اللِّعَانَ فُرْقَةٌ فَصَارَ كَمَنْ شَرَطَ الضَّمَانَ فِي السَّلَفِ وَهُوَ يَلْزَمُهُ شَرَطَ أَوْ لَمْ يَشْرِطْ بِخِلَافِ الْمُظَاهِرِ اهـ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ الِاسْتِدْلَالَ إنَّمَا هُوَ بِعَدَمِ إنْكَارِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَلَيْهِ لَا بِمُجَرَّدِ فِعْلِهِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيَقَعُ فِي بَعْضِ الشُّرُوحِ زِيَادَةُ الْفَاءِ فِي قَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ ثَلَاثًا وَهِيَ مِنْ النُّسَّاخِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ أَنَّ عُوَيْمِرًا نَجَّزَ طَلَاقَهَا لَا أَنَّهُ عَلَّقَهُ بِالْإِمْسَاكِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة
وَإِنْ أَخْطَأَ الْقَاضِي فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ وُجُودِ أَكْثَرِ اللِّعَانِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ، وَلَوْ الْتَعَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ فَفَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا لَمْ تَقَعْ الْفُرْقَةُ، وَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ قَبْلَ لِعَانِ الْمَرْأَةِ نَفَذَ حُكْمُهُ لِكَوْنِهِ مُجْتَهَدًا فِيهِ اهـ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِغَيْرِ الْقَاضِي الْحَنَفِيِّ أَمَّا هُوَ فَلَا يَنْفُذُ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَطْؤُهَا حَرَامٌ بَعْدَهُ قَبْلَ التَّفْرِيقِ وَإِنْ كَانَ النِّكَاحُ قَائِمًا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «الْمُتَلَاعِنَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا» ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَهَا النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ قَذَفَ بِوَلَدٍ نَفَى نَسَبَهُ وَأَلْحَقَهُ بِأُمِّهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ هَذَا اللِّعَانِ نَفْيُ الْوَلَدِ فَيُوَفِّرُ عَلَيْهِ مَقْصُودَهُ وَيَتَضَمَّنُهُ الْقَضَاءُ بِالتَّفْرِيقِ، وَفِي الْبَدَائِعِ، وَلِوُجُوبِ قَطْعِ النَّسَبِ شَرَائِطُ: الْأَوَّلِ: التَّفْرِيقُ، الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بِحَضْرَةِ الْوِلَادَةِ أَوْ بَعْدَهَا بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَتَقَدَّمَ مِنْهُ إقْرَارٌ بِهِ صَرِيحًا أَوْ دَلَالَةً كَسُكُوتِهِ عِنْدَ التَّهْنِئَةِ مَعَ عَدَمِ رَدِّهِ، الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ حَيًّا وَقْتَ قَطْعِ النَّسَبِ وَهُوَ وَقْتُ التَّفْرِيقِ فَلَوْ نَفَاهُ بَعْدَ مَوْتِهِ لَاعَنَ وَلَمْ يَنْقَطِعْ نَسَبُهُ، وَكَذَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدَيْنِ أَحَدُهُمَا مَيِّتٌ فَنَفَاهُمَا يُلَاعِنُ وَلَزِمَاهُ، وَكَذَا لَوْ نَفَاهُمَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا أَوْ قُتِلَ قَبْلَ اللِّعَانِ لَزِمَاهُ.
وَأَمَّا اللِّعَانُ فَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يُلَاعِنُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْخِلَافَ وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ الْخِلَافَ فَقَالَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَبْطُلُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَبْطُلُ، الْخَامِسُ: أَنْ لَا تَلِدَ بَعْدَ التَّفْرِيقِ وَلَدًا آخَرَ مِنْ بَطْنٍ وَاحِدٍ فَلَوْ وَلَدَتْ فَنَفَاهُ وَلَاعَنَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَلْزَمَ الْوَلَدَ أُمَّهُ ثُمَّ وَلَدَتْ آخَرَ مِنْ الْغَدِ لَزِمَاهُ وَبَطَلَ قَطْعُ نَسَبِ الْأَوَّلِ وَلَا يَصِحُّ نَفْيُهُ الْآنَ؛ لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَاللِّعَانُ مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ الثَّانِي ثَبَتَ الْأَوَّلُ ضَرُورَةً وَإِنْ قَالَ الزَّوْجُ هُمَا ابْنَايَ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا يَكُونُ مُكَذِّبًا نَفْسَهُ لِاحْتِمَالِ الْإِخْبَارِ بِمَا لَزِمَهُ شَرْعًا.
السَّادِسُ: أَنْ لَا يَكُونَ مَحْكُومًا بِثُبُوتِهِ شَرْعًا فَإِنْ كَانَ لَا يَقْطَعُ نَسَبَهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ خَمْسَ مَسَائِلَ مَسْأَلَتَانِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ التَّلْخِيصِ إحْدَاهُمَا فِي كِتَابِ الْمَعَاقِلِ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ وَلَدًا فَانْقَلَبَ هَذَا الْوَلَدُ عَلَى رَضِيعٍ فَمَاتَ الرَّضِيعُ وَقُضِيَ بِدِيَتِهِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ ثُمَّ نَفَى الْأَبُ نَسَبَهُ يُلَاعِنُ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَلَا يُقْطَعُ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ بِالدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ الْأَبِ قَضَاءً بِكَوْنِ الْوَلَدِ مِنْهُ فَلَا يَنْقَطِعُ النَّسَبُ بَعْدَهُ الثَّانِيَةُ فِي الزِّيَادَاتِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ وَقَدْ دَخَلَ بِهِمَا إحْدَاكُمَا طَالِقٌ ثَلَاثًا وَلَمْ يُبَيِّنْ حَتَّى وَلَدَتْ إحْدَاهُمَا لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ كَانَتْ الْوِلَادَةُ بَيَانًا لِوُقُوعِهِ عَلَى الْأُخْرَى؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ حَصَلَ مِنْ عُلُوقٍ حَادِثٍ بَعْدَ الطَّلَاقِ وَتَعَيَّنَتْ الَّتِي وَلَدَتْ لِلنِّكَاحِ فَإِنْ نَفَى الْوَلَدَ لَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَلَا يُقْطَعُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ حُكْمَ الشَّرْعِ بِكَوْنِ الْوَلَدِ بَيَانًا حُكْمٌ بِكَوْنِهِ مِنْهُ وَبَعْدَ الْحُكْمِ بِهِ لَا يَنْقَطِعُ بِاللِّعَانِ وَثَلَاثُ مَسَائِلَ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى الْأُولَى امْرَأَةٌ وَلَدَتْ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ فَفَطَمَتْ وَلَدَهَا وَطَلَبَتْ مِنْ الْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَ لَهَا النَّفَقَةَ وَلِلْوَلَدِ وَبَرْهَنَتْ ثُمَّ حَضَرَ
ــ
[منحة الخالق]
أَوْ لَمْ يُحَدَّ صَارَ خَاطِبًا مِنْ الْخُطَّابِ يَحِلُّ لَهُ تَزَوُّجُهَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ بَعْدَ اللِّعَانِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ حَلَّتْ لَهُ مِنْ غَيْرِ تَجْدِيدِ عَقْدِ النِّكَاحِ كَذَا فِي الْغَايَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا) بَعْدَ لِعَانِ الزَّوْجِ إلَخْ اسْتَشْكَلَهُ فِي النَّهْرِ ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ قَضَى فِي الثَّانِي فِي فَصْلٍ مُجْتَهَدٍ فِيهِ فَيَنْفُذُ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَائِلٌ بِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ بِلِعَانِ الزَّوْجِ فَقَطْ بِخِلَافِهِ فِي الْأَوَّلِ وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ الْقَاضِي بِالْمُجْتَهِدِ اهـ.
وَالْمُجْتَهِدُ غَيْرُ قَيْدٍ؛ لِأَنَّ مُقَلِّدَ الشَّافِعِيِّ مِثْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهَا بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ مِنْ مُدَّةٍ يَأْخُذُ فِيهَا التَّهْنِئَةَ وَابْتِيَاعَ آلَاتِ الْوِلَادَةِ عَادَةً فَإِنْ نَفَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَنْتَفِي اهـ.
وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْكَافِي تَقْدِيرَ مُدَّةِ التَّهْنِئَةِ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي رِوَايَةٍ وَبِسَبْعَةٍ فِي أُخْرَى وَسَنَذْكُرُهُ عَنْ الْفَتْحِ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ عَدَمُ التَّقْدِيرِ بِمُدَّةٍ فَلِذَا قَالَ هُنَا أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَحَالَهُ إلَى الْعَادَةِ فَكَانَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ عَدَمُ الِاقْتِصَارِ عَلَى مَا نَقَلَهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ ذَكَرَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْبَدَائِعِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِيهَا وَاَلَّذِي رَأَيْته بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا الشَّرْطَ السَّادِسَ مَا نَصُّهُ وَصُورَتُهُ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ وَلَمْ يُلَاعِنْ حَتَّى قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ بِالْوَلَدِ الَّذِي جَاءَتْ بِهِ فَضَرَبَ الْقَاضِي الْأَجْنَبِيَّ الْحَدَّ فَإِنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ يَثْبُتُ مِنْ الزَّوْجِ فَيَسْقُطُ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمَّا حَدَّ قَاذِفَهَا بِالْوَلَدِ فَقَدْ حَكَمَ بِكَذِبِهِ وَالْحُكْمُ بِكَذِبِهِ حُكْمٌ بِثُبُوتِ نَسَبِ الْوَلَدِ وَالنَّسَبُ الْمَحْكُومُ بِثُبُوتِهِ لَا يَحْتَمِلُ النَّفْيَ بِاللِّعَانِ كَالنَّسَبِ الْمُقَرِّ بِهِ وَإِنَّمَا سَقَطَ اللِّعَانُ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ لَمَّا حَدَّ قَاذِفَهَا فَقَدْ حَكَمَ بِإِحْصَانِهَا فِي عَيْنِ مَا قُذِفَتْ بِهِ