الزَّوْجُ وَنَفَى الْوَلَدَ لَاعَنَ وَقُطِعَ النَّسَبُ مَعَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِهِ حَيْثُ فَرَضَ الْقَاضِي نَفَقَتَهُ الثَّانِيَةَ لَوْ أَنْكَرَ الدُّخُولَ بَعْدَ مَا وَلَدَتْ ثَبَتَ النَّسَبُ وَوَجَبَ لَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ فَلَوْ نَفَاهُ يُلَاعِنُ وَيُقْطَعُ النَّسَبُ مَعَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِهِ حِينَ قَضَى لَهَا بِكَمَالِ الْمَهْرِ، الثَّالِثَةُ الْمُطَلَّقَةُ رَجْعِيًّا إذَا وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ تَكُونُ رَجْعَةً، وَلَوْ نَفَاهُ لَاعَنَ وَقُطِعَ نَسَبُهُ مَعَ أَنَّهُ مَحْكُومٌ بِهِ وَقَدْ حُكِيَ أَنَّ عِيسَى بْنَ أَبَانَ كَتَبَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ حِينَ كَانَ بِالرَّقَّةِ يَسْتَفْرِقُهُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَبَيْنَ الثَّلَاثِ فَكَتَبَ مُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ الْقَضَاءُ بِالنَّسَبِ ضَرُورَةُ الْقَضَاءِ بِأَمْرٍ لَيْسَ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ قَطْعَ النَّسَبِ بِاللِّعَانِ وَتَمَامُهُ فِي شَرْحِ تَلْخِيصِ الْجَامِعِ مِنْ بَابِ شَهَادَةِ الْمُلَاعَنَةِ بِالْوَلَدِ وَمِنْ الْمَوَاضِعِ الْمَانِعَةِ مِنْ قَطْعِ النَّسَبِ أَنْ يَقْذِفَهَا أَجْنَبِيٌّ بِنَفْيِ الْوَلَدِ وَيَحُدَّهُ الْقَاضِي لَهَا فَإِنَّهُ حُكْمٌ مِنْهُ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ فَإِذَا نَفَاهُ بَعْدَهُ أَبُوهُ لَا يَنْتَفِي كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَسَيَأْتِي عَنْ الذَّخِيرَةِ.
ثُمَّ إذَا قُطِعَ النَّسَبُ عَنْ الْأَبِ وَأُلْحِقَ الْوَلَدُ بِالْأُمِّ يَبْقَى النَّسَبُ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ مِنْ الشَّهَادَةِ وَالزَّكَاةِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ عَلَى الْأَبِ بِقَتْلِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجْرِي التَّوَارُثُ بَيْنَهُمَا وَلَا نَفَقَةَ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ بِاللِّعَانِ ثَبَتَ شَرْعًا بِخِلَافِ الْأَصْلِ بِنَاءً عَلَى زَعْمِهِ وَظَنِّهِ مَعَ كَوْنِهِ مَوْلُودًا عَلَى فِرَاشِهِ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» فَلَا يَظْهَرُ فِي حَقِّ سَائِرِ الْأَحْكَامِ اهـ.
وَيُزَادُ السَّابِعُ أَنْ يَكُونَ النِّكَاحُ صَحِيحًا فَلَا لِعَانَ بِالْقَذْفِ بِنَفْيِ الْوَلَدِ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ وَالْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ وَلَا يَنْتَفِي النَّسَبُ وَقُيِّدَ بِالزَّوْجِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَى نَسَبَ وَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهُ يَنْتَفِي بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بِلَا لِعَانٍ وَيُزَادُ الثَّامِنُ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ فِي حَالٍ يَجْرِي فِيهِ اللِّعَانُ حَتَّى لَوْ عَلِقَ وَهِيَ كَافِرَةٌ لَا يَنْتَفِي.
وَفِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ فَنَفَاهُمَا وَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ أُمِّهِ وَأَخِيهِ وَأَخٍ مِنْهَا فَالسُّدُسُ لَهَا وَالثُّلُثُ لَهُمَا وَالْبَاقِي يُرَدُّ كَأَوْلَادِ الْعَاهِرَةِ لِانْقِطَاعِ النَّسَبِ وَفِيهَا اخْتِلَافٌ يُعْرَفُ فِي مَوْضِعِهِ اهـ.
وَفِي تَتِمَّةِ الْفَتَاوَى مِنْ الْفَرَائِضِ وَلَدُ الْمُلَاعَنَةِ وَوَلَدُ الزِّنَا فِي حُكْمِ الْمِيرَاثِ بِمَنْزِلَةِ وَلَدِ رَشِيدَةٍ لَيْسَ لَهُ أَبٌ وَلَا قَرَابَةُ أَبٍ فَلَا يَرِثُ هَذَا الْوَلَدُ مِنْ الْأَبِ وَقَرَابَتِهِ وَلَا يَرِثُ الْأَبُ وَلَا قَرَابَتُهُ مِنْ هَذَا الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ قَوْمَ الْأَبِ تَبَعٌ لَهُ فِي قَطْعِ النَّسَبِ وَهُوَ وَلَدُ الْأُمِّ فَيَرِثُ مِنْهَا وَمِنْ قَرَابَتِهَا وَتَرِثُ الْأُمُّ وَقَرَابَتُهَا.
وَأَمَّا ابْنُ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ فَلَهُ أَبٌ وَقَوْمُ الْأَبِ وَهُمْ الْإِخْوَةُ وَلَيْسَ لَهُ جَدٌّ صَحِيحٌ وَلَا قَوْمُهُ وَهُمْ الْأَعْمَامُ وَالْعَمَّاتُ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَإِذَا ثَبَتَ حُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ثُمَّ حَدَثَ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ اخْتَلَفُوا فِي مِيرَاثِ هَذَا الْوَلَدِ مِنْهُ لِلِاخْتِلَافِ فِي هَذِهِ الْحُرْمَةِ فَلَمْ يَكُنْ كَوَلَدِ الزِّنَا كَمَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ بَعْدَ النِّكَاحِ الْمُعَلَّقِ طَلَاقُهَا الثَّلَاثُ بِهِ فَإِنَّ النَّسَبَ فِيهِ ثَابِتٌ لِلِاخْتِلَافِ اهـ. بِاخْتِصَارٍ.
وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ لَوْ مَلَكَ النَّافِي الْأُمَّ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا، وَفِي شَرْحِهِ وَصُورَتُهُ رَجُلٌ نَفَى نَسَبَ وَلَدِ امْرَأَتِهِ الْحُرَّةِ وَلَاعَنَ الْقَاضِي بَيْنَهُمَا وَقَطَعَ نَسَبَ الْوَلَدِ ثُمَّ ارْتَدَّتْ وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَنْ الْإِسْلَامِ ثُمَّ سُبِيَتْ وَمَلَكَهَا الزَّوْجُ النَّافِي فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهَا؛ لِأَنَّ نَسَبَ الْوَلَدِ ثَابِتٌ حُكْمًا لِقِيَامِ فِرَاشِهَا وَلَا تَصِحُّ دَعْوَةُ غَيْرِ النَّافِي لِهَذَا الْوَلَدِ وَإِنْ صَدَّقَهُ الثَّانِي وَتَصِحُّ دَعْوَةُ النَّافِي مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَ الْمَنْفِيُّ كَبِيرًا جَاحِدًا لِلنَّسَبِ مِنْ النَّافِي.
وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة وَلَا يَنْتَفِي مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ سِوَى التَّوَارُثِ وَإِيجَابِ النَّفَقَةِ وَمَا عَدَاهُمَا مِنْ أَحْكَامِ النَّسَبِ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ قَائِمَةٌ، وَفِي الذَّخِيرَةِ وَكُلُّ نَسَبٍ ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ لَهُ يَنْتَفِي بَعْدَ ذَلِكَ وَبَيَانُهُ فِيمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ جَاءَتْ امْرَأَتُهُ بِوَلَدٍ فَنَفَاهُ فَلَمْ يُلَاعِنْهَا حَتَّى قَذَفَهَا أَجْنَبِيٌّ بِالْوَلَدِ فَحُدَّ فَقَدْ ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ وَلَا يَنْتَفِي بَعْدَ ذَلِكَ، وَلَوْ نَفَى وَلَدُ زَوْجَتِهِ اللِّعَانَ وَهُمَا مِمَّا لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا لَا يَنْتَفِي سَوَاءٌ وَجَبَ الْحَدُّ أَوْ لَمْ يَجِبْ، وَكَذَا إذَا كَانَا مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ وَلَمْ يَتَلَاعَنَا فَإِنَّهُ لَا يَنْتَفِي، وَكَذَا إذَا كَانَ الْعُلُوقُ فِي حَالٍ لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ صَارَا بِحَالٍ يَتَلَاعَنَانِ نَحْوُ إنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً حَالَةَ الْعُلُوقِ فَأُعْتِقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ فَإِنَّهُمَا لَا يَتَلَاعَنَانِ وَلَا يَنْتَفِي نَسَبُ الْوَلَدِ.
وَفِي السِّغْنَاقِيِّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ وَيُزَادُ السَّابِعُ إلَخْ) قَالَ الْحَمَوِيُّ التَّحْقِيقُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مِنْ شَرَائِطِ اللِّعَانِ لَا مِنْ شَرَائِطِ النَّفْيِ فَلِذَا حَذَفَهُمَا فِي الْبَدَائِعِ اهـ.
وَأَصْلُهُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ وَأَقُولُ: عَلَى أَنَّ الثَّامِنَ يُغْنِي عَنْ هَذَا السَّابِعِ كَمَا لَا يَخْفَى وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ قَوْلُ الْقَاضِي بَعْدَ التَّفْرِيقِ قَطَعْتُ نَسَبَ هَذَا الْوَلَدِ عَنْهُ عَلَى مَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَفِي شَهَادَاتِ الْجَامِعِ وَلَدَتْ تَوْأَمَيْنِ إلَخْ) ذَكَرَ فِي شَرْحِ فَرَائِضِ الْمُلْتَقَى الْمُسَمَّى بِسَكْبِ الْأَنْهُرِ مَعْزِيًّا إلَى الِاخْتِيَارِ إنَّ وَلَدَيْ الزِّنَا وَاللِّعَانِ يَفْتَرِقَانِ فِي مَسْأَلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا يَرِثُ مِنْ تَوْأَمِهِ مِيرَاثَ أَخٍ لِأُمٍّ وَوَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ يَرِثُ مِنْ تَوْأَمِهِ مِيرَاثَ أَخٍ لِأَبَوَيْنِ اهـ.
ثُمَّ رَأَيْتُ فِي مَبْسُوطِ السَّرَخْسِيِّ نَسَبَ مَا ذَكَرَهُ فِي سَكْبِ الْأَنْهُرِ إلَى الْإِمَامِ مَالِكٍ وَذَكَرَ أَنَّ قَوْلَ عَلِيٍّ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ وَلَدَ الْمُلَاعَنَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا قَرَابَةَ لَهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ وَلَهُ قَرَابَةٌ مِنْ قِبَلِ أُمِّهِ قَالَ وَبِهِ أَخَذَ عُلَمَاؤُنَا وَالشَّافِعِيُّ.