للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَعْبَيْنِ كَالْمِرْفَقَيْنِ، وَإِذَا كَانَ فِي أَظْفَارِهِ دَرَنٌ أَوْ طِينٌ أَوْ عَجِينٌ أَوْ الْمَرْأَةُ تَضَعُ الْحِنَّاءَ جَازَ فِي الْقَرَوِيِّ وَالْمَدَنِيِّ، وَهُوَ صَحِيحٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَلَوْ لُصِقَ بِأَصْلِ ظُفْرِهِ طِينٌ يَابِسٌ وَبَقِيَ قَدْرُ رَأْسِ إبْرَةٍ مِنْ مَوْضِعِ الْغَسْلِ لَمْ يَجُزْ، وَإِذَا كَانَ فِي أُصْبُعِهِ خَاتَمٌ إنْ كَانَ ضَيِّقًا فَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ يَجِبُ نَزْعُهُ أَوْ تَحْرِيكُهُ بِحَيْثُ يَصِلُ الْمَاءُ إلَى مَا تَحْتَهُ، وَلَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ فَلَمْ يَبْقَ مِنْ الْمِرْفَقِ وَالْكَعْبِ شَيْءٌ سَقَطَ الْغُسْلُ، وَلَوْ بَقِيَ وَجَبَ، وَلَوْ طَالَتْ أَظْفَارُهُ حَتَّى خَرَجَتْ عَنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَجَبَ غَسْلُهَا بِلَا خِلَافٍ، وَلَوْ خُلِقَ لَهُ يَدَانِ عَلَى الْمَنْكِبِ فَالتَّامَّةُ هِيَ الْأَصْلِيَّةُ يَجِبُ غَسْلُهَا، وَالْأُخْرَى زَائِدٌ فَمَا حَاذَى مِنْهَا مَحَلَّ الْفَرْضِ وَجَبَ غَسْلُهُ وَمَا لَا فَلَا يَجِبُ بَلْ يُنْدَبُ غَسْلُهُ

وَكَذَا يَجِبُ غَسْلُ مَا كَانَ مُرَكَّبًا عَلَى الْيَدِ مِنْ الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ وَالْكَفِّ الزَّائِدَةِ وَالسَّلْعَةِ وَكَذَا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُلْتَحِمَةً (قَوْلُهُ: وَرِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ) أَيْ مَعَ كَعْبَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْكَعْبَانِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاشِزَانِ مِنْ جَانِبَيْ الْقَدَمِ أَيْ الْمُرْتَفِعَانِ كَذَا فِي الْمُغْرِبِ وَصَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ عِنْدَ مَقْعَدِ الشِّرَاكِ قَالُوا هُوَ سَهْوٌ مِنْ هِشَامٍ؛ لِأَنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي الْمُحْرِمِ إذَا لَمْ يَجِدْ النَّعْلَيْنِ حَيْثُ يَقْطَعُ خُفَّيْهِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ وَأَشَارَ مُحَمَّدٌ بِيَدِهِ إلَى مَوْضِعِ الْقَطْعِ فَنَقَلَهُ هِشَامٌ إلَى الطَّهَارَةِ وَيُرَدُّ عَلَى هِشَامٍ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى أَيْضًا بِأَنَّ مَا يُوجَدُ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ، فَإِنَّ تَثْنِيَتَهُ بِعِبَارَةِ الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} [التحريم: ٤] أَيْ قَلْبَاكُمَا وَمَا كَانَ اثْنَيْنِ مِنْ خَلْقِهِ فَتَثْنِيَتُهُ بِلَفْظِهَا، وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمَهُ هِشَامٌ لَقِيلَ الْكِعَابُ كَالْمَرَافِقِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّهُ غَيْرُ مُتَعَيَّنٍ لِجَوَازِ أَنْ يُعْتَبَرَ الْكَعْبَانِ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا لِلْمَرْءِ مِنْ جِنْسِ الرِّجْلِ، وَهُوَ اثْنَانِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى كُلِّ رِجْلٍ وَحْدَهَا فَالْأَوْلَى الرَّدُّ عَلَيْهِ مِنْ اللُّغَةِ وَالسُّنَّةِ أَمَّا اللُّغَةُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الصِّحَاحِ بِأَنَّهُ الْعَظْمُ النَّاشِزُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ قَالَ وَأَنْكَرَ الْأَصْمَعِيُّ قَوْلَ النَّاسِ إنَّهُ فِي ظَهْرِ الْقَدَمِ اهـ.

قَالُوا الْكَعْبُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْعُلُوِّ وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْكَعْبَةُ لِارْتِفَاعِهَا

وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد مَرْفُوعًا «وَاَللَّهِ لَتُقِيمُنَّ صُفُوفَكُمْ أَوْ لَيُخَالِفَن اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ قَالَ فَرَأَيْت الرَّجُلَ يَلْزَقُ مَنْكِبَهُ بِمَنْكِبِ صَاحِبِهِ وَرُكْبَتَهُ بِرُكْبَةِ صَاحِبِهِ وَكَعْبَهُ بِكَعْبِهِ» وَمَا وَقَعَ فِي الشُّرُوحِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي غَسْلُ يَدٍ وَاحِدَةٍ وَرِجْلٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ مُقَابَلَةَ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ تَقْتَضِي انْقِسَامَ الْآحَادِ عَلَى الْآحَادِ.

وَالْجَوَابُ بِأَنَّ وُجُوبَ وَاحِدَةٍ بِالْعِبَارَةِ وَالْأُخْرَى بِالدَّلَالَةِ لَا طَائِلَ تَحْتَهُ بَعْدَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ عَلَى افْتِرَاضِهِمَا بِحَيْثُ صَارَ مَعْلُومًا مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ، وَمِنْ الْبَحْثِ فِي إلَى وَفِي الْقِرَاءَتَيْنِ فِي الْأَرْجُلِ، فَإِنَّ الْإِجْمَاعَ انْعَقَدَ عَلَى غَسْلِهِمَا وَلَا اعْتِبَارَ بِخِلَافِ الرَّوَافِضِ فَلِذَا تَرَكْنَا مَا قَرَّرُوهُ هُنَا وَالزَّائِدُ عَلَى الرِّجْلَيْنِ كَالزَّائِدِ عَلَى الْيَدَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُجْتَبَى، وَلَوْ قَالَ وَرِجْلَيْهِ بِكَعْبَيْهِ أَوْ مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: وَمَسَحَ رُبُعِ رَأْسِهِ) هُوَ فِي اللُّغَةِ إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ وَاصْطِلَاحًا إصَابَةُ الْيَدِ الْمُبْتَلَّةِ الْعُضْوَ، وَلَوْ بِبَلَلٍ بَاقٍ بَعْدَ غَسْلٍ لَا بَعْدَ مَسْحٍ وَالْآلَةُ لَمْ تُقْصَدْ إلَّا لِلْإِيصَالِ إلَى الْمَحَلِّ فَإِذَا أَصَابَهُ مِنْ الْمَطَرِ قَدْرُ الْفَرْضِ أَجْزَأَهُ، وَلَوْ مَسَحَ بِبَلَلٍ فِي يَدِهِ أَخَذَهُ مِنْ عُضْوٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا، وَفِي مِقْدَارِ الْفَرْضِ رِوَايَاتٌ أَصَحُّهَا رِوَايَةً وَدِرَايَةً مَا فِي الْمُخْتَصَرِ

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِاتِّفَاقِ الْمُتُونِ عَلَيْهَا، وَلِنَقْلِ الْمُتَقَدِّمِينَ لَهَا كَأَبِي الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَأَبِي جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيِّ وَرِوَايَةُ النَّاصِيَةِ غَيْرُهَا؛ لِأَنَّ النَّاصِيَةَ أَقَلُّ مِنْ رُبُعِ الرَّأْسِ، وَأَمَّا الدِّرَايَةُ فَاخْتُلِفَ فِي تَوْجِيهِهَا فَفِي الْهِدَايَةِ أَنَّ الْكِتَابَ مُجْمَلٌ، وَأَنَّ حَدِيثَ الْمُغِيرَةِ مَنْ مَسَحَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِنَاصِيَتِهِ الْتَحَقَ بَيَانًا لَهُ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَوْجُهٍ:.

الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَا إجْمَالَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِبَلَلٍ بَاقٍ بَعْدَ غُسْلٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ: أَقُولُ: قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا فِي الْإِصْلَاحِ وَالْإِيضَاحِ وَأَمَّا الَّذِي بَقِيَ فِي الْعُضْوِ بَعْدَ الْغُسْلِ فَقَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ بِهِ أَيْضًا وَخَطَّأَهُ عَامَّةُ الْمَشَايِخِ لِمَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي مَسْحِ الْخُفِّ إذَا تَوَضَّأَ ثُمَّ مَسَحَ عَلَى الْخُفِّ بِبِلَّةٍ بَقِيَتْ عَلَى كَفِّهِ بَعْدَ الْغُسْلِ جَازَ وَالصَّحِيحُ مَا قَالَهُ الْحَاكِمُ فَقَدْ نَصَّ الْكَرْخِيُّ فِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ مُفَسَّرًا مُعَلَّلًا أَنَّهُ إذَا مَسَحَ رَأْسَهُ بِفَضْلِ غَسْلِ ذَارِعَيْهِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِمَاءٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَطَهَّرَ بِهِ مَرَّةً وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَقَدْ أَخَذَهُ ابْنُ الْكَمَالِ مِنْ الْمُجْتَبَى شَرْحِ الْقُدُورِيِّ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة بِرَمْزِ الْمُحِيطِ وَلَوْ فِي كَفِّهِ بَلَلٌ فَمَسَحَ بِهِ رَأْسَهُ أَجْزَأَهُ قَالَ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ: هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَعْمِلْ فِي عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ بِأَنْ غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ بِأَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي إنَاءٍ حَتَّى ابْتَلَتْ أَمَّا إذَا اسْتَعْمَلَهُ فِي عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ وَبَقِيَ فِي كَفِّهِ بَلَلٌ لَا يَجُوزُ وَأَكْثَرُهُمْ عَلَى أَنَّ مَا قَالَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ خَطَأٌ وَالصَّحِيحُ أَنَّ مُحَمَّدًا أَرَادَ بِذَلِكَ مَا إذَا غَسَلَ عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ وَبَقِيَ الْبَلَلُ فِي كَفِّهِ يَعْنِي لَا أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يُدْخِلَ يَدَهُ فِي إنَاءٍ حَتَّى تَبْتَلَّ كَمَا زَعَمَهُ الْحَاكِمُ

(قَوْلُهُ: وَالْآلَةُ لَمْ تُقْصَدْ لِلْإِيصَالِ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوُصُولِ لِيَصِحَّ التَّفْرِيعُ عَلَيْهِ بِمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعُضْوُ مَغْسُولًا أُمّ مَمْسُوحًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَوْجُهٍ إلَى قَوْلِهِ الرَّابِعُ) أَقُولُ: فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ نَظَرٌ:

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ عَدَمَ الْعُرْفِ لَا يُفِيدُ مَسْحَ الْكُلِّ لِمَا سَيَنْقُلُهُ عَنْ التَّحْرِيرِ أَنَّ الْإِلْصَاقَ الْمَجْمَعَ عَلَيْهِ لِلْبَاءِ مُمْكِنٌ فَيَثْبُتُ التَّبْعِيضُ اتِّفَاقِيًّا لِعَدَمِ اسْتِيعَابِ الْمُلْصَقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>