للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَقْدِ لَمْ يُفَرَّقْ وَلَوْ طَلَبَ يَمِينَهَا عَلَى ذَلِكَ تَحْلِفُ وَإِنْ نَكَلَتْ لَمْ يُفَرَّقْ وَإِنْ حَلَفَتْ فُرِّقَ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَقَالُوا لَوْ جَاءَتْ امْرَأَةُ الْمَجْبُوبِ بِوَلَدٍ بَعْدَ التَّفْرِيقِ إلَى سَنَتَيْنِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَلَا يَبْطُلُ التَّفْرِيقُ بِخِلَافِ الْعِنِّينِ حَيْثُ يَبْطُلُ التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ثَبَتَ نَسَبُهُ لَمْ يَبْقَ عِنِّينًا وَنَظَرَ فِيهِ الشَّارِحُ بِأَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِتَفْرِيقِهِ وَهُوَ بَائِنٌ فَكَيْفَ يَبْطُلُ أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ أَنَّهُ كَانَ قَدْ وَصَلَ إلَيْهَا لَا يَبْطُلُ التَّفْرِيقُ وَجَوَابُهُ أَنَّ ثُبُوتَ النَّسَبِ مِنْ الْمَجْبُوبِ بِاعْتِبَارِ الْإِنْزَالِ بِالسَّحْقِ وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْجَبِّ وَهُوَ مَوْجُودٌ بِخِلَافِ ثُبُوتِهِ مِنْ الْعِنِّينِ فَإِنَّهُ يَظْهَرُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِعِنِّينٍ وَالتَّفْرِيقُ بِاعْتِبَارِهِ بِخِلَافِ مَا اسْتَشْهَدَ بِهِ مِنْ إقْرَارِهَا فَإِنَّهَا مُتَّهَمَةٌ فِي إبْطَالِ الْقَضَاءِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا فَظَهَرَ أَنَّ الْبَحْثَ بَعِيدٌ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ مِنْ فَصْلِ الْعِنِّينِ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بَعْدَ تَفْرِيقِ الْقَاضِي عَلَى إقْرَارِ الْمَرْأَةِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهَا يَبْطُلُ تَفْرِيقُ الْقَاضِي، وَلَوْ أَقَرَّتْ بَعْدَ التَّفْرِيقِ أَنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهَا لَمْ تُصَدَّقْ عَلَى إبْطَالِ تَفْرِيقِ الْقَاضِي اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْرِيقَ الْقَاضِي فِي الْعِنِّينِ يَبْطُلُ بِمَجِيءِ الْوَلَدِ وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَى إقْرَارِهَا بِالْوُصُولِ وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة كَانَ الزَّوْجُ مَجْبُوبًا وَلَمْ تَعْلَمْ بِحَالِهِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ وَأَثْبَتَ الْقَاضِي نَسَبَهُ ثُمَّ عَلِمَتْ بِحَالِهِ وَطَلَبَتْ الْفُرْقَةَ فَلَهَا ذَلِكَ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي الْمَرْأَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِهَا بِأَنْ لَا تَكُونَ رَتْقَاءَ فَإِنَّ الرَّتْقَاءَ إذَا وَجَدَتْهُ مَجْبُوبًا لَا خِيَارَ لَهَا كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَأَنْ تَكُونَ حُرَّةً؛ لِأَنَّ زَوْجَ الْأَمَةِ إذَا كَانَ مَجْبُوبًا أَوْ عِنِّينًا فَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فَإِنْ رَضِيَ الْمَوْلَى لَا حَقَّ لِلْأَمَةِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ كَانَتْ الْخُصُومَةُ لَهُ كَمَا فِي الْعَزْلِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ الْخِيَارُ إلَى الْأَمَةِ كَقَوْلِهِ فِي الْعَزْلِ وَاخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ مُحَمَّدٍ فَقِيلَ مَعَ أَبِي يُوسُفَ مَا فِي الْعَزْلِ وَقِيلَ مَعَ الْإِمَامِ هُنَا كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَمْ يُقَيِّدْ التَّفْرِيقَ بِالطَّلَبِ لِلْحَالِ؛ لِأَنَّهَا لَوْ وَجَدَتْهُ مَجْبُوبًا فَأَقَامَتْ مَعَهُ زَمَانًا وَهُوَ يُضَاجِعُهَا كَانَتْ عَلَى خِيَارِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ مَا إذَا اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهِ مَجْبُوبًا.

وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ يُعْرَفُ حَقِيقَةُ حَالِهِ بِالْمَسِّ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ يَمَسُّ مِنْ وَرَاءِ الثِّيَابِ وَلَا تُكْشَفُ عَوْرَتُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالنَّظَرِ أَمَرَ الْقَاضِي أَمِينًا لِيَنْظُرَ إلَى عَوْرَتِهِ فَيُخْبِرَ بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ النَّظَرَ إلَى الْعَوْرَةِ يُبَاحُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ صِفَةَ الْفُرْقَةِ هُنَا اكْتِفَاءً بِمَا ذَكَرَهُ فِي الْعِنِّينِ وَهُوَ طَلَاقٌ بَائِنٌ كَفُرْقَةِ الْعِنِّينِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَجْبُوبَ كَالْعِنِّينِ إلَّا فِي خَصْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنَّ الْعِنِّينَ يُؤَجَّلُ وَالْمَجْبُوبُ لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَيُزَادُ مَسْأَلَةُ بُطْلَانِ التَّفْرِيقِ بِمَجِيءِ الْوَلَدِ كَمَا قَدْ عَلِمْت وَالثَّالِثَةُ لَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ وَالرَّابِعَةُ لَا تُشْتَرَطُ صِحَّتُهُ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْهِنْدُوَانِيُّ أَنَّهُ يُؤْتَى بِطَسْتٍ فِيهِ مَاءٌ بَارِدٌ فَيَجْلِسُ فِيهِ الْعِنِّينُ فَإِنْ تَقَلَّصَ ذَكَرُهُ وَانْزَوَى عُلِمَ أَنَّهُ لَا عُنَّةَ بِهِ وَإِلَّا عُلِمَ أَنَّهُ عِنِّينٌ لَوْ اُعْتُبِرَ هَذَا لَزِمَ أَنْ لَا يُؤَجَّلَ سَنَةً؛ لِأَنَّ التَّأْجِيلَ لَيْسَ إلَّا لِيُعْرَفَ أَنَّهُ عِنِّينٌ عَلَى مَا قَالُوا؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِيهِ إنْ أُجِّلَ مَعَ ذَلِكَ لَكِنَّ التَّأْجِيلَ لَا بُدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمُهُ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ طَلَبَهَا التَّفْرِيقَ فِي الْعِنِّينِ لَهُ شَرَائِطُ مُخْتَصَّةٌ بِهِمَا فَالْمُخْتَصُّ بِهِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ بَالِغًا صَحِيحًا لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا مَرَّةً فَالصَّبِيُّ لَا يُؤَجَّلُ إلَّا بَعْدَ بُلُوغِهِ وَالْمَرِيضُ بَعْدَ صِحَّتِهِ وَالْمُخْتَصُّ بِهَا أَنْ تَكُونَ حُرَّةً بَالِغَةً غَيْرَ رَتْقَاءَ وَقَرْنَاءَ غَيْرَ عَالِمَةٍ بِحَالِهِ قَبْلَ النِّكَاحِ وَغَيْرَ رَاضِيَةٍ بِهِ بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ وَأُجِّلَ سَنَةً لَوْ عِنِّينًا أَوْ خَصِيًّا) وَهُوَ مَنْ نُزِعَ خُصْيَتَاهُ وَبَقِيَ ذَكَرُهُ وَهُوَ بِفَتْحِ الْخَاءِ فَعِيلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ مِثْلُ جَرِيحٍ وَقَتِيلٍ وَالْجَمْعُ خُصْيَانٌ وَالْخُصْيَتَانِ بِالتَّاءِ الْبَيْضَتَانِ الْوَاحِدَةُ خُصْيَةٌ وَبِدُونِ التَّاءِ الْخُصْيَانِ الْجِلْدَتَانِ وَجَمْعُ الْخُصْيَةِ خُصًى كَمُدْيَةٍ وَمُدًى وَخَصَيْت الْعَبْدَ أَخْصِيهِ خِصَاءً بِالْكَسْرِ وَالْمَدِّ سَلَلْت خُصْيَتَهُ وَخَصَيْت الْفَرَسَ قَطَعْت ذَكَرَهُ فَهُوَ مَخْصِيٌّ وَيَجُوزُ اسْتِعْمَالُ فَعِيلٍ وَمَفْعُولٍ فِيهِمَا كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ سَلِّهِمَا وَقَطْعِهِمَا إذَا كَانَ ذَكَرُهُ لَا يَنْتَشِرُ قَيَّدْنَا بِهِ؛ لِأَنَّ آلَتَهُ لَوْ كَانَتْ تَنْتَشِرُ لَا خِيَارَ لَهَا كَمَا فِي الْمُحِيطِ وَعَلَى هَذَا لَا حَاجَةَ إلَى عَطْفِهِ عَلَى

ــ

[منحة الخالق]

الْإِسْلَامِ لَوْ عَاقِلًا أَوْ إبَاءِ وَلِيِّهِ وَهَذَا التَّفْرِيقُ طَلَاقٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>