الْعِنِّينِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عِنِّينًا فَلَا تَأْجِيلَ وَإِلَّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِ وَلِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْخُنْثَى الَّذِي يَبُولُ مِنْ مَبَالِ الرِّجَالِ وَالصَّبِيُّ الَّذِي بَلَغَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَالشَّيْخُ الْكَبِيرُ وَحُكْمُ الثَّلَاثَةِ التَّأْجِيلُ كَالْعِنِّينِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ لِدُخُولِ الْكُلِّ تَحْتَ اسْمِ الْعِنِّينِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ يُؤَجَّلُ الشَّيْخُ الْكَبِيرُ إنْ كَانَ لَا يَصِلُ إلَيْهَا اهـ.
وَالْمُرَادُ مِنْ الْمُؤَجَّلِ الْحَاكِمُ وَلَا عِبْرَةَ بِتَأْجِيلِ غَيْرِهِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا وَتَأْجِيلُ الْعِنِّينِ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ قَاضِي مِصْرٍ أَوْ مَدِينَةٍ فَلَا يُعْتَبَرُ تَأْجِيلُ الْمَرْأَةِ وَلَا تَأْجِيلُ غَيْرِهَا اهـ.
وَأَمَّا رِضَاهَا بِهِ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ فَمُسْقِطٌ لِحَقِّهَا كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ، وَلَوْ عُزِلَ الْقَاضِي بَعْدَ مَا أَجَّلَهُ بَنَى الْمُتَوَلِّي عَلَى تَأْجِيلِ الْأَوَّلِ وَابْتَدَأَ السَّنَةَ مِنْ وَقْتِ الْخُصُومَةِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ وَضْعِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ نِكَاحَ الْعِنِّينِ صَحِيحٌ فَإِنْ عَلِمَتْ بِعُنَّتِهِ وَقْتَ النِّكَاحِ فَلَا خِيَارَ لَهَا كَمَا لَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ الْمَبِيعِ وَإِنْ لَمْ تَعْلَمْ بِهِ وَقْتَهُ وَعَلِمَتْ بَعْدَهُ كَانَ لَهَا الْخُصُومَةُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي الْمُحِيطِ وَالْإِمَامُ الْمُتَّبَعُ فِي أَحْكَامِ الْعِنِّينِ عُمَرَ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَقْرَانِهِمْ خِلَافُهُ فَحَلَّ مَحَلَّ الْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّ عَدَمَ الْوُصُولِ قَدْ يَكُونُ لِعِلَّةٍ مُعْتَرِضَةٍ وَقَدْ يَكُونُ لِآفَةٍ أَصْلِيَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ مُدَّةٍ لِاسْتِبَانَةِ الْعِلَّةِ مِنْ الْعُنَّةِ فَقُدِّرَ بِسَنَةٍ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى الْفُصُولِ الْأَرْبَعِ اهـ.
وَقَدْ كَتَبْنَا فِي الْقَوَاعِدِ الْفِقْهِيَّةِ فِي مَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ قَاضِيًا لَوْ قَضَى بِعَدَمِ تَأْجِيلِ الْعِنِّينِ لَمْ يَنْفَدْ قَضَاؤُهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ الْمَرْأَةَ بِشَيْءٍ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا حُرَّةً وَغَيْرَ رَتْقَاءَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي زَوْجَةِ الْمَجْبُوبِ وَعَلَّلَهُ فِي الِاخْتِيَارِ بِأَنَّ الرَّتْقَاءَ لَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَطْءِ فَلَا تَمْلِكُ الطَّلَبَ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي كَوْنِهَا رَتْقَاءَ يُرِيهَا النِّسَاءَ كَمَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَأَطْلَقَ الزَّوْجَ فَشَمِلَ الْمَعْتُوهَ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمَعْتُوهُ إذَا زَوَّجَهُ وَلِيُّهُ امْرَأَةً فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهَا أَجَّلَهُ الْقَاضِي سَنَةً بِحَضْرَةِ الْخَصْمِ عَنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الزَّوْجِ بِكَوْنِهِ صَحِيحًا كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يُؤَجَّلُ حَتَّى يَصِحَّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ وَاخْتَلَفُوا فِي تِلْكَ السَّنَةِ فَقِيلَ شَمْسِيَّةٌ وَهِيَ تَزِيدُ عَلَى الْقَمَرِيَّةِ بِأَحَدَ عَشَرَ يَوْمًا قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَقِيلَ قَمَرِيَّةٌ وَهِيَ ثَلَثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ يَوْمًا وَصَحَّحَهُ فِي الْوَاقِعَاتِ والولوالجية وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ فَكَانَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ الثَّابِتُ عَنْ صَاحِبِ الْمُذْهَبِ، وَفِي الْخَانِيَّةِ إذَا ثَبَتَ عَدَمُ الْوُصُولِ أَجَّلَهُ الْقَاضِي طَلَبَ أَوْ لَمْ يَطْلُبْ وَيَكْتُبُ التَّأْجِيلَ وَيُشْهِدُ عَلَى التَّارِيخِ وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا كَانَ التَّأْجِيلُ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ يُعْتَبَرُ بِالْأَيَّامِ إجْمَاعًا كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْعِدَّةِ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ وَطِئَ وَإِلَّا بَانَتْ بِالتَّفْرِيقِ إنْ طَلَبَتْ) أَيْ: طَلَبًا ثَانِيًا فَالْأَوَّلُ لِلتَّأْجِيلِ وَالثَّانِي لِلتَّفْرِيقِ وَذَكَرَ خجا مسكين أَنَّ قَوْلَهُ إنْ طَلَبَتْ مُتَعَلِّقٌ بِالْجَمِيعِ وَهُوَ حَسَنٌ وَطَلَبُ وَكِيلُهَا بِالتَّفْرِيقِ عِنْدَ غَيْبَتِهَا كَطَلَبِهَا عَلَى خِلَافٍ فِيهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ مُحَمَّدٌ وَأَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا طَلَبَتْ عَلَى التَّرَاخِي أَوَّلًا وَثَانِيًا؛ وَلِذَا لَوْ خَاصَمَتْهُ ثُمَّ تَرَكَتْ مُدَّةً فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ، وَلَوْ طَاوَعَتْهُ فِي الْمُضَاجَعَةِ تِلْكَ الْأَيَّامَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ وَلَمَّا كَانَتْ هَذِهِ فُرْقَةٌ قَبْلَ الدُّخُولِ حَقِيقَةً كَانَتْ بَائِنَةً وَلَهَا كَمَالُ الْمَهْرِ وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ لِوُجُودِ الْخَلْوَةِ الصَّحِيحَةِ.
وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا مَرَّةً لَا حَقَّ لَهَا فِي الْمُطَالَبَةِ لِسُقُوطِ حَقِّهَا بِالْمَرَّةِ قَضَاءً وَمَا زَادَ عَلَيْهَا فَهُوَ مُسْتَحَقٌّ دِيَانَةً لَا قَضَاءً كَمَا فِي جَامِعِ قَاضِي خَانْ، وَفِي فَتَاوَاهُ لَوْ كَانَ يَأْتِيهَا فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ حَتَّى يُنْزِلَ وَتُنْزِلَ وَلَا يَصِلُ إلَيْهَا فِي فَرْجِهَا وَقَامَتْ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ زَمَانًا وَهِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ ثُمَّ خَاصَمَتْهُ إلَى الْقَاضِي أَجَّلَهُ الْقَاضِي سَنَةً، وَلَوْ وَطِئَهَا بَعْدَ التَّأْجِيل سَقَطَ حَقُّهَا وَلَوْ حَائِضًا أَوْ نُفَسَاءَ أَوْ صَائِمَةً أَوْ مُحْرِمَةً كَذَا فِي الْمِعْرَاجِ وَإِلَى أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ طَلَبَ أَنْ يُؤَجِّلَ بَعْدَ السَّنَةِ، وَلَوْ يَوْمًا لَا يُجِيبُهُ الْقَاضِي إلَّا بِرِضَاهَا وَلَهَا الرُّجُوعُ وَاخْتِيَارُ الْفُرْقَةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّوْجَةِ الْحُرَّةُ أَمَّا الْأَمَةُ فَالْخِيَارُ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ قَاضِي مِصْرٍ أَوْ مَدِينَةٍ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ كَالْمُحَكَّمِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ حُكْمُهُ فِي غَيْرِ حَدٍّ وَقَوْدٍ فَيَشْمَلُ التَّأْجِيلَ الْمَذْكُورَ وَغَيْرَهُ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي لِإِطْلَاقِهِمْ تَأَمَّلْ اهـ.
وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ وَلَا يُعْتَبَرُ تَأْجِيلُ غَيْرِ الْحَاكِمِ كَائِنًا مَنْ كَانَ اهـ.
وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَلَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ هَذَا مُقَدِّمَةُ أَمْرٍ لَا يَكُونُ إلَّا عِنْدَ الْقَاضِي وَهُوَ الْفُرْقَةُ فَكَذَا مُقَدِّمَتُهُ (قَوْلُهُ قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى) قَالَ فِي الْفَتْحِ اخْتَارَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَظَهِيرُ الدِّينِ وَهِيَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ قَمَرِيَّةٌ) قَالَ فِي الْفَتْحِ وَجْهُهُ أَنَّ الثَّابِتَ عَنْ الصَّحَابَةِ كَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ اسْمَ السَّنَةِ قَوْلًا وَأَهْلُ الشَّرْعِ إنَّمَا يَتَعَارَفُونَ الْأَشْهُرَ وَالسِّنِينَ بِالْأَهِلَّةِ فَإِذَا أَطْلَقُوا السَّنَةَ انْصَرَفَ إلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يُصَرِّحُوا بِخِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى التَّرَاخِي أَوَّلًا وَثَانِيًا) أَيْ: قَبْلَ التَّأْجِيلِ وَبَعْدَهُ لَكِنْ سَيَأْتِي فِي طَلَبِ التَّفْرِيقِ خِلَافٌ فِي التَّقْيِيدِ بِالْمَجْلِسِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ عَلَى التَّرَاخِي أَوَّلًا بِأَوْ الْعَاطِفَةِ وَلَا النَّافِيَةِ وَهِيَ أَظْهَرُ