للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حَيْضَتَيْنِ وَلِهَذَا لَوْ طَلَّقَهَا السَّيِّدُ فِي هَذِهِ الْعِدَّةِ لَمْ يَقَعْ طَلَاقُهُ؛ لِأَنَّهَا مُعْتَدَّةٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى غَيْرِهِ وَلِهَذَا تَحِلُّ لَهُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَتْ الْحُرَّةُ زَوْجَهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَدْ كَانَ قَالَ لَهَا: أَنْت طَالِقٌ لِلسُّنَّةِ وَهِيَ حَائِضٌ ثُمَّ طَهُرَتْ مِنْ حَيْضِهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ لِعَدَمِ ارْتِفَاعِ عِدَّةِ الطَّلَاقِ بِدَلِيلِ حُرْمَةِ وَطْئِهَا وَلَا بُدَّ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الْإِقْرَارِ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ طَلَّقَهَا وَأَقَامَ مَعَهَا زَمَانًا مُنْكِرًا طَلَاقَهَا لَمْ تَنْقَضِ عِدَّتُهَا هَكَذَا اخْتَارَهُ الْمَشَايِخُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَسَيَأْتِي زِيَادَةُ بَيَانٍ لَهُ، وَلَوْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَتَهُ ثُمَّ مَاتَ فَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً فَهُوَ حُرٌّ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ وَفَسَدَ نِكَاحُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا فَلَا عِدَّةَ لِوُقُوعِ الْفُرْقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهِيَ أَمَةٌ فَإِنْ كَانَتْ وَلَدَتْ مِنْهُ تَعْتَدُّ بِثَلَاثِ حِيَضٍ حَيْضَتَانِ بِالْفُرْقَةِ وَثَلَاثٌ بِالْوَفَاةِ إلَّا أَنَّهَا تَتَدَاخَلُ وَتَحِدُّ فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ دُونَ الثَّالِثَةِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ وَأَطْلَقَ الْحُرَّةَ فَشَمِلَ الْمُسْلِمَةَ وَالْكِتَابِيَّةَ تَحْتَ مُسْلِمٍ فَالْكِتَابِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ كَالْمُسْلِمَةِ حُرَّتُهَا كَحُرَّتِهَا وَأَمَتُهَا كَأَمَتِهَا.

وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تَحْتَ ذِمِّيٍّ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا إذَا كَانُوا لَا يَدِينُونَ ذَلِكَ إلَّا إذَا كَانَتْ حَامِلًا عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا وَقَدْ مَرَّتْ وَذَكَرَهَا فِي الْبَدَائِعِ هُنَا، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ قَالَ: إلَّا أَنْ تَكُونَ حَامِلًا فَتُمْنَعَ مِنْ التَّزَوُّجِ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ اهـ.

فَقَيَّدَ الْحَامِلِ بِأَنْ تَكُونَ فِي دِينِهِمْ الْعِدَّةُ لَهَا، وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ شَهِدَا أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا ثَلَاثًا إنْ كَانَ غَائِبًا سَاغَ لَهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِآخَرَ وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَنْكَرَ اُحْتِيجَ إلَى الْقَضَاءِ بِالْفُرْقَةِ وَلَا يَجُوزُ الْقَضَاءُ بِهَا إلَّا بِحَضْرَةِ الزَّوْجِ وَفِيهَا لَوْ شَهِدَ عِنْدَهَا رَجُلَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا لَيْسَ لَهَا أَنْ تُمَكِّنَ مِنْ نَفْسِهَا وَإِنْ أَخْبَرَهَا وَاحِدٌ لَيْسَ لَهَا الِامْتِنَاعُ اهـ.

فَقَدْ قَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ بِمَوْتِهِ عِنْدَهَا وَلَمْ يُقْبَلْ بِطَلَاقِهِ وَذُكِرَ فِي الِاسْتِحْسَانِ لَوْ أَخْبَرَ الِابْنَ رَجُلَانِ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ أَبَاهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتُلَهُ حَتَّى يَحْكُمَ الْقَاضِي بِشَهَادَتِهِمَا بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ إذَا أَخْبَرَهَا عَدْلَانِ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهَا التَّمْكِينُ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ بِشَهَادَتِهِمَا، وَلَوْ بَرْهَنَ الْقَاتِلُ عِنْدَ ابْنِ الْمَقْتُولِ أَنَّهُ قَتَلَهُ لِلرِّدَّةِ أَوْ لِلْقِصَاصِ إنْ كَانَ الشَّاهِدَانِ مِمَّنْ لَوْ شَهِدَا عِنْدَ الْحَاكِمِ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا لَيْسَ لِلِابْنِ قَتْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ اهـ. .

(قَوْلُهُ وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ إنْ لَمْ تَحِضْ) أَيْ: عِدَّةُ الْحُرَّةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مِنْ ذَوَاتِ الْحَيْضِ لِصِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ مُدَّةُ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَاللائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ} [الطلاق: ٤] فِي حَقِّ الْآيِسَةِ وقَوْله تَعَالَى {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] فِي حَقِّ الصَّغِيرَةِ وَمَنْ بَلَغَتْ بِالسِّنِّ وَلَمْ تَحِضْ وَشَمِلَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَحِضْ أَيْضًا الْبَالِغَةَ إذَا لَمْ تَرَ دَمًا أَوْ رَأَتْ وَانْقَطَعَ قَبْلَ التَّمَامِ وَمَنْ بَلَغَتْ مُسْتَحَاضَةً وَالْمُسْتَحَاضَةُ الَّتِي نَسِيَتْ عَادَتَهَا وَهُوَ مِمَّا يُلْغَزُ بِهِ فَيُقَالُ شَابَّةٌ تَرَى مَا يَصْلُحُ حَيْضًا فِي كُلِّ شَهْرٍ وَعِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ لَكِنْ فِي التَّحْقِيقِ لَمَّا نَسِيَتْ عَادَتَهَا جَازَ كَوْنُهَا أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ وَآخِرَهُ فَإِذَا قُدِّرَتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ عُلِمَ أَنَّهَا حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ بِيَقِينٍ بِخِلَافِ مَا لَمْ تَنْسَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ إلَى أَيَّامِ عَادَتِهَا فَجَازَ كَوْنُ عِدَّتِهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ فَتَخْرُجُ مِنْ الْعِدَّةِ بِخَمْسَةٍ أَوْ سِتَّةٍ مِنْ الثَّالِثِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَخْذًا مِنْ الزَّيْلَعِيِّ فِي الْحَيْضِ وَاعْلَمْ أَنَّ إطْلَاقَهُمْ الِانْقِضَاءَ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فِي الْمُسْتَحَاضَةِ النَّاسِيَةِ لِعَادَتِهَا لَا يَصِحُّ إلَّا فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا أَوَّلَ الشَّهْرِ أَمَّا إذَا طَلَّقَهَا بَعْدَمَا مَضَى مِنْ الشَّهْرِ قَدْرَ مَا يَصْلُحُ حَيْضَةً فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ غَيْرَ بَاقِي هَذَا الشَّهْرِ اهـ.

اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَنَّ تَقْدِيرَ عِدَّتِهَا بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قَوْلُ الْمَرْغِينَانِيِّ وَذَكَرَ هُوَ فِي الْحَيْضِ اخْتِلَافًا قَالَ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ الْحَاكِمِ مِنْ أَنَّ طُهْرَهَا مُقَدَّرٌ بِشَهْرَيْنِ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لِلْأَطْهَارِ وَثَلَاثِ حِيَضٍ بِشَهْرٍ احْتِيَاطًا وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرَةِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْحَيْضِ وَالْمُخْتَارُ الْمُصَحَّحُ أَنَّهُ تِسْعٌ وَعَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُرَاهِقَةً لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ بَلْ يُوقَفُ حَالُهَا حَتَّى يَظْهَرَ هَلْ حَبِلَتْ مِنْ ذَلِكَ الْوَطْءِ أَمْ لَا فَإِنْ ظَهَرَ حَبَلُهَا اعْتَدَّتْ بِالْوَضْعِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَبِالْأَشْهُرِ اهـ.

وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَيُعْتَدُّ بِزَمَنِ التَّوَقُّفِ مِنْ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّهُ كَانَ لِيَظْهَرَ حَبَلُهَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَقَدْ قَبِلَ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْلِ بِمَوْتِهِ) أَيْ: كَمَا سَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَلِلْمَوْتِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ مُوَضَّحًا.

(قَوْلُهُ لَكِنْ فِي التَّحْقِيقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ عِدَّتَهَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَيْسَتْ بِالْأَشْهُرِ وَإِنَّمَا هِيَ بِالْحَيْضِ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يُتَيَقَّنْ بِالْحِيَضِ الثَّلَاثِ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ قِيلَ: تَتَرَبَّصُ تِلْكَ الْمُدَّةَ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرَةِ مَنْ لَمْ تَبْلُغْ سِنَّ الْحَيْضِ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ مَنْ لَمْ تَرَ الدَّمَ وَلَمْ تَبْلُغْ بِالسِّنِّ لِيُعْلَمَ حُكْمُ مَنْ زَادَتْ عَلَى تِسْعٍ وَلَمْ تَرَ الدَّمَ وَلَمْ تَبْلُغْ بِالسِّنِّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ كَلَامَهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْإِمَامِ الْفَضْلِيِّ مِنْ أَنَّهَا إذَا رَاهَقَتْ أَيْ: بِأَنْ بَلَغَتْ تِسْعًا لَا تَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَبِالْأَشْهُرِ) لَمْ يُبَيِّنْ كَمْ يُوقَفُ، وَفِي فَتَاوَى الْعَلَّامَةِ حَامِدٍ أَفَنْدِي الْعِمَادِيِّ مُقْتَضَى مَا ذَكَرُوهُ فِي تَعْلِيلِ عِدَّةِ الْمَوْتِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يَظْهَرُ فِيهَا الْحَبَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>