للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِذَا لَمْ يَظْهَرْ كَانَ مِنْ عِدَّتِهَا اهـ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة امْرَأَةٌ رَأَتْ الدَّمَ وَهِيَ بِنْتُ ثَلَاثِينَ سَنَةً مَثَلًا رَأَتْ يَوْمًا دَمًا لَا غَيْرَ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا قَالَ لَيْسَتْ هِيَ آيِسَةً وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ تَعْتَدُّ بِالشُّهُورِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَبِهِ نَأْخُذُ اهـ.

وَفِي الصُّغْرَى وَاعْتِبَارُ الشُّهُورِ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَيَّامِ دُونَ الْأَهِلَّةِ بِالْإِجْمَاعِ إنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَصَاحِبَيْهِ فِي الْإِجَارَةِ اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى جَعَلَهُ عَلَى الْخِلَافِ كَالْإِجَارَةِ وَالدَّيْنِ وَإِنَّمَا تُعْتَبَرُ بِالْأَيَّامِ إجْمَاعًا مُدَّةُ الْعِنِّينِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة امْرَأَةٌ بَلَغَتْ فَرَأَتْ يَوْمًا دَمًا ثُمَّ انْقَطَعَ عَنْهَا الدَّمُ حَتَّى مَضَتْ سَنَةٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فَعِدَّتُهَا بِالْأَشْهُرِ اهـ.

وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ إنْ لَمْ تَحِضْ الشَّابَّةُ الْمُمْتَدُّ طُهْرُهَا فَلَا تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ وَصُورَتُهَا إذَا رَأَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَانْقَطَعَ وَمَضَى سَنَةٌ أَوْ أَكْثَرُ ثُمَّ طَلُقَتْ فَعِدَّتُهَا بِالْحَيْضِ إلَى أَنْ تَبْلُغَ إلَى حَدِّ الْإِيَاسِ وَهُوَ خَمْسٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً فِي الْمُخْتَارِ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَمِنْ الْغَرِيبِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ وَالْفَتْوَى فِي زَمَانِنَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي عِدَّةِ الْآيِسَةِ اهـ.

وَلَوْ قَضَى قَاضٍ بِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا بَعْدَ مُضِيِّ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ نَفَذَ كَمَا فِي جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ وَنُقِلَ فِي الْمَجْمَعِ أَنَّ مَالِكًا يَقُولُ إنَّ عِدَّتَهَا تَنْقَضِي بِمُضِيِّ حَوْلٍ وَفِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ أَنَّ عِدَّةَ الْمُمْتَدِّ طُهْرُهَا تَنْقَضِي بِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ مَعْزِيًّا إلَى حَيْضِ مِنْهَاجِ الشَّرِيعَةِ، وَنُقِلَ مِثْلُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ يَجِبُ حِفْظُهَا؛ لِأَنَّهَا كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ وَذَكَرَ الزَّاهِدِيُّ وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُفْتُونَ بِقَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلضَّرُورَةِ خُصُوصًا الْإِمَامُ وَالِدِي اهـ.

قُلْت: لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِجَمِيعِ الرِّوَايَاتِ فَلَا يُفْتَى بِهِ نَعَمْ لَوْ قَضَى مَالِكِيٌّ بِهِ نَفَذَ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ ثُمَّ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ لَا يُطْلِقُونَ لَفْظَ الْوُجُوبِ عَلَى هَذِهِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بَلْ يَقُولُونَ تَعْتَدُّ، وَفِي الْمَبْسُوطِ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: هِيَ لَا تُخَاطَبُ بِالِاعْتِدَادِ لَكِنَّ الْوَلِيَّ يُخَاطَبُ بِأَنْ لَا يُزَوِّجَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّةُ الْعِدَّةِ مَعَ أَنَّ الْعِدَّةَ مُجَرَّدُ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فَثُبُوتُهَا فِي حَقِّهَا لَا يُؤَدِّي إلَى تَوْجِيهِ خِطَابِ الشَّرْعِ عَلَيْهَا وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْقَائِلَ الْأَوَّلَ قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَرَاهَا الْحُرُمَاتِ أَوْ التَّرَبُّصَ الْوَاجِبَ فَإِنْ قُلْت عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهَا مُضِيَّ الْمُدَّةِ أَلَيْسَ أَنَّ فِيهَا يَجِبُ أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَعَلَّقَ خِطَابُ نَهْيِ التَّزَوُّجِ بِالْوَلِيِّ فَجَعْلُهَا الْمُدَّةَ كَمَا قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ قَوْلِ الْأَوَّلِ وَيُخَاطَبُ الْوَلِيُّ بِأَنْ لَا يُزَوِّجَهَا فَالْجَوَابُ لَا يَلْزَمُ فَإِنَّا إذَا قُلْنَا: إنَّهَا الْمُدَّةُ فَالثَّابِتُ فِيهَا عَدَمُ صِحَّةِ التَّزَوُّجِ لَا خِطَابُ أَحَدٍ بَلْ وَضَعَ الشَّارِعُ عَدَمَ الصِّحَّةِ لَوْ فُعِلَ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّغِيرَةَ أَهْلٌ لِخِطَابِ الْوَضْعِ، وَهَذَا مِنْهُ كَمَا خُوطِبَ الصَّغِيرُ وَالصَّغِيرَةُ بِضَمَانِ الْمُتْلَفَاتِ، وَلَوْ حَاضَتْ الصَّغِيرَةُ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ تَسْتَأْنِفُ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ، وَلَوْ حَاضَتْ الْكَبِيرَةُ حَيْضَةً ثُمَّ أَيِسَتْ اسْتَأْنَفَتْ بِالشُّهُورِ تَحَرُّزًا عَنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْخَلَفِ وَقَدْ فَسَّرَ الْقَاضِي قَوْله تَعَالَى {إِنِ ارْتَبْتُمْ} [الطلاق: ٤] شَكَكْتُمْ وَجَهِلْتُمْ اهـ.

وَإِذَا كَانَ هَذَا مَعَ الِارْتِيَابِ فَفِي غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَفِي الْفَخْرِ الرَّازِيّ إنْ ارْتَبْتُمْ فِي دَمِ الْبَالِغَاتِ مَبْلَغَ الْإِيَاسِ أَهُوَ دَمُ حَيْضٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ وَرُوِيَ أَنَّ «مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ عَرَفْنَا عِدَّةَ الَّتِي تَحِيضُ فَمَا عِدَّةُ الَّتِي لَمْ تَحِضْ فَنَزَلَتْ {وَاللائِي يَئِسْنَ} [الطلاق: ٤] فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ مَا عِدَّةُ الصَّغِيرَةِ فَنَزَلَ {وَاللائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤] أَيْ: هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرَةِ فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مَا عِدَّةُ الْحَوَامِلِ فَنَزَلَ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] » اهـ.

وَذُكِرَ فِي الدُّرِّ الْمَنْثُورِ لِلْأَسْيُوطِيِّ أَنَّ

ــ

[منحة الخالق]

أَلْبَتَّةَ لَكِنْ فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ، وَفِي دَعْوَى الْحَبَلِ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي رِوَايَةٍ إذَا كَانَ مِنْ حِينِ شِرَاهَا أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ وَإِنْ أَقَلُّ لَا، وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ يُسْمَعُ دَعْوَى الْحَبَلِ بَعْدَ شَهْرَيْنِ وَخَمْسَةِ أَيَّامٍ وَعَلَيْهِ عَمَلُ النَّاسِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَفِي الصُّغْرَى وَاعْتِبَارُ الشُّهُورِ فِي الْعِدَّةِ بِالْأَيَّامِ إلَخْ) هَذَا إذَا أَوْقَعَ الطَّلَاقَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ أَمَّا فِي أَوَّلِهِ فَبِالْأَهِلَّةِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْفَتْحِ ثُمَّ مَا فِي الصُّغْرَى مُخَالِفٌ لِمَا فِي الْفَتْحِ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَوْقَعَ فِي أَثْنَاءِ الشَّهْرِ اُعْتُبِرَ كُلُّهَا بِالْأَيَّامِ فَلَا تَنْقَضِي إلَّا بِتِسْعِينَ يَوْمًا عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَكْمُلُ الْأَوَّلُ ثَلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ الْأَخِيرِ وَالشَّهْرَانِ الْمُتَوَسِّطَانِ بِالْأَهِلَّةِ اهـ. وَسَيَذْكُرُهُ الْمُؤَلِّفُ عَنْ الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ الْغَرِيبِ مَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ إلَخْ) عِبَارَتُهَا وَعِنْدَ مَالِكٍ مُدَّةُ الْآيِسَةِ تِسْعَةُ أَشْهُرٍ سِتَّةُ أَشْهُرٍ لِاسْتِبْرَاءِ الرَّحِمِ وَثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِلْعِدَّةِ قَالَ الْعَلَّامَةُ إلَخْ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ وَرَقَةٍ وَعَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وَمَضَى عَلَيْهَا نِصْفُ عَامٍ وَلَمْ تُرَدَّ مَا يَحْكُمُ بِإِيَاسِهَا حَتَّى تَمْضِيَ عِدَّتُهَا بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِثْلُهُ فَعَلَى هَذَا فِي مُمْتَدَّةِ الطُّهْرِ قَبْلَ بُلُوغِهَا إلَى الْإِيَاسِ فَاعْتَدَّتْ بِثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفِ سَنَةٍ وَقَضَى الْقَاضِي جَازَ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ وَيُحْفَظُ هَذَا لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ اهـ.

وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّ قَوْلَهُ سَابِقًا مُدَّةُ الْآيِسَةِ الْمُرَادُ بِهَا مُمْتَدَّةُ الطُّهْرِ لَا مَنْ بَلَغَتْ سِنَّ الْإِيَاسِ وَإِلَّا فَهِيَ تَعْتَدُّ بِالْأَشْهُرِ بِالنَّصِّ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ لَوْ قَضَى بِهِ مَالِكِيٌّ نَفَذَ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ مِنْ عِبَارَةِ الْبَزَّازِيَّةِ الَّتِي نَقَلْنَاهَا لِتَعْلِيلِهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ ثُمَّ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ بَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ لَا يُفْهَمُ مَعَهُ الْمَقْصُودُ وَبَعْضُهَا عَلَى التَّرْتِيبِ فَلْتُصَحَّحْ النُّسَخُ

<<  <  ج: ص:  >  >>