للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عُمُومَ أَزْوَاجًا بِالْعَرَضِ أَنَّ عُمُومَهُ بَدَلِيٌّ لَا يَصْلُحُ لِتَنَاوُلِ جَمِيعِ الْأَزْوَاجِ فِي حَالٍ وَاحِدٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ إنَّ الْحُكْمَ يَتَعَلَّلُ هُنَا أَنَّ الْحُكْمَ هُنَا مُعَلَّلٌ بِوَصْفِ الْحَمْلِيَّةِ بِخِلَافِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ أَيْ التَّخْصِيصُ أَوْلَى مِنْ النَّسْخِ؛ لِأَنَّا إذَا أَخَّرْنَا آيَةَ الْحَمْلِ عَنْ آيَةِ الْوَفَاةِ كَانَتْ مُخَصِّصَةً لِآيَةِ الْوَفَاةِ وَإِذَا قَدَّمْنَا آيَةَ الْحَمْلِ عَلَى آيَةِ الْوَفَاةِ كَانَتْ رَافِعَةً لِمَا فِي الْخَاصِّ مِنْ الْحُكْمِ وَهُوَ نَسْخٌ، وَفِي الْمِعْرَاجِ حَمَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ آيَةَ الْبَقَرَةِ عَلَى الْحَوَامِلِ تَخْصِيصًا بِآيَةِ الْقُصْرَى وَالتَّخْصِيصُ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ إنْ كَانَ بَيْنَ نُزُولِ الْآيَتَيْنِ زَمَانٌ يَصْلُحُ لِلنَّسْخِ فَيُنْسَخُ الْخَاصُّ الْمُتَقَدِّمُ بِالْعَامِّ الْمُتَأَخِّرِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَشَايِخِنَا بِالْعِرَاقِ وَلَا يُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ أَوْ يُعْمَلُ بِالنَّصِّ الْعَامِّ عَلَى عُمُومِهِ وَيُتَوَقَّفُ فِي حَقِّ الِاعْتِقَادِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَلَا يُبْنَى الْعَامُّ عَلَى الْخَاصِّ اهـ.

وَذَكَرَ الْبِقَاعِيُّ فِي الْمُنَاسَبَاتِ لَمَّا كَانَ تَوْحِيدُ الْحَمْلِ لَا يَنْشَأُ عَنْهُ لَبْسٌ وَكَانَ الْجَمْعُ رُبَّمَا أَوْهَمَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا حَتَّى تَضَعَ جَمْعًا قَالَ {حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] اهـ.

وَذَكَرَ الْفَخْرُ الرَّازِيّ أَنَّهُ قُرِئَ أَحْمَالَهُنَّ ثُمَّ قَالَ: إنَّمَا قَالَ {أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] وَلَمْ يَقُلْ أَنْ يَلِدْنَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَهُ لَانْقَضَتْ بِوِلَادَةِ أَحَدِ الْوَلَدَيْنِ اهـ.

يَعْنِي وَهُوَ بَعْضُ الْحَمْلِ فَلَا تَنْقَضِي حَتَّى تَضَعَ جَمِيعَ مَا فِي الْبَطْنِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ وَلِهَذَا قَالَ الْأُصُولِيُّونَ لَوْ قَالَ إنْ كَانَ حَمْلُكِ ذَكَرًا فَأَنْت حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى لَا تَعْتِقُ؛ لِأَنَّهُ اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ كَقَوْلِهِ إنْ كَانَ مَا فِي بَطْنِك ذَكَرًا، وَفِي الْبَدَائِعِ وَشَرْطُ وُجُوبِهَا أَنْ يَكُونَ الْحَمْلُ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحًا كَانَ أَوْ فَاسِدًا وَلَا تَجِبُ عَلَى الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا؛ لِأَنَّ الزِّنَا لَا يُوجِبُ الْعِدَّةَ إلَّا أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَهِيَ حَامِلٌ مِنْ الزِّنَا جَازَ النِّكَاحُ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ لَوْ تَزَوَّجَتْ بَعْدَ الْأَشْهُرِ ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْمُدَّةِ ظَهَرَ فَسَادُ النِّكَاحِ وَأُلْحِقَ بِالْمَيِّتِ اهـ.

فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَهَا مَا لَمْ تَضَعْ كَيْ لَا يَكُونَ سَاقِيًا مَاءَهُ زَرْعَ غَيْرِهِ فَظَهَرَ أَنَّ الْحَامِلَ مِنْ الزِّنَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا أَصْلًا، وَأَمَّا الْمَوْطُوءَةُ بِشُبْهَةٍ فَعِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ كَمَا سَيَأْتِي إلَّا إذَا كَانَتْ حَامِلًا فَعِدَّتُهَا بِوَضْعِ الْحَمْلِ كَمَا فِي تَزَوُّجِ الْحَامِلِ الَّتِي مِنْ الزِّنَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَوَلَدَتْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عِنْدَهُمَا بِالْوَضْعِ، وَفِي الْبَدَائِعِ وَقَدْ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْحَمْلِ مِنْ الزِّنَا بِأَنْ تَزَوَّجَتْ الْحَامِلُ مِنْ الزِّنَا ثُمَّ طَلَّقَهَا فَوَلَدَتْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا عِنْدَهُمَا بِالْوَضْعِ، وَلَدَتْ، وَفِي بَطْنِهَا آخَرُ تَنْقَضِي الْعِدَّةُ بِوَضْعِ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِجَمِيعِ مَا فِي الْبَطْنِ وَإِذَا أَسْقَطَتْ سِقْطًا اسْتَبَانَ بَعْضُ خَلْقِهِ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهُ وُلِدَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبِنْ بَعْضُ خَلْقِهِ لَمْ تَنْقَضِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ اسْمٌ لِنُطْفَةٍ مُتَغَيِّرَةٍ بِدَلِيلِ أَنَّ السَّاقِطَ إذَا كَانَ عَلَقَةً أَوْ مُضْغَةً لَمْ تَنْقَضِ بِهِ الْعِدَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَغَيَّرْ فَلَا يُعْرَفُ كَوْنُهَا مُتَغَيِّرَةً بِيَقِينٍ إلَّا بِاسْتِبَانَةِ بَعْضِ الْخَلْقِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ: إذَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ ثَبَتَ نَسَبُ الثَّانِي أَيْضًا وَانْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ وَلَا يَجِبُ بِهِ الْعُقْرُ، وَفِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ قَالَ لَهَا: كُلَّمَا وَلَدْت وَلَدًا فَأَنْت طَالِقٌ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ فِي بَطْنٍ وَاحِدٍ طَلُقَتْ بِالْأَوَّلِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالْآخَرِ وَلَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ وَلَوْ وَلَدَتْ ثَلَاثَةً فِي بَطْنٍ وَقَعَتْ طَلْقَتَانِ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ بِالثَّالِثِ، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ الْوَلَدَيْنِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَلَمْ تُقِرَّبَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ طَلُقَتْ ثَلَاثًا وَتَعْتَدُّ بِالْأَقْرَاءِ بَعْدَ الثَّالِثِ اهـ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ طَلَّقَهَا رَجْعِيًّا فَتَزَوَّجَتْ فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا الثَّانِي فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ طَلَاقِ الثَّانِي فَإِنَّ الْوَلَدَ لِلثَّانِي، وَلَوْ تَزَوَّجَتْ الْمَنْعِيُّ إلَيْهَا زَوْجُهَا ثُمَّ وَلَدَتْ أَوْلَادًا ثُمَّ جَاءَ الزَّوْجُ الْأَوَّلُ حَيًّا كَانَ الْإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ الْأَوْلَادُ لِلْأَوَّلِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ وَقَالَ لِلثَّانِي وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى اهـ.

مُنْتَقَى قَالَ مُحَمَّدٌ فِي نَوَادِرِ ابْنِ رُسْتُمَ لَوْ خَرَجَ مِنْ قِبَلِ الرَّأْسِ نِصْفُ الْبَدَنِ غَيْرَ الرَّأْسِ أَوْ خَرَجَ مِنْ قِبَلِ الرِّجْلَيْنِ نِصْفُ الْبَدَنِ غَيْرَ الرِّجْلَيْنِ انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ وَفَسَّرَ فَقَالَ: النِّصْفُ مِنْ الْبَدَنِ هُوَ مِنْ أَلْيَتَيْهِ إلَى مَنْكِبَيْهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَفِي الْمِعْرَاجِ حَمَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ آيَةَ الْبَقَرَةِ عَلَى الْحَوَامِلِ) كَذَا فِي النُّسَخِ الْحَوَامِلُ بِالْمِيمِ وَالصَّوَابُ الْحَوَائِلُ بِالْهَمْزِ كَمَا هُوَ عِبَارَةُ الْمِعْرَاجِ وَنَصُّهَا حَمَلَ أَهْلُ الْعِلْمِ آيَةَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ عَلَى الْحَوَائِلِ وَآيَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى عَلَى الْحَوَامِلِ وَالتَّخْصِيصُ أَوْلَى مِنْ دَعْوَى النَّسْخِ

<<  <  ج: ص:  >  >>