للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمِعْرَاجِ وَشَرْحِ النُّقَايَةِ الْمُرَاهِقَةُ كَالْبَالِغَةِ فِي الْمَنْعِ مِنْ الْخُرُوجِ وَكَالْكِتَابِيَّةِ فِي عَدَمِ وُجُوبِ الْإِحْدَادِ، وَأَمَّا الْكِتَابِيَّةُ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُخَاطَبَةٍ بِحَقِّ الشَّرْعِ إلَّا إنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ صِيَانَةً لِمَائِهِ، وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ زَوْجُ الْمَجْنُونَةِ وَأَبَتْ الْإِسْلَامَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ الْكِتَابِيَّةُ لَا تَخْرُجُ إلَّا بِإِذْنِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمَةِ فَإِنَّهَا لَا تَخْرُجُ لَا بِإِذْنِ الزَّوْجِ وَلَا بِعَدَمِ الْإِذْنِ اهـ.

وَبَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ فَرْقٌ لِلْمُتَأَمِّلِ وَقُيِّدَ بِمُعْتَدَّةِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ مُعْتَدَّةَ الْوَطْءِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهَا الْخُرُوجُ كَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ عِتْقٍ كَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا أَوْ مَاتَ عَنْهَا وَالْمُعْتَدَّةِ عَنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ وَطْءٍ بِشُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ الْمَنْعَ عَنْ الْخُرُوجِ قَبْلَ التَّفْرِيقِ فَكَذَا فِي عِدَّتِهِ إلَّا إنْ مَنَعَهَا الزَّوْجُ لِتَحْصِينِ مَائِهِ فَلَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَقَ بِهِ أُمُّ الْوَلَدِ إذَا أَعْتَقَهَا سَيِّدُهَا فَلَهُ مَنْعُهَا لِتَحْصِينِ مَائِهِ، فَإِنْ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ أَسْلَمَتْ الْكِتَابِيَّةُ حَرُمَ الْخُرُوجُ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ فِي الصَّغِيرَةِ إذَا بَلَغَتْ وَالْمَجْنُونَةِ إذَا أَفَاقَتْ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ وَسَائِرُ وُجُوهِ الْفَرْقِ الَّتِي تُوجِبُ الْعِدَّةَ مِنْ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ سَوَاءٌ يَعْنِي فِي حَقِّ حُرْمَةِ الْخُرُوجِ مِنْ بَيْتِهَا فِي الْعِدَّةِ فَهَذَا تَنْصِيصٌ عَلَى أَنَّ الْمَنْكُوحَةَ نِكَاحًا فَاسِدًا تَعْتَدُّ فِي بَيْتِ الزَّوْجِ وَحُكِيَ فَتْوَى شَمْسِ الْإِسْلَامِ الْأُوزْجَنْدِيِّ أَنَّهَا لَا تَعْتَدُّ فِي مَنْزِلِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهَا اهـ.

وَفِي الْمُجْتَبَى لَا تُمْنَعُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ مِنْ الْخُرُوجِ، وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إذَا قَبَّلَتْ ابْنَ زَوْجِهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَهَا السُّكْنَى، وَالنَّصْرَانِيُّ إذَا طَلَّقَ النَّصْرَانِيَّةَ فَلَهَا النَّفَقَةُ لَا السُّكْنَى وَشَمِلَ أَيْضًا الْمَنْزِلَ الْمَمْلُوكَ لِلزَّوْجِ وَغَيْرِهِ حَتَّى لَوْ كَانَ غَائِبًا وَهِيَ فِي دَارٍ بِأُجْرَةٍ قَادِرَةٌ عَلَى دَفْعِهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ بَلْ تَدْفَعُ وَتَرْجِعُ إنْ كَانَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ وَشَمِلَ خُرُوجَهَا إلَى صَحْنِ دَارٍ فِيهَا مَنَازِلُ لِغَيْرِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ الْمَنَازِلُ لَهُ وَشَمِلَ أَيْضًا الْمُخْتَلِعَةَ عَلَى نَفَقَةِ عِدَّتِهَا فَالصَّحِيحُ الْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهَا الْخُرُوجُ وَبِهِ أَفْتَى الصَّدْرُ الشَّهِيدُ كَمَا لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَكْتَرِيَ بَيْتَ الزَّوْجِ كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ، وَلَوْ زَارَتْ أَهْلَهَا وَالزَّوْجُ مَعَهَا أَوْ لَا فَطَلَّقَهَا كَانَ عَلَيْهَا أَنْ تَعُودَ إلَى مَنْزِلِهَا ذَلِكَ فَتَعْتَدَّ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ طَلُقَتْ فِي غَيْرِ مَسْكَنِهَا تَعُودُ إلَى مَسْكَنِهَا بِغَيْرِ تَأْخِيرٍ.

(قَوْلُهُ وَمُعْتَدَّةُ الْمَوْتِ تَخْرُجُ يَوْمًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ) لِتَكْتَسِبَ لِأَجْلِ قِيَامِ الْمَعِيشَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا حَتَّى لَوْ كَانَ عِنْدَهَا كِفَايَتُهَا صَارَتْ كَالْمُطَلَّقَةِ فَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ لِزِيَارَةٍ وَلَا لِغَيْرِهَا لَيْلًا وَلَا نَهَارًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَدَارَ الْحِلِّ كَوْنُ خُرُوجِهَا بِسَبَبِ قِيَامِ شُغْلِ الْمَعِيشَةِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهِ فَمَتَى انْقَضَتْ حَاجَتُهَا لَا يَحِلُّ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ صَرْفُ الزَّمَانِ خَارِجَ بَيْتِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَأَقُولُ: لَوْ صَحَّ هَذَا عَمَّمَ أَصْحَابُنَا الْحُكْمَ فَقَالُوا لَا تَخْرُجُ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ إلَّا لِضَرُورَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ تَخْرُجُ لِلضَّرُورَةِ بِحَسْبِهَا لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَالْمُعْتَدَّةُ عَنْ مَوْتٍ كَذَلِكَ فَأَيْنَ الْفَرْقُ؟ فَالظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِمْ جَوَازُ خُرُوجِ الْمُعْتَدَّةِ عَنْ وَفَاةٍ نَهَارًا، وَلَوْ كَانَتْ قَادِرَةً عَلَى النَّفَقَةِ وَلِهَذَا اسْتَدَلَّ أَصْحَابُنَا بِحَدِيثِ «فُرَيْعَةَ بِنْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ زَوْجَهَا لَمَّا قُتِلَ أَتَتْ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَأْذَنَتْهُ فِي الِانْتِقَالِ إلَى بَنِي خُدْرَةَ

ــ

[منحة الخالق]

ابْنُ عَبَّاسٍ الْفَاحِشَةُ نُشُوزُهَا وَأَنْ تَكُونَ بَذِيَّةَ اللِّسَانِ عَلَى أَحْمَائِهَا وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا أَسْلَمَ زَوْجُ الْمَجْنُونَةِ) كَذَا فِي عَامَّةِ النُّسَخِ وَفِي نُسْخَةٍ زَوْجُ الْمَجُوسِيَّةِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا) لِمَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُ السُّكْنَى وَإِنْ نُصَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الشَّرْعِ نَعَمْ إذَا أَبْرَأَتْهُ عَنْ مُؤْنَةِ السُّكْنَى يَصِحُّ كَمَا فِي الْفَتْحِ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْفَتْحِ هُنَا مَا نَصُّهُ كَمَا لَوْ اخْتَلَعَتْ عَلَى أَنْ لَا سُكْنَى لَهَا فَإِنَّ مُؤْنَةَ السُّكْنَى تَبْطُلُ عَنْ الزَّوْجِ وَيَلْزَمُهَا أَنْ تَكْتَرِيَ بَيْتَ الزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ وَأَقُولُ: لَوْ صَحَّ هَذَا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا إنَّمَا أُبِيحَ لَهَا الْخُرُوجُ لِضَرُورَةِ اكْتِسَابِ النَّفَقَةِ، فَإِذَا قَدَرَتْ عَلَيْهَا فَلَا ضَرُورَةَ تَلْحَقُهَا بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ فَإِنَّ نَفَقَتَهَا عَلَيْهِ وَبِهَذَا اتَّضَحَ الْفَرْقُ وَقَدْ رَجَعَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي آخِرِ كَلَامِهِ إلَى هَذَا اهـ.

قُلْت وَعِبَارَةُ الْمُجْتَبَى شَاهِدَةٌ بِذَلِكَ وَنَصُّهَا وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَخْرُجُ نَهَارًا وَبَعْضَ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا فَتَحْتَاجُ إلَى الْخُرُوجِ نَهَارًا لِطَلَبِ الْمَعَاشِ وَقَدْ يَهْجُمُ عَلَيْهَا اللَّيْلُ وَلَا كَذَلِكَ الْمُطَلَّقَةُ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ دَارَّةٌ عَلَيْهَا مِنْ مَالِ الزَّوْجِ اهـ.

وَهَكَذَا قَالَ فِي الْهِدَايَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْلُ الْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فِي الْكَافِي وَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا تَخْرُجُ بِالنَّهَارِ لِحَاجَتِهَا وَلَا تَبِيتُ بِغَيْرِ مَنْزِلِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا فَقَوْلُهُ لِحَاجَتِهَا أَوْضَحَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهَا حَاجَةُ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا نَفَقَةَ لَهَا بِخِلَافِ الْمُطَلَّقَةِ، وَأَمَّا الْحَاجَةُ لِغَيْرِهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِيهَا كَمَا إذَا أُخْرِجَتْ مِنْ الْمَنْزِلِ أَوْ انْهَدَمَ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا مَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْمُطَلَّقَةَ لَا يَجُوزُ التَّعْرِيضُ لَهَا بِالْخِطْبَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا يَجُوزُ لَهَا الْخُرُوجُ مِنْ مَنْزِلِهَا أَصْلًا فَلَا يُتَمَكَّنُ مِنْ التَّعْرِيضِ، وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ أَنَّ بِنَاءَ التَّعْرِيضِ عَلَى الْخُرُوجِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِنْتِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ) الَّذِي فِي الْفَتْحِ وَالْمِعْرَاجِ أُخْتُهُ لَا بِنْتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>