للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُنْظَرُ إنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي فَالْوَلَدُ لِلثَّانِي وَإِلَّا فَلَا اهـ.

وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ مَا فِي الْمُخْتَصَرِ شَامِلٌ لِمَا إذَا تَزَوَّجَتْ الْمَبْتُوتَةُ فِي الْعِدَّةِ أَوْ لَمْ تَتَزَوَّجْ وَلَمْ يُبَيِّنْ فِي الْخَانِيَّةِ فِيمَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ وَقْتِ طَلَاقِ الْأَوَّلِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ نِكَاحِ الثَّانِي، وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ لِلثَّانِي وَالنِّكَاحُ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ إقْدَامَهَا عَلَى التَّزَوُّجِ دَلِيلُ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَلِكَ إذَا أَتَتْ بِهِ لِلْأَكْثَرِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَلِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ النِّكَاحِ وَلَمْ يَثْبُتْ مِنْ الْأَوَّلِ وَلَا مِنْ الثَّانِي فَإِنَّ النِّكَاحَ صَحِيحٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ بِنَاءً عَلَى تَزَوُّجِ الْحَامِلِ مِنْ الزِّنَا هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً وَقْتَ النِّكَاحِ، فَإِنْ عَلِمَ وَقَعَ الثَّانِي فَاسِدًا، فَإِنْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ أَمْكَنَ إثْبَاتُهُ مِنْهُ بِأَنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مُنْذُ طَلَّقَهَا الْأَوَّلُ أَوْ مَاتَ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مُنْذُ تَزَوَّجَهَا الثَّانِي، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ وَلِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ التَّزَوُّجِ فَهُوَ لِلثَّانِي كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَهُ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ النَّفْيِ يَعْنِي إذَا جَاءَتْ بِهِ الْمَبْتُوتَةُ لِأَكْثَرَ وَادِّعَاءُ الزَّوْجِ يُثْبِتُ نَسَبَهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَلَهُ وَجْهٌ بِأَنْ وَطِئَهَا بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّبْيِينِ بِأَنَّ الْمَبْتُوتَةَ بِالثَّلَاثِ إذَا وَطِئَهَا الزَّوْجُ بِشُبْهَةٍ كَانَتْ شُبْهَةً فِي الْفِعْلِ وَفِيهَا لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِنْ ادَّعَاهُ نُصَّ عَلَيْهِ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ فَكَيْفَ أَثْبَتَ بِهِ النَّسَبَ هُنَا اهـ.

وَجَوَابُهُ تَسْلِيمُ أَنَّ شُبْهَةَ الْفِعْلِ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فِيهَا وَإِنْ ادَّعَاهُ إذَا كَانَتْ مُتَمَحِّضَةً وَإِلَّا فَلَا كَمَا فِي الْمُطَلَّقَةِ ثَلَاثًا أَوْ عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فِيهِمَا بِالدَّعْوَةِ؛ لِأَنَّ الشُّبْهَةَ فِيهِمَا لَمْ تَتَمَحَّضْ لِلْفِعْلِ بَلْ هِيَ شُبْهَةُ عَقْدٍ أَيْضًا فَلَا يَكُونُ بَيْنَ النَّصَّيْنِ تَنَاقُضٌ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ حَمْلِ بَعْضِهِمْ الْمَذْكُورَ هُنَا عَلَى الْمُبَانَةِ بِالْكِنَايَاتِ فَإِنَّ الشُّبْهَةَ فِيهَا شُبْهَةُ الْمَحَلِّ، وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا أَوْ عَلَى مَالٍ فَلَا يَثْبُتُ فِيهَا النَّسَبُ بِالدَّعْوَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ هُنَا أَعَمُّ مِنْ الْمَبْتُوتَةِ بِالْكِنَايَاتِ أَوْ بِالثَّلَاثِ أَوْ عَلَى مَالٍ وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْمَلَكِ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ أَنَّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً أَجْنَبِيَّةً زُفَّتْ إلَيْهِ وَقِيلَ لَهُ إنَّهَا امْرَأَتُك فَهِيَ شُبْهَةٌ فِي الْفِعْلِ وَأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ إذَا ادَّعَاهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ شُبْهَةٍ فِي الْفِعْلِ تَمْنَعُ دَعْوَى النَّسَبِ وَأَطْلَقَ فِي الْمُخْتَصَرِ فَأَفَادَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ الْمَرْأَةِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ؛ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ مِنْهُ وَقَدْ ادَّعَاهُ وَلَا مُعَارِضَ وَلِذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ السَّرَخْسِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فَدَلَّ عَلَى ضَعْفِ رِوَايَةِ الِاشْتِرَاطِ وَغَرَابَتِهَا كَغَرَابَةِ مَا نَقَلَهُ فِي الْمُجْتَبَى أَنَّ تَوَقُّفَ ثُبُوتِ النَّسَبِ فِيمَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِلْأَكْثَرِ عَلَى الدَّعْوَى إنَّمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ، وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَثْبُتُ النَّسَبُ بِلَا دَعْوَةٍ لِاحْتِمَالِ الْوَطْءِ بِشُبْهَةٍ فِي الْعِدَّةِ اهـ.

وَفِي الْبَدَائِعِ وَكُلُّ جَوَابٍ عَرَفْته فِي الْمُعْتَدَّةِ عَنْ طَلَاقٍ فَهُوَ الْجَوَابُ فِي الْمُعْتَدَّةِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ مِنْ أَسْبَابِ الْفُرْقَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالْمُرَاهِقَةِ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَإِلَّا لَا) أَيْ: وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمُطَلَّقَةِ الْمُرَاهِقَةِ إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَقَدْ كَانَ دَخَلَ بِهَا وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَلَمْ تَدَّعِ حَبَلًا وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لَا يَثْبُتُ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ سَوَاءٌ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا كَمَا أَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَثْبُتُ النَّسَبُ إلَى سَنَتَيْنِ فِي الطَّلَاقِ الْبَائِنِ كَالْكَبِيرَةِ وَإِلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ وَاطِئًا فِي آخِرِ الْعِدَّةِ وَهِيَ الثَّلَاثَةُ الْأَشْهُرِ ثُمَّ تَأْتِي بِهِ لِأَكْثَرِ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ سَنَتَانِ وَلَهُمَا أَنَّ لِانْقِضَاءِ عِدَّةِ الصَّغِيرَةِ جِهَةً مُتَعَيِّنَةً وَهِيَ الْأَشْهُرُ فَبِمُضِيِّهَا يَحْكُمُ الشَّرْعُ بِالِانْقِضَاءِ وَهُوَ فِي الدَّلَالَةِ فَوْقَ إقْرَارِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الْخِلَافَ وَالْإِقْرَارُ يَحْتَمِلُهُ، فَإِذَا وَلَدَتْ قَبْلَ مُضِيِّ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْحَمْلَ كَانَ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِتِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ فَهُوَ حَمْلٌ حَادِثٌ بَعْدَ انْقِضَاءِ

ــ

[منحة الخالق]

وَحَقُّهَا بِدَلِيلِ عَدَمِ جَوَازِ تَزَوُّجِهَا.

(قَوْلُهُ وَجَوَابُهُ تَسْلِيمُ أَنَّ شُبْهَةَ الْفِعْلِ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ بَعْدَ ذِكْرِهِ هَذَا الْجَوَابَ وَاَلَّذِي فِي الْفَتْحِ أَنَّ الْمَذْكُورَ هُنَاكَ إذَا لَمْ يَدَّعِ شُبْهَةً، وَالْمَذْكُورُ هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى كَوْنِهِ وَطْئًا بِشُبْهَةٍ وَالْأَجْنَبِيَّةُ يَثْبُتُ النَّسَبُ بِوَطْئِهَا بِشُبْهَةٍ فَكَيْفَ بِالْمُعْتَدَّةِ فَيَجِبُ الْجَمْعُ مَثَلًا بِأَنْ يُقَالَ يَنْبَغِي أَنْ يُصَرِّحَ بِدَعْوَى الشُّبْهَةِ الْمَقْبُولَةِ غَيْرَ مُجَرَّدِ شُبْهَةِ الْفِعْلِ ثُمَّ قَالَ وَالْوَجْهُ أَنْ لَا يُشْتَرَطَ غَيْرُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْكِتَابِ سِوَاهُ ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى مُجَرَّدِ الشُّبْهَةِ الَّتِي هِيَ مُجَرَّدُ ظَنِّ الْحِلِّ.

(قَوْلُهُ كَغَرَابَةِ مَا نَقَلَهُ فِي الْمُجْتَبَى إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِتَمَامِ السَّنَتَيْنِ لِلُزُومِ أَنْ يَكُونَ الْعُلُوقُ سَابِقًا عَلَى الطَّلَاقِ فَيَلْزَمَ أَنْ يَكُونَ مُكْثُ الْوَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ فَكَيْفَ يَثْبُتُ عِنْدَهُمَا بِلَا دَعْوَةٍ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِلْأَكْثَرِ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ بِالْغَرَابَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ فُهِمَ مِنْ الْأَكْثَرِ أَكْثَرُ مِنْ السَّنَتَيْنِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَهِيَ السَّنَتَانِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ اخْتِلَافُ عِبَارَاتِهِمْ مَبْنِيًّا عَلَى اخْتِلَافِ أَبِي يُوسُفَ مَعَ صَاحِبَيْهِ وَيَرْتَفِعُ التَّنَاقُضُ فَتَأَمَّلْ اهـ.

وَيُؤَيِّدُهُ مَا مَرَّ عَنْ النَّهْرِ مِنْ أَنَّ الْحَقَّ حَمْلُهُ عَلَى اخْتِلَافِ الرِّوَايَتَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>