عِدَّتِهَا بِالْأَشْهُرِ وَقَدْ وَقَعَ فِي الْبَدَائِعِ هَذَا غَلَطٌ فَاجْتَنِبْهُ فَإِنَّهُ قَالَ: إذَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا، فَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ لِأَكْثَرَ لَا يَثْبُتُ وَصَوَابُهُ إبْدَالُ السِّتَّةِ بِالتِّسْعَةِ كَمَا فِي الْمُخْتَصَرِ أَوْ إبْدَالُ قَوْلِهِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ بِقَوْلِهِ مِنْ وَقْتِ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ وَالْعِبَارَتَانِ سَوَاءٌ قَيَّدَ الْمُصَنِّفِ بِكَوْنِهَا مُطَلَّقَةً؛ لِأَنَّهَا لَوْ مَاتَ عَنْهَا زَوْجُهَا وَلَمْ تُقِرَّ بِالْحَبَلِ وَلَا بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَعِنْدَهُمَا إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرَةِ أَيَّامٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا قَبْلَ مُضِيِّ عِدَّةِ الْوَفَاةِ وَإِلَّا لَمْ يَثْبُتْ؛ لِأَنَّهُ حَادِثٌ بَعْدَ مُضِيِّهَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَثْبُتُ إلَى سَنَتَيْنِ كَالْكَبِيرَةِ.
وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ، وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهِ دَخَلَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ، فَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْهَا لَا يَثْبُتُ لِحُصُولِ الْعُلُوقِ وَهِيَ أَجْنَبِيَّةٌ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَائِهَا؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِهِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَمْ تَدَّعِ حَبَلًا ثُمَّ جَاءَتْ بِوَلَدٍ، فَإِنْ كَانَ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ يَثْبُتُ النَّسَبُ وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَمَجِيءِ الْوَلَدِ لِمُدَّةِ حَبَلٍ تَامٍّ بَعْدَهُ وَقَيَّدْنَا بِكَوْنِهَا لَمْ تَدَّعِ حَبَلًا؛ لِأَنَّهَا لَوْ أَقَرَّتْ بِالْحَبَلِ فَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهَا بِالْبُلُوغِ فَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فَصَارَتْ كَالْكَبِيرَةِ فِي حَقِّ ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا يَقْتَصِرُ انْقِضَاءُ عِدَّتِهَا عَلَى أَقَلَّ مِنْ تِسْعَةٍ، فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا يَثْبُتُ نَسَبُهُ إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ شَهْرًا كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ لَا مُطْلَقًا فَإِنَّ الْكَبِيرَةَ يَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا فِي الطَّلَاقِ الرَّجْعِيِّ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ وَإِنْ طَالَ إلَى سِنِّ الْإِيَاسِ لِجَوَازِ امْتِدَادِ طُهْرِهَا وَوَطْئِهِ إيَّاهَا فِي آخِرِ الطُّهْرِ وَتَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْمُرَاهَقَةِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِ كَثِيرٍ بِالصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَاهِقَةَ هِيَ الَّتِي تَلِدُ لَا مَا دُونَهَا وَمِنْ تَعْبِيرِ الْهِدَايَةِ بِالصَّغِيرَةِ الَّتِي يُجَامَعُ مِثْلُهَا كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ وَالْمَوْتِ لِأَقَلَّ مِنْهُمَا) مَعْطُوفٌ عَلَى الرَّجْعِيِّ أَيْ: وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ مُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ وَقَالَ زُفَرُ إذَا جَاءَتْ بِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّةِ الْوَفَاةِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ حَكَمَ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بِالشُّهُورِ لِتَعَيُّنِ الْجِهَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا أَقَرَّتْ بِالِانْقِضَاءِ كَمَا بَيَّنَّا فِي الصَّغِيرَةِ إلَّا أَنَّا نَقُولُ لِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا جِهَةٌ أُخْرَى وَهُوَ وَضْعُ الْحَمْلِ بِخِلَافِ الصَّغِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهَا عَدَمُ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَحَلٍّ لَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَفِيهِ شَكٌّ أُطْلِقَ فِي مُعْتَدَّةِ الْمَوْتِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِالْكَبِيرَةِ، وَأَمَّا الصَّغِيرَةُ فَقَدَّمْنَا حُكْمَهَا وَمُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا وَأَمَّا إذَا أَقَرَّتْ فَهِيَ دَاخِلَةٌ فِي عُمُومِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ عَقِيبَ هَذِهِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْمَدْخُولَ بِهَا وَغَيْرَهَا كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ أَوْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنْ تَكُونَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ. قَالَ: وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مِنْ ذَوَاتِ الْأَشْهُرِ، فَإِنْ كَانَتْ آيِسَةً أَوْ صَغِيرَةً فَحُكْمُهَا فِي الْوَفَاةِ مَا هُوَ حُكْمُهَا فِي الطَّلَاقِ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ اهـ.
وَقُيِّدَ بِالْأَقَلِّ؛ لِأَنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِالسَّنَتَيْنِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالْأَكْثَرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي نَظِيرِهِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُقِرَّةِ بِمُضِيِّهَا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ الْإِقْرَارِ وَإِلَّا لَا) أَيْ: وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِ الْمُعْتَدَّةِ الْمُقِرَّةِ بِمُضِيِّهَا إذَا جَاءَتْ بِالْوَلَدِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ وَقْتِ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ لَكِنْ قَيَّدَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنْ تَكُونَ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ هَذَا لَمْ أَجِدْهُ فِي الْبَدَائِعِ أَقُولُ: كَأَنَّهُ سَاقِطٌ مِنْ نُسْخَتِهِ فَقَدْ وَجَدْته فِي النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدِي أَيْضًا. (قَوْلُهُ فَحُكْمُهَا فِي الْوَفَاةِ مَا هُوَ حُكْمُهَا فِي الطَّلَاقِ) وَهُوَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ آيِسَةً وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَحُكْمُهَا حُكْمُ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ إلَى سَنَتَيْنِ مِنْ وَقْتِ الطَّلَاقِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً فَإِمَّا أَنْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ أَوْ لَا تُقِرُّ، فَإِنْ لَمْ تُقِرَّ فَإِمَّا أَنْ تَسْكُتَ أَوْ تُقِرَّ بِالْحَبَلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ آنِفًا وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَدَّعِ الِانْقِضَاءَ وَلَا الْحَبَلَ أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ هُنَا إلَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ كَمَا فِي الطَّلَاقِ.
وَيُخَالِفُهُ مَا قَدَّمَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ قَيَّدَ الْمُصَنِّفُ بِكَوْنِهَا مُطَلَّقَةً إلَخْ، وَكَذَا قَالَ الشَّارِحُ الزَّيْلَعِيُّ الصَّغِيرَةُ إذَا تُوُفِّيَ عَنْهَا زَوْجُهَا، فَإِنْ أَقَرَّتْ بِالْحَبَلِ فَهِيَ كَالْكَبِيرَةِ يَثْبُتُ نَسَبُهُ إلَى سَنَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي ذَلِكَ وَإِنْ أَقَرَّتْ بِانْقِضَاءِ عِدَّتِهَا بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرٍ ثُمَّ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ حَبَلًا وَلَمْ تُقِرَّ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَعِنْدَهُمَا إنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ عَشْرَةِ أَشْهُرٍ وَعَشَرَةِ أَيَّامٍ يَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يَثْبُتُ إلَى سَنَتَيْنِ ثُمَّ ذُكِرَ بَعْدَهُ حُكْمُ الْآيِسَةِ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً عَنْ وَفَاةٍ فَهِيَ وَاَلَّتِي مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ عِدَّةَ الْوَفَاةِ تَكُونُ بِالْأَشْهُرِ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا لَمْ تَكُنْ حَامِلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute