للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ وَأُمُّ الْأُمِّ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ مُسْلِمَةً كَانَتْ أَوْ كِتَابِيَّةً أَوْ مَجُوسِيَّةً، وَكَذَا كُلُّ كَافِرَةٍ مِنْ نِسَاءِ الْقَرَابَةِ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْأُمِّ اهـ. .

(قَوْلُهُ وَلَا خِيَارَ لِلْوَلَدِ عِنْدَنَا ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَهُمَا الْخِيَارُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَيَّرَ وَلَنَا أَنَّهُ لِقُصُورِ عَقْلِهِ يَخْتَارُ مَنْ عِنْدَهُ الدَّعَةُ وَالرَّاحَةُ لِتَخْلِيَتِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّعِبِ فَلَا يَتَحَقَّقُ النَّظَرُ وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - لَمْ يُخَيِّرُوا، وَأَمَّا الْحَدِيثُ قُلْنَا قَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اللَّهُمَّ اهْدِهِ فَوُفِّقَ لِاخْتِيَارِ الْأَنْظَرِ بِدُعَائِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ بَالِغًا وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ تَخْيِيرِهِ عِنْدَنَا أَنَّهُ إذَا بَلَغَ السِّنَّ الَّذِي يُنْزَعُ مِنْ الْأُمِّ يَأْخُذُهُ الْأَبُ وَلَا خِيَارَ لِلصَّغِيرِ، وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمَعْتُوهُ لَا يُخَيَّرُ وَيَكُونُ عِنْدَ الْأُمِّ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِتَخْيِيرِ الْوَلَدِ، وَأَمَّا عِنْدَنَا وَالْمَعْتُوهُ إذَا بَلَغَ السِّنَّ الْمَذْكُورَ يَكُونُ عِنْدَ الْأَبِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - حُكْمَ الْوَلَدِ إذَا بَلَغَ هَلْ يَنْفَرِدُ بِالسُّكْنَى أَوْ يَسْتَمِرُّ عِنْدَ الْأَبِ؟

وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ فَإِذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ مَبْلَغَ النِّسَاءِ، فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا كَانَ لِلْأَبِ أَنْ يَضُمَّهَا إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً عَلَى نَفْسِهَا وَالْغُلَامُ إذَا عَقَلَ وَاجْتَمَعَ رَأْيُهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الْأَبِ لَيْسَ لِلْأَبِ أَنْ يَضُمَّهُ إلَى نَفْسِهِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُونًا عَلَى نَفْسِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَضُمَّهُ إلَى نَفْسِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ إلَّا أَنْ يَتَبَرَّعَ، وَمَتَى كَانَتْ الْجَارِيَةُ بِكْرًا يَضُمُّهَا إلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَخَافُ عَلَيْهَا الْفَسَادَ إذَا كَانَتْ حَدِيثَةَ السِّنِّ أَمَّا إذَا دَخَلَتْ فِي السِّنِّ وَاجْتَمَعَ لَهَا رَأْيٌ وَعَقَلَتْ فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ حَقُّ الضَّمِّ وَلَهَا أَنْ تَنْزِلَ حَيْثُ أَحَبَّتْ حَيْثُ لَا يُتَخَوَّفُ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا مَخُوفًا عَلَيْهَا وَلَيْسَ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدُّ وَلَكِنْ لَهَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الضَّمِّ إلَى نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ وَالْجَدِّ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْأَبَ وَالْجَدَّ كَانَ لَهُمَا وِلَايَةُ الضَّمِّ فِي الِابْتِدَاءِ فَجَازَ أَنْ يُعِيدَاهَا إلَى حِجْرِهِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ مَأْمُونَةً أَمَّا غَيْرُ الْأَبِ وَالْجَدِّ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الضَّمِّ فِي الِابْتِدَاءِ فَلَا يَكُونُ لَهُ وِلَايَةُ الْإِعَادَةِ أَيْضًا اهـ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا عَصَبَةٌ أَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ مُفْسِدٌ فَلِلْقَاضِي أَنْ يَنْظُرَ فِي حَالِهَا، فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً خَلَّاهَا تَنْفَرِدُ بِالسُّكْنَى سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا وَإِلَّا وَضَعَهَا عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ ثِقَةٍ تَقْدِرُ عَلَى الْحِفْظِ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ نَاظِرًا لِلْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَذَكَرَ الْإِسْبِيجَابِيُّ أَنَّ لِلْأَبِ أَنْ يُؤَدِّبَ وَلَدَهُ الْبَالِغَ إذَا وَقَعَ مِنْهُ شَيْءٌ، وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الِابْنُ إذَا بَلَغَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَبَوَيْنِ، فَإِنْ كَانَ فَاسِقًا يُخْشَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَالْأَبُ أَوْلَى مِنْ الْأُمِّ، وَفِي الْخُلَاصَةِ امْرَأَةٌ خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِهَا وَتَرَكَتْ صَبِيًّا لَهَا فِي الْمَهْدِ فَسَقَطَ الْمَهْدُ وَمَاتَ الصَّغِيرُ لَا شَيْءَ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُضَيِّعْ فَلَا تَضْمَنُ كَمَا لَوْ خَرَجَتْ مِنْ مَنْزِلِهَا فَجَاءَ طَرَّارٌ فَطَرَّ فِي الْبَيْتِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا.

(قَوْلُهُ وَلَا تُسَافِرُ مُطَلَّقَةٌ بِوَلَدِهَا إلَّا إلَى وَطَنِهَا وَقَدْ نَكَحَهَا ثُمَّ) ؛ لِأَنَّ فِي السَّفَرِ بِهِ إضْرَارًا بِأَبِيهِ، فَإِذَا خَرَجَتْ بِهِ إلَى وَطَنِهَا وَقَدْ كَانَ تَزَوَّجَهَا الزَّوْجُ فِيهِ فَلَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْمَقَامَ فِيهِ عُرْفًا وَشَرْعًا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «مَنْ تَأَهَّلَ بِبَلْدَةٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» وَلِهَذَا يَصِيرُ الْحَرْبِيُّ بِهِ ذِمِّيًّا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَدَفَعَهُ فِي الْكَافِي بِأَنَّ الْمُصَرَّحَ بِهِ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَا يَصِيرُ بِتَأَهُّلِهِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ ذِمِّيًّا لِإِمْكَانِ أَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ يَعُودَ إلَى دَارِ الْحَرْبِ وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْحَرْبِيَّةِ إذَا تَزَوَّجَتْ فَإِنَّهَا تَصِيرُ ذِمِّيَّةً وَمَا فِي التَّبْيِينِ مِنْ إبْدَالِ الْحَرْبِيِّ بِالْحَرْبِيَّةِ لَا يُنَاسِبُ الْمَقَامَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرَّجُلِ.

وَشَرَطَ الْمُصَنِّفُ لِجَوَازِ سَفَرِهَا بِهِ أَمْرَيْنِ وَاتَّفَقُوا أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا السَّفَرُ بِهِ إلَى مِصْرٍ لَمْ يَتَزَوَّجْهَا فِيهِ وَاخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا أَرَادَتْ الْخُرُوجَ إلَى مِصْرٍ غَيْرِ وَطَنِهَا وَقَدْ كَانَ التَّزَوُّجُ فِيهِ أَشَارَ فِي الْكِتَابِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ، وَهَذَا رِوَايَةُ كِتَابِ الطَّلَاقِ وَذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مَتَى وُجِدَ فِي مَكَان يُوجِبُ أَحْكَامَهُ فِيهِ كَمَا يُوجِبُ الْبَيْعُ التَّسْلِيمَ فِي مَكَانِهِ، وَمِنْ جُمْلَةِ ذَلِكَ حَقُّ إمْسَاكِ الْأَوْلَادِ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ التَّزَوُّجَ فِي دَارِ الْغُرْبَةِ لَيْسَ الْتِزَامًا لِلْمُكْثِ فِيهِ عُرْفًا وَهَذَا أَصَحُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، وَفِي شَرْحِ النُّقَايَةِ وَإِنَّمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ تُسَافِرُ دُونَ أَنْ تَخْرُجَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ تَقَارُبٌ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ الْأَبُ مِنْ مُطَالَعَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا مَخُوفًا عَلَيْهَا إلَخْ) عِبَارَةُ التَّنْوِيرِ وَشَرْحِهِ الدُّرُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَكِنْ لَهَا أَخٌ أَوْ عَمٌّ فَلَهُ ضَمُّهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُفْسِدًا وَإِنْ كَانَ مُفْسِدًا لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ عَصَبَةٍ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَبٌ وَلَا جَدٌّ وَلَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعَصَبَاتِ أَوْ كَانَ لَهَا عَصَبَةٌ مُفْسِدٌ فَالنَّظَرُ فِيهَا إلَى الْحَاكِمِ، فَإِنْ كَانَتْ مَأْمُونَةً خَلَّاهَا تَنْفَرِدُ بِالسُّكْنَى وَإِلَّا وَضَعَهَا عِنْدَ امْرَأَةٍ أَمِينَةٍ قَادِرَةٍ عَلَى الْحِفْظِ بِلَا فَرْقٍ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بِكْرٍ وَثَيِّبٍ؛ لِأَنَّهُ جُعِلَ نَاظِرًا لِلْمُسْلِمِينَ ذَكَرَهُ الْعَيْنِيُّ وَغَيْرُهُ انْتَهَتْ قَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الشَّارِحِ الزَّيْلَعِيِّ قَالَ الشَّلَبِيُّ وَيَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الزَّمَنِ وَاَللَّهُ تَعَالَى الْمُوَفِّقُ

<<  <  ج: ص:  >  >>