للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَدِهِ وَالرُّجُوعِ إلَيْهِ فِي نَهَارِهِ جَازَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ وَطَنًا لَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهِ أَوْ لَمْ يَقَعْ؛ لِأَنَّ الِانْتِقَالَ إلَى قَرِيبٍ بِمَنْزِلَةِ الِانْتِقَالِ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى مَحَلَّةٍ فِي بَلْدَةٍ وَاحِدَةٍ اهـ.

وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ صِحَّةِ التَّعْبِيرِ بِالسَّفَرِ أَوْ بِالْخُرُوجِ عَلَى الْإِطْلَاقِ؛ لِأَنَّ السَّفَرَ إنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ الشَّرْعِيَّ لَمْ يَصِحَّ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْعِهَا عَنْ الْخُرُوجِ بِهِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْوَطَنَيْنِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ السَّفَرَ اللُّغَوِيَّ لَمْ يَصِحَّ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ بَيْنَ الْمَكَانَيْنِ تَقَارُبٌ لَا تُمْنَعُ مُطْلَقًا فَهُوَ كَالِانْتِقَالِ مِنْ مَحَلَّةٍ إلَى أُخْرَى، وَكَذَا التَّعْبِيرُ بِمُطْلَقِ الْخُرُوجِ لَا يَصِحُّ وَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ بِالْوَلَدِ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ كَمَا ذَكَرْنَاهُ إلَّا إذَا انْتَقَلَتْ مِنْ الْقَرْيَةِ إلَى الْمِصْرِ فَإِنَّ لَهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا لِلصَّغِيرِ حَيْثُ يَتَخَلَّقُ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ الْمِصْرِ وَلَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ بِالْأَبِ وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ، وَفِي عَكْسِهِ ضَرَرٌ بِالصَّغِيرِ لِتَخَلُّقِهِ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ السَّوَادِ فَلَيْسَ لَهَا ذَلِكَ مُطْلَقًا.

وَيُسْتَثْنَى مِنْ جَوَازِ نَقْلِهِ إذَا وُجِدَ الْأَمْرَانِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْقُلَهُ إلَيْهَا إذَا كَانَ وَطِئَهَا وَنَكَحَهَا فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالْوَلَدِ وَالْوَالِدِ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَالِدُ وَالْوَالِدَةُ حَرْبِيَّيْنِ لَهَا ذَلِكَ وَقُيِّدَ بِالْمُطَلَّقَةِ؛ لِأَنَّ الْمَنْكُوحَةَ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ بِهِ مِنْ بَلَدٍ إلَى آخَرَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ حَقَّ السُّكْنَى لِلزَّوْجِ بَعْدَ إيفَاءِ الْمُعَجَّلِ خُصُوصًا بَعْدَمَا خَرَجَتْ مَعَهُ وَأَرَادَ بِالْمُطَلَّقَةِ الْمُبَانَةَ بَعْدَ انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْمُطَلَّقَةَ رَجْعِيًّا حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَنْكُوحَةِ، وَمُعْتَدَّةُ الْبَائِنِ لَيْسَ لَهَا الْخُرُوجُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ مُطْلَقًا وَقُيِّدَ بِالْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأُمَّ لَوْ مَاتَتْ وَصَارَتْ الْحَضَانَةُ لِلْجَدَّةِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَنْتَقِلَ إلَى مِصْرِهَا بِالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَقْدٌ، وَكَذَا أُمُّ الْوَلَدِ إذَا أُعْتِقَتْ لَا تُخْرِجُ الْوَلَدَ مِنْ الْمِصْرِ الَّذِي فِيهِ الْغُلَامُ؛ لِأَنَّهُ لَا عَقْدَ بَيْنَ الْأَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَغَيْرُ الْجَدَّةِ كَالْجَدَّةِ بِالْأَوْلَى وَأُطْلِقَ فِي الْوَطَنِ فَشَمِلَ الْقَرْيَةَ فَلَهَا أَنْ تَنْقُلَهُ مِنْ مِصْرٍ إلَى قَرْيَةٍ وَقَعَ الْعَقْدُ بِهَا وَهِيَ قَرْيَتُهَا كَمَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ فَمَا فِي شَرْحِ الْبَقَّالِيِّ مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ ضَعِيفٌ وَقُيِّدَ بِالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ الْوَلَدِ مِنْ بَلَدِ أُمِّهِ حَيْثُ كَانَ لَهَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ.

وَفِي الْمُنْتَقَى ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِالْبَصْرَةِ فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدًا ثُمَّ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَخْرَجَ وَلَدَهُ الصَّغِيرَ إلَى الْكُوفَةِ وَطَلَّقَهَا وَخَاصَمَتْهُ فِي وَلَدِهَا وَأَرَادَتْ رَدَّهُ عَلَيْهَا قَالَ إنْ كَانَ الزَّوْجُ أَخْرَجَهُ إلَيْهَا بِأَمْرِهَا فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُ وَيُقَالَ لَهَا اذْهَبِي إلَيْهِ وَخُذِيهِ قَالَ وَإِنْ كَانَ إخْرَاجُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَجِيءَ بِهِ إلَيْهَا ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي رَجُلٍ خَرَجَ مَعَ الْمَرْأَةِ وَوَلَدِهَا مِنْ الْبَصْرَةِ إلَى الْكُوفَةِ ثُمَّ رَدَّ الْمَرْأَةَ إلَى الْبَصْرَةِ ثُمَّ طَلَّقَهَا فَعَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ وَلَدَهَا فَيُؤْخَذَ بِذَلِكَ لَهَا اهـ.

وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ رُسْتَاقٍ لَهَا قُرَى قَرِيبَةٌ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ فَأَرَادَتْ أَنْ تَخْرُجَ بِوَلَدِهَا مِنْ قَرْيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ لَهَا ذَلِكَ مَا لَمْ تَقْطَعْهُ مِنْ أَبِيهِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُبْصِرَ وَلَدَهُ كُلَّ يَوْمٍ، وَكَذَا الْأَبُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْمِصْرِ إلَى الْقُرَى بِغَيْرِ رِضَا أُمِّهِ إذَا كَانَ صَغِيرًا اهـ.

وَفِي الْمَجْمَعِ وَلَا يَخْرُجُ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ عَدَمُ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّفَرِ هُنَا اللُّغَوِيُّ الَّذِي هُوَ قَطْعُ الْمَسَافَةِ لَا الشَّرْعِيُّ؛ إذْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقْصِدَ مَسِيرَةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ غَيْرَ أَنَّهَا لَوْ قَرُبَتْ بِحَيْثُ يَتَمَكَّنُ مِنْ مُطَالَعَةِ وَلَدِهِ وَيَرْجِعُ إلَى وَطَنِهِ فِي يَوْمِهِ جَازَ لَهَا النَّقْلُ.

(قَوْلُهُ وَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ إلَى قَوْلِهِ وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَوْلُهُ إلَّا إذَا انْتَقَلَتْ إلَخْ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ قَاطِبَةً وَفِيهِ إضْرَارٌ بِالْأَبِ فَيُمْنَعُ عَنْهُ وَلَمْ نَرَ هَذَا لِغَيْرِهِ بَلْ كَلَامُهُمْ مُصَرَّحٌ بِخِلَافِهِ اهـ.

قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ بِالْقَرْيَةِ الْقَرِيبَةِ مِنْ الْمِصْرِ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ وَلَيْسَ فِيهِ ضَرَرٌ بِالْأَبِ نَعَمْ يَبْقَى الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ فِي تَرْكِهِ الْأَمْرَيْنِ اللَّذَيْنِ شَرَطَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي الْمَتْنِ فَالْعِبَارَةُ الصَّحِيحَةُ لَهَا الْخُرُوجُ بِالْوَلَدِ مِنْ بَلَدِهِ إلَى بَلْدَةٍ هِيَ وَطَنُهَا وَقَدْ نَكَحَهَا فِيهَا وَمِنْ قَرْيَةٍ إلَى مِصْرٍ قَرِيبَةٍ مُطْلَقًا وَإِلَّا فَلَا كَإِخْرَاجِهِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ إلَّا إذَا كَانَا حَرْبِيَّيْنِ.

(قَوْلُهُ وَقُيِّدَ بِالْمُطَلَّقَةِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا كَالْمُطَلَّقَةِ فِي ذَلِكَ فَلَا تَمْلِكُ ذَلِكَ بِلَا إذْنِ الْأَوْلِيَاءِ لِقِيَامِهِمْ مَقَامَ الْأَبِ وَمَا فِيهِ إضْرَارٌ بِالْوَلَدِ ظَاهِرُ الْمَنْعِ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا الْأَبُ إذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُ إلَى مِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ: إذَا أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ قَرْيَةٍ إلَى قَرْيَةٍ لَهُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْطَعْهُ مِنْ أُمِّهِ إذَا أَرَادَتْ أَنْ تُبْصِرَهُ كُلَّ يَوْمٍ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْمِصْرِ إلَى الْقُرَى إلَخْ أَيْ: لِتَضَرُّرِهِ بِتَخَلُّقِهِ بِأَخْلَاقِ أَهْلِ الْقُرَى نَظِيرُ مَا مَرَّ فِيمَا لَوْ أَرَادَتْ إخْرَاجَهُ إلَيْهَا بِدُونِ إذْنِ أَبِيهِ، وَفِي النَّهْرِ قُيِّدَ بِالْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لَيْسَ لَهُ إخْرَاجُ الْوَلَدِ مِنْ بَلَدِ أُمِّهِ مَا بَقِيَ حَقُّ الْحَضَانَةِ لَهَا وَقَيَّدَهُ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِغَيْرِ الْقَرِيبِ أَمَّا الْمَكَانُ الْقَرِيبُ الَّذِي لَا يَقْطَعُهُ عَنْهَا إذَا أَرَادَتْ أَنْ تَنْظُرَ وَلَدَهَا كُلَّ يَوْمٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَمَا فِي جَانِبِهَا وَهُوَ حَسَنٌ اهـ.

وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا فِي الْحَاوِي لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ فِيمَا إذَا كَانَ حَقُّ الْحَضَانَةِ لَهَا وَإِذَا كَانَ حَقُّ الْحَضَانَةِ لَهَا لَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ مِنْهَا وَهُوَ فِي بَلَدِهَا فَكَيْفَ إذَا أَرَادَ إخْرَاجَهُ فَإِنَّ فِي ذَلِكَ إبْطَالَ حَقِّهَا فِيهَا كَمَا لَا يَخْفَى

<<  <  ج: ص:  >  >>