للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحْتَاجٌ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا نَفَقَةُ مِثْلِهَا، وَإِذَا صَالَحَهَا عَلَى دَانِقٍ كُلَّ شَهْرٍ جَازَ وَلَهَا أَنْ تَنْقُضَ إنْ لَمْ يَكْفِهَا اهـ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ، وَإِذَا صَالَحَتْ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا مِنْ نَفَقَتِهَا عَلَى ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَكَانَ ذَلِكَ تَقْدِيرًا لِنَفَقَتِهَا وَالْأَصْلُ أَنَّ الصُّلْحَ بَيْنَهُمَا مَتَى حَصَلَ بِشَيْءٍ يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَهُ فِي نَفَقَتِهَا بِحَالٍ فَالصُّلْحُ بَيْنَهُمَا تَقْدِيرٌ لِلنَّفَقَةِ وَلَا تُعْتَبَرُ مُعَاوَضَةً سَوَاءٌ كَانَ هَذَا الصُّلْحُ قَبْلَ فَرْضِ الْقَاضِي أَوْ التَّرَاضِي عَلَى شَيْءٍ أَوْ كَانَ بَعْدَ أَحَدِهِمَا، وَإِذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى شَيْءٍ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَهُ عَلَى الزَّوْجِ فِي نَفَقَتِهَا بِحَالٍ كَالثَّوْبِ وَالْعَبْدِ يَنْظُرُ إنْ كَانَ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ قَضَاءِ الْقَاضِي لَهَا بِالنَّفَقَةِ وَقَبْلَ تَرَاضِيهِمَا عَلَى شَيْءٍ لِكُلِّ شَهْرٍ يُعْتَبَرُ الصُّلْحُ مِنْهُمَا تَقْدِيرًا وَبَعْدَ أَحَدِهِمَا يُعْتَبَرُ مُعَاوَضَةً، وَفَائِدَةُ اعْتِبَارِ التَّقْدِيرِ أَنْ تَجُوزَ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَالنُّقْصَانُ عَنْهُ وَفَائِدَةُ اعْتِبَارِ الْمُعَاوَضَةِ أَنْ لَا تَجُوزَ الزِّيَادَةُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا النُّقْصَانُ، وَإِذَا صَالَحَهَا عَلَى دَرَاهِمَ كُلَّ شَهْرٍ، ثُمَّ قَالَتْ لَا تَكْفِينِي زِيدَتْ، وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لَا أُطِيقُهُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ الْتَزَمَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى أَدَاءِ مَا الْتَزَمَ فَيَلْزَمُهُ جَمِيعُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَتَعَرَّفَ الْقَاضِي عَلَى حَالِهِ بِالسُّؤَالِ مِنْ النَّاسِ فَإِذَا أَخْبَرُوهُ أَنَّهُ لَا يُطِيقُ ذَلِكَ نَقَصَ عَنْهُ وَأَوْجَبَ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَمْضِ شَيْءٌ مِنْ الشَّهْرِ حَتَّى صَالَحَهَا مِنْ هَذِهِ الدَّرَاهِمِ عَنْ شَيْءٍ إنْ كَانَ شَيْئًا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَفْرِضَهُ كَمَا إذَا صَالَحَ عَنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى ثَلَاثِ مَخَاتِيمَ دَقِيقٍ بِعَيْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَهُوَ تَقْدِيرٌ لِلنَّفَقَةِ وَإِنْ كَانَ ثَوْبًا أَوْ نَحْوَهُ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ وَلَا يُشْبِهُ هَذَا الدُّيُونَ كَمَا إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ فَصَالَحَهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَخَاتِيمَ دَقِيقٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ فَإِنَّ الصُّلْحَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ فِيهِ مُعَاوَضَةٌ لِوُجُوبِ الدَّيْنِ قَبْلَ الصُّلْحِ فَكَانَ بَيْعَ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الدَّقِيقَ فِي الْمَجْلِسِ، وَأَمَّا هُنَا فَقَبْلَ مُضِيِّ الشَّهْرِ فَالنَّفَقَةُ لَا تَصِيرُ دَيْنًا فَلَمْ يَكُنْ مُعَاوَضَةً وَإِنَّمَا هُوَ تَقْدِيرٌ لِلنَّفَقَةِ حَتَّى لَوْ مَضَى الشَّهْرُ وَصَارَتْ الدَّرَاهِمُ دَيْنًا، ثُمَّ صَالَحَهَا عَلَى دَقِيقٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا لِمَا قُلْنَا اهـ.

وَقَدْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ رِضَاهُمَا وَصُلْحَهُمَا عَلَى شَيْءٍ صَالِحٍ لِلنَّفَقَةِ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي النَّفَقَةَ مُبْطِلٌ لِتَقْدِيرِ الْقَاضِي حَتَّى لَا يَلْزَمَهُ إلَّا مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ بَعْدَ فَرْضِ الْقَاضِي فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّهُمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَنْ تَأْكُلَ مَعَهُ تَمْوِينًا بَعْدَ فَرْضِ النَّفَقَةِ أَوْ الِاتِّفَاقِ عَلَى قَدْرٍ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ التَّقْدِيرُ السَّابِقُ لِرِضَاهَا بِذَلِكَ وَهِيَ كَثِيرَةُ الْوُقُوعِ فِي زَمَانِنَا وَفِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا، وَلَوْ صَالَحَهَا مِنْ نَفَقَةِ سَنَةٍ عَلَى ثَوْبٍ جَازَ فَإِنْ اسْتَحَقَّ الثَّوْبَ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْفَرْضِ أَوْ الرِّضَا فَإِنَّهَا تَرْجِعُ بِمَا فَرَضَ لَهَا أَوْ تَرَاضَيَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ أَخْذَهَا الثَّوْبَ شِرَاءٌ، وَقَدْ انْفَسَخَ بِالِاسْتِحْقَاقِ فَعَادَ دَيْنُهَا وَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْفَرْضِ وَالتَّرَاضِي رَجَعَتْ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ، وَلَوْ صَالَحَهَا عَلَى وَصْفٍ وَسَطٍ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَجَلًا أَوْ أَجَّلَهُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْفَرْضِ أَوْ التَّرَاضِي جَازَ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ وَصُلْحُ الْمُكَاتَبَةِ عَلَى نَفَقَتِهَا جَائِزٌ كَالصُّلْحِ عَنْ مَهْرِهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهَا، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَحْجُورُ إذَا صَالَحَ عَنْ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ، وَقَدْ تَزَوَّجَ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، وَكَذَا صُلْحُ الْمُكَاتَبِ عَنْ نَفَقَةِ امْرَأَتِهِ كُلَّ شَهْرٍ جَائِزٌ بِالْأَوْلَى اهـ.

(قَوْلُهُ وَبِمَوْتِ أَحَدِهِمَا تَسْقُطُ الْمَقْضِيَّةُ) أَيْ بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ تَسْقُطُ النَّفَقَةُ الْمَقْضِيُّ بِهَا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ صِلَةٌ وَالصِّلَاتُ تَسْقُطُ بِالْمَوْتِ كَالْهِبَةِ وَالدِّيَةِ وَالْجِزْيَةِ وَضَمَانِ الْعِتْقِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا اسْتَدَانَتْ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَتْ اسْتِدَانَةً بِغَيْرِ إذْنِ الْقَاضِي فَإِنَّهَا تَسْقُطُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِ نَفْسِهَا وَإِنْ كَانَتْ الِاسْتِدَانَةُ بِأَمْرِ الْقَاضِي جَزَمَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ بِعَدَمِ السُّقُوطِ وَصَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَنَسَبَهُ إلَى الْكَافِي لِلْحَاكِمِ الشَّهِيدِ؛ لِأَنَّ لِلْقَاضِي وِلَايَةً عَامَّةً بِمَنْزِلَةِ اسْتِدَانَةِ الزَّوْجِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ اسْتَدَانَ الزَّوْجُ بِنَفْسِهِ لَا يَسْقُطُ ذَلِكَ الدَّيْنُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَذَا هَذَا اهـ.

قَيَّدَ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ النَّفَقَةِ الْمَقْضِيِّ بِهَا بِالطَّلَاقِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَجَزَمَ فِي النُّقَايَةِ بِسُقُوطِهَا بِهِ كَالْمَوْتِ مُسَوِّيًا بَيْنَهُمَا، وَكَذَا فِي الْجَوْهَرَةِ وَذَكَرَ فِي الْخَانِيَّةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: قَيَّدَ بِالْمَوْتِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ قَيَّدَ السُّقُوطَ بِالطَّلَاقِ شَيْخُنَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ سِرَاجِ الدِّينِ الْحَانُوتِيُّ بِمَا إذَا مَضَى شَهْرٌ يَعْنِي فَأَزْيَدَ وَهُوَ قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ تَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>