الْمَوْتَ وَالطَّلَاقَ لِمَا ذَكَرْنَا، وَكَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَلَوْ عَجَّلَ لَهَا، ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْمَوْتُ وَالطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ سَوَاءٌ وَفِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ إذَا مَاتَ زَوْجُهَا اخْتَلَفُوا قِيلَ تُرَدُّ، وَقِيلَ لَا تُسْتَرَدُّ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْعِدَّةَ قَائِمَةٌ فِي مَوْتِهِ، كَذَا فِي الْأَقْضِيَةِ فَعَلَى هَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَمَا فَعَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ، بَلْ تُجْعَلُ مُسْتَقِلَّةً وَوَجْهُهُ أَنَّهَا صِلَةٌ لِزَوْجَتِهِ وَلَا رُجُوعَ فِيمَا يَهَبُهُ لِزَوْجَتِهِ وَالْعِبْرَةُ لِوَقْتِ الْهِبَةِ لَا لِوَقْتِ الرُّجُوعِ فَالزَّوْجِيَّةُ مِنْ الْمَوَانِعِ مِنْ الرُّجُوعِ كَالْمَوْتِ وَدَفْعُ الْأَبِ كَدَفْعِ ابْنِهِ فَلَا إشْكَالَ
(قَوْلُهُ وَيُبَاعُ الْقِنُّ فِي نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ) يَعْنِي إذَا كَانَ تَزَوُّجُهُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ وَجَبَ فِي ذِمَّتِهِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ، وَقَدْ ظَهَرَ وُجُوبُهُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَيَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ كَدَيْنِ التِّجَارَةِ فِي الْعَبْدِ التَّاجِرِ وَمُرَادُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْفِدَاءِ فَإِنَّ لِلْمَوْلَى أَنْ يَفْدِيَهُ؛ لِأَنَّ حَقَّهَا فِي النَّفَقَةِ لَا فِي عَيْنِ الرَّقَبَةِ فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَتْ، وَكَذَا إذَا قُتِلَ فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ صِلَةٌ، وَكَذَا الْمَهْرُ وَلَمْ أَرَهُمْ صَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اخْتَارَتْ اسْتِسْعَاءَهُ فِي النَّفَقَةِ دُونَ بَيْعِهِ أَنَّ لَهَا ذَلِكَ أَمْ لَا لَكِنْ صَرَّحُوا فِي الْمَأْذُونِ لَهُ لِلتِّجَارَةِ إذَا لَحِقَهُ دَيْنٌ وَاخْتَارَ الْغُرَمَاءُ اسْتِسْعَاءَهُ دُونَ بَيْعِهِ أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ فِي الْمَأْذُونِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ وَيَنْبَغِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا اخْتَارَتْ اسْتِسْعَاءَهُ لِنَفَقَتِهَا كُلَّ يَوْمٍ أَنْ يَكُونَ لَهَا ذَلِكَ أَيْضًا قَيَّدْنَا بِإِذْنِ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى لَا يُبَاعُ فِي النَّفَقَةِ لِعَدَمِ وُجُوبِهَا لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ؛ وَلِذَا لَمْ يُقَيِّدْ الْمُصَنِّفُ بِالْإِذْنِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ عَدَمِهِ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةً لِتَجِبَ لَهَا النَّفَقَةُ.
وَكَذَا الْمَهْرُ لَا يُبَاعُ فِيهِ، وَلَوْ دَخَلَ بِهَا لِعَدَمِ ظُهُورِهِ فِي حَقِّ الْمَوْلَى وَإِنَّمَا يُطَالَبُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ وَقَيَّدَ بِالْقِنِّ وَهُوَ الْعَبْدُ الَّذِي لَا حُرِّيَّةَ فِيهِ بِوَجْهٍ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ وَفِي اللُّغَةِ الْعَبْدُ إذَا مُلِكَ هُوَ وَأَبَوَاهُ يَسْتَوِي فِيهِ الِاثْنَانِ وَالْجَمْعُ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ كَمَا فِي شَرْحِ النُّقَايَةِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ وَالْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ لَا يُبَاعُونَ فِيهَا لِعَدَمِ جَوَازِ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ السِّعَايَةُ إلَّا إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ لِزَوَالِ الْمَانِعِ وَقَيَّدَ نَفَقَةَ زَوْجَتِهِ؛ لِأَنَّ نَفَقَةَ أَوْلَادِهِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَمَّا إذَا كَانَتْ حُرَّةً فَلِأَنَّ الْأَوْلَادَ أَحْرَارٌ تَبَعًا لَهَا وَالْحُرُّ لَا يَسْتَوْجِبُ النَّفَقَةَ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا الزَّوْجَةُ وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ أَمَةً فَنَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى مَوْلَى الْأَمَةِ وَإِنْ كَانَتْ نَفَقَةُ الْأُمِّ عَلَى الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَادَ تَبَعٌ لِلْأُمِّ فِي الْمِلْكِ فَتَكُونُ نَفَقَةُ الْأَوْلَادِ عَلَى الْمَالِكِ لَا عَلَى الزَّوْجِ، كَذَا فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ زَادَ فِي الْكَافِي لِلْحَاكِمِ وَشَرْحِهِ لِلسَّرَخْسِيِّ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالشَّامِلِ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ لَا تَجِبُ نَفَقَةُ وَلَدِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ امْرَأَتُهُ حُرَّةً أَوْ قِنَّةً لِهَذَا الْمَعْنَى، وَإِذَا كَانَتْ امْرَأَةُ الْمُكَاتَبِ مُكَاتَبَةً وَهُمَا لِمَوْلًى وَاحِدٍ فَنَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ تَابِعٌ لِلْأُمِّ فِي كِتَابَتِهَا وَلِهَذَا كَانَ كَسْبُ الْوَلَدِ لَهَا وَأَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لَهَا وَمِيرَاثُهُ لَهَا فَكَذَلِكَ النَّفَقَةُ تَكُونُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ حَيْثُ تَجِبُ نَفَقَةُ الْوَلَدِ عَلَى الْمُكَاتَبِ؛ لِأَنَّهُ دَاخِلٌ فِي كِتَابَتِهِ وَلِهَذَا يَكُونُ كَسْبُهُ لَهُ، وَكَذَا أَرْشُ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ لَهُ؛ وَلِأَنَّهُ جُزْؤُهُ فَإِذَا اتَّبَعَهُ فِي الْعَقْدِ كَانَتْ نَفَقَتُهُ عَلَيْهِ كَنَفَقَةِ نَفْسِهِ اهـ.
وَلَمْ أَرَ مَتَى يُبَاعُ الْقِنُّ فِي النَّفَقَةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ إذَا قَرَّرَ لَهَا نَفَقَةً كُلَّ شَهْرٍ كَذَا وَطَالَبَتْ بِالنَّفَقَةِ هَلْ يُبَاعُ لِأَجْلٍ النَّفَقَةِ الْيَسِيرَةِ أَوْ تَصِيرُ الْمَرْأَةُ حَتَّى يَجْتَمِعَ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ قَدْرُ قِيمَتِهِ إنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ فَفِيهِ إضْرَارٌ بِالْمَوْلَى وَيَقْتَضِي أَنْ يُبَاعَ فِي نَفَقَةِ يَوْمٍ إذَا طَلَبَتْهَا وَلَمْ يَفْدِهِ السَّيِّدُ وَإِنْ قُلْنَا بِالثَّانِي فَفِيهِ إضْرَارٌ بِهَا خُصُوصًا إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْمُرَادِ وَلَفْظُهَا فَإِذَا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَعْجِزُ عَنْ الْأَدَاءِ يُبَاعُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى اهـ.
وَإِذَا فَرَضَ الْقَاضِي لَهَا نَفَقَةَ شَهْرٍ مَثَلًا فَطَالَبَتْهُ وَعَجَزَ عَنْ أَدَائِهِ بَاعَهُ الْقَاضِي إنْ لَمْ يَفْدِهِ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ وَأَطْلَقَ فِي بَيْعِهِ لَهَا فَشَمِلَ سَيِّدَهُ الْمُزَوِّجَ لَهُ وَغَيْرَهُ فَإِذَا بِيعَ فِيهَا فَاشْتَرَاهُ مَنْ عَلِمَ بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ، ثُمَّ عَلِمَ فَرَضِيَ ظَهَرَ السَّبَبُ فِي حَقِّهِ أَيْضًا فَإِذَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ مَرَّةً أُخْرَى يُبَاعُ ثَانِيًا، وَكَذَا حَالُهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الثَّالِثِ وَهَلُمَّ
ــ
[منحة الخالق]
(قَوْلُهُ: وَفِي نَفَقَةِ الْمُطَلَّقَةِ إلَخْ) قَالَ الرَّمْلِيُّ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ وَمِمَّا فِي الذَّخِيرَةِ مِنْ قَوْلِهِ لَوْ عَجَّلَ الزَّوْجُ لَهَا نَفَقَةَ مُدَّةٍ، ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهَا وَلَا فِي تَرِكَتِهَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَرْفَعُ عَنْهَا بِحِصَّتِهِ مَا مَضَى وَيَجِبُ رَدُّ الْبَاقِي إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُسْتَهْلَكًا إلَخْ جَوَابُ حَادِثَةِ الْفَتْوَى طَلَّقَهَا بَائِنًا وَعَجَّلَ لَهَا نَفَقَةَ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ فَأَسْقَطَتْ سِقْطًا بَعْدَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَانْقَضَتْ بِذَلِكَ عِدَّتُهَا هَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا زَادَ عَلَى حِصَّةِ الْعَشَرَةِ أَمْ لَا الْجَوَابُ لَا عِنْدَهُمَا لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْقِيَاسُ اهـ. مُلَخَّصًا
(قَوْلُهُ: فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هُنَا كَذَلِكَ) أَقَرَّهُ عَلَيْهِ الْمَقْدِسِيَّ وَصَاحِبُ النَّهْرِ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ النِّكَاحِ) أَرَادَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ عَدَمَ النَّفَاذِ وَإِلَّا فَهُوَ صَحِيحٌ يَتَوَقَّفُ نَفَاذُهُ عَلَى إذْنِ الْمَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَأُمُّ الْوَلَدِ) مِثْلُهُ فِي النَّهْرِ وَالصَّوَابُ وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute