للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعْزِيًّا إلَى التَّتِمَّةِ عَنْ إجَارَةِ الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ فِيمَنْ اسْتَأْجَرَ ظِئْرًا لِصَبِيٍّ شَهْرًا فَلَمَّا انْقَضَى الشَّهْرُ أَبَتْ أَنْ تُرْضِعَهُ وَالصَّبِيُّ لَا يَقْبَلُ ثَدْيَ غَيْرِهَا قَالَ أَجْبَرَهَا أَنْ تُرْضِعَ.

(قَوْلُهُ وَيَسْتَأْجِرُ مَنْ يُرْضِعُهُ عِنْدَهَا) أَيْ وَيَسْتَأْجِرُ الْأَبُ مَنْ يُرْضِعُ الطِّفْلَ عِنْدَ الْأُمِّ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا وَالنَّفَقَةَ عَلَيْهِ أَطْلَقَهُ هُنَا وَقَيَّدَهُ فِي الْهِدَايَةِ بِإِرَادَةِ الْأُمِّ لِلْحَضَانَةِ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ مِنْ أَنَّ الْأُمَّ لَا تُجْبَرُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا حَقُّهَا وَعَلَى مَا اخْتَارَهُ الْفُقَهَاءُ الثَّلَاثَةُ مِنْ الْجَبْرِ، فَلَيْسَ مُعَلَّقًا بِإِرَادَتِهَا؛ لِأَنَّهَا حَقُّ الصَّبِيِّ عَلَيْهَا وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يَجِبُ عَلَى الظِّئْرِ أَنْ تَمْكُثَ فِي بَيْتِ الْأُمِّ إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ عَلَيْهَا ذَلِكَ وَقْتَ الْعَقْدِ وَكَانَ الْوَلَدُ يَسْتَغْنِي عَنْ الظِّئْرِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، بَلْ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ وَتَعُودَ إلَى مَنْزِلِهَا كَمَا لَهَا أَنْ تَحْمِلَ الصَّبِيَّ إلَى مَنْزِلِهَا أَوْ تَقُولَ أَخْرِجُوهُ فَتُرْضِعُهُ عِنْدَ فِنَاءِ الدَّارِ، ثُمَّ نُدْخِلُ الْوَلَدَ عَلَى الْوَالِدَةِ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّ الظِّئْرَ تَكُونُ عِنْدَ الْأُمِّ فَحِينَئِذٍ يَلْزَمُهَا الْوَفَاءُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ اهـ.

وَفِي الْخِزَانَةِ عَنْ التَّفَارِيقِ لَا تَجِبُ فِي الْحَضَانَةِ أُجْرَةُ الْمَسْكَنِ الَّذِي يُحْضَنُ فِيهِ الصَّبِيُّ، وَقَالَ آخَرُونَ تَجِبُ إنْ كَانَ لِلصَّبِيِّ مَالٌ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ. اهـ. .

(قَوْلُهُ لَا أُمَّهُ لَوْ مَنْكُوحَةً أَوْ مُعْتَدَّةً) أَيْ لَا يَسْتَأْجِرُ أُمَّهُ لَوْ مَنْكُوحَتَهُ أَوْ مُعْتَدَّتَهُ؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاعَ مُسْتَحَقٌّ عَلَيْهَا دِيَانَةً قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: ٢٣٣] إلَّا أَنَّهَا عُذِرَتْ لِاحْتِمَالِ عَجْزِهَا فَإِذَا أَقْدَمَتْ عَلَيْهِ بِالْأَجْرِ ظَهَرَتْ قُدْرَتُهَا فَكَانَ الْفِعْلُ وَاجِبًا عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ أَطْلَقَ فِي الْمُعْتَدَّةِ فَشَمِلَ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ رَجْعِيٍّ أَوْ بَائِنٍ وَهُوَ فِي الرَّجْعِيِّ رِوَايَةٌ وَاحِدَةٌ وَفِي الْبَائِنِ فِي رِوَايَةٍ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى جَازَ اسْتِئْجَارُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ قَدْ زَالَ وَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ بَاقٍ فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَحْكَامِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ صَرِيحٍ وَإِنْ كَانَ تَأْخِيرُ وَجْهِ الْمَنْعِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُخْتَارُ عِنْدَهُ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ وَصَحَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ الْجَوَازَ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَيِّدَ الْمُعْتَدَّةَ بِالرَّجْعِيِّ وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّ ظَاهِرَ الرِّوَايَةِ الْجَوَازُ وَقَيَّدَ بِالْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْكُوحَتَهُ لِتُرْضِعَ وَلَدَهُ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ بِخِلَافِ الْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهَا إرْضَاعُهُ دِيَانَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْهِدَايَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهَا أَخْذُ الْأَجْرِ مِنْ مَالِ الصَّغِيرِ لَوْ كَانَ لَهُ مَالٌ، لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَفْرِضَ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ فِي مَالِهِ ذَكَرَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَهَكَذَا ذَكَرَ فِي إجَارَاتِ الْقُدُورِيِّ وَلَيْسَ فِيهِ اخْتِلَافُ الرِّوَايَتَيْنِ، وَلَكِنْ مَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ وَمَا ذُكِرَ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا اسْتَأْجَرَهَا لَا يَجُوزُ تَأْوِيلُهُ إذَا فَرَضَ أُجْرَةَ الرَّضَاعِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَا تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ كَيْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى اجْتِمَاعِ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ مَعَ نَفَقَةِ النِّكَاحِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَتَحَقَّقُ إذَا فَرَضَ لَهَا فِي مَالِ الصَّغِيرِ فَقُلْنَا إنَّهَا تَسْتَحِقُّ ذَلِكَ اهـ.

فَالْحَاصِلُ أَنَّ عَلَى تَعْلِيلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ

ــ

[منحة الخالق]

قَالَ الرَّمْلِيُّ نَقَلَ الزَّيْلَعِيُّ ذَلِكَ عَنْ الْخَصَّافِ وَزَادَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَتُجْعَلُ الْأُجْرَةُ دَيْنًا عَلَيْهِ. اهـ.

قُلْت وَمِثْلُهُ فِي الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ: قَالَ أُجْبِرُهَا أَنْ تُرْضِعَ) عِبَارَةُ الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ عَنْ الْوَجِيزِ تُجْبَرُ عَلَى إبْقَاءِ الْإِجَارَةِ بِالْإِرْضَاعِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي الْخِزَانَةِ عَنْ التَّفَارِيقِ لَا تَجِبُ فِي الْحَضَانَةِ أُجْرَةُ الْمَسْكَنِ) قَالَ الْغَزِّيِّ، وَأَمَّا لُزُومُ مَسْكَنِ الْحَاضِنَةِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَالْأَظْهَرُ لُزُومُ ذَلِكَ كَمَا فِي بَعْضِ الْمُعْتَبَرَاتِ اهـ

أَقُولُ: وَهَذَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ إذَا احْتَاجَ الصَّغِيرُ إلَى خَادِمٍ يَلْزَمُ الْأَبَ بِهِ فَإِنَّ احْتِيَاجَهُ إلَى الْمَسْكَنِ مُقَرَّرٌ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الرَّمْلِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ فِي الْجَوْهَرَةِ الْجَوَازَ) وَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ الْمُعْتَدَّةُ عَنْ طَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ طَلَقَاتٍ ثَلَاثٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ زِيَادٍ تَسْتَحِقُّ أَجْرَ الرَّضَاعَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى هَكَذَا فِي جَوَاهِرِ الْأَخْلَاطِيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ مَالٌ دَفَعَهُ إلَيْهَا، بَلْ دَفَعَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ لِمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا وَسَيَأْتِي نَحْوُهُ عَنْ الْمُجْتَبَى أَنَّ إرْضَاعَ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ يُوجَدُ مَنْ يُرْضِعُهُ إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلصَّغِيرِ مَالٌ أَمَّا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ بِأَنْ مَاتَتْ أُمُّهُ فَوَرِثَ مَالًا أَوْ اسْتَفَادَ بِسَبَبٍ آخَرَ يَكُونُ مُؤْنَةُ الرَّضَاعِ فِي مَالِ الصَّغِيرِ، وَكَذَلِكَ نَفَقَةُ الصَّبِيِّ بَعْدَ الْفِطَامِ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فِي مَالِهِ اهـ

فَلَيْسَ فَرْضُهُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ مُتَوَقِّفًا عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ لِلْأَبِ مَالٌ وَلَعَلَّ الْأَظْهَرَ أَنْ يُقَالَ تَأْوِيلُهُ إذَا كَانَ لِلِابْنِ مَالٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: فَالْحَاصِلُ أَنَّ عَلَى تَعْلِيلِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ لَا تَأْخُذُ شَيْئًا إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ وَالْأَوْجَهُ عِنْدِي عَدَمُ الْجَوَازِ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ مَنْكُوحَتَهُ لِإِرْضَاعِ وَلَدِهِ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ فِيهِ اجْتِمَاعَ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ وَالنَّفَقَةِ فِي مَالٍ وَاحِدٍ، وَلَوْ صَلُحَ مَانِعًا لَمَا جَازَ هُنَا فَتَدَبَّرْهُ. اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّعْلِيلَ بِاجْتِمَاعِ وَاجِبَيْنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِي الْمَنْعِ بِدَلِيلِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فَلَا يُقَالُ إذَا لَمْ يَجْتَمِعْ الْوَاجِبَانِ يَجُوزُ فَيَتَعَيَّنُ تَعْلِيلُ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ الْمُفِيدُ عَدَمُ الْجَوَازِ فَمَبْنَى الِاسْتِدْلَالِ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>