مَالًا فَاضِلًا عَنْ نَفَقَةِ عِيَالِهِ وَيَبْلُغُ الْفَاضِلُ مِقْدَارًا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ الْمُخْتَارُ فِي الْفَقِيرِ الْكَسُوبِ أَنْ يُدْخِلَ الْأَبَوَيْنِ فِي النَّفَقَةِ وَقَيَّدَ بِفَقْرِهِمْ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَقِيرًا وَلَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْكَسْبِ فَإِنَّ الِابْنَ يُجْبَرُ عَلَى نَفَقَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ السَّرَخْسِيِّ، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ لَا يُجْبَرُ إذَا كَانَ الْأَبُ كَسُوبًا؛ لِأَنَّهُ غَنِيٌّ بِاعْتِبَارِ الْكَسْبِ فَلَا ضَرُورَةَ فِي إيجَابِ النَّفَقَةِ عَلَى الْغَيْرِ، وَإِذَا كَانَ الِابْنُ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ لَا تَجِبُ نَفَقَتُهُ عَلَى الْأَبِ فَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا كَسُوبًا يَجِبُ أَنْ يَكْتَسِبَ الِابْنُ وَيُنْفِقَ عَلَى الْأَبِ فَالْمُعْتَبَرُ فِي إيجَابِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ مُجَرَّدُ الْفَقْرِ قِيلَ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْأَذَى فِي إيكَالِهِ إلَى الْكَدِّ وَالتَّعَبِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِي التَّأْفِيفِ الْمُحَرَّمِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: ٢٣] ، كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْقَائِلُ بِأَنَّهُ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ صَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَلِأَبَوَيْهِ يَعُودُ إلَى الْإِنْسَانِ الْمَفْهُومِ فَأَفَادَ بِإِطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَفِي الْهِدَايَةِ وَهِيَ عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ بِالسَّوِيَّةِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَشْمَلُهُمَا اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ وَبِهِ يُفْتَى وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ الْحَقُّ لِتَعَلُّقِ الْوُجُوبِ بِالْوِلَادِ وَهُوَ يَشْمَلُهُمَا بِالسَّوِيَّةِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْوِلَادِ؛ لِأَنَّ الْوُجُوبَ عُلِّقَ فِيهِ بِالْإِرْثِ اهـ.
وَفِي الْخَانِيَّةِ فَإِنْ كَانَ لِلْفَقِيرِ ابْنَانِ أَحَدُهُمَا فَائِقٌ فِي الْغِنَى وَالْآخَرُ يَمْلِكُ نِصَابًا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ ذِمِّيًّا فَهِيَ عَلَيْهِمَا عَلَى السَّوَاءِ اهـ.
وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ فِيهِ اخْتِلَافًا وَعَزَا مَا فِي الْخَانِيَّةِ إلَى مَبْسُوطِ مُحَمَّدٍ وَنُقِلَ عَنْ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ قَالَ قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْيَسَارِ تَفَاوُتًا يَسِيرًا أَمَّا إذَا تَفَاوَتَا فِيهِ تَفَاوُتًا فَاحِشًا يَجِبُ أَنْ يَتَفَاوَتَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ وَلِأَبَوَيْهِ إلَى أَنَّ جَمِيعَ مَا وَجَبَ لِلْمَرْأَةِ يَجِبُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى الْوَلَدِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَكِسْوَةٍ وَسُكْنَى حَتَّى الْخَادِمِ قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الِابْنِ الْمُوسِرِ نَفَقَةُ وَالِدِهِ الْفَقِيرِ تَجِبُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ خَادِمِ الْأَبِ امْرَأَةً كَانَتْ الْخَادِمُ أَوْ جَارِيَةً إذَا كَانَ الْأَبُ مُحْتَاجًا إلَى مَنْ يَخْدُمُهُ اهـ.
وَفِي الْخُلَاصَةِ يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ أَبِيهِ وَلَا يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ زَوْجَةِ ابْنِهِ وَفِي نَفَقَاتِ الْحَلْوَانِيِّ قَالَ فِيهِ رِوَايَتَانِ فِي رِوَايَةٍ كَمَا قُلْنَاهُ، وَفِي رِوَايَةٍ إنَّمَا تَجِبُ نَفَقَةُ زَوْجَةِ الْأَبِ إذَا كَانَ الْأَبُ مَرِيضًا أَوْ بِهِ زَمَانَةٌ يَحْتَاجُ إلَى الْخِدْمَةِ أَمَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا فَلَا قَالَ فِي الْمُحِيطِ فَعَلَى هَذَا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فَإِنَّ الِابْنَ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمِهِ اهـ.
وَظَاهِرُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِ نَفَقَةِ امْرَأَةِ الْأَبِ أَوْ جَارِيَتِهِ أَوْ أُمِّ وَلَدِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ بِالْأَبِ عِلَّةٌ وَأَنَّ الْقَوْلَ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا إنَّمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا، ثُمَّ إذَا قَضَى الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْوَلَدَيْنِ لِلْأَبِ فَأَبَى أَحَدُهُمَا أَنْ يُعْطِيَ لِلْأَبِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ فَالْقَاضِي يَأْمُرُ الْآخَرَ بِأَنْ يُعْطِيَ كُلَّ النَّفَقَةِ، ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَى الْأَخِ بِحِصَّتِهِ اهـ.
وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ مِنْ إيجَابِ نَفَقَةِ الْأُمِّ عَلَى الْوَلَدِ إذْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَوِّجَةً؛ لِأَنَّهَا عَلَى الزَّوْجِ كَبِنْتِهِ الْمُرَاهِقَةِ إذَا زَوَّجَهَا صَارَتْ نَفَقَتُهَا عَلَى زَوْجِهَا وَقَدَّمْنَا أَنَّ الزَّوْجَ لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَإِنَّ الِابْنَ يُؤْمَرُ بِأَنْ يُقْرِضَهَا، ثُمَّ يَرْجِعَ عَلَيْهِ إذَا أَيْسَرَ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ
ــ
[منحة الخالق]
عَنْهُ وَهُوَ أَنَّ الْأُمَّ تُرِيدُ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ ابْنِهَا النَّفَقَةَ وَتُنْفِقَ هِيَ عَلَى نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ فِي بَيْتِهِ تُؤْذِيهَا زَوْجَتُهُ وَتَشْتُمُهَا فَهَلْ تُجَابُ إلَى ذَلِكَ ظَاهِرُهُ لَا لَكِنْ هَذَا إذَا كَانَ الِابْنُ فَقِيرًا أَمَّا الْمُوسِرُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَى أَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقَّهُمَا فَلَهُمَا قَبْضُهُ مِنْهُ وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ مَا يُؤَيِّدُهُ قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَصَحَّ بَيْعُ عَرْضِ ابْنِهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بِفَقْرِهِمْ فَقَطْ) أَيْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِكَوْنِهِمْ عَاجِزَيْنِ عَنْ الْكَسْبِ. (قَوْلُهُ: قِيلَ هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ) أَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ فِي مَحَلٍّ آخَرَ بِمَا فِي كَافِي الْحَاكِمِ وَلَا يُجْبَرُ الْمُوسِرُ عَلَى نَفَقَةِ أَحَدٍ مِنْ قَرَابَتِهِ إذَا كَانَ رَجُلًا صَحِيحًا وَإِنْ كَانَ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْكَسْبِ إلَّا فِي الْوَلَدِ خَاصَّةً، وَفِي الْجَدِّ أَبِ الْأَبِ إذَا مَاتَ الْوَلَدُ فَإِنِّي أُجْبِرُ الْوَلَدَ عَلَى نَفَقَتِهِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا اهـ.
قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا جَوَابُ الرِّوَايَةِ وَهُوَ يُشَيِّدُ قَوْلَ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيِّ بِخِلَافِ الْحَلْوَانِيِّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ اهـ.
(قَوْلُهُ: يُجْبَرُ الِابْنُ عَلَى نَفَقَةِ أَبِيهِ إلَخْ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ أُمَّ الِابْنِ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الرَّمْلِيُّ: الَّذِي تَحَرَّرَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَبِ وَالِابْنِ فِي نَفَقَةِ الْخَادِمِ وَأَنَّ الْأَبَ أَوْ الِابْنَ إذَا احْتَاجَ إلَى خَادِمٍ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ كَمَا وَجَبَتْ نَفَقَةُ الْمَخْدُومِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ فَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ نَفَقَتِهِ، وَإِذَا لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ فَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ فَاعْلَمْ ذَلِكَ وَاغْتَنِمْهُ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الْوُقُوعِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: يُجْبَرُ الْأَبُ عَلَى نَفَقَةِ خَادِمِهِ) قَالَ الرَّمْلِيُّ امْرَأَةً كَانَتْ الْخَادِمُ أَوْ جَارِيَةً كَمَا قَدَّمَهُ.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ هُنَا أَيْضًا إلَخْ) أَقُولُ: قَدَّمْنَا عِنْدَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يُفَرَّقُ بِعَجْزِهِ أَنَّ قَوْلَ الذَّخِيرَةِ هُنَا فَرَضَ لَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ هُنَاكَ عَنْ شَرْحِ الْمُخْتَارِ مِنْ أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَيَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَيْسَرَ، ثُمَّ رَاجَعْت الذَّخِيرَةَ فَرَأَيْته ذَكَرَ تَأْوِيلَ مَا هُنَا، فَقَالَ قَالُوا وَالْمُرَادُ مِنْ الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فِي هَذَا هُوَ الْإِجْبَارُ عَلَى الْإِقْرَاضِ لَا الْفَرْضِ بِطَرِيقِ الْإِيجَابِ. اهـ. وَبِهِ انْدَفَعَتْ الْمُخَالَفَةُ