للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُنَا أَيْضًا قَالَ فَإِنْ أَبَى الِابْنُ أَنْ يُقْرِضَهَا النَّفَقَةَ فُرِضَ لَهَا عَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَتُؤْخَذُ مِنْهُ وَتُدْفَعُ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ الْمُعْسِرَ بِمَنْزِلَةِ الْمَيِّتِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَلِأَبَوَيْهِ إلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي وُجُوبِ نَفَقَةِ الْوَالِدَيْنِ وَالْمُوَلَّدِينَ إنَّمَا هُوَ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْمِيرَاثُ، قَالُوا وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ نَوْعُ رُجْحَانٍ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا رُجْحَانٌ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ النَّفَقَةُ بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ فَإِنْ كَانَ لِلْفَقِيرِ وَلَدٌ وَابْنُ ابْنٍ مُوسِرَيْنِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ.

وَإِذَا كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ خَاصَّةً وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ الْبِنْتَ أَقْرَبُ، وَإِذَا كَانَتْ لَهُ بِنْتٌ أَوْ ابْنُ بِنْتٍ وَأَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْأَخِ لَا لِوَلَدِ الْبِنْتِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ وَالِدٌ وَوَلَدٌ مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِهِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ لَتَرَجَّحَ الْوَلَدُ بِتَأْوِيلِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيكَ» ، وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا عَلَى الْجَدِّ السُّدُسُ وَالْبَاقِي عَلَى ابْنِ الِابْنِ وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمِيرَاثِ فِي هَذِهِ النَّفَقَةِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا ذِمِّيًّا فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلْمُسْلِمِ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ لِلْمُسْلِمِ الْفَقِيرِ ابْنٌ نَصْرَانِيٌّ وَأَخٌ مُسْلِمٌ فَالنَّفَقَةُ - عَلَى الِابْنِ وَالْمِيرَاثُ لِلْأَخِ، وَلَوْ كَانَ لِلْفَقِيرِ بِنْتٌ وَمَوْلَى عَتَاقَةٍ مُوسِرَانِ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمِيرَاثِ، كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْجَدِّ فَشَمِلَ أَبَ الْأَبِ وَأَبَ الْأُمِّ جَزَمَ بِهِ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا، نَقَلَ الِاخْتِلَافَ فِي أَبِ الْأُمِّ وَأَطْلَقَ فِي الْجَدَّةِ فَشَمِلَ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ الْأَبُ إذَا أَخَذَ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ الْمَفْرُوضَتَيْنِ مُعَجَّلَةً فَضَاعَ ذَلِكَ يُفْرَضُ لَهُ أُخْرَى فَلَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ وَهِيَ بَاقِيَةٌ لَا يُفْرَضُ لَهُ أُخْرَى بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ فِيهِمَا، وَقَدْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ فِيهَا فِي أَوَّلِ بَابِ النَّفَقَاتِ.

(قَوْلُهُ وَلَا تَجِبُ مَعَ اخْتِلَافِ الدِّينِ إلَّا بِالزَّوْجِيَّةِ وَالْوِلَادِ) أَمَّا الزَّوْجِيَّةُ فَلِمَا

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ ابْنُ بِنْتٍ أَوْ بِنْتُ بِنْتٍ وَابْنُ ابْنِ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ وَإِنْ كَانَ الْمِيرَاثُ لِلِابْنِ الثَّانِي وَبِهِ صَرَّحَ، وَقَوْلُهُ تَجِبُ عَلَى مَنْ لَهُ نَوْعُ رُجْحَانٍ أَيْ كَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ بِنْتٍ فَهِيَ عَلَى ابْنِ الِابْنِ لِرُجْحَانِهِ رَمْلِيٌّ أَيْ لِرُجْحَانِهِ بِكَوْنِهِ هُوَ الْوَارِثُ لَكِنَّ هَذَا الْفَرْعَ يَحْتَاجُ إلَى نَصٍّ عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِمْ وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا مِنْ الْفُرُوعِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْإِرْثِ أَصْلًا فِي نَفَقَةِ الْأُصُولِ عَلَى الْفُرُوعِ، قَالَ فِي أَحْكَامِ الصِّغَارِ إذَا كَانَ لَهُ بِنْتُ بِنْتٍ وَابْنُ بِنْتٍ مُوسِرَانِ وَأَخٌ مُوسِرٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ؛ لِأَنَّ فِي بَابِ النَّفَقَةِ يُعْتَبَرُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ وَلَا يُعْتَبَرُ الْإِرْثُ فِي الْأَوْلَادِ. اهـ.

وَقَالَ بَعْدَهُ أَيْضًا نَفَقَتُهُ عَلَى أَوْلَادِ الْبَنَاتِ يَسْتَوِي فِيهَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَا عِبْرَةَ لِلْإِرْثِ فِي الْأَوْلَادِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْقُرْبُ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ اهـ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ الْمِيرَاثُ) يُخَالِفُهُ مَا سَيَأْتِي قُبَيْلَ قَوْلِهِ وَصَحَّ بَيْعُ عَرْضِ ابْنِهِ لَهُ أُمٌّ وَعَمٌّ مُوسِرَانِ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا لَهُ أُمٌّ وَأَبَوَانِ فَكَذَلِكَ مَعَ أَنَّ الْأُمَّ أَقْرَبُ مِنْ الْجَدِّ، وَكَذَا يُخَالِفُهُ قَوْلُهُ الْآتِي قَرِيبًا، وَلَوْ كَانَ لَهُ جَدٌّ وَابْنُ ابْنٍ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ مِيرَاثِهِمَا، وَكَذَا مَا نَذْكُرُهُ قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ: بِقَدْرِ الْمِيرَاثِ) يَرِدُ عَلَيْهِ الِابْنُ وَالْبِنْتُ فَإِنَّهُ لَا رُجْحَانَ فِيهِمَا مَعَ أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةٌ (قَوْلُهُ فَالنَّفَقَةُ عَلَى وَلَدِ الْبِنْتِ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِهِ جُزْءًا وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الرُّجْحَانَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْقُرْبِ يَشْمَلُ الْجُزْئِيَّةَ.

(قَوْلُهُ: فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ؛ لِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي الْقَرَابَةِ وَالْوِرَاثَةِ وَلَا تَرْجِيحَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فَكَانَتْ عَلَيْهِمَا عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ. اهـ.

ثُمَّ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ أُمٌّ وَأَخٌ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ ابْنُ أَخٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ أَوْ عَمٌّ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمَا أَثْلَاثًا ثُلُثُهَا عَلَى الْأُمِّ وَالثُّلُثَانِ عَلَى الْأَخِ وَابْنِ الْأَخِ وَالْعَمِّ. اهـ.

أَقُولُ: وَهَذِهِ الْفُرُوعُ كُلُّهَا تُشْكِلُ عَلَى اعْتِبَارِهِمْ الْقُرْبَ وَالْجُزْئِيَّةَ دُونَ الْمِيرَاثِ فَإِنَّهُمْ قَدْ اعْتَبَرُوا فِيهَا الْمِيرَاثَ دُونَ الْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ إذْ مُقْتَضَى أَصْلِهِمْ الْمَذْكُورِ وُجُوبُهَا عَلَى الْأُمِّ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الَّتِي تَعْتَبِرُ الْإِرْثَ كَمَا عَزَاهَا الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى الْإِمَامِ حَيْثُ قَالَ وَيُعْتَبَرُ الْقُرْبُ وَالْجُزْئِيَّةُ لَا يُعْتَبَرُ الْإِرْثُ كَمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ. اهـ.

لَكِنَّ رِوَايَةَ اعْتِبَارِ الْقُرْبِ وَالْجُزْئِيَّةِ عَلَيْهَا الْمُتُونُ كَالْوِقَايَةِ وَالْمُلْتَقَى وَالتَّنْوِيرِ، ثُمَّ ظَهَرَ لِي الْجَوَابُ عَنْ هَذِهِ الْإِشْكَالَاتِ بِتَمَامِهَا وَحَرَّرْت الْمَسْأَلَةَ بِتَحْرِيرٍ لَمْ أُسْبَقْ إلَيْهِ فِي رِسَالَةٍ سَمَّيْتُهَا تَحْرِيرَ النُّقُولِ فِي نَفَقَةِ الْفُرُوعِ وَالْأُصُولِ يَلْزَمُ عَلَى كُلِّ فَقِيهٍ طَلَبُهَا فَإِنَّهَا أَزَاحَتْ اللَّبْسَ وَأَزَالَتْ كُلَّ حَدْسٍ.

(قَوْلُهُ: وَالدَّلِيلُ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِ الْمِيرَاثِ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَدَائِعِ: وَلَوْ كَانَ لَهُ بِنْتٌ وَأُخْتٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْبِنْتِ؛ لِأَنَّ الْوِلَادَ لَهَا، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّفَقَةَ لَا تُعْتَبَرُ بِالْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّ الْأُخْتَ تَرِثُ مَعَ الْبِنْتِ وَلَا نَفَقَةَ عَلَيْهَا مَعَ الْبِنْتِ. اهـ.

وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْفَرْعَ فِي الذَّخِيرَةِ أَيْضًا، وَلَكِنَّ الْمُؤَلِّفَ حَذَفَهُ اخْتِصَارًا. (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ الْجَدَّ إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْجَدِّ لِاسْتِحْقَاقِهِ النَّفَقَةَ الْفَقْرُ لَا غَيْرُ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي حَقِّ الْأَبِ وَالْجَدُّ مِنْ قِبَلِ الْأُمِّ كَالْجَدِّ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَيُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْجَدَّاتِ مَا يُعْتَبَرُ فِي حَقِّ الْأَجْدَادِ أَيْضًا. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>