للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَطَلُقَتْ؛ لِأَنَّ بِالْيَمِينِ الْأُولَى صَارَ مُقِرًّا بِوُجُودِ شَرْطِ الطَّلَاقِ وَبِالْيَمِينِ الثَّانِيَةِ صَارَ مُقِرًّا بِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ، وَقِيلَ لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ تَطْلُقْ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا مُعَلَّقٌ بِعَدَمِ الدُّخُولِ وَالْآخَرَ بِوُجُودِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرْطَيْنِ دَائِرٌ بَيْنَ الْوُجُودِ وَالْعَدَمِ فَلَا يَنْزِلُ الْجَزَاءُ بِالشَّكِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ التَّعْلِيقِ بِالشَّرْطِ الْكَائِنِ وَبِغَيْرِ الْكَائِنِ فَيَقَعُ فِي الْمُعَلَّقِ بِالْكَائِنِ لَا بِغَيْرِ الْكَائِنِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُتَصَوَّرُ فِي الْكَائِنِ دُونَ غَيْرِهِ، كَذَا فِي التَّبْيِينِ وَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ مَرْدُودَانِ وَالْحَقُّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ صِيغَةَ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ تُسْتَعْمَلُ لِتَحْقِيقِ الدُّخُولِ فِي الْمَاضِي رَدًّا عَلَى الْمُمَارِي فِي الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ فَكَانَ مُعْتَرِفًا بِالدُّخُولِ وَهُوَ شَرْطُ الطَّلَاقِ فَوَقَعَ بِخِلَافِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ لَيْسَ فِيهَا تَحْقِيقٌ، وَصِيغَةُ إنْ كَانَ دَخَلَ ظَاهِرَةٌ لِتَحْقِيقِ عَدَمِ الدُّخُولِ رَدًّا عَلَى مَنْ تَرَدَّدَ فِيهِ فَكَانَ مُعْتَرِفًا بِعَدَمِ الدُّخُولِ وَهُوَ شَرْطُ وُقُوعِ الْعِتْقِ فَوَقَعَ بِخِلَافِ إنْ دَخَلَ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهَا تَحْقِيقٌ أَصْلًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ اشْتَبَهَ هَذَا التَّرْكِيبُ عَلَى الْقَائِلِ بِعَدَمِ الْوُقُوعِ فِيهِمَا بِتَرْكِيبٍ إنْ لَمْ يَدْخُلْ وَإِنْ دَخَلَ إلَيْهِ أَشَارَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَفِي تَلْخِيصِ الْجَامِعِ بَابٌ الْيَمِينُ الَّتِي تَنْقُضُ صَاحِبَتَهَا، حَلَفَ بِالْعِتْقِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ أَمْسِ وَبِالطَّلَاقِ إنْ كَانَ دَخَلَ وَقَعَا؛ لِأَنَّهُ بِكُلِّ يَمِينٍ زَعَمَ الْحِنْثَ فِي الْأُخْرَى لِهَذَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا ثُمَّ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ لَمْ أَعْنِك عَتَقَا وَلَا يَلْزَمُ مَا لَوْ كَانَتْ الْأُولَى وَاَللَّهِ إذْ الْغَمُوسُ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحُكْمِ لِيُكَذِّبَ بِهِ فِي الْأُخْرَى وَتَمَامُهُ فِيهِ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ عِتْقِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إلَى أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُمَا إنْسَانٌ صَحَّ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِحِنْثِ أَحَدِ الْمَالِكَيْنِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّهُ يَبِيعُ عَبْدَهُ وَزَعْمُ الْمُشْتَرِي فِي الْعَبْدِ قَبْلَ مِلْكِهِ لَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ وَمَوْلَاهُ يُنْكِرُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ صَحَّ، وَإِذَا صَحَّ شِرَاؤُهُ لَهُمَا وَاجْتَمَعَا فِي مِلْكِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ زَعْمَهُ مُعْتَبَرٌ الْآنَ وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ أَحَدَ الْمُتَحَالِفَيْنِ لَوْ اشْتَرَى الْعَبْدَ مِنْ الْحَالِفِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ لِمَا ذَكَرَهُ كَمَا لَا يَخْفَى وَفِي الْمُحِيطِ هَذَا إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِحَلِفِهِمَا فَإِنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ فَالْقَاضِي يُحَلِّفُهُمَا وَلَا يُجْبِرُ عَلَى الْبَيَانِ مَا لَمْ تَقُمْ الْبَيِّنَةُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَمَنْ مَلَكَ ابْنَهُ مَعَ آخَرَ عَتَقَ حَظُّهُ وَلَمْ يَضْمَنْ وَلِشَرِيكِهِ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَسْتَسْعِيَ) لِأَنَّهُ مَلَكَ شِقْصَ قَرِيبِهِ فَعَتَقَ عَلَيْهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِفْسَادِ نَصِيبِهِ كَمَا إذَا أَذِنَ لَهُ بِإِعْتَاقِ نَصِيبِهِ صَرِيحًا وَدَلَالَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ شَارَكَهُ فِيمَا هُوَ عِلَّةُ الْعِتْقِ وَهُوَ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْقَرِيبِ إعْتَاقٌ وَثَبَتَ لِشَرِيكِهِ الْإِعْتَاقُ أَوْ الِاسْتِسْعَاءُ لِبَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ كَالْمُكَاتَبِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَهَذَا كُلُّهُ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَقَالَا فِي الشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ يَضْمَنُ الْأَبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَسْعَى الِابْنُ لِشَرِيكِ أَبِيهِ إنْ كَانَ مُعْسِرًا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمِلْكِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ بِالشِّرَاءِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الْوَصِيَّةِ أَوْ الْأَمْهَارِ أَوْ الْإِرْثِ وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ ابْنُهُ أَوْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ يُدَارُ عَلَى السَّبَبِ كَمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ كُلْ هَذَا الطَّعَامَ وَهُوَ مَمْلُوكٌ لِلْآمِرِ وَلَا يَعْلَمُ الْآمِرُ بِمِلْكِهِ وَذِكْرُ الِابْنِ اتِّفَاقِيٌّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي كُلِّ قَرِيبٍ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَقَيَّدَ بِكَوْنِهِ مَلَكَهُ مَعَ آخَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ بَدَأَ الْأَجْنَبِيُّ فَاشْتَرَى نِصْفَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى الْأَبُ نِصْفَهُ الْآخَرَ وَهُوَ مُوسِرٌ فَالْأَجْنَبِيُّ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْأَبَ؛ لِأَنَّهُ مَا رَضِيَ بِإِفْسَادِ نَصِيبِهِ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى الِابْنَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِاحْتِبَاسِ مَالِيَّتِهِ عِنْدَهُ.

وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ لَا يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَهُ، وَقَالَا لَا خِيَارَ لَهُ وَيَضْمَنُ الْأَبُ نِصْفَ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَهُمَا وَقُيِّدَ بِالْقَرِيبِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَلَكَ مُسْتَوْلَدَتَهُ بِالنِّكَاحِ مَعَ آخَرَ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ ضَمَانُ النِّصْفِ لِشَرِيكِهِ كَيْفَمَا كَانَ وَإِنْ كَانَ مَلَكَهَا بِالْإِرْثِ وَالْفَرْقُ أَنَّ ضَمَانَ أُمِّ الْوَلَدِ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ وَذَلِكَ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِصُنْعِهِ أَوْ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَلِهَذَا لَا يَخْتَلِفُ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَإِنَّمَا صَحَّ شِرَاءُ الِابْنِ مَعَ آخَرَ فِي مَسْأَلَةِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ لَمْ أَعْنِك عَتَقَا) لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلْأَوَّلِ لَمْ أَعْنِ هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِوُقُوعِ الْعِتْقِ عَلَى الثَّانِي وَقَوْلُهُ لِلْآخَرِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ أَعْنِ هَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِوُقُوعِ الْعِتْقِ عَلَى الْأَوَّلِ فَعَتَقَا جَمِيعًا وَهَكَذَا فِي الطَّلَاقِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ وَسَيَذْكُرُ الْمُؤَلِّفُ الْمَسْأَلَةَ مُعَلَّلَةً عَنْ الِاخْتِيَارِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَالْبَيْعُ وَالْمَوْتُ وَالتَّحْرِيرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ مَعْلُومٌ) قَالَ الْمَقْدِسِيَّ فِي شَرْحِهِ قُلْتُ: وَقَدْ أَشْكَلَ عَلَيَّ ذَلِكَ فَإِنَّ الْعِتْقَ نَازِلٌ فِي الْمُعَيِّنِ دُونَ الْمُنْكِرِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يَكُونَ الْبَيَانُ لِلْمُشْتَرِي إذْ الْإِجْمَالُ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِمَا إلَى أَنْ يُبَرْهِنَ أَحَدُهُمَا عَلَى عِتْقِهِ كَمَا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدٌ عَبْدَيْهِ ثُمَّ نَسِيَهُ، ثُمَّ وَجَدْت الْإِشْكَالَ فِي التُّحْفَةِ وَأَجَابَ بِأَنَّ الْعِتْقَ حَالَ وُقُوعِهِ لَمْ يُدْرَ مَحَلُّهُ فَكَانَ كَإِعْتَاقِ الْمُنْكِرِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا ثُمَّ نَسِيَهُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ نَزَلَ فِي الْمَعْلُومِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>