للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِهَتِهِمَا، وَلَوْ اعْتَرَفَ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَإِنَّ الْمُنْكِرَ يَجِبُ أَنْ يَحْلِفَ؛ لِأَنَّ فِيهِ فَائِدَةً فَإِنَّهُ إنْ نَكَلَ صَارَ مُعْتَرِفًا أَوْ بَاذِلًا وَصَارَا مُعْتَرِفَيْنِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ سِعَايَةٌ كَمَا قُلْنَا اهـ.

وَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِشَهَادَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا قَيْدٌ اتِّفَاقِيٌّ إذْ لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْبَدَائِعِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَإِنْ كَانَا اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا يَجُرَّانِ إلَى أَنْفُسِهِمَا مَغْنَمًا وَلَا يَعْتِقُ نَصِيبُ الشَّاهِدِ وَلَا يَضْمَنُ لِصَاحِبِهِ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مُوسِرًا فَلَا سِعَايَةَ لِلشَّاهِدِ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَهُ السِّعَايَةُ عَلَيْهِ وَهَكَذَا فِي الْمُحِيطِ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَّقَ أَحَدُهُمَا عِتْقَهُ بِفِعْلِ فُلَانٍ غَدًا وَعَكَسَ الْآخَرُ وَمَضَى وَلَمْ يَدْرِ عَتَقَ نِصْفُهُ وَسَعَى فِي نِصْفٍ لَهُمَا) أَيْ لَوْ عَلَّقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عِتْقَ الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بِفِعْلِ زَيْدٍ غَدًا كَأَنْ قَالَ إنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ غَدًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَعَكَسَ الشَّرِيكُ الْآخَرُ بِأَنْ قَالَ مَثَلًا إنْ لَمْ يَدْخُلْ زَيْدٌ الدَّارَ غَدًا فَأَنْتَ حُرٌّ وَمَضَى الْغَدُ وَلَمْ يُعْلَمْ دُخُولُهُ أَوْ عَدَمُهُ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ نِصْفُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ سِعَايَةٍ وَيَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِلشَّرِيكَيْنِ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يَسْعَى فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِسُقُوطِ السِّعَايَةِ مَجْهُولٌ وَلَا يُمْكِنُ الْقَضَاءُ عَلَى الْمَجْهُولِ فَصَارَ كَمَا إذَا قَالَ لِغَيْرِهِ لَك عَلَى أَحَدِنَا أَلْفُ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى بِشَيْءٍ لِلْجَهَالَةِ كَذَا هَذَا وَلَهُمَا أَنَّا تَيَقَّنَّا بِسُقُوطِ نِصْفِ السِّعَايَةِ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا حَانِثٌ بِيَقِينٍ وَمَعَ التَّيَقُّنِ بِسُقُوطِ النِّصْفِ كَيْفَ يُقْضَى بِوُجُوبِ الْكُلِّ وَالْجَهَالَةُ تَرْتَفِعُ بِالشُّيُوعِ وَالتَّوْزِيعِ كَمَا إذَا أَعْتَقَ أَحَدَ عَبْدَيْهِ لَا بِعَيْنِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ وَنَسِيَهُ وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ الذِّكْرِ وَيَتَأَتَّى التَّفْرِيعُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ يَمْنَعُ السِّعَايَةَ أَوْ لَا يَمْنَعُهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي سَبَقَ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِفِعْلِ فُلَانٍ فِي وَقْتٍ وَعَكَسَ الْآخَرُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَكَانَ أَوْلَى إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْغَدِ وَالْيَوْمِ وَالْأَمْسِ صَرَّحَ بِالْيَوْمِ فِي الْمُحِيطِ وَبِالْأَمْسِ فِي الْبَدَائِعِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي سِعَايَةِ النِّصْفِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَا مُوسِرَيْنِ أَوْ مُعْسِرَيْنِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مِنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِكُلٍّ إلَى آخِرِ النَّهَارِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ بِعِتْقِ عَبْدِهِ لَمْ يَعْتِقْ وَاحِدٌ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ مَجْهُولٌ، وَكَذَا الْمَقْضِيُّ لَهُ فَتَفَاحَشَتْ الْجَهَالَةُ فَامْتَنَعَ الْقَضَاءُ وَفِي الْعَبْدِ الْوَاحِدِ الْمَقْضِيِّ لَهُ وَالْمَقْضِيِّ بِهِ مَعْلُومٌ فَغَلَبَ الْمَعْلُومُ الْمَجْهُولَ، قَيَّدَ بِكَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ عَبْدٌ تَامٌّ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ عَبْدَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِأَحَدِ الْعَبْدَيْنِ أَنْتَ حُرٌّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ، وَقَالَ الْآخَرُ لِلْعَبْدِ الْآخَرِ إنْ دَخَلَ فُلَانٌ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَضَى الْيَوْمُ وَتَصَادَقَا عَلَى أَنَّهُمَا لَا يَعْلَمَانِ دَخَلَ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُهُ وَيَسْعَى فِي ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ قِيمَتِهِ بَيْنَ الْمَوْلَيَيْنِ نِصْفَيْنِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ أَنْ يَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَبَيَانُ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْبَدَائِعِ قَالَ: وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ مَا ذَكَرَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِمَاعَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ زَعَمَ أَحَدُهُمَا أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَهُ مُنْذُ سَنَةٍ وَأَنَّهُ هُوَ أَعْتَقَهُ الْيَوْمَ، وَقَالَ شَرِيكُهُ لَمْ أُعْتِقْهُ، وَقَدْ أَعْتَقْته أَنْت الْيَوْمَ فَاضْمَنْ لِي نِصْفَ الْقِيمَةِ لِعِتْقِك فَلَا ضَمَانَ عَلَى الَّذِي زَعَمَ أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَهُ مُنْذُ سَنَةٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنَا أَعْتَقْته الْيَوْمَ لَيْسَ بِإِعْتَاقٍ، بَلْ هُوَ إقْرَارٌ بِالْعِتْقِ وَأَنَّهُ حَصَلَ بَعْدَ إقْرَارِهِ عَلَى شَرِيكِهِ بِالْعِتْقِ فَلَمْ يَصِحَّ، وَكَذَا لَوْ قَالَ أَعْتَقَهُ صَاحِبِي مُنْذُ سَنَةٍ وَأَعْتَقْته أَنَا أَمْسِ وَإِنْ لَمْ يُقِرَّ بِإِعْتَاقِ نَفْسِهِ لَكِنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَمْسِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِشَرِيكِهِ لِظُهُورِ الْإِعْتَاقِ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ فَدَعْوَاهُ عَلَى شَرِيكِهِ الْعِتْقَ الْمُتَقَدِّمَ لَا يَمْنَعُ ظُهُورَ الْإِعْتَاقِ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ وَيَمْنَعُ ظُهُورَهُ بِإِقْرَارِهِ اهـ.

وَقَيَّدَ بِكَوْنِ الْمُعَلَّقِ مُتَعَدِّدًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ عَبْدُهُ حُرٌّ إنْ لَمْ يَكُنْ فُلَانٌ دَخَلَ هَذِهِ الدَّارَ الْيَوْمَ، ثُمَّ قَالَ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَانَ دَخَلَ الْيَوْمَ عَتَقَ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: وَمَاتَ قَبْلَ الْبَيَانِ أَوْ الذِّكْرِ) الْأَوَّلُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ لَا بِعَيْنِهِ وَالثَّانِي إلَى قَوْلِهِ أَوْ بِعَيْنِهِ وَنَسِيَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَأَتَّى التَّفْرِيعُ فِيهِ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ بَعْدَ قَوْلِ الْهِدَايَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمَتْنِ وَسَعَى لَهُمَا فِي النِّصْفِ مَا نَصُّهُ: وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ عَلَى تَفْصِيلٍ يَقْتَضِيهِ مَذْهَبُ أَبِي يُوسُفَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَسْعَى فِي النِّصْفِ لَهُمَا إذَا كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا يَسْعَى فِي الرُّبْعِ لِلْمُوسِرِ، وَلَوْ كَانَا مُوسِرَيْنِ لَا يَسْعَى لِأَحَدٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ هَذَا بِقَوْلِهِ وَيَتَأَتَّى التَّفْرِيعُ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ يَمْنَعُ السِّعَايَةَ أَيْ لَا يَمْنَعُهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ الَّذِي سَبَقَ فَإِنَّمَا جَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا النِّصْفُ.

(قَوْلُهُ: وَمِنْ هَذَا النَّوْعِ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الصَّاحِبَيْنِ بِعَدَمِ تَجَزِّي الْعِتْقِ تَأَمَّلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>