الْقِيمَةِ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ يَسْعَى فِي فَكِّ رَقَبَةٍ قَدْ فُكَّتْ أَوْ يَقْضِي دَيْنًا عَلَى الرَّاهِنِ وَفِي الْمُجْتَبَى لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمْ نِصْفُهُ وَلِلثَّانِي ثُلُثُهُ وَلِلثَّالِثِ سُدُسُهُ فَأَعْتَقَهُ صَاحِبُ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ يَضْمَنَانِ السُّدُسَ نِصْفَيْنِ وَالْوَلَاءُ لِلْأَوَّلِ فِي النِّصْفِ وَفِيمَا ضَمِنَ مِنْ نِصْفِ السُّدُسِ وَلِلثَّانِي فِي ثُلُثِهِ وَفِيمَا ضَمِنَ مِنْ نِصْفِ السُّدُسِ وَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ فِي الشَّرِيكِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَنْ يَصِحُّ مِنْهُ الْإِعْتَاقُ فَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ صَبِيًّا يُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ فَإِنْ كَانَ لَهُ أَحَدُهُمَا فَلَهُ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ ضَمِنَ وَإِنْ شَاءَ اسْتَسْعَى أَوْ كَاتَبَ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ نَقْلِ الْمِلْكِ فَصَارَ كَالْبَيْعِ وَاخْتِيَارُ السِّعَايَةِ كَالْكِتَابَةِ وَلِلْوَلِيِّ وِلَايَةُ بَيْعِ مَالِ الصَّبِيِّ وَكِتَابَةُ عَبْدِهِ وَلِلْقَاضِي أَنْ يُنَصِّبَ وَصِيًّا لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا وَلَيْسَ لَهُمَا اخْتِيَارُ الْإِعْتَاقِ وَالتَّدْبِيرِ، وَالْجُنُونُ كَالصِّبَى كَمَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِنْ كَانَ الشَّرِيكُ عَبْدًا مَأْذُونًا فَإِنْ كَانَ مَدْيُونًا فَلَهُ اخْتِيَارُ التَّضْمِينِ وَالِاسْتِسْعَاءِ، وَإِذَا اسْتَسْعَى فَالْوَلَاءُ لِمَوْلَاهُ؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ النَّاسِ إلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالْخِيَارَاتُ الْخَمْسَةُ ثَابِتَةٌ لِلْمَوْلَى إنْ كَانَ مُوسِرًا وَإِلَّا فَالْأَرْبَعُ وَالْمُكَاتَبُ كَالْمَأْذُونِ وَالْمَدْيُونِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ كُلٌّ بِعِتْقِ نَصِيبِ صَاحِبِهِ سَعَى لَهُمَا) أَيْ لَوْ شَهِدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أَنَّ شَرِيكَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَ نَفْسِهِ سَعَى الْعَبْدُ لَهُمَا فِي قِيمَتِهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَصَارَ مُكَاتَبًا فِي زَعْمِهِ عِنْدَهُ وَحَرُمَ عَلَيْهِ الِاسْتِرْقَاقُ فَيُصَدَّقُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَيُمْنَعُ مِنْ اسْتِرْقَاقِهِ وَيَسْتَسْعِيهِ؛ لِأَنَّا تَيَقَّنَّا بِحَقِّ الِاسْتِسْعَاءِ كَاذِبًا كَانَ أَوْ صَادِقًا؛ لِأَنَّهُ مُكَاتَبُهُ أَوْ مَمْلُوكُهُ فَلِهَذَا يَسْتَسْعِيَانِهِ وَلَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِالْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْحَالَيْنِ فِي أَحَدِ الشَّيْئَيْنِ؛ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ لَا يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَهُ، وَقَدْ تَعَذَّرَ التَّضْمِينُ لِإِنْكَارِ الشَّرِيكِ فَتَعَيَّنَ الْآخَرُ وَهُوَ السِّعَايَةُ وَالْوَلَاءُ لَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ عَتَقَ نَصِيبُ صَاحِبِي عَلَيْهِ بِإِعْتَاقِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَعَتَقَ نَصِيبِي بِالسِّعَايَةِ وَوَلَاؤُهُ لِي وَهُوَ عَبْدٌ مَا دَامَ يَسْعَى لَهُمَا بِمَنْزِلَةِ الْمُكَاتَبِ، وَقَالَا إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ فَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَتَبَرَّأُ عَنْ سِعَايَتِهِ بِدَعْوَى الضَّمَانِ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ يَمْنَعُ السِّعَايَةَ عِنْدَهُمَا إلَّا أَنَّ الدَّعْوَى لَمْ تَثْبُتْ لِإِنْكَارِ الْآخَرِ وَالْبَرَاءَةُ قَدْ ثَبَتَتْ لِإِقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ سَعَى لَهُمَا.
لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَدَّعِي السِّعَايَةَ عَلَيْهِ صَادِقًا كَانَ أَوْ كَاذِبًا عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ إذْ الْمُعْتِقُ مُعْسِرٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا سَعَى لِلْمُوسِرِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي الضَّمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ لِإِعْسَارِهِ وَإِنَّمَا يَدَّعِي عَلَيْهِ السِّعَايَةَ فَلَا يَبْرَأُ عَنْهُ وَلَا يَسْعَى لِلْمُعْسِرِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الضَّمَانَ عَلَى صَاحِبِهِ لِيَسَارِهِ فَيَكُونُ مُبَرِّئًا لِلْعَبْدِ عَنْ السِّعَايَةِ وَالْوَلَاءُ مَوْقُوفٌ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُحِيلُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَتَبَرَّأُ عَنْهُ فَيَبْقَى مَوْقُوفًا إلَى أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى إعْتَاقِ أَحَدِهِمَا كَذَا فِي الْهِدَايَةِ، فَلَوْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَّفِقَا وَجَبَ أَنْ يَأْخُذَهُ بَيْتُ الْمَالِ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ تَحْلِيفَ كُلٍّ مِنْهُمَا هُنَا وَذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَصْفَى فَقَالَ وَالسِّعَايَةُ لَهُمَا بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُدَّعٍ وَمُنْكِرٌ وَصَرَّحَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْمُحِيطِ بِأَنَّهُ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى دَعْوَى صَاحِبِهِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَهُوَ أَوْجَهُ فَيَجِبُ فِي الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ لُزُومُ اسْتِسْعَاءِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْعَبْدِ أَنَّهُ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَرَافَعَا إلَى قَاضٍ بَلْ خَاطَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ إنَّك أَعْتَقْت نَصِيبَك وَهُوَ يُنْكِرُ فَإِنَّ هَذِهِ لَيْسَ حُكْمُهَا إلَّا الِاسْتِسْعَاءُ إذْ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا التَّضْمِينَ أَوْ أَرَادَاهُ وَنَصِيبُهُمَا مُتَفَاوِتٌ فَتَرَافَعَا أَوْ رَفَعَهُمَا ذُو حِسْبَةٍ فِيمَا لَوْ اسْتَرَقَّاهُ بَعْدَ قَوْلِهِمَا فَإِنَّ الْقَاضِيَ لَوْ سَأَلَهُمَا فَأَجَابَا بِالْإِنْكَارِ فَحَلَفَا لَا يُسْتَرَقُّ؛ لِأَنَّ كُلًّا يَقُولُ إنَّ صَاحِبَهُ حَلَفَ كَاذِبًا وَاعْتِقَادُهُ أَنَّ الْعَبْدَ يَحْرُمُ اسْتِرْقَاقُهُ وَلِكُلٍّ اسْتِسْعَاؤُهُ.
وَلَوْ اعْتَرَفَا أَنَّهُمَا أَعْتَقَا مَعًا أَوْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَجَبَ أَنْ لَا يُضَمِّنَ كُلٌّ الْآخَرَ إنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ وَلَا يُسْتَسْعَى الْعَبْدُ؛ لِأَنَّهُ عَتَقَ كُلُّهُ مِنْ
ــ
[منحة الخالق]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute