للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذَا مَاتَ الْمُقِرُّ لِظُهُورِ أَنَّ الْأَمْرَ كَمَا كَانَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَتَخْدُمُ الْمُنْكِرَ يَوْمًا وَتَتَوَقَّفُ يَوْمًا.

وَقَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَأَنْكَرَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَلَزِمَهُ نِصْفُ قِيمَتِهَا وَنِصْفُ عُقْرِهَا كَالْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا أَتَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا كَمَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَمَا لِأُمِّ وَلَدٍ تَقَوُّمٌ) أَيْ لَيْسَ لَهَا قِيمَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا إنَّهَا مُتَقَوِّمَةٌ لِلِانْتِفَاعِ بِهَا وَطْئًا وَإِجَارَةً وَاسْتِخْدَامًا، وَهَذَا هُوَ دَلَالَةُ التَّقَوُّمِ وَبِامْتِنَاعِ بَيْعِهَا لَا يَسْقُطُ تَقَوُّمُهَا كَمَا فِي الْمُدَبَّرِ أَلَا تَرَى أَنَّ أُمَّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ إذَا أَسْلَمَتْ عَلَيْهَا السِّعَايَةُ، وَهَذَا آيَةُ التَّقَوُّمِ غَيْرَ أَنَّ قِيمَتَهَا ثُلُثُ قِيمَتِهَا قِنَّةً عَلَى مَا قَالُوا لِفَوَاتِ الْبَيْعِ وَالسِّعَايَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ لِفَوَاتِ مَنْفَعَةِ الْبَيْعِ أَمَّا السِّعَايَةُ وَالِاسْتِخْدَامُ بَاقِيَانِ وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّقَوُّمَ بِالْإِحْرَازِ وَهِيَ مُحْرَزَةٌ لِلنَّسَبِ لَا لِلتَّقَوُّمِ وَالْإِحْرَازُ لِلتَّقَوُّمِ تَابِعٌ وَلِهَذَا لَا تَسْعَى لِغَرِيمٍ وَلَا لِوَارِثٍ بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ، وَهَذَا لِأَنَّ النَّسَبَ فِيهَا مُتَحَقِّقٌ فِي الْحَالِ وَهُوَ الْحُرِّيَّةُ الثَّابِتَةُ بِوَاسِطَةِ الْوَلَدِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي حُرْمَةِ الْمُصَاهَرَةِ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ عَمَلُهُ فِي حَقِّ الْمِلْكِ ضَرُورَةَ الِانْتِفَاعِ فَعَمِلَ التَّسَبُّبُ فِي إسْقَاطِ التَّقَوُّمِ وَفِي الْمُدَبَّرِ يَنْعَقِدُ السَّبَبُ بَعْدَ الْمَوْتِ وَامْتِنَاعُ الْبَيْعِ فِيهِ لِتَحَقُّقِ مَقْصُودِهِ فَافْتَرَقَا وَفِي أُمِّ وَلَدِ النَّصْرَانِيِّ قَضَيْنَا بِكِتَابَتِهَا عَلَيْهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ لَا يَفْتَقِرُ وُجُوبُهُ إلَى التَّقَوُّمِ، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَفِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَهَذَا تَنَاقُضٌ مِنْ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي كَلَامِهِ؛ لِأَنَّهُ جَعَلَ التَّدْبِيرَ هُنَا سَبَبًا بَعْدَ الْمَوْتِ وَجَعَلَهُ فِي بَابِ التَّدْبِيرِ سَبَبًا فِي الْحَالِ وَمَذْهَبُ عُلَمَائِنَا أَنَّ التَّدْبِيرَ سَبَبٌ فِي الْحَالِ بِخِلَافِ سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ بِأَسْبَابٍ فِي الْحَالِ اهـ.

وَجَوَابُهُ أَنَّ كَلَامَهُ فِي سُقُوطِ التَّقَوُّمِ لِأُمِّ الْوَلَدِ فَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ سَبَبَ سُقُوطِ التَّقَوُّمِ فِي أُمِّ الْوَلَدِ ثَابِتٌ فِي الْحَالِ وَسَبَبَ سُقُوطِهِ فِي الْمُدَبَّرِ مُتَأَخِّرٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنْ يَنْعَقِدَ السَّبَبُ فِيهِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَسَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِانْعِقَادِهِ سَبَبًا لِلْحَالِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ لِضَرُورَةٍ هِيَ أَنَّ تَأَخُّرَهُ إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ كَغَيْرِهِ مِنْ التَّعْلِيقَاتِ يُوجِبُ بُطْلَانَهُ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ الْمَوْتِ زَمَانُ زَوَالِ أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ فَلَا تَتَأَخَّرُ سَبَبِيَّةُ كَلَامِهِ فَيَتَقَدَّرُ بِقَدْرِ الضَّرُورَةِ فَيَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي حُرْمَةِ الْبَيْعِ خَاصَّةً لَا فِي سُقُوطِ التَّقَوُّمِ فَتَتَأَخَّرُ سَبَبِيَّتُهُ لِسُقُوطِ التَّقَوُّمِ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَهَذَا هُوَ مُجْمَلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا تَنَاقُضَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَضْمَنُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإِعْتَاقِهَا) يَعْنِي لَوْ كَانَتْ أَمَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ جَمِيعًا فَصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا أَحَدُهُمَا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا عِنْدَ الْإِمَامِ، وَعِنْدَهُمَا إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَتْ لِلسَّاكِتِ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ قَالُوا وَيَنْبَنِي عَلَى هَذَا الْأَصْلِ مَسَائِلُ مِنْهَا مَا فِي الْمُخْتَصَرِ، وَالثَّانِيَةُ إذَا غَصَبَهَا غَاصِبٌ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ، وَالثَّالِثَةُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا تَعْتِقُ وَلَا تَسْعَى فِي شَيْءٍ لِلْحَيِّ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا تَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لَهُ، وَالرَّابِعَةُ إذَا بَاعَ جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَمَاتَتْ الْجَارِيَةُ فَادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّ الْوَلَدَ ابْنُهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَيَأْخُذُ الْوَلَدَ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ كُلَّهُ، وَعِنْدَهُمَا يَرُدُّ حِصَّةَ الْوَلَدِ وَلَا يَرُدُّ حِصَّةَ الْأُمِّ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَزَادَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ خَامِسَةً وَهِيَ مَا إذَا بَاعَهَا وَسَلَّمَهَا فَمَاتَتْ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَهُ وَيَضْمَنُ عِنْدَهُمَا، وَذَكَرَ فِي الْكَافِي وَالنِّهَايَةِ أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَعَتَقَ وَلَمْ يَضْمَنْ لِشَرِيكِهِ قِيمَةَ الْوَلَدِ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّ وَلَدَ أُمِّ الْوَلَدِ كَأُمِّهِ فَلَا يَكُونُ مُتَقَوِّمًا عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَسْعَى الْوَلَدُ لَهُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّبْيِينِ بِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَلَمْ يَعْلَقْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مِلْكِ الشَّرِيكِ.

وَهَكَذَا ذَكَرَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ فِي بَابِ الِاسْتِيلَادِ فِي الْقِنَّةِ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ قَبْلَهُ حَتَّى قَالَ لَا يَغْرَمُ قِيمَةَ وَلَدِهَا، وَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِيهِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ سُقُوطُ الضَّمَانِ لِأَجْلِ أَنَّهُ كَأُمِّهِ عِنْدَهُ

ــ

[منحة الخالق]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>