للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعِنْدَهُمَا يَضْمَنُ وَهُوَ حُرُّ الْأَصْلِ، وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الدَّعْوَى إعْتَاقٌ كَانَ مُسْتَقِيمًا اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا ادَّعَى وَلَدَ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ لَا يَغْرَمُ قِيمَةَ الْوَلَدِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مُسْتَنِدٌ إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَإِذَا كَانَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي وَلَدِ الْقِنَّةِ فَكَيْفَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ مِنْ أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَهُمَا مَعَ أَنَّهُ حُرُّ الْأَصْلِ وَلَمْ أَرَ جَوَابًا عَنْهُ وَهُوَ سَهْوٌ مِنْهُ لِلْفَرْقِ الظَّاهِرِ بَيْنَ وَلَدِ الْقِنَّةِ وَوَلَدِ أُمِّ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ فِي وَلَدِ الْقِنَّةِ إنَّمَا لَا يَضْمَنُ قِيمَتَهُ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا ضَمِنَ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَةِ الْأَمَةِ تَبَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِيلَادَ صَادَفَ مِلْكَهُ بِالتَّمَامِ؛ لِأَنَّ النِّصْفَ انْتَقَلَ إلَيْهِ فَعَلِقَ الْوَلَدُ عَلَى مِلْكِهِ وَوَلَدُ الْأَمَةِ مِنْ مَوْلَاهَا حُرٌّ فَلَا يَغْرَمُهُ وَفِي أُمِّ الْوَلَدِ لَمْ يَنْتَقِلْ نَصِيبُ شَرِيكِهِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الِانْتِقَالَ مِنْ مِلْكٍ إلَى مِلْكٍ فَلَمْ يَكُنْ الِاسْتِيلَادُ فِي مِلْكِهِ التَّامِّ فَهُوَ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَوَلَدُ أُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ كَأُمِّهِ فَلِذَا لَا يَضْمَنُ عِنْدَهُ وَيَضْمَنُ عِنْدَهُمَا وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ أُمِّ الْوَلَدِ عِنْدَهُمَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ مُدَّعِيَ الْوَلَدِ لَمْ يُتْلِفْ عَلَى شَرِيكِهِ شَيْئًا؛ لِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَهُمَا قَبْلَ دَعْوَى الشَّرِيكِ الْوَلَدَ الثَّانِيَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا نَقَلَهُ فِي الْبَدَائِعِ أَنَّ الْمُدَبَّرَةَ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إذَا جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُهُ وَصَارَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ وَنِصْفُهَا مُدَبَّرَةً لِلشَّرِيكِ وَيَغْرَمُ نِصْفَ الْعُقْرِ وَنِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ مُدَبَّرًا وَلَا يَضْمَنُ نِصْفَ قِيمَةِ الْأُمِّ بِخِلَافِ الْقِنَّةِ إلَى آخِرِهِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ لَا تُقَاسُ الْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ عَلَى الْقِنَّةِ وَسَنُوَضِّحُهُ فِي بَابِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ، هَذَا وَلَوْ قَرَّبَ أُمَّ الْوَلَدِ إلَى مَسْبَعَةٍ فَافْتَرَسَهَا السَّبُعُ يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ هَذَا ضَمَانُ جِنَايَةٍ لَا ضَمَانُ غَصْبٍ.

(قَوْلُهُ: لَهُ أَعْبُدُ قَالَ لِاثْنَيْنِ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَخَرَجَ وَاحِدٌ وَدَخَلَ آخَرُ وَكَرَّرَ وَمَاتَ بِلَا بَيَانٍ عَتَقَ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الثَّابِتِ وَنِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْآخَرَيْنِ) شُرُوعٌ فِي بَيَانِ بَعْضِ مَسَائِلِ الْعِتْقِ الْمُبْهَمِ وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ رَجُلٌ لَهُ ثَلَاثَةُ أَعْبُدَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ اثْنَانِ فَقَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ فَخَرَجَ أَحَدُهُمَا وَدَخَلَ آخَرُ فَقَالَ أَحَدُكُمَا حُرٌّ وَمَاتَ الْمَوْلَى قَبْلَ أَنْ يُبَيِّنَ عَتَقَ مِنْ الثَّابِتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَهُوَ الَّذِي أُعِيدَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَعَتَقَ نِصْفُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَارِجِ وَالدَّاخِلِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ كَذَلِكَ إلَّا فِي الْعَبْدِ الْأَخِيرِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ رُبْعُهُ أَمَّا الْخَارِجُ فَلِأَنَّ الْإِيجَابَ الْأَوَّلَ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّابِتِ فَأَوْجَبَ عِتْقَ رَقَبَةٍ بَيْنَهُمَا لِاسْتِوَائِهِمَا فَيُصِيبُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفُ، غَيْرَ أَنَّ الثَّابِتَ اسْتَفَادَ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي رُبْعًا آخَرَ؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ دَائِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّاخِلِ فَيَتَنَصَّفُ بَيْنَهُمَا غَيْرَ أَنَّ الثَّابِتَ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْحُرِّيَّةِ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ فَشَاعَ النِّصْفُ الْمُسْتَحَقُّ بِالثَّانِي فِي نِصْفَيْهِ فَمَا أَصَابَ الْمُسْتَحِقَّ بِالْأَوَّلِ لَغَا وَمَا أَصَابَ الْفَارِغَ بَقِيَ فَيَكُونُ لَهُ الرُّبْعُ فَتَمَّتْ لَهُ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ أُرِيدَ هُوَ بِالثَّانِي يَعْتِقُ نِصْفُهُ، وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ الدَّاخِلُ لَا يَعْتِقُ هَذَا النِّصْفُ فَيَتَنَصَّفُ فَعَتَقَ مِنْهُ الرُّبْعُ بِالثَّانِي وَالنِّصْفُ بِالْأَوَّلِ.

أَمَّا الدَّاخِلُ فَمُحَمَّدٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ لَمَّا دَارَ الْإِيجَابُ الثَّانِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الثَّابِتِ، وَقَدْ أَصَابَ الثَّابِتُ مِنْهُ الرُّبْعَ فَكَذَا يُصِيبُ الدَّاخِلَ وَهُمَا يَقُولَانِ إنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَهُمَا وَقَضِيَّتُهُ التَّنْصِيفُ وَإِنَّمَا نَزَلَ إلَى الرُّبْعِ فِي حَقِّ الثَّابِتِ لِاسْتِحْقَاقِهِ النِّصْفَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرْنَا وَلَا اسْتِحْقَاقَ لِلدَّاخِلِ مِنْ قَبْلُ فَيَثْبُتُ فِيهِ النِّصْفُ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَمَاتَ بِلَا بَيَانٍ؛ لِأَنَّهُ مَا دَامَ حَيًّا يُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ وَلِلْعَبِيدِ مُخَاصَمَتُهُ وَإِنْ بَدَأَ بِالْبَيَانِ لِلْإِيجَابِ الْأَوَّلِ فَإِنْ عَنَى بِهِ الْخَارِجَ عَتَقَ الْخَارِجُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِيَ بَيْنَ الثَّابِتِ وَالدَّاخِلِ وَقَعَ صَحِيحًا لِوُقُوعِهِ بَيْنَ عَبْدَيْنِ فَيُؤْمَرُ بِالْبَيَانِ لِهَذَا الْإِيجَابِ وَإِنْ عَنَى بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ الثَّابِتَ عَتَقَ الثَّابِتَ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ وَتَبَيَّنَ أَنَّ الْإِيجَابَ الثَّانِيَ وَقَعَ لَغْوًا لِحُصُولِهِ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فِي جَوَابِ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وَإِنْ بَدَأَ بِالْبَيَانِ لِلْإِيجَابِ الثَّانِي فَإِنْ عَنَى بِهِ الدَّاخِلَ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي بَقِيَ الْإِيجَابُ الْأَوَّلُ بَيْنَ الْخَارِجِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ فَعَتَقَ مِنْهُ الرُّبْعُ بِالثَّانِي) أَيْ عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ الثَّابِتِ رُبْعُهُ بِالْإِيجَابِ الثَّانِي وَالنِّصْفُ بِالْإِيجَابِ الْأَوَّلِ فَتَمَّتْ لَهُ ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ عَلَى الْوَجْهَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>