للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَاحِبِهِ بِخِلَافِ الْأَبِ؛ إذَا اسْتَوْلَدَ جَارِيَةَ ابْنِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ هُنَاكَ ثَبَتَ شَرْطًا لِلِاسْتِيلَادِ فَيَتَقَدَّمُهُ فَصَارَ وَاطِئًا مِلْكَ نَفْسِهِ، وَأَمَّا عَدَمُ ضَمَانِ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَلِأَنَّ النَّسَبَ يَثْبُتُ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْعُلُوقِ فَلَمْ يَتَعَلَّقْ شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مِلْكِ شَرِيكِهِ. أَطْلَقَ فِي الْمُدَّعِي فَشَمِلَ الْحُرَّ وَالْمُكَاتَبَ فَإِذَا ادَّعَى الْمُكَاتَبُ وَلَدَ الْأَمَةِ الْمُشْتَرَكَةِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ حُرٍّ وَمُكَاتَبٍ فَادَّعَى الْمُكَاتَبُ وَحْدَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهَا لِلشَّرِيكِ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: نَصِيبُ الشَّرِيكِ بِحَالِهِ كَمَا كَانَ يَسْتَخْدِمُهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمًا فَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا لِأَنَّ حُكْمَ الِاسْتِيلَادِ فِي نَصِيبِ الْمُكَاتَبِ بِصِفَةِ الِاسْتِقْرَارِ لَمْ يَثْبُتْ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُبَاعُ بَعْدَ الْعَجْزِ اهـ.

وَمِثْلُ الْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَالصَّحِيحُ وَالْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ لِأَنَّهُ مِنْ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ وَأَطْلَقَ فِي الْأَمَةِ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَتْ حَبِلَتْ عَلَى مِلْكِهِمَا أَوْ اشْتَرَيَاهَا حَامِلًا لَكِنَّهُ يَضْمَنُ فِي الثَّانِي نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَةُ إعْتَاقٍ لَا اسْتِيلَادٍ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ لَوْ اشْتَرَى أَخَوَانِ أَمَةً حَامِلَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَهُ بِالدَّعْوَةِ وَلَا يَعْتِقُ عَلَى عَمِّهِ بِالْقَرَابَةِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَةَ قَدْ تَقَدَّمَتْ فَيُضَافُ الْحُكْمُ إلَى الدَّعْوَةِ دُونَ الْقَرَابَةِ اهـ.

وَأَطْلَقَ فِي وُجُوبِ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَالْعُقْرِ فَشَمِلَ الْمُوسِرَ وَالْمُعْسِرَ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ تَمَلُّكٍ بِخِلَافِ ضَمَانِ الْعِتْقِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعُلُوقِ وَكَذَا نِصْفُ الْعُقْرِ وَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي مِنْهُمَا الْأَبَ كَمَا إذَا كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ فَادَّعَاهُ الْأَبُ صَحَّ وَلَزِمَهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ وَالْعُقْرُ كَالْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا اسْتَوْلَدَهَا وَلَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا حَيْثُ لَا يَجِبُ الْعُقْرُ عِنْدَنَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجَارِيَةَ مَتَى لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لَهُ مَسَّتْ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ لَهُ فِيهَا سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ لِئَلَّا يَكُونَ فِعْلُهُ زِنًا وَمَتَى كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا فَقِيَامُ الْمِلْكِ فِي شِقْصٍ مِنْهَا يَكْفِي لِإِخْرَاجِ فِعْلِهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ زِنًا فَلَمْ تَمَسَّ الْحَاجَةُ إلَى إثْبَاتِ الْمِلْكِ سَابِقًا عَلَى الْوَطْءِ فَلِذَا يَجِبُ نِصْفُ الْعُقْرِ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ. .

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَيَاهُ مَعًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُمَا وَهِيَ أُمُّ وَلَدِهِمَا وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ الْعُقْرِ وَتَقَاصَّا وَوَرِثَ مِنْ كُلٍّ إرْثَ ابْنٍ وَوَرِثَا مِنْهُ إرْثَ أَبٍ) أَمَّا ثُبُوتُ النَّسَبِ مِنْهُمَا فَلِكِتَابِ عُمَرَ إلَى شُرَيْحٍ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ لَبَّسَا فَلُبِّسَ عَلَيْهِمَا وَلَوْ بَيَّنَا لَبُيِّنَ لَهُمَا هُوَ ابْنُهُمَا يَرِثُهُمَا وَيَرِثَانِهِ وَهُوَ لِلْبَاقِي مِنْهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ بِمَحْضَرٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَعَنْ عَلِيٍّ مِثْلُ ذَلِكَ وَلِأَنَّهُمَا اسْتَوَيَا فِي سَبَبِ الِاسْتِحْقَاقِ فَيَسْتَوِيَانِ فِيهِ، وَالنَّسَبُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَجَزَّى وَلَكِنْ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامٌ مُتَجَزِّئَةٌ فَمَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ يَثْبُتُ فِي حَقِّهِمَا عَلَى التَّجْزِئَةِ وَمَا لَا يَقْبَلُهَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَلًا كَأَنْ لَيْسَ مَعَهُ غَيْرُهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِ الْقَائِفِ، وَسُرُورُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ فِي أُسَامَةَ إنَّمَا كَانَ لِأَنَّ الْكُفَّارَ كَانُوا يَطْعَنُونَ فِي نَسَبِ أُسَامَةَ فَكَانَ قَوْلُ الْقَائِفِ مُقَطَّعًا لِطَعْنِهِمْ فَسُرَّ بِهِ، وَأَمَّا كَوْنُهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُمَا فَلِصِحَّةِ دَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي نَصِيبِهِ فِي الْوَلَدِ فَيَصِيرُ نَصِيبُهُ فِيهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ تَبَعًا لِوَلَدِهَا، وَأَمَّا لُزُومُ نِصْفِ الْعُقْرِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلِمَا قَدَّمْنَاهُ.

وَأَمَّا التَّقَاصُّ فَلِعَدَمِ فَائِدَةِ الِاشْتِغَالِ بِالِاسْتِيفَاءِ، وَفَائِدَةُ إيجَابِ الْعُقْرِ مَعَ التَّقَاصِّ بِهِ أَنَّ أَحَدَهُمَا لَوْ أَبْرَأَ أَحَدَهُمَا عَنْ حَقِّهِ بَقِيَ حَقُّ الْآخَرِ وَأَيْضًا لَوْ قُدِّرَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا بِالدَّرَاهِمِ وَالْآخَرِ بِالدَّنَانِيرِ كَانَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ الدَّرَاهِمَ وَيَأْخُذَ الدَّنَانِيرَ كَمَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ، وَإِنْ كَانَ نَصِيبُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ يَأْخُذُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ، وَأَمَّا مِيرَاثُهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِيرَاثَ ابْنٍ كَامِلٍ فَلِأَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِمِيرَاثِهِ كُلِّهِ وَهُوَ حُجَّةٌ فِي حَقِّهِ وَأَمَّا إرْثُهُمَا مِنْهُ مِيرَاثَ أَبٍ وَاحِدٍ إذَا مَاتَ وَهُمَا حَيَّانِ فَلِاسْتِوَائِهِمَا فِي النَّسَبِ كَمَا إذَا أَقَامَا الْبَيِّنَةَ. وَأَطْلَقَ فِي الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْأَوْصَافِ فَلَوْ تَرَجَّحَ أَحَدُهُمَا لَمْ يُعَارِضْهُ الْمَرْجُوحُ فَيُقَدَّمُ الْأَبُ عَلَى الِابْنِ وَالْمُسْلِمُ عَلَى الذِّمِّيِّ وَالْحُرُّ عَلَى الْعَبْدِ وَالذِّمِّيُّ عَلَى الْمُرْتَدِّ وَالْكِتَابِيُّ عَلَى الْمَجُوسِيِّ، وَالْعِبْرَةُ لِهَذِهِ

ــ

[منحة الخالق]

(قَوْلُهُ: فَإِذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا) الضَّمِيرُ فِي لَهُ يَعُودُ عَلَى الشَّرِيكِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ بَعْدَ عَجْزِهِ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفُهُ وَيَجُوزُ عَوْدُهُ عَلَيْهِ بِتَكَلُّفِ تَأَمُّلٍ.

(قَوْلُهُ: وَالذِّمِّيُّ عَلَى الْمُرْتَدِّ) تَبِعَهُ فِي النَّهْرِ والشرنبلالية وَاَلَّذِي رَأَيْته فِي غَايَةِ الْبَيَانِ وَالْفَتْحِ وَالتَّبْيِينِ أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقَدَّمُ عَلَى الذِّمِّيِّ تَأَمَّلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>